أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - حسن صالح الشنكالي - لماذا لا يحدث التغيير في مدارسنا؟














المزيد.....

لماذا لا يحدث التغيير في مدارسنا؟


حسن صالح الشنكالي
كاتب وباحث تربوي واجتماعي

(Hassan Saleh Murad)


الحوار المتمدن-العدد: 8538 - 2025 / 11 / 26 - 18:47
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


التغيير في مدارسنا لا يزال عالقاً بين رغبة خجولة في الإصلاح وواقع يتشبث بماضيه ويرفض التحرك نحو المستقبل. فعلى الرغم من أن العالم يتغير بسرعة مذهلة، ما زلنا نتعامل مع التعليم وكأنه قالب ثابت لا يجوز الاقتراب منه أو إعادة التفكير فيه. الفرد العراقي بطبيعته يميل إلى التشبث بفكره، ويصر على أن ما يقوم به هو الصواب، حتى وإن أثبت الزمن أن تلك الممارسات أصبحت خارج سياق العصر.

من خلال سفرياتي إلى أوروبا، وبالتحديد ألمانيا والنرويج وفرنسا، كشفت حجم الفجوة بين ما ندرسه وما يتعلمه الطالب هناك. فالطالب في تلك الدول يعيش التعليم كحياة وليس كمجرد شهادة؛ يدخل المختبر قبل أن يحفظ التعريف، ويجرب قبل أن يكرر، ويستخدم التقنيات الحديثة منذ نعومة أظفاره. أما نحن، فما زلنا ندور ضمن روتين تعليمي لم يتغير فعلياً منذ عقود، يحاول أن يخاطب جيل الذكاء الاصطناعي بعقلية عصر الطباشير.

التعليم عندنا ما زال أسيراً لعقلية الشهادة والوظيفة، لا للإبداع والبحث. نقرأ لننجح في الامتحان، لا لنفهم؛ نحفظ النصوص، ولا نلمس جوهر الفكرة؛ نكرر التعاريف، ولا نقترب من التجربة الحية التي تبني عقل الطالب القادر على الابتكار. هنا تظهر مشكلة أخرى: نحن نهتم بما نريد نحن، لا بما يحتاجه الطالب فعلياً. فالطالب ليس وعاءً نملؤه بالمعلومات، بل عقل نكشف طاقاته ونبني ملامح شخصيته ومستقبله.
أدوات التعليم لم تعد مقتصرة على الطالب والمنهج والمعلم. اليوم، الطالب يتعلم بالصورة والفيديو والمختبرات الافتراضية والتجارب التفاعلية، ويحتاج إلى تقنيات حديثة، ومنصات رقمية، وأساليب قائمة على التفكير والإبداع لا التلقين والتكرار.

ويجب أن يكون راتب المعلم والمدرس لائقًا بمكانته ويضمن حقوقه، فلا يجوز أن يقل عن مستوى يعكس دوره المهم في المجتمع. وعلى الدولة أن تعمل على إدخال جميع الكوادر التربوية في دورات تطويرية مستمرة لمواكبة التطورات، ويكون معيار تقييمهم مبنيًا على مشاركاتهم في التدريب وتطوير الذات.

ويتعين على أصحاب الشهادات العليا أن يكونوا خبراء في مجال تخصصهم، قادرين على نقل المعرفة إلى الطلاب، وتقديم البحوث العلمية في اختصاصاتهم. فالشهادة يجب أن تكون عملية ودليلاً على الخبرة والقدرة، لا مجرد وسيلة للامتيازات أو زيادة الرواتب.

كما يجب أن يعتاد كل من الدولة وأولياء الأمور على أن الرسوب حالة طبيعية لبعض الطلبة، وأنه لا يوجد دور ثالث للمرحلة المنتهية، لضمان مصداقية ورصانة الشهادة العراقية.

ومع ذلك، كل هذه الرؤى لن تتحقق ما لم يبدأ التغيير من داخل المؤسسة التربوية نفسها. فإذا أردنا إصلاحاً حقيقياً، يجب إبعاد وزارتي التربية والتعليم العالي عن المحاصصة السياسية، وإسناد المسؤولية إلى أهل الكفاءة والخبرة والإدارة المحترفة. الوزارة التي تُدار بالعلاقات لا تنتج تعليماً، والتي تختار بالولاء لا بالكفاءة لا يمكن أن تقود مشروع إصلاح وطني. التربية عمل دولة، والتعليم مشروع مستقبل، لا مشروع محاصصة.
حين يتحول التعليم من مجرد ورقة امتحان إلى حياة كاملة، ويُعاد الطالب إلى مركز العملية التعليمية، ويُبعد التأثير السياسي عن مفاصل التربية، يبدأ التغيير الحقيقي، ويصبح التعليم قوة تبني الإنسان بدلاً من أن يكون ضحية تناقضات السياسة.



##حسن_صالح_الشنكالي (هاشتاغ)       Hassan_Saleh_Murad#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرب الطقس… من القنبلة الذرية إلى التحكم بالمناخ كاداة نفوذ
- جلوس قادة الكُرد في دهوك: هل نحن مقبلون على خارطة جديدة؟
- عراق ما بعد الانتخابات: نتائج بلا أغلبية… ومشهد بلا بوصلة
- غياب المشروع الوطني… العراق بين وهم الوحدة وحقيقة الانقسام
- زهران عمدة نيويورك الجديد خليط متجانس
- هل رجل الدين لازال صمام أمان للمجتمع؟ وكيف تكون نظرته إلى ال ...
- الصدر مجددًا يعلن المقاطعة بين وهم المقاطعة وضرورة المعارضة
- الإيزيديون بين الدستور وواقع الإقصاء الانتخابي
- الانتخابات العراقيّة بين الشكوك والتوافق الإجباريّ
- تحولات الشرق الأوسط بين سقوط الأيديولوجيا وصعود الفرد
- بين الرموز والعبادة: قراءة في الإنسانية والدين في التراث الع ...
- العراق بين صناديق الاقتراع ومأزق الطائفية
- الدرس التاسع : كيف نفهم الدرس بسهولة
- الدرس العاشر: مستقبل التعليم في ظل الذكاء الاصطناعي
- التعليم والاقتصاد… هدر الطاقات في وطنٍ حائر
- دروس في التربية / الدرس الثاني
- دورس في التربية / الدرس الثالث
- دروس في التربية / الدرس الرابع
- دروس في التربية / الدرس الخامس
- دروس في التربية / الدرس السادس


المزيد.....




- هجمات داعش تستهدف إقليمًا غنيًا بالغاز في شمالي موزمبيق
- سوريا.. قتلى بانفجار مجهول في مستودع ذخيرة بمحافظة إدلب
- إنقاذ أسرة من 5 أفراد من سطح منزل وسط فيضانات شديدة في -هات ...
- إدانة ساركوزي.. القضاء الفرنسي يقطع الشك باليقين
- زيارة عراقجي إلى باريس: نحو انفتاح إيراني على المطالب الأورو ...
- الرئيس التونسي قيس سعيّد يستدعي سفير الاتحاد الأوروبي.. ما ا ...
- سوريا: مقتل خمسة أشخاص جراء انفجار مستودع سلاح في إدلب
- بريطانيا : نايجل فاراج يقود حزب -إصلاح المملكة المتحدة- إلى ...
- إطلاق نار قرب القصر الرئاسي في غينيا بيساو عشية الإعلان عن ن ...
- طنين أحجار -نبع الفيجة- يروي قصة عطش دمشق


المزيد.....

- أساليب التعليم والتربية الحديثة / حسن صالح الشنكالي
- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - حسن صالح الشنكالي - لماذا لا يحدث التغيير في مدارسنا؟