بن سالم الوكيلي
الحوار المتمدن-العدد: 8379 - 2025 / 6 / 20 - 06:35
المحور:
الادب والفن
يا من تسكنون في الحواشي،
يا من كتبتم سيرتكم بالطباشير على أبواب الذاكرة،
يا من تأخر بكم الزمن فصارت خطاكم رسائل لم تفتح،
ها أنا أعود...
لا كعائد منتصر،
ولا كمنفى يبحث عن عذر،
بل كقصيدة تبحث عن قارئ يشبهها.
أنا الوكيلي،
ذلك الاسم الذي يتيمم بالقصيدة بدل الماء،
ذلك الكائن المكتوب بنبرة الطين،
والذي صرخ أول ما نطق:
"الوطن ليس وطنا إن لم يسع حكاياتي."
ركضت في ممرات النسيان،
وحملت في صدري مرايا مهشمة،
كل مرآة فيها وجه لم يبتسم قط،
وكل وجه، كان يشبهني.
في الطريق إلى "قرية الحكايات"،
سمعت امرأة تغني لطفل مفقود:
"نم يا صغيري،
فالريح ليست عدوا إن دخلت من نافذة القصيدة."
وقفت…
وكتبت على راحة الغيم:
"نحن الذين لا يفتشهم الحراس،
لكنهم يفتشون فيهم الوطن."
أنا…
ذاك الذي خبأ اسمه في جملة اعتراضية،
ذاك الذي هرب ذاكرته في حقيبة من صمت،
ذاك الذي كان ينتمي لكل شيء إلا الحدود.
أجلس الآن عند حافة السطر،
وأرسم دائرة من ندى،
في داخلها زيتونة،
وفي ظلها طفل لا يخاف القصف،
لأنه تعلم من القصيدة كيف يصمد.
أقولها…
بلا توقيع، بلا ختم، بلا لسان رسمي:
أنا لم أُخلق كي أُصنف،
بل كي أُروى.
لم أَهب الحكاية اسمي،
بل وهبتني الحكاية وجهي.
وفي آخر هذا السطر،
أترك لكم تعويذتي الأخيرة،
كتبتها ذات مساء على جدار نجمة:
"من نبت في القصيدة، لا يقطعه المنفى،
ومن سكن الزيتونة، لا تهده الدبابة."
سلام على من لم يولدوا بعد،
وسلام على من ولدوا من الحكاية، لا من رحم الوثائق،
وسلام على قريةٍ اسمها: الكلمة.
#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟