بن سالم الوكيلي
الحوار المتمدن-العدد: 8378 - 2025 / 6 / 19 - 23:15
المحور:
الادب والفن
يا من تزرعون أسماءكم في جيوب الحنين،
يا من نسيتم قلوبكم معلقة في عيون الغائبين،
يا من تسيرون على ظل السؤال، ولا تصلون...
أنا لست أنا،
بل ظل لاسم نسي كيف يُنطق،
أنا بقايا خطى لم تعد تجرؤ أن تترك أثرا،
أنا شهقة من جدار، ووشوشة من زمن لم يصدق بعد.
من حيث اختفى الوطن تحت قبعة القامع،
ومن حيث كانت القصائد ممنوعة إلا على فم الحجر،
خرجت...
أحمل في قلبي جرحا أخضر،
وفي يدي قصبة تسيل منها الحكايات مثل النور.
ناداني طفل، من قصيدة لم تكمل:
"هل الماء يبكي حين لا يجد أرضا يرويها؟"
فقلت:
نعم يا صغيري...
الماء يبكي حين ننسى أن لنا جذورا في التراب.
أنا...
ذاك الذي لم يوقع يوما على وثيقة،
لكنه وقع في قلب القصيدة،
ذاك الذي لم يستدع إلى مائدة الملوك،
لكنه أطعم العابرين من زاد الحرف،
ذاك الذي لا يعرف اسمه إلا الريح،
ولا عنوانه إلا ظل الغيم.
رأيت ذات فجر،
نجمة تهوي من جبين زيتونة،
وكانت تهمس:
"احذر من الذين يزرعون الورد فوق الخرائط،
فالخرائط لا تعرف رائحة الوطن... بل شكله فقط."
سرت في طرقات من حبر وملح،
حيث العتمة تصير دليلا،
والصمت يفتح نوافذ من ندى.
وفي المنعطف، التقيت بظل عجوز يكتب على الجدار:
"من لا يسكن في قصيدة، يسكنه الغبار."
ابتسمت،
وواصلت السير إلى "قرية الحكايات"
حيث العشب ينمو من صوت الجدات،
وحيث كل ندبة... نبتة.
أنا...
ذاك الذي يحرس الحروف حين تنام،
ذاك الذي يشعل قنديل الحكاية في فم المجاز،
ذاك الذي نبت في كف الغياب،
ولم يذب.
فلا تبحثوا عني في وثائق الحصر،
ولا تنتظروني على مكاتب التصنيف،
أنا لست ملفا،
ولا رقما،
أنا… العين التي ترى ما لا يقال،
والندبة التي تكتب حين ينهزم الحبر.
أقولها الآن،
وفي يدي فأس من قصيدة،
وفي عيني زيتونة ترتجف فرحا:
سأعود كلما انكسر حرف،
وسأولد في كل طفل يضحك تحت المطر،
وسأبقى…
حتى يعلق علم
على قافية،
لا على سارية.
#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟