أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - بن سالم الوكيلي - غوستافو بيترو وغزة: حين يطل صوت من الجنوب على جرح مفتوح














المزيد.....

غوستافو بيترو وغزة: حين يطل صوت من الجنوب على جرح مفتوح


بن سالم الوكيلي

الحوار المتمدن-العدد: 8479 - 2025 / 9 / 28 - 10:53
المحور: القضية الفلسطينية
    


في قلب العاصفة، حيث يموت الكلام من فرط التكرار، وحيث تحولت غزة إلى خبر عاجل دائم، وإلى ملف لا يفتح إلا على وقع القنابل أو أمام عدسات مؤتمرات لا تغير شيئا، يولد سؤال غريب: ماذا لو جاء صوت جديد، ليس من الغرب المتخم بالصفقات، ولا من الشرق المثقل بالانقسامات، بل من الجنوب... من أميركا اللاتينية؟ وتحديدا، من بوغوتا، حيث يجلس رئيس يشبه الحالمين أكثر مما يشبه الساسة: غوستافو بيترو.

لا أحد يتوقع من رئيس كولومبيا أن يتدخل في ملف الشرق الأوسط. لا موقعه الجغرافي، ولا موقعه السياسي، ولا أي سياق "واقعي" يوحي بأنه معني بهذه المأساة البعيدة. لكن في عالم اختنق من كثرة "الواقعية"، يبدو أن بعض الخيال هو ما نحتاجه لنفكر بطريقة أخرى. أن نبتعد عن طاولات التفاوض المزيفة، عن خطط لا ترى الناس بل ترى الخرائط، عن "صفقة القرن" التي ولدت من رحم المصالح وماتت في حضن التجاهل... ونجرب أن نرى غزة بعيون رجل لم يكن يوما جزءا من اللعبة.

غوستافو بيترو ليس "حلال مشاكل"، لكنه يعرف ماذا تعني الحرب، وماذا يعني الظلم، لأنه عاشه، وقاتله، وتصالح مع ما بقي منه. رجل جاء من خلفية ثورية، من شوارع كولومبيا التي تشبه، في بعض زواياها، الأزقة الضيقة في مخيمات غزة. رجل حمل قضية العدالة المناخية والاجتماعية في وجه عواصم القرار، ووقف في الأمم المتحدة يتحدث عن فلسطين كأنها قضيته الشخصية. هذا وحده، كاف لأن نراه رمزا مختلفا، صوتا يمكن أن يعيد شيئا من التوازن الأخلاقي في قضية خنقت تحت ركام المصالح.

فكرة أن يكون لبيترو دور – حتى وإن كان رمزيا أو شرفيا – في ملف غزة، ليست نابعة من حسابات دبلوماسية باردة، بل من الإيمان بأن العالم بحاجة إلى شهود أحياء، إلى من يقول "لا" حين يطلب منه أن يصمت. لسنا بحاجة إلى وسطاء جدد، بل إلى من يذكر العالم بأن غزة ليست رقعة على الخريطة، بل بيت، وطفل، وأم، وشارع تنقطع فيه الكهرباء قبل أن تنقطع الأنفاس.

قد يقال إن الفكرة بعيدة، غير واقعية، أقرب إلى نداء شاعر منه إلى طرح سياسي. وقد تكون كذلك فعلا. لكن أليست كل الحلول التي جربناها حتى الآن واقعية حد القتل؟ أليست كل "المبادرات العملية" التي سمعنا عنها انتهت إلى مزيد من الحصار، والجوع، والخذلان؟ إذا، لا بأس أن نجرب ما لا يجرب. لا بأس أن نعيد الإنسان إلى المعادلة.

بيترو ليس نبيا، ولن يصنع المعجزات. وقد يقابل كلامه باللامبالاة، أو حتى بالهجوم. لكن وجوده في هذا الملف، ولو من موقع أخلاقي، سيعيد طرح الأسئلة التي لم تعد تطرح: لماذا يموت الناس في غزة بصمت؟ لماذا لا تعامل فلسطين كقضية عدالة، لا كـ "عقبة" أمام السلام؟ لماذا تصاغ الخطط وكأن الفلسطينيين مجرد أرقام تنتظر التعويض، لا بشرا لهم الحق في الكرامة؟

حين تتكلم غزة اليوم، لا أحد يسمع. الجميع مشغول إما بإدارتها، أو بإدارتها سياسيا. حتى أهلها، أنهكوا من الكلام. وربما، وسط كل هذا الصمت القاتل، نحتاج إلى صوت من بعيد... صوت يأتي لا ليوقع على اتفاق، ولا ليأخذ صورة أمام الأنقاض، بل ليقول ببساطة: "أنا أراكم".

قد يبدو الأمر ساذجا، أو مثاليا، لكنه ضروري. لأن إعادة بناء غزة ليست مسألة هندسية، بل مسألة وعي. والوعي يبدأ من مكان غير متوقع أحيانا، من كلمة صادقة في زمن التواطؤ، من رئيس لا يملك شيئا يقدمه سوى ضميره.

في النهاية، هذه ليست دعوة رسمية، ولا ورقة سياسة، ولا حتى مقترحا جديا بالمعنى الكلاسيكي. هي فقط محاولة للوقوف على عتبة جديدة، على الحافة بين الحلم والكابوس. محاولة للقول إننا ما زلنا نملك الحق في التفكير خارج الصندوق، في زج رجل من أقصى الجنوب في قضية نفيت إلى الهامش، تماما كما كان هو، يوما، على هامش وطنه.

وقد يكون هذا أضعف الإيمان... أو ربما أقواه.



#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحلايقية... حين كان للطفولة مجد آخر
- سروال المملكة المثقوب
- غبار على وجوه الأطفال... وبريق على سيارات الجماعة
- في بني مرعاز... حيث استيقظ المركز الصحي من غفوته الطويلة
- ظل الولي ونور الزائر (من أدب الرحلة الروحية)
- -نداء من قلب مكسور-
- -يسرى... زهرة وسط صخر-
- -بقرار من ميلانيا: باب الأمل في غزة-
- ثمن الشمعة
- لا ظل في الرمل لمن لا ذاكرة له
- الزاوية التي لا تنام
- همس الجبال ونور الأرواح
- -قبل أن أنسى اسمي-
- حبر الندبة في عقدة القمر (بصوت الرجوع، وتنهيدة الختام)
- حبر الندبة في عقدة القمر (بصمت البذور، وتنهيدة الحكاية الساد ...
- حبر الندبة في عقدة القمر (بفم مكموم، وتنهيدة الحكاية الخامسة ...
- أنين القباب في وادي الجني الأسود رواية رمزية – شاعرية – رؤيو ...
- حبر الندبة في عقدة القمر (بنبض الحرف الأخير، وتنهيدة الحكاية ...
- حبر الندبة في عقدة القمر (بحنجرة الرمل، وتنهيدة الحكاية الثا ...
- حبر الندبة في عقدة القمر(بصوت الغياب، وتنهيدة الحكاية الثاني ...


المزيد.....




- الناتو يشدد إجراءاته.. والدنمارك تحظر المسيّرات المدنية بسبب ...
- برشلونة يقلب الطاولة على ريال سوسييداد ويعتلي صدارة الدوري ا ...
- هل تقود العقوبات الأممية إلى مواجهة عسكرية مع إيران؟
- بعد أشهر من المفاوضات.. طالبان تُفرج عن أمريكي بوساطة قطرية ...
- إسرائيل تعلن شروطها لتوفير ممر آمن والسماح بخروج قادة حماس
- هل ستجبر إسرائيل لبنان على نزع سلاح حزب الله بالقوة؟
- لماذا تراهن إسرائيل على الوقت في صراعها مع حزب الله؟
- الحرب على غزة مباشر.. أحزمة نارية على القطاع وتفاؤل أميركي ب ...
- تركي الفيصل: هجوم قطر -ناقوس- لدول الخليج.. وعلى ترامب -تصحي ...
- وزير الخارجية السوري: الغارات الإسرائيلية على البلاد جعلت ال ...


المزيد.....

- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - بن سالم الوكيلي - غوستافو بيترو وغزة: حين يطل صوت من الجنوب على جرح مفتوح