بن سالم الوكيلي
الحوار المتمدن-العدد: 8516 - 2025 / 11 / 4 - 14:58
المحور:
كتابات ساخرة
في هذا الوطن الجميل المرهق، نجيد فن النقد كما يجيد الشاعر نظم القوافي، نلعن الظلام بألسنة من نار، ثم نطفئ الشموع بأنفسنا وننام مطمئنين إلى أن الليل هو الجاني الوحيد.
نحن، معشر المغاربة، نحمل في قلوبنا شمسا من الغضب وسماء من الأعذار. نثور في المقاهي، نجلد في الفيسبوك، نكتب بيانات الثورة على علب السجائر، ثم نرميها عند أول مطب طرقي دون خجل ولا تأنيب.
ننتقد “الشناق” وكأننا أولياء الطهر، لكن حين تسنح الفرصة، نمسك الحبل ونمارس “الشنق” بأيد مرتجفة من اللذة لا من الندم.
نلعن الفساد في الإدارات، ونحن نمارسه بنعومة الموظف الذي اعتاد أن يوقع الحضور في التاسعة وينصرف في التاسعة وعشر دقائق.
نسب الرشوة ونحن نمررها بابتسامة كي “تسهل الأمور”، ثم نعود لنشتكي أن البلاد غارقة في الوحل!
في هذا الوطن، الجميع يلبس قناع المصلح، والجميع يرقص فوق حبل النفاق.
المعلم يتذمر من التلميذ، والطبيب من المريض، والمواطن من الشرطي، والشرطي من المواطن، وكلنا نلعن “المسؤول الكبير” كأنه شيطان نزل من السماء لإفسادنا، متناسين أن الشيطان يسكننا جميعا، يطل من نوافذنا كل صباح، ويمد لسانه في مرايانا المكسورة.
آه يا وطني الجميل، كم نحبك بالكلمات ونخونك بالأفعال!
نبكي في الأغاني ونصفق في الانتخابات، نطالب بالإصلاح ونسخر من المصلحين، ننتقد كل شيء إلا ذواتنا، كأننا أنبياء في زمن بلا معجزات.
نعيش في مملكة المرايا المكسورة؛ كل يرى في الآخر عيبه ولا يرى صورته المشوهة.
لو أن كل مغربي أصلح مرآته فقط، لسطع وجه البلاد كفجر جديد يغسلنا من غبار الرياء.
لكننا ـ ويا للأسف ـ نفضل البقاء كما نحن: نندد، نصرخ، نكتب منشورا، ثم نعود في الغد لنمارس ما شجبناه بالأمس، وكأننا نعيد عرض مسرحية مألوفة حفظناها جميعا عن ظهر قلب.
فيا أبناء مملكة المفارقات، كفوا عن لعن الشناقة… لأن الحبل في أعناقنا جميعا، صنعناه نحن، ببطء، من خيوط أكاذيبنا الصغيرة.
#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟