حسن صالح الشنكالي
كاتب وباحث تربوي واجتماعي
(Hassan Saleh Murad)
الحوار المتمدن-العدد: 8509 - 2025 / 10 / 28 - 00:00
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية في العراق، يزداد الحديث عن مدى شفافيّة العملية الانتخابية وقدرتها على تحقيق التغيير السياسي الحقيقي. بين مؤيّد يشدد على أهمية الديمقراطية، ومعارض يرى في العملية مجرد إعادة توزيع للسلطة، يبقى السؤال الأبرز: هل ستتم الانتخابات فعلاً، وهل ستثمر حكومة تستطيع إدارة البلد بفعالية؟
يُشاع على لسان بعض المنجّمين والمعارضين أنّ الانتخابات في العراق لن تتمّ، غير أنّي أرى العكس تمامًا، فالانتخابات ستجري في أجواء ديمقراطيّة وحرّة إلى حدٍّ كبير، مع احتمال وقوع بعض الخروقات المحدودة المتعلّقة بشراء الأصوات فقط. لكن ما نخشاه حقًّا هو لجوء الكتل الخاسرة بعد إعلان النتائج إلى وسائل غير مشروعة أو إثارة مشكلات أمنيّة قد تعكّر صفو العمليّة الانتخابيّة وتضع البلاد في حالةٍ من التوتّر وعدم الاستقرار.
أمّا المشكلة الثانية، فتتمثّل في إجبار الكتل السياسيّة على تشكيل حكومة تضمّ الجميع دون وجود معارضة حقيقيّة، وذلك بسبب العجز الدائم عن تحقيق أيّ كتلةٍ للأغلبيّة المطلوبة لتشكيل الحكومة الجديدة. فاختيار رئيس الجمهوريّة يتطلّب تصويت ثلثي أعضاء البرلمان، استنادًا إلى المادّة (70) من الدستور العراقيّ التي تنصّ على أنّ:
“ينتخب مجلس النواب من بين المرشّحين رئيسًا للجمهوريّة بأغلبية ثلثي عدد أعضائه.”
وهذا النصّ يجعل العمليّة السياسيّة برمّتها تُرغم جميع الكتل على المشاركة في انتخاب الرئيس، وإلّا فلن تُستكمل الخطوة التالية المتمثّلة بتكليف رئيس الجمهوريّة لمرشّح الكتلة النيابيّة الأكبر بتشكيل الحكومة، وفقًا للمادّة (76) من الدستور. وبذلك تتحوّل المشاركة في انتخاب رئيس الجمهوريّة إلى فريضة سياسيّة ودستوريّة لا يمكن تجاوزها، لأنّ تعطيلها يعني تعطيل الدولة برمّتها وتأخير تشكيل الحكومة الجديدة.
وبناءً على ذلك، سيتمّ توزيع الحقائب الوزاريّة بين الكتل كالعادة، وفق مبدأ المحاصصة السياسيّة الذي أصبح عرفًا ثابتًا في النظام السياسيّ العراقيّ، رغم ما يخلّفه من شللٍ في الأداء الحكوميّ وتشتّتٍ في المسؤوليّات وتضاربٍ في الرؤى بين الشركاء في السلطة.
إنّ استمرار هذه المعادلة السياسيّة المغلقة يجعل من أيّ انتخاباتٍ قادمةٍ مجرّد تجديدٍ للوجوه ضمن الإطار ذاته، لا تغييرًا حقيقيًّا في بنية الحكم أو في طبيعة الإدارة، وما لم تُستحدث معارضة وطنيّة مسؤولة تراقب الأداء وتكشف مواطن الخلل، فإنّ الحديث عن إصلاحٍ سياسيّ سيبقى في حدود الشعارات فقط .
##حسن_صالح_الشنكالي (هاشتاغ)
Hassan_Saleh_Murad#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟