حسن صالح الشنكالي
الحوار المتمدن-العدد: 8387 - 2025 / 6 / 28 - 14:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الصين قادمة بقوة، وقد بات واضحًا أنها تسعى إلى احتلال موقع الصدارة العالمية، وربما تحلّ محلّ الاتحاد السوفيتي السابق، مزاحمةً بذلك مكانة روسيا في ميزان القوى الدولي. غير أن الصين، رغم امتلاكها لترسانة عسكرية هائلة، لا تميل إلى خيار الصدام مع الولايات المتحدة. فهي تدرك أن أية حرب كبرى ستُعرضها لخسائر لا تُعوّض، ليس فقط على مستوى الأرواح، بل في مكانتها الاقتصادية والتنموية، وقدرتها على الاستمرار في مشروعها الحضاري الذي بُني على التراكم السلمي والانفتاح المدروس.
لقد آثرت بكين المضي في مشروعها بهدوء، متجنّبة الصدام المباشر، لأن أي حرب “مصيرية” – حتى وإن ربحتها – ستعيدها خطوات وربما عقودًا إلى الوراء. فالحرب، بطبيعتها، ليست نصرًا مجانيًا، بل فاتورة باهظة الثمن، لا تحتملها حتى الدول العظمى إن كانت تقيس نجاحها برفاه شعبها واستقرار أسواقها.
أما روسيا، فقد وجدت نفسها بعد حرب أوكرانيا أمام واقع مغاير لحساباتها، وربما تركت لها هذه الحرب درسًا قاسيًا يمنعها من التورط في نزاعات جديدة، بعد أن تآكلت مواردها وتقلّصت مساحة المناورة أمامها دوليًا.
لكن ما يُثير القلق اليوم حقًا، هو الشرق الأوسط. هذه المنطقة، التي تعاني من هشاشة في البنية السياسية والاجتماعية، ومن ضعف في الوعي الجمعي، قد تكون ساحة الحروب القادمة. إذ يغيب فيها صوت الحكمة، ويعلو فيها صراخ السلاح والانقسام، وتُساق الشعوب إلى محرقة الحروب تحت رايات طائفية أو قومية أو حتى “وطنية” زائفة، لا تنتج سوى مزيدٍ من الفقر والموت والتشريد.
ما يزيد الأمر تعقيدًا هو ثقافة “الانتصار الزائف”، حيث يتسابق كل حاكم إلى إعلان النصر فور توقف القتال، حتى وإن خسر كل شيء، ويُروَّج لهذا الوهم على أنه إنجاز تاريخي. بينما الحقيقة أن الحرب، خاصة في هذا العصر، لم تعد صراع جندي أمام جندي، أو مواجهة محدودة في جبهات تقليدية؛ بل صارت حروب إبادة شاملة، تُستهدف فيها البنى التحتية والمدن والسكان، بلا تمييز.
إن ما نخشاه ليس فقط اندلاع الحروب، بل طبيعتها الجديدة، التي لا تترك مجالًا لحياة بعدها، ولا تُبقي لمجتمعٍ ملامح. والكارثة أن هذه الحروب قد تُشنّ في مناطق ما تزال تفتقر إلى أبسط مقومات الوعي، وتُدار بعقلية العصور الغابرة، في زمنٍ تحكمه تقنيات الدمار الشامل
#حسن_صالح_الشنكالي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟