رانية مرجية
الحوار المتمدن-العدد: 8372 - 2025 / 6 / 13 - 07:53
المحور:
الادب والفن
يقولون: “سامحي”،
كأن الغفران هدية تُقدّم بعد المذبحة،
كأنّ دمي مجرد لون على كفّ من لا يعتذر!
أنا التي غفرت…
غفرتُ لأني تعبت من الحقد،
لأنّ قلبي، رغم صلابته، ما زال يُحبّ أن يُصدّق.
لكن ماذا يعني الغفران في وطنٍ
تسكنه المقابر أكثر من البيوت؟
هل أغفر لقاتلي… فقط لأرتاح؟
وهل ترتاح أمٌّ ترى ابنها يُسحب من بين ضفائره؟
غفرتُ، وهل يُجدي الغفرانُ في وطنٍ؟
سَقاهُ دَمُ الأبرياءِ الحِقْدَ والزَّمَنا؟
غفرتُ لمن خانَ قلبي، ثمّ قالَ اسْتُري،
كأنَّ الدّموعَ التي سالتْ لهُ ثمَنا
غفرتُ، ولكنّي إذا ما بكيتُ دمي،
رأيتُ يديهِ على خَدّي، وما احتمنا
أأصفحُ عن قاتلي؟ عن ظلالِ غُزاتي؟
عن الطفلِ مرميًّا بلا كفنٍ، ولا وطنا؟
غفرتُ، لأنّي ضعيفةُ أمٍّ، تشدّ المدى
وتخيطُ من صبرِها قميصَ مَنْ سُجِنا
غفرتُ، ولكنّي كتبتُ على بوّابةِ القبرِ:
من خانَ لا يُؤتَمنْ… من ماتَ ما امتحنا
أأغفرُ للعُرْبِ؟ للقممِ الهاربةِ الخَرِفَة؟
لمنْ باعَ زيتونَنا، والبيتَ، والسَّكنا؟
غفرتُ، لأنّي تعبْتُ من الندمِ العتيقِ،
غفرتُ لروحي، لما اعتذرتُ لمن خذلنا
فيا أيُّها السالكُ دربَ السماءِ اغفرْ،
ولكنْ لا تنسَ الجُرحَ… إن نزفًا علَّمنا
⸻
في زمن يُطلب فيه من الضحية أن تتطهّر من وجعها بالغفران، أكتبُ هذه الكلمات لا تمجيدًا للحقد، بل رفضًا للتواطؤ العاطفي مع القاتل. فالغفران لا يُطلب من المصلوب، بل من الجلاد الذي ما زال يمسك بالمطرقة.
#رانية_مرجية (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟