أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بن سالم الوكيلي - حين رقصت الأرض… واختلف العازفون














المزيد.....

حين رقصت الأرض… واختلف العازفون


بن سالم الوكيلي

الحوار المتمدن-العدد: 8567 - 2025 / 12 / 25 - 13:40
المحور: كتابات ساخرة
    


يبدو أن الأرض، أخيرا، قررت أن تشاركنا النقاش العام.
لا بيان رسمي، لا ندوة صحفية، فقط هزة خفيفة قالت بها ما لم تقله الجدران منذ زمن، رغم أن هذه الأخيرة بدورها لم تقصر، فتشققت لتعبر عما كتم طويلا.

هل كانت الهزة احتجاجا؟
أم ابتهاجا بأمطار الخير المتهاطلة على بلدنا المغرب؟
أم مجرد “دورة خفيفة” من الأرض لتتفقد أحوال الساكنة… والإعلام معا؟

كالعادة، لم ننتظر طويلا.
قبل أن تستقر الفناجين في المطابخ، كانت الجرائد الإلكترونية قد استقرت على كل الاحتمالات… إلا احتمال الصمت.

جرائد تقول: هزة خفيفة لا تدعو للقلق.
أخرى تصرخ: زلزال عنيف يهز البلاد.
ثالثة أكثر شاعرية: الأرض تحتفل بالغيث.
ورابعة، أكثر وطنية: كل شيء تحت السيطرة…
حتى وإن لم نعرف ما هو هذا “كل شيء”.

أما مقياس ريختر، ذاك العجوز المسكين، فقد تم استدعاؤه على عجل، لكن كل منبر إعلامي ألبسه مزاجه الخاص.
في جريدة: 3 درجات، بالكاد أحست بها قطة في الطابق الرابع.
في أخرى: 5.2، أحست بها القطة وقررت تغيير الحي.
وفي بعض الصفحات: 8.5 درجات، مع توصية بقراءة الشهادة وقطع الإنترنت.

الغريب أن الأرض واحدة، والهزة واحدة،
لكن القياس يتغير حسب سرعة النشر، لا حسب سرعة الموجات الزلزالية.

ثم دخل “علماؤنا” على الخط…
علماء فيسبوك،
خبراء واتساب،
ومحللو المقاهي الافتراضية.

واحد يقيس بالحدس: “أنا حسيت بها بزاف”.
آخر يقيس بالإنكار: “ما حسيت بوالو، إذن ما كايناش”.
وثالث يقيس بالسياسة: “التوقيت مريب”.

أما الاجتهاد، فحدث ولا حرج:
اجتهاد في التهويل،
اجتهاد في التهوين،
واجتهاد أعظم في ربط الهزة بكل شيء… إلا بالجيولوجيا.

المنابر الإعلامية، مشكورة، لم تتركنا نعيش الهزة بسلام.
كل منبر خرج بعنوانه الخاص، كأننا أمام مهرجان سينمائي لا ظاهرة طبيعية:

زلزال يوقظ المغاربة من سباتهم

هزة تذكرنا بقدرة الله

الأرض تهتز… والمغاربة يتساءلون

يتساءلون عن ماذا؟
لا أحد يعرف، لكن السؤال — كالعادة — أهم من الجواب.

وفي خضم هذا كله، كانت الأرض قد عادت إلى هدوئها،
جلست جانبا تراقب، وتقول في سرها:

“أنا اهتززت ثواني… وأنتم هززتم العقول ساعات.”

أما الجدران، فلم تفوت الفرصة.
تشققت قليلا، لا لتسقط، بل لتهمس:
“لسنا نحن من تعب… أنتم من أثقلتمونا بالصمت.”

والمواطن، ذلك الكائن العاقل/الحائر، فعل ما يجيده بإتقان:

فتح هاتفه

قرأ عشرين خبرا

فهم صفرا

ثم قال: “الله يدير الخير”

وهكذا، انتهت الهزة… وبقيت الرجة:
رجة في المعلومة،
رجة في الثقة،
ورجة في عناوين لا تعرف الفرق بين الدرجة العلمية ودرجة الإثارة.

وفي انتظار الهزة القادمة — لا قدر الله —
سنظل بحاجة إلى مقياس جديد،
ليس لقياس الزلازل،
بل لقياس عقلانية النشر.

فالأرض، كما يبدو، تهتز أحيانا…
أما العناوين، فهي في حالة زلزال دائم.



#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- “نجوت لأرى الفساد حيا”
- «الماء بريء… وأنا الغريق»
- حين يبصر القلب
- قصيدة نثرية: «حين يتكلم الحجر بلساني»
- سوق الدجاج في مولاي إدريس زرهون: مملكة الطائر السامي الذي لا ...
- «حين يختفي الساحر وتبقى القبعة: حكاية السياسة المغربية بين ا ...
- البنى التحتية وال«حلاوة» التنموية: قراءة سوسيولوجية في كهربا ...
- من ظلال التجربة إلى حكمة المسير: شهادة لمن يأتي بعدنا
- قصة تولد الآن في مولاي إدريس زرهون
- -مدينة الرحمة الإلكترونية: حين مات كلب وابتسمت الشاشات-
- أحجار في عيوننا: حين يشتعل الطين بين القرى
- مملكة المرايا المكسورة.. أو حين صار كل مغربي شناقا صغيرا
- “العلم الذي أجلس عليه الوطن”
- خبز مدعم بالورق... وأمة تطحن بالوعود!
- -جماعة وليلي – زرهون: إدارة تبحث عن موظفيها في برنامج «مختفو ...
- في بلاد المغرب... حيث تشتكي الأرض من أهلها والجن من قلة الفه ...
- حين يسائل الزمن ظله... وتذبل الخطب القديمة
- -أمة الأغبياء السعداء: حكاية تطور الغباء من خلل عصبي إلى أسل ...
- من رآه فليستعد
- غوستافو بيترو وغزة: حين يطل صوت من الجنوب على جرح مفتوح


المزيد.....




- ريهام عبد الغفور.. صورة الفنانة المصرية تحدث جدلا ونقابة الم ...
- زلزال -طريق الملح- يضرب دور النشر في لندن ويعيد النظر إلى أد ...
- الكوميدي هشام ماجد: أنا ضد البطل الأوحد وهذا دور والدتي في ح ...
- فنان هندي يصنع تمثالًا لبابا نويل باستخدام 1.5 طنًا من التفا ...
- مكتبة الحكمة في بغداد.. جوهرة ثقافية في قبو بشارع المتنبي
- وفاة الممثل الفلسطيني المعروف محمد بكري عن عمر يناهز 72 عاما ...
- قرار ترامب باستدعاء سفراء واشنطن يفاقم أزمة التمثيل الدبلوما ...
- عرض فيلم وثائقي يكشف تفاصيل 11 يوما من معركة تحرير سوريا
- وفاة الممثل والمخرج الفلسطيني محمد بكري عن عمر يناهز 72 عاما ...
- رحيل محمد بكري.. سينمائي حمل فلسطين إلى الشاشة وواجه الملاحق ...


المزيد.....

- الضحك من لحى الزمان / د. خالد زغريت
- لو كانت الكرافات حمراء / د. خالد زغريت
- سهرة على كأس متة مع المهاتما غاندي وعنزته / د. خالد زغريت
- رسائل سياسية على قياس قبقاب ستي خدوج / د. خالد زغريت
- صديقي الذي صار عنزة / د. خالد زغريت
- حرف العين الذي فقأ عيني / د. خالد زغريت
- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بن سالم الوكيلي - حين رقصت الأرض… واختلف العازفون