ترامب يكشف عن تحول جذري في السياسة الخارجية، ويحذر من تراجع أوروبا
أحمد رباص
الحوار المتمدن
-
العدد: 8549 - 2025 / 12 / 7 - 04:53
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
يوم أمس الجمعة خامس دجنبر الجاري، كشفت الولايات المتحدة رسميا عن استراتيجيتها الجديدة للأمن القومي، والتي تُحدد تحولا هاما في السياسة الخارجية، رغم أنها قد لا تُعتبر وثيقة استخباراتية أو "سرية".
تشمل الجوانب الرئيسية لهذا الانقلاب الاستراتيجي الكبير التركيز على "أمريكا أولاً"، حيث ستُعطي الأولوية للمصالح الوطنية والنمو الاقتصادي والأمن الداخلي عوض النهج السابق المتمثل في الحفاظ على هيمنة عالمية لا مثيل لها أو تعزيز الديمقراطية في الخارج.
كما شملت تلك الجوانب الأولويات الإقليمية بحيث تُعلي هذه الاستراتيجية من شأن أمريكا اللاتينية كأولوية قصوى، وهو تحول جذري عن عقود من التركيز بشكل أساسي على آسيا. ويرتبط ذلك ارتباطا مباشرا بهدف إنهاء الهجرة الجماعية وإعادة تأكيد مبدإ مونرو.
وتمثل ثالث الجوانب في تغيير الموقف تجاه أوروبا وحلف الناتو؛ إذ تدعو الوثيقة أوروبا إلى تحمل "المسؤولية الأساسية" عن دفاعها، وتتضمن انتقادات لاذعة للحكومات الأوروبية، بما في ذلك مزاعم بأنها تُقمع الحريات السياسية. ثم هناك التحالفات التي يجب أن تُصاغ كأدوات عملية وليست التزامات جوهرية، مع التركيز على "تقاسم الأعباء وتحويلها" لتقليص دور الولايات المتحدة كضامن وحيد للنظام العالمي.
ومن تلك الجوانب أيضا هناك الصين وروسيا. فبينما ما تزال الاستراتيجية تعتبر الصين التهديد العسكري الأكثر قوة، فإنها تقلل من شأن روسيا كخصم رئيسي في محاولة لتركيز الموارد على مجالات أخرى.
لقد أحدثت الاستراتيجية الجديدة بالفعل "صدمة" في أوساط وكالات الاستخبارات والحلفاء الدوليين نظرا لانفصالها الحاد عن معايير السياسة الخارجية الأمريكية التقليدية وتداعياتها المحتملة على ديناميات الأمن العالمي.
تعليقا على هذه الاستراتيجية، كتب ترامب في ديباجة الوثيقة قائلا: "في كل ما نقوم به نضع أمريكا في المقام الأول". واهتدى المهتمون إلى أن هذه الاستراتيجية الجديدة قوضت الجهود السابقة الرامية إلى تحقيق هيمنة عالمية لا مثيل لها، حيث ورد فيها أن الولايات المتحدة ترفض المفهوم المشؤوم للهيمنة العالمية، لهذا سوف تسعى واشنطن إلى منع القوى الأخرى، الصين بالخصوص، من بسط الهيمنة على العالم، دون إهدار الأرواح والأموال لغاية الحد من نفوذ القوى العظمى والمتوسطة في العالم.
وتدعو الاستراتيجية الأمريكية إلى تعديل الوجود العسكري العالمي لأمريكا قصد مواجهة التهديدات العاجلة النابعة من أمريكا الجنوبية بدء بالهجرة، مضيفة أن عصر الهجرة الجماعية يجب أن ينتهي.
كذلك توضح الوثيقة أن الولايات المتحدة في عهد ترامب ستسعى إلى تحقيق أهداف مماثلة في أوربا اعتمادا على أجندات الأحزاب اليمينية المتطرفة. وخاطبت الوثيقة بلغة صريحة على نحو غير عادي الحلفاء: ستعمل واشنطن على مقاومة التراجع الحالي داخل الدول الأوربية، وسرعان ما ردت ألمانيا بكونها لا تحتاج إلى "نصيحة من الخارج".
وحذرت الاستراتيجية من أن حصة أوربا المتقلصة في الاقتصاد العالمي ـ الناتجة أساسا عن صعود الصين والأسواق الناشئة - قد طغى عليها "الاحتمال الراجح والأكثر وضوحا للمحو الحضاري". وأضافت: إذا استمرت الاتجاهات الحالية، فلن يكون من الممكن التعرف على القارة خلال 20 عاما أو أقل".