مقاربة حكومية جديدة من أجل إعادة إدماج الأطفال المشردين والمتخلى عنهم


أحمد رباص
الحوار المتمدن - العدد: 8539 - 2025 / 11 / 27 - 00:37
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة     

يتجولون في ملتقيات الطرق، ينامون على الأرصفة، ويكبرون في هوامش المدن المغربية. آلاف من الأطفال غير مرئيين يعانون من الهشاسة، استحوذ عليهم الشارع كرهائن، ووجدوا أنفسهم عرضة للتشرد والانحراف. في مواجهة هذه المآسي الاجتماعية المستمرة، بلورت الحكومة استراتيجية وطنية طموحة. وفي رد مكتوب على المستشار خالد السطي، قامت وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، نعيمة ابن يحيى، بالحديث عن بتفصيل عن التدابير الملموسة التي تم تنفيذها لتقديم بديل مستدام لهم. وبين الحماية في حالات الطوارئ والوقاية على المدى الطويل، يهدف البرنامج إلى استعادة مكانة كل طفل في المجتمع.
وفي هامش المدن المغربية، يكبر آلاف الأطفال دون شبكة أمان. هؤلاء أطفال متخلى عنهم، متروكون لحالهم، ومجبرون على أن يتخذوا من الشارع ملجأهم الوحيد. بعد مساءلتها من قبل النائب خالد السطي، أماطت الوزيرة النقاب عن استراتيجية متعددة الأبعاد لمساعدة هذه الفئة الهشة. يراد من الرؤية أن تكون واضحة لا تكتفي بالإنقاذ فحسب، بل تطمح إلى إعادة البناء
.ففي مواجهة تعقيد هذه الظاهرة الاجتماعية، نهجت الحكومة سياسة منظمة تقوم على الحماية الفورية والوقاية والإدماج الاجتماعي كمحاور مركزية للتدخل العمومي. وبحسب وزير التضامن، ترتكز هذه المقاربة بشكل أساسي على البرنامج التنفيذي الوطني للسياسة العمومية المتكاملة لحماية الطفل الممتدة طيلة الفترة 2023-2026. ولم يعد الأمر مجرد مسألة تدخل، بل ينبغي القيام بذلك بطريقة منسقة، من خلال انتداب جميع الجهات الفاعلة في الدولة، بما فيها السلطات المحلية بشراكة مع هيئات المجتمع المدني. الهدف المنشود هو الحماية والوقاية والإدماج عبر حركة دائمة تضامنية.
خلف أرقام الأطفال المشردين والمتخلى عنهم، هناك حيوات في محنة تتمنى أن تمتد إليها أبادي المساعدة. وعلى الأرض، تقام بنيات لاستقبالهم ورعايتهم ومؤازرتهم.

ضمن هذا الاتجاه، أشارت الوزيرة إلى إنشاء لجان إقليمية، يتم تفعيلها الآن في 82 عمالة وإقليم، وقد عهد إليها في مقام أول بمراقبة الوضع على المستوى المحلي. وفي ما يتعلق بمراكز الدعم، أعلنت الوزيرة أن 50 منها تعمل بالفعل، و32 في طور التأهيل. وقد أنعشت هذه البنيات الأمل بالفعل لـدى 4250 طفلاً. ومن بينهم، وجد 408 طريق عودتهم إلى المدرسة أو التكوين المهني.
من جانبها، قامت وحدات حماية الطفل (43 وحدة) برعاية 3450 طفلاً، جرت إعادة إدماج 482 منهم بفضل الدعم المبرمج خصيصا لفائدة الأطفال المتخلى عنهم. وأشارت الوزيرة كذلك إلى أن الوحدات المتنقلة، المكونة من “ملائكة تحرس الشوارع”، تجوب أحياء الدار البيضاء وطنجة وتارودانت، إلخ… وقد ساعدت بالفعل 591 طفلاً، ومثلت لهم أكثر من مجرد منزل مؤقت، إذ استمعت إليهم ورعتهم وتوسطت لفائدتهم لدى أسرهم، وفي كثير من الأحيان، وفرت لهم فرصة جديدة.
بالإضافة إلى هذه البنيات، يوجد في المغرب الآن 988 مؤسسة للحماية الاجتماعية، مع العلم أنه سيتعين إعادة تأهيل هذه البنبات قريبا. وبالفعل، وبحسب نعيمة ابن يحيى، تعمل الوزارة على تحسين نوعية الاستقبال وتعزيز الكفاءة المهنية. أكثر من ذلك، أشارت إلى أنه تم اعتماد قانونين لتعزيز هذا التحول: القانون 15-65 المتعلق بالمؤسسات الاجتماعية والقانون 18.45 الخاص بمهنة الأخصائي الاجتماعي. لأن حماية الأطفال تعني أيضا تكوين من يدعمونهم بشكل يومي
ولكن إدراكا منها أن أفضل حماية تظل هي تلك التي تتجنب التمزق، تعول الوزيرة على إعادة إدماج أطفال الشوارع في أسرهم. وبهذا المعنى يجري تنفيذ مشروع “السياسة الاجتماعية الأسرية” الذي يهدف إلى تعزيز الروابط وتجهيز الوالدين. كما يتم إنشاء “فضاءات عائلية”، وتطوير أوراش عمل حول الأبوة والأمومة، ونشر برامج التمكين الاقتصادي للمرأة، تفعيلا لفكرة التصرف من المنبع، حتى لا يضطر المزيد من الأطفال إلى اختيار الشارع.
أخيرا، رحبت الوزير بالمحور الأخير من هذا البرنامج: التوقيع في ماي 2024 على بروتوكول وطني مشترك مع رئاسة النيابة العامة. ولأول مرة، يلتزم القضاة والأخصائيون الاجتماعيون بتنسيق أعمالهم حول نفس الهدف: المصالح الفضلى للطفل. قد تكون هذه خطوة كبيرة إلى الأمام لضمان الدعم المستمر، انطلاقا من تقديم التقارير إلى التكامل المستدام.