أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - رانية مرجية - متى تنتهي الحرب؟














المزيد.....

متى تنتهي الحرب؟


رانية مرجية

الحوار المتمدن-العدد: 8367 - 2025 / 6 / 8 - 09:26
المحور: المجتمع المدني
    


هل تنتهي الحرب؟ سؤال يبدو للوهلة الأولى بسيطًا، يُطرح بتنهيدة أو يهمس به عجوز من على عتبة الزمن، لكن الحقيقة أن هذا السؤال يحمل من الفلسفة والمرارة ما يعجز عنه أعتى الشعراء والمفكرين. ففي أرضٍ كفلسطين، حيث لا يبدأ السلام إلا ليُجهض، ولا ينتهي الموت إلا ليُستأنف، تصبح الحرب ليست فقط واقعًا سياسيًا، بل كينونة وجودية.



الحرب ليست بندقية فقط


كثيرون يختزلون الحرب في مشهد الدمار: قذيفة تهوي على بيت، طفل يُنتشل من تحت الركام، أم تودع شهيدًا. لكن الحرب في فلسطين أكثر خبثًا. إنها تمشي بيننا، تلبس وجه المعلمة المتعبة التي تشرح دروس الوطنية لتلاميذ سيُعتقلون لاحقًا، وتُشبه العجوز التي تتقن زراعة الصبر كما تتقن حياكة المفاتيح.



الحرب ليست فقط طائرات فوق غزة.

إنها الجدار الذي يشطر الضفة إلى أحياء وبوابات، والهوية الزرقاء التي تُمنع عن المقدسي لأنها “ليست يهودية كفاية”.

إنها السماسرة الذين يبيعون العقارات في الشيخ جراح بقلوب ميتة.

هي قِلة الحيلة في وجه الصفقات الكبرى، والإنهاك الجماعي حين يصبح الوطن سلعة تفاوض لا حُلم تحرير.



متى تنتهي الحرب؟ حين يتغيّر تعريفها


الحرب لن تنتهي لأن العالم لا يريد لها أن تنتهي. العالم لا يتحمّل صوت فلسطين وهي تصرخ. يريدنا أن نهمس، أن نموت بأدب، أن نحترق بلا لهب. أما حين نرفض الموت المجاني ونُصرّ على الحياة – رغم الأنقاض – عندها فقط، نخيف العالم.



الحرب ستنتهي عندما نكفّ عن تقبلها كقدر.

عندما يتوقّف الفلسطيني عن القول: “هيك الدنيا”، ويبدأ بالسؤال: “ليه هيك؟”.

عندما لا يُعامل الأسير كبطل لحظة الاعتقال، ثم يُنسى بين الجدران.

عندما لا تصبح المأساة مادة للتمويل والتوظيف، بل غضبًا نقيًّا يدفع للتغيير.



نهاية الحرب ليست وقف إطلاق نار


ما يُسمّى “هدنة” هو مجرد فراغ بين قذيفتين. لا يُنهي حربًا، بل يعيد ترتيب مسرح الجريمة. إن نهاية الحرب الحقيقية تتطلّب عدالة لا شعارًا، اعترافًا لا مساومة، حرية لا مراقبة على الحواجز.



تنتهي الحرب حين نتحرر – من الاحتلال ومن تشظينا الداخلي.

حين نكفّ عن تصنيف بعضنا البعض بخانات: مناضل بما يكفي، وطني حتى النخاع، مقاوم ولكن “بحدود معقولة”.

حين تُرفع اليد عن فم المثقف، ويُزال الخوف من حنجرة المغني، ويُكسر قفل الكنيسة، وتُفتح بوابات المسجد دون جندي.



الخاتمة: حربٌ داخلية أيضًا


ولأنني امرأة فلسطينية من الرملة، لا أرى الحرب فقط في الجيوش، بل في التفاصيل: في انتظار تصريح زيارة، في نظرة استعلاء من موظف بلدية، في امرأة تُنهر لأنها صرخت أمام ألمها، في مريض سرطان لا يجد تصريح علاج. الحرب ليست فقط هناك، بل هنا – في الروح. ومن هنا تبدأ نهايتها.



نعم، تنتهي الحرب.

ولكن ليس عندما يعلن ذلك المتحدث العسكري، بل عندما نُقرر نحن – نحن الذين نحمل الذاكرة واللغة والدم – أن لا نكون وقودًا لها بعد اليوم.


كاتبة وصحافية فلسطينية من الرملة



#رانية_مرجية (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإنسان الحضن… حين يكون التواضع لغة القلوب
- لا تعتذر
- المسرح الفلسطيني في أراضي ال48: من الخشبة إلى الحكاية الجماع ...
- المرأة الأرثوذكسية بين الموروث والحداثة
- غزة… حين تُغني الجراح بصوت البحر
- “العربي الجيّد”… ذلك الذي لا يُسمع له صوت ولا يُرى له وجه
- أنا القدس أنا الناصرة أنا الرملة ورام الله
- كنيستي الأرثوذكسيّة
- جميل السلحوت… راوي الجرح الفلسطيني ومؤرّخ الهامش المقدسي
- حين يبتسم الألم: قراءة نقدية في قصتي -إيش يعني مهرّج طبي؟- و ...
- منار حسن… حين تكتب المرأة الفلسطينية كي لا تُمحى
- المرأة التي تكتب من حبر الرحيل والنار: في حب ووجع مريم نجمه ...
- جبل الزيتون لا ينحني قصة للأطفال
- سليم نزال… سليل القلم المقاوم وأيقونة الفكر المستنير
- في حضرة الغياب.. بعد خمسة وعشرين عامًا على رحيل فيصل الحسيني
- تركي عامر… شاعر الجليل الذي لا يعود إلى المرعى
- مريم نجمة… ابنة الشمس والموقف والقصيدة
- سوزان دبيني… بين دفء القصيدة وصوت الوجدان
- -في انتظار اللحظة المُطلقة-
- دينا سليم... حين يكتب الغبار سيرة وطن


المزيد.....




- مركز حقوقي يدعو للحفاظ على -اللهجات المحلية-: هناك 500 لهجة ...
- -الأونروا-: جياع غزة يزحفون تحت وابل القصف الإسرائيلي للبحث ...
- صحف عالمية: حماية الأطفال من الموت جوعا أحد أكبر تحديات العا ...
- الأمم المتحدة: الملايين في الساحل الأفريقي بحاجة لمساعدات عا ...
- مصير الأسرى الإسرائيليين في غزة منذ 7 أكتوبر
- مصدر روسي: ملتزمون باتفاق تسليم جثث الجنود الأوكرانيين والأس ...
- سوريا: وثائق سرية تكشف اعتقال وفصل مئات الأطفال عن عائلاتهم ...
- من ضحك على من يا ابن سلمان
- مدير الإغاثة الطبية بغزة يطالب بإدخال الأدوية والمستلزمات ال ...
- بعثة الأمم المتحدة ترحب بالسعي إلى وقف التوترات الأمنية في ا ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - رانية مرجية - متى تنتهي الحرب؟