أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بن سالم الوكيلي - همس الجبال ونور الأرواح














المزيد.....

همس الجبال ونور الأرواح


بن سالم الوكيلي

الحوار المتمدن-العدد: 8395 - 2025 / 7 / 6 - 08:31
المحور: الادب والفن
    


في أحضان جبال زرهون العتيقة، حيث تتعانق الأرض مع السماء في سر أبدي، تنبض قرية كرمة بن سالم بحياة هادئة مشبعة بأسرار الروح ووشوشات الزمن. هناك، في ذلك المرسى الهادئ الذي أقطن وأعمل فيه، تكتسب اللقاءات معنى أعمق، فتتحول إلى لحظات فجر لا تنسى.

تحت شمس دافئة، وبين نسيم الجبال العليل، وصلني اتصال من السيد إدريس الوكيلي، الرجل الذي يروي صمت وجهه آلاف القصص عن الكرم والعطاء. دعاني لرحلة قصيرة إلى مطحنة الحبوب في دوار بقشوش، حيث رافقني أخوه، ابن عمي والأستاذ المرشد الروحي بمنطقة بوذنيب المغربية، السيد عبد الله الوكيلي.

صعدنا معا في سيارة، تخط خطى بين الضوء والظل، يحملنا إلى مشهد يختزل قصيدة الأرض والإنسان. في حضوره، كان الهدوء كالبحر العميق، يحمل بين موجاته حكايات الأجداد التي لا تنتهي.

تحدث السيد عبد الله، بصوت هادئ يشبه نبعا خفيا في قلب الصحراء، عن مشروع مطحنة في القرية. لم يكن الأمر مجرد مشروع عادي، بل دعوة للرحمة، عمل يربط القلوب بصفقات غير مرئية بين الناس والله. وأشار إلى الأفق البعيد وقال: «كل حبة تطحن هنا هي جسر يصل بين القلوب، وكل قطرة عرق تسقى في هذا العمل تسجل في سجل السماء».

بين حبات القمح ورائحة الخبز، فتحت له نافذتي التي تخفي حلما راودني طويلا: عرض مسرحي كتبته، وتدربت عليه، حكاية سلام غريبة تروى بلغة فرنسية تحمل نكهة حكواتي مغربي أصيل. تحكي قصة التعايش بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لا من خلال جروح السياسة الباردة، بل من عمق الجرح الإنساني.

أنصت إلي كمن يستقبل زائرا روحيا نادرا، ثم ابتسم ابتسامة تنضح حنانا وأملا وقال: «قلائل من يحملون هم الإنسانية بصدق الكلمة. أنت لا تسرد فقط قصة شعبين، بل تعيد للنفس إنسانيتها الضائعة».

وانساب الحديث كأنه نهر هادئ لا ينضب، إلى الكرامات التي تحيط بشرفاء آل كرمة بن سالم، عن سيرة الزهد والخدمة، وعن ذاك النور الخفي الذي لا يرى لكنه يشعر به في القلوب. قال بعمق الروح: «الكرامة الحقيقية أن تبقى صادقا في زمن يزداد فيه الزيف، أن تعطي بلا انتظار، وأن تكون كالشجرة التي تعطي ظلها دون أن تطلب شيئا».

عاد بنا المساء، وقد لف الليل برقته المكان، لكن قلبي ظل مشرقا بنور كلمات تلامس السماء، ومباركة صامتة لمسرحية ولدت من عمق الإيمان والوجدان.

وفي كل مرة أرتقي فيها خشبة المسرح لأقدم العرض، أشعر بصدى حديثه يرافقني في صمت المشاهد، يهمس لي: «اكتب، احك، ازرع في القلوب بذور السلام، فالكلمات التي تقال من أعماق الروح لا تضيع أبدا».

وهنيئا لقبيلة بوذنيب بهذا الموروث الروحي الذي يحمل نوره الأمل والسكينة لكل من يؤمن بأن الإنسان هو بداية السلام الحقيقي.



#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -قبل أن أنسى اسمي-
- حبر الندبة في عقدة القمر (بصوت الرجوع، وتنهيدة الختام)
- حبر الندبة في عقدة القمر (بصمت البذور، وتنهيدة الحكاية الساد ...
- حبر الندبة في عقدة القمر (بفم مكموم، وتنهيدة الحكاية الخامسة ...
- أنين القباب في وادي الجني الأسود رواية رمزية – شاعرية – رؤيو ...
- حبر الندبة في عقدة القمر (بنبض الحرف الأخير، وتنهيدة الحكاية ...
- حبر الندبة في عقدة القمر (بحنجرة الرمل، وتنهيدة الحكاية الثا ...
- حبر الندبة في عقدة القمر(بصوت الغياب، وتنهيدة الحكاية الثاني ...
- الاستدعاء الشفهي: حين تتحول الإجراءات إلى فصول من العبث الإد ...
- حبر الندبة في عقدة القمر (بلسان العفاريت، وتنهيدة الحكاية ال ...
- -الذين لم يصفق لهم… لكنهم يستحقون الوطن-
- -خرائط على جثث الطيور-
- كرمة بن سالم تروي... حين تتكلم القرى ويسكت بعض المسؤولين
- -الريح التي لا تعرف الحدود-
- الكبش الذي نجا من السكين: مرثية القيم في زمن الأضاحي المزيفة
- قلب مطفأ داخل آلة
- دوار الكرامة... لا ماء يباع، ولا صمت يشترى
- -كرمة بن سالم... حين تصلي الأرض ويرق قلب السماء-
- قلب على الموج: ملحمة مادلين
- لحم الحقيقة


المزيد.....




- إيقاف نجم الفنون القتالية ماكغريغور 18 شهرا
- نار حرب غزة تصل صناعة السينما الفلسطينية والإسرائيلية
- المجري لازلو كراسنهوركاي يفوز بنوبل للآداب 2025
- آباء يأملون استبدال شاشات الأطفال بالكتب بمعرض الرياض للكتاب ...
- حضرت الفصائل وغُيِّب الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني
- خريطة أدب مصغرة للعالم.. من يفوز بنوبل الآداب 2025 غدا؟
- لقاءان للشعر العربي والمغربي في تطوان ومراكش
- فن المقامة في الثّقافة العربيّة.. مقامات الهمذاني أنموذجا
- استدعاء فنانين ومشاهير أتراك على خلفية تحقيقات مرتبطة بالمخد ...
- -ترحب بالفوضى-.. تايلور سويفت غير منزعجة من ردود الفعل المتب ...


المزيد.....

- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بن سالم الوكيلي - همس الجبال ونور الأرواح