أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حسن صالح الشنكالي - رائحة الطين














المزيد.....

رائحة الطين


حسن صالح الشنكالي

الحوار المتمدن-العدد: 8419 - 2025 / 7 / 30 - 04:54
المحور: كتابات ساخرة
    


في عام 1975، وبعد فشل اتفاق الحكم الذاتي، تم ترحيلنا قسرًا إلى مجمعات طينية، بتهمة “التبعية الكردية”.
كنا نغادر قُرانا بلا وداع، نحمل الخوف في يد، والخبز اليابس في اليد الأخرى.

لكن الغريب… أن الدولة آنذاك كانت تحاول أن تكون “مدنية”.
مدنية بطريقتها الخاصة: تهتم بالتعليم والصحة، ترسل سيارة سينما متنقلة لتعرض أفلامًا على جدار سوق المجمع، وتدعو فناني الموصل لعرض مسرحية في مدرسة لم تُكمل أسبوعها الأول من الوقوف.

كنت تلميذًا في الصف السادس حين أوصاني معلم التاريخ بأن أتولى مسؤولية “الثقافة والتوعية” ضمن منظمة الطلائع.
كنت أوزّع كتبًا من مكتبتنا الصغيرة، الغنية بالقصص والجرائد الموجهة للأطفال، مثل جريدة المسمار. كنت أؤمن أن تلك القصاصات الورقية كانت تصنع لنا أجنحة نطير بها بعيدًا عن واقع الطين والتُهَم المعلّقة على صدور أهلنا.

كنا لا نعرف شيئًا اسمه “الطائفية”.
نبني بيوت بعضنا بـ”الفزعة”، نضحك ونأكل معًا، نحمي الجار، ونكرم الضيف، ونتقاسم الخبز والخوف.
نعم، كنا بسطاء، لا نعرف النفاق، ولا نمارس الكذب، نعتبر حماية الدخيل واجبًا لا يُساوَم عليه.

ثم تغيّر شيء ما في هذا البلد.

جاء من قال لنا إننا “ناقصو دين”، وإن أجدادنا عاشوا في ظلام لأنهم كانوا صادقين أكثر مما ينبغي…
لا يعرفون الغدر، ولا الخيانة، ولا حتى الصلاة.
فانطلقت الحملة الإيمانية، ولم نعد كما كنّا.

صرنا نتمسك بالطائفة، وننسى الإنسان.
نحفظ الفقه، وننسى الفزعة.
نصلي كثيرًا، ونحب قليلًا.
نتدين أكثر، ونتراحم أقل.

صرنا نقتل بعضنا على التأويل والتفسير، ونكفّر بعضنا لنكسب جنةً…
جنةً فقدها أجدادنا فقط لأنهم كانوا بسطاء.
لا يعرفون الكذب، ولا الكراهية، ولا حتى الصلاة.
لا يحجّون، بل يطوفون حول أسوار العراق،
يتبركون بترابه،
ويتطهرون بماء دجلة والفرات



#حسن_صالح_الشنكالي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين يُذبح الوطن باسم الدين، وتصمت الإنسانية
- الشرق الأوسط والحروب القادمة: غياب الوعي في زمن التفوق العسك ...
- حيادكم قد يُنقذنا: نداء مفتوح إلى الحكومة والشعب
- اسباب عدم تأهل منتخبنا ( العراقي) المباشر لنهائيات كاس العال ...
- لماذا نخاف من تطبيق الدستور؟ الفدرالية بين النص المعطّل وواق ...
- بين العباءة والعدالة: حين تُنتَهك الكرامة باسم الدين
- المُجرَّب يُجرَّب والفساد يستشري… فابتعدت المرجعية وتمادى ال ...
- بين رفاة الذاكرة وخرائب الحاضر: الإيزيديون بين الألم المنسي ...
- سلام على ارض الرافدين
- من رشيد عالي الكيلاني إلى محمد شياع السوداني: جبهة خارجية مو ...
- الجيش السوري الجديد
- ما فائدة العراق من القمة المزمع عقدها في بغداد؟
- السودان والتطبيع مع اسرائيل
- عن الصراع العربي الاسرائيلي اتحدث
- ماذا فعلت الحكومة في ذكرى ابادة الايزيديين
- الحب الابدي
- عن الصراع العربي اتحدث
- بطل من ورق
- كون فو
- الايزيديون والاستفتاء


المزيد.....




- لجنة الشهداء ترفض قائمة السفراء: أسماء بعثية ومحسوبية تهدد ن ...
- رحيل الممثل المصري لطفي لبيب عن عمر ناهز 78 عاما
- تحوّلات مذهلة لفنان حيّرت مستخدمي الإنترنت.. وCNN تكشف ما ور ...
- مدير مهرجان أفينيون يشرح أسباب اختيار اللغة العربية كضيفة شر ...
- عنوان: مهرجان أفينيون يحتفي باللغة العربية بالشعر والرقص
- اكتشاف بصمة يد تعود إلى 4 آلاف عام على قطعة جنائزية مصرية
- -عائلة فوكر تتوسع-.. الإعلان عن موعد عرض الجزء الرابع من فيل ...
- الهادي آدم.. الشاعر السوداني الذي كتب لفلسطين و غنت له أم كل ...
- -صاحب البهجة-.. وفاة الفنان المصري الشهير لطفي لبيب
- منهم أحمد زايد والفلسطيني سليمان منصور.. مصر تعلن الفائزين ب ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حسن صالح الشنكالي - رائحة الطين