أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل الدول - في انتظار أن يصبح سببًا














المزيد.....

في انتظار أن يصبح سببًا


عادل الدول
كاتب

(Adil Al Dool)


الحوار المتمدن-العدد: 8548 - 2025 / 12 / 6 - 19:08
المحور: الادب والفن
    


في الشوارع الخرِبة…
تلك النكهة المتفرّدة — ستتبعك حيثما ذهبت،
كأنفاسٍ تُسجَّل في موروثك الجيني،
لا بقلم، بل بدفقة دم قديمة في الوريد.
كان الترابُ ينطقُ اسمك — فانتَ سطرٌ لا يُمحى،
حرفاً نُقشَ في جبين الأرض، قبل أن يُعلّمنا أحدٌ كيف نكتب.

لكن…
صرتَ تُخطّ نفسك بقلمٍ من رماد،
توقّعُ الحضور في سجل أغلِق منذ زمن،
وتخبئ وجعك في جيوب ممزّقة،
كأنّ الغيابَ وطن بديل،
والنسيان وثيقةُ ولاء جديدة.

الزمنُ هناك لم يمرّ — توقّف، أو تلعثم،
كشابٍّ أُرغم على الشيخوخة قبل أن يعرف طعمَ شبابه.
الجدرانُ تتنفّسُ رطوبةً،
والتماثيلُ تُصلّي لآلهةٍ نسيتْ أسماءَها،
والوجوهُ — إن رأيتها — تشبه بعضها:
نفس التثاؤب المُقنّع بابتسامة،
نفس الخوف المطليّ بلونِ الاستسلام.

نحن لسنا موتى…
لكننا نتقنُ فنَّ التصرّف كأنّنا كذلك:
نأكل، ننام، نُوقّع أوراقًا، نُرسل تحيّاتٍ…
لكنّ العينين — العينين فقط — تنظران كمن ينتظرُ انفجارًا
في غرفةٍ مغلقةٍ،
لا يعرف إن كان سيُحرّره… أم يدفنه.

الحياة هنا ليست هبة،
بل مراوغة تُمنح على شكل فتاتٍ من الخبز القديم،
تُغطّيه بطبقة من العسل المُزيّف،
فتسمّيه "فرصة"،
وتُسمّي جوعك: "صبرًا"،
وتُسمّي صمتك: "حكمة".

أما الرصاصةُ — تلك التي لا تُرى —
فهي الأنيقَةُ دائمًا:
ملفوفةٌ بخطابٍ وطنيّ،
محمولةٌ بابتسامةِ المسؤول،
مُوجَّهةٌ إلى الرأس — لأنّ العقل جريمةٌ لا تُغتفر،

وأنت…
بين كل هذا — ما زلت تُطلق على نفسك: "أنا".
رغم أنّ الاسم تآكل،
ورغم أنّ الصورة تشوّشت،
ورغم أنّ العالم أقسم أنّك لم تُولَد بعد.

لكن اسمع:
الذين لا تُرى أقدامهم في التراب…
هم الذين سيبنون الطريق من جديد.
الذين لا يحملون جوازات اعتراف…
هم الذين سيُعيدون تعريفَ الوطن.
والذين ماتوا مرتين — مرةً بالواقع، ومرةً بالانتظار —
هم أحياء بجرأة لا تُقاس:
يحملون في جوفهم بذرةَ زمنٍ قادم…
زمن لن يُسمح فيه للرصاصة أن تتكلّم قبل الإنسان.

فامضِ.
لا كمَن يطلب الإذن بالحياة…
بل كمن يخطفها — بيدين مفتوحتين،
كأنّك تقبضُ على فجرٍ لم يُطلِق بعدُ طلقةَ البداية.

لأنّ الذي يحمل في جسده رائحةَ وطنٍ مهدور…
هو نفسه من سيزرعُ وطنًا لا يُهدَر.

الحياةُ ليست ما أعطوك…
بل ما ستأخذه — بجرأةِ المَولودِ الذي يصرخُ أولَ صرخةٍ في عالمٍ نسي كيف يصرخ.



#عادل_الدول (هاشتاغ)       Adil_Al_Dool#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحسد: رحلة الشعور الأزلي من الأسطورة إلى الخوارزمية
- أنت والحظ: حين تنحرف المعادلة عن قوانينها
- المأزق الثقافي العربي: بين العجز والنهوض
- الألم... ميلادٌ لا ينتهي
- العصر الأسود: أغنية الشاشات المغلقة
- العراق: هشاشة الدولة وأزمة الهوية الوطنية
- سجون عقولنا غير المرئية: كيف تُديرنا معتقدات الطفولة القديمة ...
- التغيير الإيجابي والمستدام: في معنى التكيّف الهوياتي
- البشتون وإسرائيل: بين الأسطورة التوراتية وأدوات المشروع السي ...
- عندما يُشلّنا الخوف من الخطأ: من تبرير النية إلى امتلاك الأث ...
- هل يحتاج العالم العربي إلى ديمقراطية... أم إلى رؤية جديدة لد ...
- قانون جانتي: يُقلّل من الحسد الطبقي، ويُعزّز التماسك الاجتما ...
- هوليوود تُعيد كتابة سرديّتها: حين يكسر النجوم صمتهم عن فلسطي ...
- التسامح مع عدم اليقين
- الإنسان في عصر البيانات الرقمية: بين الوعي والسيطرة
- يطير الملفوظ... ويبقى المكتوب
- الجذور في الجحيم: في معنى المعاناة كطريقٍ للتحول
- الوساطة منهج فكري وثقافة مؤسسية
- مؤشر مايرز بريجز للأنماط (MBTI) و 16 نوعاً من الشخصية
- تعلم مهارات التعاطف والشفقة على الذات في المدرسة


المزيد.....




- الأونروا تطالب بترجمة التأييد الدولي والسياسي لها إلى دعم حق ...
- أفراد من عائلة أم كلثوم يشيدون بفيلم -الست- بعد عرض خاص بمصر ...
- شاهد.. ماذا يعني استحواذ نتفليكس على وارنر بروذرز أحد أشهر ا ...
- حين كانت طرابلس الفيحاء هواءَ القاهرة
- زيد ديراني: رحلة فنان بين الفن والشهرة والذات
- نتفليكس تستحوذ على أعمال -وارنر براذرز- السينمائية ومنصات ال ...
- لورنس فيشبورن وحديث في مراكش عن روح السينما و-ماتريكس-
- انطلاق مهرجان البحر الأحمر السينمائي تحت شعار -في حب السينما ...
- رواية -مقعد أخير في الحافلة- لأسامة زيد: هشاشة الإنسان أمام ...
- الخناجر الفضية في عُمان.. هوية السلطنة الثقافية


المزيد.....

- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل الدول - في انتظار أن يصبح سببًا