أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - حسن صالح الشنكالي - بين رفاة الذاكرة وخرائب الحاضر: الإيزيديون بين الألم المنسي والعدالة المؤجَّل














المزيد.....

بين رفاة الذاكرة وخرائب الحاضر: الإيزيديون بين الألم المنسي والعدالة المؤجَّل


حسن صالح الشنكالي

الحوار المتمدن-العدد: 8350 - 2025 / 5 / 22 - 13:55
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


نحن الإيزيديين، لم نستوعب بعدُ دروس الفرمان الذي نخَرَ البنية المجتمعية والعقائدية لدينا. أحد عشر عاماً مرّت على كارثة الثالث من آب 2014، لكننا لم نعد كما كنّا؛ لا على مستوى الوعي، ولا على مستوى السلوك الجمعي، ولا حتى على مستوى الإعمار وإعادة تأهيل ما دمّره تنظيم داعش الإجرامي، وما خلّفه من آثارٍ سلبيةٍ ستمتد لعقود قادمة.

مرّت السنوات، وتبدّل المشهد، لكن الجراح بقيت مفتوحة. قبل الفرمان كنّا نرقص (ندبك) في الساحات الترابية، تحيط بمجمعاتنا السكنية سواتر دفاعية تحرسنا من المفخخات، نضحك رغم الدموع، ونُصرّ على الحياة رغم سطوة الموت. كنّا بسطاء كحزننا، متشبّثين بجذورنا رغم الألم، نعيش بمعايير الكرامة لا المظاهر.

أما اليوم، فقد تحوّل كل شيء. صرنا نرقص(ندبك) في قاعات فخمة من فئة الخمس نجوم، تحيط بها رفاة المغدورين في المقابر الجماعية. نحتفل بسطح الحياة، بينما لا تزال أعماقنا تنزف. صار الألم مؤطّراً في صورٍ باهتة، والقضية تميل نحو التراجع، بل لحد النسيان، كأن الزمن كفيل بمحو الذاكرة، وكأن الجراح تُشفى بالمظاهر.

وما يزيد من مرارة المشهد أن أهل شنكال ما زالوا مشتتين بين الهجرة والنزوح، دون أن يلوح في الأفق مشروع جاد لإعادة تأهيل البنية التحتية أو إعادة الحياة إلى المدن المدمّرة. فلا الحكومات أظهرت أولوية حقيقية لمعالجة ما تبقى من شنكال، ولا ممثلونا حملوا الوجع بصدق ومسؤولية.

المفارقة المؤلمة أن الحكومة تسارع إلى مدّ يد العون إلى شعوب أخرى في غزة، وجنوب لبنان، وسوريا، بينما يتناسى الجميع فاجعتنا في شنكال، كأنها صفحة طُويت من كتاب التاريخ. نحن مع قضايا الشعوب، ومع نصرة المظلومين أينما كانوا، لكن من باب الواجب الأخلاقي والوطني، نحن أولى من غيرنا بالمساعدة. جراحنا أولى بالعلاج، وأحلامنا أولى بالتحقق، وخرائبنا أولى بالإعمار.

منذ حربَي الخليج الأولى والثانية ولحد الان ، لم نجد دولةً تساندنا بصدق، ولم نر مشروعًا وطنيًّا حقيقيًا يُعيد لنا شيئاً من الحياة الكريمة. بقينا وحدنا، نعالج ذاكرتنا بالحزن، ونُرمم بيوتنا بالأمل، ونُراهن على ضمائر لم تستفق بعد.

لكن الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها، أن من لا يتعلّم من الألم، يُعيد مأساته بثوبٍ جديد، لا سمح الله. وإن الصمود لا يعني فقط أن نبقى على قيد الحياة، بل أن نعيد تعريف الحياة ذاتها بعد كل هذا الموت. أن نتذكّر لا كعبءٍ على صدورنا، بل كواجبٍ تجاه من رحلوا، وتجاه من لم يولدوا بعد. أن لا نبيع الذاكرة بثمن الترف، ولا نستبدل الجذور بالأضواء. فالثبات على الحقّ لا يقاس بعدد الحفلات، بل بعدد الضمائر التي ما زالت ترفض أن تطبّع مع النسيان.



#حسن_صالح_الشنكالي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلام على ارض الرافدين
- من رشيد عالي الكيلاني إلى محمد شياع السوداني: جبهة خارجية مو ...
- الجيش السوري الجديد
- ما فائدة العراق من القمة المزمع عقدها في بغداد؟
- السودان والتطبيع مع اسرائيل
- عن الصراع العربي الاسرائيلي اتحدث
- ماذا فعلت الحكومة في ذكرى ابادة الايزيديين
- الحب الابدي
- عن الصراع العربي اتحدث
- بطل من ورق
- كون فو
- الايزيديون والاستفتاء
- من المسؤول على ما ال اليه العراق
- مرور الذكرى الثالثة للابادة الايزيدية 3/8/2014
- قادة العراق يعرضون لعب دور في حل مشاكل الخليج
- الخلافات في المجتمع الايزيدي مفروضة عليه
- دراسة لواقع الاقليات ما بعد داعش
- هل سيكون البيان الختامي للجامعة العربية كما يلي
- الاغلبية الصامتة والاقلية المهمشة
- الملك جبريل هو طاووس ملك


المزيد.....




- قطر عن مقتل اثنين من موظفي سفارة إسرائيل بواشنطن: -نرفض الإر ...
- ليبيا - نواب يقترحون تشكيل حكومة مصغرة لفترة مؤقتة
- عقوبات أمريكية على السودان بسبب -استخدام أسلحة كيماوية-
- وزيرة الأمن الداخلي الأمريكية تهدد الجامعات بإجراءات إذا سمح ...
- مصر.. تدخل دبلوماسي بعد فيديو اعتداء كفيل سعودي على عمال مصر ...
- 72 شهيدا بغزة وحماس تحذر من إقامة معسكرات اعتقال
- المغرب بعيون إسكندرانية.. من فاس للقاهرة في رحلة عبر مراكش
- مناورات إيران وأذربيجان العسكرية.. تعاون أمني أم رسائل إسترا ...
- لحظة استهداف الجيش الإسرائيلي لمبنى في بلدة تول جنوب لبنان
- سلسلة غارات إسرائيلية على مناطق في الجنوب والبقاع في لبنان


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - حسن صالح الشنكالي - بين رفاة الذاكرة وخرائب الحاضر: الإيزيديون بين الألم المنسي والعدالة المؤجَّل