رانية مرجية
الحوار المتمدن-العدد: 8371 - 2025 / 6 / 12 - 10:37
المحور:
قضايا ثقافية
بقلم: رانية مرجية
في عالمٍ تُبنى فيه الجدران أسرع من الأحلام، وتُكسر فيه القلوب قبل أن تُسمَع، تصبح الحاجة إلى التجسير وفضّ النزاعات أكثر من ضرورة... تصبح خلاصًا.
أنا لست ابنة مخيم، لكنني ابنة هذا الواقع المنكسر. الواقع الذي علّمني أن الهوية ليست ورقة ولا علَمًا، بل التزامٌ أخلاقي تجاه المظلوم، أيًّا كان. لم أعرف اللجوء، لكنني أعرف جيدًا كيف يشعر من فقد بيته، أو وطنه، أو كرامته.
التجسير: طريق محفوف بالوجع
أن تبني جسرًا بينك وبين الآخر لا يعني أن تتنازل عن حقك، بل أن تعترف بإنسانية من يقف على الضفة الأخرى، حتى لو كان هذا الآخر لا يعترف بك. التجسير ليس مصطلحًا نخبويًا نردده في المؤتمرات، بل فعل مقاومة يومي، حيث نرفض أن نُختزل بخنادق، ونصرّ على أن نعيش رغم خطوط التقسيم.
الجسر الحقيقي يُبنى بالكلمات الصادقة، بالنظرات التي لا تخاف من الاعتراف، بالقصص التي نحملها معنا من جدّاتنا، ونكتبها لأطفالنا. نكتبها لنقول: نعم، تألمنا، ولكننا لا نريد لأحد أن يتألم كما تألمنا.
فضّ النزاعات: ليس بالحياد، بل بالعدالة
أن تكون وسيطًا لا يعني أن تكون محايدًا، بل أن تكون شجاعًا بما يكفي لتسمّي الظلم باسمه، ولتطالب بالعدالة لا بالمساومة. في هذا السياق، لا أؤمن بـ"الحل الوسط" الذي يطمس الحقيقة. أؤمن بلقاء بين ذاكرتين، ليس لمحو الألم، بل لفهمه.
نحتاج إلى نماذج جديدة لفض النزاعات لا تقوم على إسكات الضحية، بل على تمكينها من سرد روايتها. نحتاج إلى مساحات آمنة للغضب، للبكاء، للاعتذار، وللبدء من جديد دون أن ننسى.
كلمة قلب
أنا لم أولد في المخيم، ولم أُهجَّر من أرضي، لكنني أحمل الهمّ كأنني وُلدت هناك. لأن القضية لا تحتاج إلى جغرافيا لتكون عادلة، بل إلى ضمير حي. لأن العدالة لا تُجزّأ، ولأن الإنسان، في نهاية المطاف، هو القيمة العليا التي يجب أن تُصان، سواء كان في جنين أو في تل أبيب.
التجسير هو أن نمشي فوق جسرٍ من الآلام... بأمل. وفض النزاع هو أن نكسر سلاسل الخوف... بحبّ. فهل نملك الشجاعة لنبدأ؟
#رانية_مرجية (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟