أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بن سالم الوكيلي - غبار على وجوه الأطفال... وبريق على سيارات الجماعة














المزيد.....

غبار على وجوه الأطفال... وبريق على سيارات الجماعة


بن سالم الوكيلي

الحوار المتمدن-العدد: 8472 - 2025 / 9 / 21 - 23:08
المحور: كتابات ساخرة
    


من جماعة وليلي زرهون: حكاية منطقة محاصرة بالخرس الإداري والنسيان المزمن

في ركن سحيق من هذا الوطن، حيث يخيم الغبار على كل شيء، وحيث الهواء يصفر من شدة العزلة، تمتد جماعة وليلي زرهون كأنها أرض خارجة من كتاب قديم نسيه الجميع على رف الوطن.
هنا، لا تدور الحياة كما في باقي البلاد.
هنا، تتراقص عقارب الساعة لا إلى الأمام، بل في دوامة من الدوران البطيء، وكأن الزمن ذاته فقد بوصلته.

في هذه الجماعة المنسية، لا يزال الطريق بين مولاي إدريس زرهون ودوار كرمة بن سالم يسمى بـ"طريق الموت"—اسم لم يطلق اعتباطا، بل كتب بالدموع والدماء والتأوهات الصامتة على جانبي الطريق.
طريق تتآكل أطرافه، كما تتآكل أحلام الناس، بينما تمر بجانبه سيارة جديدة اشترتها الجماعة بكل فخر، يلمع طلاءها أمام مبنى المجلس، كأنها تقول لأهل الأرض: “نحن نسير... لكن دونكم.”

في دوار المصامدة، هناك ما يشبه الخرافة السوداء: روض أطفال بلا ماء... بلا كهرباء... بلا أدنى شروط الحياة.
أطفال ينظرون إلى المصابيح كما لو أنها نجوم بعيدة، لا تنير دربهم ولا تمنحهم دفء الطفولة.

أما مدارس كرمة بن سالم؟
فالأقسام هناك مهدمة منذ سنة 2023، وكأن الأمر لا يعني أحدا.
الخراب صار جزءا من المنهاج الدراسي، والغبار يحفظ وجوه الأطفال أكثر من أي صورة رسمية.
لا قلوب تصغي، ولا عيون ترى، ولا أياد تمد.

وفرعية مدارس دوار عين السي عمار، حكاية أخرى من التهميش.
فرعية بلا مراحيض، وعندما يريد الملائكة قضاء حاجتهم، يقصدون جنبات المدرسة... وكأن الكرامة رفاه لا يليق بالطفولة في هذه الأرض.

كل هذا يجري بينما تصرف فواتير الكازوال بسخاء، وتستعمل السيارة الجماعية لقضاء الحوائج الخاصة، لا لخدمة من انتخبوهم ولا للوصول إلى القرى المعزولة، التي يشبه سكانها منفيين بلا تهمة.

هل يعقل أن يختزل العمل الجماعي في هيكل معدني بأربع عجلات؟
هل صارت التنمية تقاس بعدد السيارات، لا بعدد الفصول الدراسية ولا قنوات الماء الصالح للشرب؟

أما المسالك القروية، فهي مرآة صادقة لحال المنطقة:
ترابية، محفرة، مهجورة… كأنها تمثيل حي لما آلت إليه العلاقة بين الدولة ومواطنيها في هذه البقعة المنسية.

نداء... لا يكتب بالحبر، بل بالحريق

نحن لا نكتب فقط عن الألم، بل نكتبه من داخله.
ومن وسط هذا الركام الإداري والإنساني، نوجه نداء عاجلا وصريحا إلى السلطات العليا في البلاد:

يا من في يدكم القرار، ويا من على أعينكم تعرض تقارير التنمية والتراب الوطني، التفتوا إلى جماعة وليلي زرهون.

أنقذوا أطفال المصامدة من ظلام الطفولة.

أعيدوا بناء ما سقط من مدارس كرمة بن سالم، قبل أن تسقط الأرواح.

افتحوا تحقيقا في أولويات صرف المال العام داخل الجماعة.

اسألوا عن الطريق الذي صار موتا يوميا لا يلتفت إليه أحد.

لقد طال صمت الجهات، وامتد الحصار... لا بالجنود، بل بالإهمال.
فكوا الحصار عن هذه الجماعة التي لم تخرج من الوطن، لكن الوطن خرج منها.

هل تحرك أرواح المواطنين عقارب الساعة من جديد؟
أم أن الزمن هنا كتب عليه أن يظل يدور... في فلك الإهمال، إلى الأبد؟



#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في بني مرعاز... حيث استيقظ المركز الصحي من غفوته الطويلة
- ظل الولي ونور الزائر (من أدب الرحلة الروحية)
- -نداء من قلب مكسور-
- -يسرى... زهرة وسط صخر-
- -بقرار من ميلانيا: باب الأمل في غزة-
- ثمن الشمعة
- لا ظل في الرمل لمن لا ذاكرة له
- الزاوية التي لا تنام
- همس الجبال ونور الأرواح
- -قبل أن أنسى اسمي-
- حبر الندبة في عقدة القمر (بصوت الرجوع، وتنهيدة الختام)
- حبر الندبة في عقدة القمر (بصمت البذور، وتنهيدة الحكاية الساد ...
- حبر الندبة في عقدة القمر (بفم مكموم، وتنهيدة الحكاية الخامسة ...
- أنين القباب في وادي الجني الأسود رواية رمزية – شاعرية – رؤيو ...
- حبر الندبة في عقدة القمر (بنبض الحرف الأخير، وتنهيدة الحكاية ...
- حبر الندبة في عقدة القمر (بحنجرة الرمل، وتنهيدة الحكاية الثا ...
- حبر الندبة في عقدة القمر(بصوت الغياب، وتنهيدة الحكاية الثاني ...
- الاستدعاء الشفهي: حين تتحول الإجراءات إلى فصول من العبث الإد ...
- حبر الندبة في عقدة القمر (بلسان العفاريت، وتنهيدة الحكاية ال ...
- -الذين لم يصفق لهم… لكنهم يستحقون الوطن-


المزيد.....




- تحديات جديدة أمام الرواية الإعلامية حول غزة
- وفاة الفنان السعودي حمد المزيني عن عمر 80 عامًا
- حروب مصر وإسرائيل في مرآة السينما.. بطولة هنا وصدمة هناك
- -لا موسيقى للإبادة الجماعية-.. أكثر من 400 فنانا يعلنون مقاط ...
- الأوبرا في ثوب جديد.. -متروبوليتان- تفتتح موسمها بعمل عن الأ ...
- الصّخب والعنف.. كيف عالج وليم فوكنر قضية الصراع الإنساني؟
- تايلور سويفت تعود لدور السينما بالتزامن مع إصدار ألبومها الج ...
- تجمع سوداني بجامعة جورجتاون قطر: الفن والثقافة في مواجهة مأس ...
- سوار ذهبي أثري يباع ويُصهر في ورشة بالقاهرة
- جان بيير فيليو متجنياً على الكرد والعلويين والدروز


المزيد.....

- صديقي الذي صار عنزة / د. خالد زغريت
- حرف العين الذي فقأ عيني / د. خالد زغريت
- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بن سالم الوكيلي - غبار على وجوه الأطفال... وبريق على سيارات الجماعة