ما زال التوتر بين امريكا وفنزويلا مستمرا.. هل اقتربت ساعة الحسم؟
أحمد رباص
الحوار المتمدن
-
العدد: 8545 - 2025 / 12 / 3 - 23:33
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
كثف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضغوطه على الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو. وضاعفت إدارة ترامب المكافأة المرصودة لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض على مادورو، واقتربت سفنها الحربية من فنزويلا. قُتل العشرات في هجمات على قوارب يُزعم أنها كانت تنقل مخدرات من الدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية.
وورد أخيرا أن ترامب وجه لمادورو إنذارا نهائيا لمغادرة فنزويلا، وذلك عبر مكالمة هاتفية بينهما في 21 نوفمبر الأخير.
برز نيكولاس مادورو في ظل قيادة الرئيس اليساري هوغو تشافيز وحزبه الاشتراكي الموحد الفنزويلي (PSUV). خلف مادورو، سائق حافلة سابق وزعيم نقابي، تشافيز، وهو رئيس منذ عام 2013.
خلال الستة والعشرين عاما التي قضاها تشافيز ومادورو في السلطة، سيطر حزبهما على مؤسسات رئيسية، بما في ذلك الجمعية الوطنية، وجزء كبير من السلطة القضائية، والمجلس الانتخابي.
في عام 2024، أعلن المجلس الانتخابي فوز مادورو في الانتخابات الرئاسية، رغم أن نتائج التصويت التي جمعتها المعارضة أشارت إلى فوز مرشحها، إدموندو غونزاليس، بأغلبية ساحقة.
وكانت الولايات المتحدة على رأس دول عديدة أعلنت عدم شرعية الانتخابات واعترفت بغونزاليز “رئيسا منتخبا”.
لكن مع سيطرة مادورو القوية على الجيش والشرطة والمجلس التشريعي، ظل في السلطة، بينما فرّ غونزاليس إلى المنفى خوفا من الاعتقال.
جعل ترامب من وقف الهجرة أولوية خلال ولايته الثانية، وألقي باللوم على مادورو في وصول عدد كبير من المهاجرين الفنزويليين إلى الولايات المتحدة.
منذ عام 2013، يُقدر أن ما يقرب من ثمانية ملايين فنزويلي فرّوا من الأزمة الاقتصادية والقمع السياسي في فنزويلا، وقد تفاقما في عهد مادورو. فرّ معظمهم إلى دول أمريكا اللاتينية، لكن مئات الآلاف توجهوا إلى الولايات المتحدة.
دون تقديم أدلة كافية ومقنعة، اتهم ترامب مادورو بـ”إفراغ سجونه ومصحاته العقلية” و”إجبار” نزلائها على الهجرة إلى الولايات المتحدة. كما ركّز ترامب على مكافحة تدفق المخدرات – وخاصة الفنتانيل والكوكايين – إلى الولايات المتحدة، كما يدعي.
في إطار حربه على المخدرات، صنّف ترامب جماعتين إجراميتين فنزويليتين – عصابة ترين دي أراغوا وكارتل الشمس – كمنظمات إرهابية أجنبية، وزعم أن مادورو نفسه يقود هذه الأخيرة.
نفى مادورو بشدة كونه زعيما لكارتل، واتهم الولايات المتحدة باستخدام “حربها على المخدرات” ذريعةً لمحاولة عزله والاستيلاء على احتياطيات فنزويلا النفطية الهائلة. وأشار محللون إلى أن كارتل الشمس ليس جماعةً هرميةً، بل هو مصطلحٌ شامل. يقولون إنه يُستخدم لوصف المسؤولين الفنزويليين الفاسدين الذين سمحوا للكوكايين بالمرور عبر البلاد.
نشرت الولايات المتحدة 15,000 جندي ومجموعة من حاملات الطائرات ومدمرات الصواريخ الموجهة وسفن الهجوم البرمائية في منطقة بحر الكاريبي. وتحدد الهدف المعلن من هذا الانتشار – وهو الأكبر في المنطقة منذ غزو الولايات المتحدة لبنما عام 1989 – في وقف تدفق الفنتانيل والكوكايين إلى الولايات المتحدة.
ومنذ أوائل سبتمبر، نفذت القوات الأمريكية أكثر من 20 غارة في المياه الدولية على قوارب يُزعم أنها كانت تحمل مخدرات. وقد قُتل أكثر من 80 شخصا في هذه الغارات.
تدعي إدارة ترامب بأنها متورطة في نزاع مسلح غير دولي مع تجار المخدرات المزعومين، الذين تتهمهم بشن حرب غير نظامية ضد الولايات المتحدة.كما وصفت من كانوا على متن هذه القوارب بـ”إرهابيي المخدرات”، لكن خبراء قانونيين يقولون إن الغارات غير قانونية لأن هذا التصنيف “لم يحولهم إلى أهداف عسكرية مشروعة”.
وصرح المدعي العام السابق في المحكمة الجنائية الدولية لـ(ـي بي سي) أن الحملة العسكرية الأمريكية تندرج ضمن فئة الهجمات المخطط لها والممنهجة ضد المدنيين في زمن السلم. ردا على ذلك، قال البيت الأبيض إن الرئيس ترامب تصرف وفقا لقوانين النزاعات المسلحة لحماية الولايات المتحدة من عصابات المخدرات “التي تحاول جلب السم إلى شواطئنا… وتدمير حياة الأمريكيين”. وقد أشار خبراء مكافحة المخدرات إلى أن فنزويلا تُعدّ فاعلا ثانويًا نسبيا في الاتجار العالمي بالمخدرات، وأنها تُعدّ دولة عبور تُهرَّب عبرها المخدرات المُنتَجة في أماكن أخرى إلى وجهتها النهائية. وقيل عن جارتها، كولومبيا، إنها أكبر مُنتِج للكوكايين في العالم، ولكن مُعظمه يُهرَّب إلى الولايات المتحدة عبر طرق أخرى، وليس عبر فنزويلا.
ووفقا لتقرير صادر عن إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية عام 2020، يُقدَّر أن ما يقرب من ثلاثة أرباع الكوكايين الواصل إلى الولايات المتحدة يُهرَّب عبر المحيط الهادئ، مع نسبة ضئيلة فقط تصل عبر قوارب سريعة في منطقة بحر الكاريبي. ومع ذلك، فإن مُعظم الضربات التي شنّتها الولايات المتحدة كانت في منطقة بحر الكاريبي، مع عدد قليل منها في المحيط الهادئ.
قفي سبتمبر الأخير، أخبر ترامب القادة العسكريين الأمريكيين بأن القوارب المُستهدفة “مُحمَّلة بأكياس من المسحوق الأبيض، معظمها من الفنتانيل ومخدرات أخرى أيضا”.
ومع ذلك، يُنتَج الفنتانيل بشكل رئيسي في المكسيك، ويصل إلى الولايات المتحدة بشكل شبه حصري عبر حدودها البرية الجنوبية.
قبل أيام، أكد ترامب أنه تحدث إلى مادورو عبر الهاتف في 21 نوفمبر. بينما لم يكشف عما تم تبادله في المكالمة، أفادت وكالة (رويترز) للأنباء أن ترامب منح مادورو مهلة أسبوع لمغادرة فنزويلا مع عائلته المقربة. وقالت إن مادورو لم يقبل عرض المرور الآمن. بعد يوم واحد من انتهاء الموعد النهائي، أعلن ترامب إغلاق المجال الجوي حول فنزويلا.
وهدد ترامب بالفعل باتخاذ إجراءات ضد تجار المخدرات الفنزويليين “برًا”، لكنه لم يحدد كيف ستتطور هذه العملية. كما لم تستبعد السكرتيرة الصحفية لترامب إمكانية نشر قوات أمريكية على الأرض في فنزويلا، حيث صرحت للصحفيين بأن “هناك خيارات متاحة للرئيس مطروحة على الطاولة”.
ولم توضح أكثر الخيارات، لكن المحللين العسكريين أشاروا منذ أسابيع إلى أن الانتشار الأمريكي في منطقة بحر الكاريبي أكبر بكثير مما هو مطلوب لعملية مكافحة المخدرات.