بن سالم الوكيلي
الحوار المتمدن-العدد: 8380 - 2025 / 6 / 21 - 09:00
المحور:
الادب والفن
يا من تحرسون الكلمات كأنها خطر،
يا من تفتشون الأرواح قبل الدخول،
يا من تصادرون النداء إن لم يكتب بحبركم الرسمي،
أنا… لست لكم.
أنا الذي لا يدخل أبوابكم لأنه خلق من الريح،
أنا الذي لا يمشي في مواكبكم لأنه يركض خلف ظل القصيدة،
أنا الذي حين صرخ،
كتبوا على صدره:
"صوتك غير معتمد في نشرة اليوم."
في طريق الحرف،
وضعت يدي على صدري لأتأكد أنني ما زلت حيا،
لكن الباب كان هناك…
باب خشبي…
في فمه لسان من حديد،
قال لي:
"قف.
كل من لا يحمل ختم الإدارة... لا يسمع."
ضحكت...
ضحكة تشبه طعم النار،
وقلت:
"وهل تحتاج القصيدة إلى ختم كي تولد؟
وهل يحتاج الصدق إلى موافقة مسبقة؟"
أنا الوكيلي،
ذاك الذي كتبوا عليه "مخالف للنظام"،
فقط لأنه حاول أن يقول:
"الأم ليست مجرد رقم ملف،
والزيتونة ليست مشروع بناء."
أنا...
ذاك الذي صادروا دفاتره لأن فيها بكاء مدينة،
ومنعوا قصائده لأن فيها صوتا لا يركع،
ذلك الصوت الذي لا يطرق الأبواب،
بل يكسر صمتها.
قال لي الموظف المرتبك،
ذاك الذي في عينيه نشرة تأخير إداري:
"أنت تكتب بلهجة لا نفهمها...
تستعمل استعارات لا تتماشى مع المرحلة."
فقلت:
بل أنتم من يتحدث بلكنة من حجر،
ويتنفس لغة لا رئة لها.
أردت فقط أن أقول إن الوطن
ليس مرسوما على لوحات الإشهار،
بل محفور في صدر من يخبئون قصائده بين أضلاعهم.
أردت فقط أن أقول
إن الحبر إن خنق،
يتحول إلى دم.
أنا...
ذاك الذي يتلعثم حين يجبر على الإيجاز،
ويشتعل حين يطلب منه الصمت.
أنا لا أكتب لنيل التقدير،
ولا لنيل الإذن،
أنا أكتب لأن الندبة تحتاج أن تقول شيئا
قبل أن تشفى بالغدر.
وفي المنعطف الأخير نحو قرية الحكايات،
اعترضني رجل من زجاج،
قال:
"أوقف حروفك، فالحكايات لا تدخل القصر."
فقلت:
لهذا تماما...
أكتبها.
سأبقى،
حتى يقال في التقارير:
"القصيدة لم تنضبط،
والندبة رفضت المثول،
والوكيلي...
خرج من الحكاية
دون تصريح."
#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟