أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - رانية مرجية - جورج حبش… الحاضر رغم الغياب














المزيد.....

جورج حبش… الحاضر رغم الغياب


رانية مرجية

الحوار المتمدن-العدد: 8371 - 2025 / 6 / 12 - 00:16
المحور: القضية الفلسطينية
    


من قال إن الغائبين يموتون؟

من قال إن الثوار يُطوى ذكرهم حين تُطوى أجسادهم؟

من قال إن جورج حبش، الحكيم، غاب؟

هو لم يغب… نحن من غاب.



غاب ضمير الأمة، فصار حضوره وجعًا.

غابت الرؤية، فصار فكره منفى.

وغابت فلسطين التي أحبها، بكل أطيافها، فصرنا نحتاج إلى من يذكّرنا أن جورج حبش لم يكن فقط طبيبًا، ولا مجرد مؤسس للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بل كان ضميرًا جمعيًّا، حالمًا جريحًا، رفض أن يساوم على وطنه… أو على لغته.



جورج حبش، ذاك الذي وُلد مسيحيًّا في اللد، ومات مسلمًا بالموقف، يهوديًّا بالاضطهاد، درزيًّا بالصبر، علمانيًّا بالوعي، ومسيحًا جديدًا يُصلب كل يوم في ضمير هذه الأمة.



تقول لي إحداهن: “ما زلتِ تكتبين عن جورج حبش؟ مات من زمان”.

أجيبها كما تعوّدت:

مات من زمان؟! إذن كيف ما زال يؤلمني؟

كيف ما زلت أرى ملامحه في وجوه الشباب حين يهتفون باسمه؟

كيف يُولد اسمه في أزقّة المخيمات كلما سقط شهيد جديد، أو علّق فدائي بندقيته فوق جدار الانتظار؟



جورج حبش لم يمت لأنه لم يخن، لم يهادن، لم يتنازل.

لم يظهر في المؤتمرات المملوءة بالكراسي الفارغة.

لم يهن ظهره أمام كرسي سلطة، ولم يساوم على خريطة.

كان واضحًا… أكثر مما تسمح به دكاكين السياسة.

وكان حادًا… أكثر مما تطيقه طاولات التفاوض.



كان مسيحيًّا حتى النخاع، وعربيًّا أكثر من العروبة نفسها،

وكان فلسطينيًّا حين صار كثيرون “متعاونين جغرافيًّا”،

وكان ثوريًّا في زمن صار فيه “المناضل” موظفًا،

والعلم الوطني لافتة دعائية على منصة مهرجان ممول من جهات لا تعرف ما الفرق بين القدس وبلفاست.



في حضرة الحكيم، يصغر الجميع.

ليس لأنه كان يملك مفاتيح التحرير، بل لأنه كان يملك شجاعة أن يقول “لا” حين يصمت الجميع.

شجاعة أن يعترف بخطأه، حين يصرّ غيره أن يُلبسه لنا كإنجاز.



أثره على اليسار العربي


ولأن الثورة لا تُختزل في بندقية، بل تمتد إلى الوعي، كانت بصمة جورج حبش على اليسار العربي أبعد من فلسطين.

هو من ردّ الاعتبار لكلمة “الاشتراكية” حين كانت تُشتم من على منابر النفط.

هو من وحّد الطبقات المسحوقة حول مشروع وطني لا طائفي، لا إقليمي، لا انتهازي.

هو من أقنع آلاف الشباب العربي في السبعينات أن العروبة ليست عباءة دكتاتورية، بل ميدان تحرر وكرامة.



ولكن، أين اليسار العربي اليوم؟

أين الجبهة التي حملت إرثه؟

تحوّلت القضية إلى شعارات متعبة، وانقسم اليسار إلى يسارات، وذُبح الحلم باسم الواقعية السياسية، وسُجن الفكر الجبهاوي في بيانات باهتة ولجان تنظيم لا تنتظم.



أين الحكيم في زمن تتصارع فيه الفصائل على حصة من وهم الدولة؟

أين صوته حين يُعتقل الشرفاء ويُستقبل المطبّعون؟

أين موقفه الواضح، حين صار “الحياد” فضيلة، و”الصمت” حكمة، و”التطبيع” وجهة نظر؟



الحاضر رغم الغياب


أجل، رحل جورج حبش جسدًا،

لكنه يسكن كل شهيد لا يُذكر في نشرات الأخبار.

يسكن كل أنثى فلسطينية تزرع الوعي في عقل أولادها قبل رغيف الخبز.

يسكن كل شاب فلسطيني يرفض أن يختار بين الذل والذل،

وكل لاجئ لا يصدّق أن “العودة” صارت عنوان جمعية لا أكثر.



جورج حبش لم يمت،

نحن من نموت كلما صمتنا، أو سكتنا، أو تواطأنا، أو قبلنا بأقل من فلسطين كاملة.



فيا أيها الحكيم،

ابقَ فينا شاهدًا، وجرحًا، وبوصلة.

ابقَ فينا لعنةً على كل من خان، ومرآةً لكل من تاه.

ابقَ فينا… لأننا بحاجة إلى أن نتذكّر أنك ذات يوم، كنت أنت الوطن حين سقطت كل الأوطان



#رانية_مرجية (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جسرُ القلوب
- ما دام ضميرك صاحي ومعك، اكتب…
- حرية حرية… وإلّا؟
- الكلاب أوفى من البشر… وهل في الأمر مبالغة؟
- أذهب إلى المقبرة كل يوم… لأنني لا أجدني بين الأحياء
- موج بحر يافا
- قصيدة في عيد العنصرة-العنصرة… حين تتكلّم الروح
- متى تنتهي الحرب؟
- الإنسان الحضن… حين يكون التواضع لغة القلوب
- لا تعتذر
- المسرح الفلسطيني في أراضي ال48: من الخشبة إلى الحكاية الجماع ...
- المرأة الأرثوذكسية بين الموروث والحداثة
- غزة… حين تُغني الجراح بصوت البحر
- “العربي الجيّد”… ذلك الذي لا يُسمع له صوت ولا يُرى له وجه
- أنا القدس أنا الناصرة أنا الرملة ورام الله
- كنيستي الأرثوذكسيّة
- جميل السلحوت… راوي الجرح الفلسطيني ومؤرّخ الهامش المقدسي
- حين يبتسم الألم: قراءة نقدية في قصتي -إيش يعني مهرّج طبي؟- و ...
- منار حسن… حين تكتب المرأة الفلسطينية كي لا تُمحى
- المرأة التي تكتب من حبر الرحيل والنار: في حب ووجع مريم نجمه ...


المزيد.....




- إسرائيل تعلن عن أول وفاة جراء الهجوم الإيراني
- إصابة نائب تركي باعتداءات على نشطاء -قافلة الصمود- في مصر
- وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجارات في طهران.. واشتعال ني ...
- مسؤول إيراني لـCNN: سنستهدف قواعد أي دولة ستدافع عن إسرائيل ...
- شاهد.. دمار واسع في تل أبيب خلفه الهجوم الإيراني
- -التايمز-: إسرائيل لم تبلغ بريطانيا بنيتها ضرب إيران لأنها ل ...
- خبير طاقة مصري يكشف أسوأ سيناريو بعد الضربة الإسرائيلية للمن ...
- الحرس الثوري الإيراني: الضربات الصاروخية استهدفت 150 موقعا إ ...
- خبير عسكري مصري يكشف سبب قوة تأثير صواريخ إيران فرط الصوتية ...
- وزير خارجية الإمارات يجري اتصالات موسعة مع عدة دول لتجنب الت ...


المزيد.....

- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - رانية مرجية - جورج حبش… الحاضر رغم الغياب