بن سالم الوكيلي
الحوار المتمدن-العدد: 8560 - 2025 / 12 / 18 - 18:47
المحور:
كتابات ساخرة
أنا واحد من ضحايا فيضان آسفي…
نعم، لا تتفاجؤوا..غرقت.
توفيت.
وانتهى الأمر… هكذا ببساطة، مثل انطفاء شمعة في مهب الإهمال.
في البداية قيل لي ـ وأنا ما زلت أقاوم الماء إلى مستوى الذقن ـ إن السبب هو المطر المتهاطل. مطر؟ لا بأس. نحن شعب كريم، نحسن استقبال الضيوف، حتى وإن كانوا قطرات. لكن بعد وفاتي، وأنا أراجع ملفي من العالم الآخر، وصلني خبر عاجل:
الغرق لم يكن بسبب المطر… بل بسبب الإهمال.
اتضح أنني لم أغرق في الماء فقط، بل في الصرف الصحي، في البالوعات المختنقة، في القنوات التي ماتت قبل أن أموت أنا. غرقنا معا، لكنني وحدي دفنت.
من هناك، من الدار الآخرة، قررت أن أرفع دعوة. لا تخافوا، ليست دعوى قضائية، فالمحاكم هنا أسرع، ولا تحتاج إلى طوابع ولا وسطاء.
دعوة إلى الله.
أدعو فيها على كل مسؤول لم يقم بواجبه، على كل من رأى الخطر قادما فاختار الصمت، على كل من اعتبر البنية التحتية “ترفا” يؤجل إلى إشعار آخر. أدعو على من خطط، ومن لم يخطط، ومن خطط ثم نسي ما خطط له.
وأدعو أيضا — بكل عدل — على المواطن الذي يرمي النفايات في كل مكان، الذي يحشو البالوعات بالبلاستيك، والأنقاض، وبقايا اللامبالاة، ثم يصرخ أول المطر: فين الدولة؟
الدولة كانت هنا… لكنها اختنقت مثلي.
لا تطلبوا مني الآن العودة للحياة لأشرح أكثر، فقد انتهى دوري. دوري الآن أن أكون رقما في خبر عاجل، وصورة في أرشيف، ودرسا مؤجلا… ككل الدروس في هذا البلد.
أما أنتم، فانتبهوا:
المطر بريء،
الماء لا يقتل،
الذي يقتل… هو الإهمال حين يصبح سياسة،
والفوضى حين تصبح أسلوب حياة.
وقبل أن يأتي دوركم،
نظفوا الطريق…
قبل أن تنظفكم المياه.
#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟