أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - أذهب إلى المقبرة كل يوم… لأنني لا أجدني بين الأحياء














المزيد.....

أذهب إلى المقبرة كل يوم… لأنني لا أجدني بين الأحياء


رانية مرجية

الحوار المتمدن-العدد: 8368 - 2025 / 6 / 9 - 12:48
المحور: الادب والفن
    


لا تسألوني إن كان ما أفعله “صحيًا”…

فمن قال إن الحياة في هذا العالم “صحية” أصلًا؟

أذهب إلى المقبرة كل يوم، لا لأنني أبحث عنهم بين شواهد الرخام، بل لأنني، ببساطة، لا أجدني بين الأحياء.



هناك، بين القبور، تتنفس روحي قليلًا.

أجلس على حافة الغياب، أتأمل الغياب.

أحادث من صمتوا عن الضجيج، وأصغي جيدًا لمن لم يعودوا ملزمين بالكلام.



أنتم تقيسون الزمن بالساعات، وأنا أقيسه بعدد الزهور الذابلة على القبر.

أنتم تسألون عن الصحة النفسية، وأنا أسأل: ما جدوى نفس بلا من تحب؟

أنتم تنصحونني بالخروج، بالضحك، بالاختلاط… وأنا لم أعد أثق كثيرًا بمن يضحكون علنًا ويكتمون خيباتهم في صدورهم كقنابل موقوتة.



في المقبرة، لا أحد يطلب مني أن أكون “قوية”، ولا أحد يوبخني إن بكيت.

هناك، يليق بي ضعفي.

هناك، لا أحتاج أن أشرح شيئًا… فكل حجرٍ يحفظ سرًّا، وكل ظلٍ يعترف بما لم يُقل.



أزورهم، وهم لا يشتكون.

أبكي، ولا يحرجني أحد.

أجلس طويلًا، وأعرف أن لا أحد سينصرف من الملل أو يُحدّق في ساعته.



أحيانًا أظنني أهرب منكم إليهم.

من مدينةٍ فقدت كل ملامحها إلى مقبرة تحتفظ بجلالها وصمتها وصدقها.

من بشرٍ يبدّلون وجوههم كما يبدّلون هواتفهم، إلى أناس رحلوا بوجوههم الصافية كما هي، دون تنقيح أو فلاتر.



نعم، أذهب إلى المقبرة كل يوم.

ليس لأنني مهووسة بالموت، بل لأنني أبحث عن الحياة التي سرقها مني الموت.

عن صوت أمي الذي كنت أظنه ضجيجًا حين كانت تصرخ عليّ…

عن لمسة أبي حين كان يضع يده على كتفي دون أن يقول شيئًا…

عن ضحكة لم أقدّرها… عن عتاب لم أسمعه… عن وداع لم أتهيأ له.



وإن كنتم تظنون أنني لم أُشفَ بعد، فأنتم على حق.

أنا لست بخير.

لكنني لست وحدي، فهناك آلاف مثلنا، يبتسمون في النهار، ويبكون مع الغروب، ثم يتسللون خلسة إلى المقابر كمن يعود إلى بيته الحقيقي.



صدقوني، في هذا العالم المتكسر، المقابر ليست الأكثر حزنًا…

بل هي الأكثر صدقًا، والأكثر وفاءً



#رانية_مرجية (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موج بحر يافا
- قصيدة في عيد العنصرة-العنصرة… حين تتكلّم الروح
- متى تنتهي الحرب؟
- الإنسان الحضن… حين يكون التواضع لغة القلوب
- لا تعتذر
- المسرح الفلسطيني في أراضي ال48: من الخشبة إلى الحكاية الجماع ...
- المرأة الأرثوذكسية بين الموروث والحداثة
- غزة… حين تُغني الجراح بصوت البحر
- “العربي الجيّد”… ذلك الذي لا يُسمع له صوت ولا يُرى له وجه
- أنا القدس أنا الناصرة أنا الرملة ورام الله
- كنيستي الأرثوذكسيّة
- جميل السلحوت… راوي الجرح الفلسطيني ومؤرّخ الهامش المقدسي
- حين يبتسم الألم: قراءة نقدية في قصتي -إيش يعني مهرّج طبي؟- و ...
- منار حسن… حين تكتب المرأة الفلسطينية كي لا تُمحى
- المرأة التي تكتب من حبر الرحيل والنار: في حب ووجع مريم نجمه ...
- جبل الزيتون لا ينحني قصة للأطفال
- سليم نزال… سليل القلم المقاوم وأيقونة الفكر المستنير
- في حضرة الغياب.. بعد خمسة وعشرين عامًا على رحيل فيصل الحسيني
- تركي عامر… شاعر الجليل الذي لا يعود إلى المرعى
- مريم نجمة… ابنة الشمس والموقف والقصيدة


المزيد.....




- باراماونت تنتقد تعهد فنانين بمقاطعة شركات سينمائية إسرائيلية ...
- إنقاذ كنز أثري من نيران القصف الإسرائيلي على مدينة غزة
- يُرجح أنه هجوم إيراني.. عشرات الممثلين الإسرائيليين يقعون ضح ...
- غزة... حين تعلو نغمات الموسيقى على دوي الانفجارات والرصاص
- غزة: الموسيقى ملاذ الشباب الفلسطيني وسط أجواء الحرب والدمار ...
- سياسي من ديمقراطيي السويد يريد إيقاف مسرحية في مالمو – ”تساه ...
- وزير الثقافة الإيراني: سيتم إعداد فهرس المخطوطات الفارسية في ...
- رشيد حموني يساءل السيد وزير الشباب والثقافة والتواصل حول أدو ...
- -الحياد ليس خيارا-: لماذا يتحدث عدد كبير من الفنانين الآن عن ...
- فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب يطالب بعقد اجتماع للجنة ...


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - أذهب إلى المقبرة كل يوم… لأنني لا أجدني بين الأحياء