أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - حسن صالح الشنكالي - هل يشهد العراق حرب مياه في العقد القادم؟














المزيد.....

هل يشهد العراق حرب مياه في العقد القادم؟


حسن صالح الشنكالي

الحوار المتمدن-العدد: 8436 - 2025 / 8 / 16 - 14:03
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


منذ عقود يتردد السؤال الخطير: هل سيأتي يوم يدخل فيه العراق حروبًا بسبب المياه؟ وما يزيد الأمر إلحاحًا أن نهرَي دجلة والفرات، شريانَي الحياة، يتعرضان اليوم لأخطر تهديد وجودي في تاريخ العراق الحديث.

لقد أدرك الزعيم الراحل عبدالكريم قاسم هذه الحقيقة باكرًا، فوضع خطة طموحة لإنشاء أكثر من مئتي سد وخزان على الأنهار والروافد العراقية، لضمان خزن المياه وتنظيم استهلاكها. غير أن الأقدار لم تمهله، فتتابعت الانقلابات والثورات، حتى جاء حكم البعث الذي انشغل بحروب متواصلة؛ حرب داخلية مع الأكراد، ثم حرب طويلة مع إيران، أعقبها غزو الكويت وما تلاه من حصار مدمر أنهك الدولة وأوقف عجلة الإعمار. وفي تلك الحقبة، أُنجزت بعض السدود المهمة مثل سد الموصل وحديثة ودوكان ودربنديخان، لكنها بقيت مشاريع محدودة لا ترقى إلى الرؤية الاستراتيجية الكبرى التي وضعها عبدالكريم قاسم، فظل العراق بعيدًا عن استثمار ثروته المائية الهائلة.

بعد عام 2003، كان الأمل أن تنطلق مشاريع استراتيجية تعيد الاعتبار للموارد المائية، لكن الحكومات المتعاقبة لم تُنجز سدًا واحدًا ذا قيمة، ولم تعتمد أي خطة وطنية شاملة. والنتيجة أن كل ما يصلنا من مياه الأنهار يُهدر ليصب في الخليج، دون أن يُخزن أو يُستثمر، فيما يزداد سكان العراق عددًا، وتزداد حاجتهم للماء للشرب والزراعة والصناعة.

وفي زياراتي لألمانيا، وفي مقارنة بسيطة بين حالهم وحالنا، رأيت أن كل مدنهم تكاد لا تخلو من نهر أو قناة مائية، تُستخدم للنقل والزراعة والصناعة، حتى غدت شبكة حياة متكاملة تخدم الإنسان والاقتصاد معًا. هناك حتى المياه الثقيلة يتم معالجتها، ولديهم شبكة متكاملة للصرف الصحي ومياه الأمطار، بحيث لا تجد بعد الأمطار الغزيرة أي تجمع مائي يعرقل حركة الناس أو المدينة. ألمانيا، التي دُمّرت مرتين في الحربين العالميتين، وتملك منفذًا بحريًا واحدًا مثل العراق، استطاعت أن تضع خططًا استراتيجية كبرى للاستفادة من كل قطرة ماء، بينما العراق، بلد دجلة والفرات، يقف اليوم على حافة العطش.

من جانب آخر، تتعامل تركيا وإيران مع المياه كأداة استراتيجية. فتركيا تبني سدود مشروع “GAP” العملاق، وتعتبر التحكم بالمياه ورقة نفوذ إقليمي، فيما حوّلت إيران مجاري العديد من روافد دجلة إلى داخل أراضيها. صحيح أن شعوب هذه الدول تعاني أيضًا من الجفاف والتغير المناخي، لكن هذا لا يبرر حرمان العراق من حصته الطبيعية.

النتيجة واضحة: إذا استمرت الحال كما هي، فإن العقد القادم قد يشهد انهيارًا زراعيًا شاملًا، وربما نزاعات إقليمة على المياه، قد لا تكون عسكرية مباشرة، لكنها ستُمارَس كابتزاز وضغط دائم. والأسوأ أن الأزمة ستدفع سكان الأرياف، وهم عماد الزراعة، إلى الهجرة نحو المدن المكتظة أصلًا، لتنشأ أزمات بطالة وسكن وخدمات، وقد يضطر بعض المواطنين في النهاية إلى ترك بلدهم والبحث عن ملاذٍ في الخارج، ما يجعل أزمة المياه قضية وجود وطن لا مجرد أزمة خدمات.

الحل لا يكون بالشكوى، بل عبر إرادة سياسية وخطة وطنية، تشمل:
1. بناء سدود وخزانات استراتيجية جديدة على الأنهار، واستغلال مياه الأمطار والثلوج في الجبال بإنشاء سدود كبرى تمنع الهدر وتوفر خزينًا استراتيجيًا للمواسم الجافة.
2. تحديث أنظمة الري واعتماد الأساليب الحديثة بدل الهدر التقليدي.
3. فتح قنوات بحرية من الخليج إلى مدن جنوب العراق، بما ينعش النقل البحري ويخلق ربطًا اقتصاديًا وحيويًا بين المياه والمجتمع.
4. الدخول في اتفاقيات دولية ملزمة لإطلاق الحصص المائية.
5. تفعيل الضغط الدبلوماسي عبر المجتمع الدولي.

إن الخطر ليس في قلة المياه وحدها، بل في سوء إدارتها. وإذا لم يتحرك العراق اليوم، فالمستقبل لن يحمل له خيرات دجلة والفرات، بل عطشًا وهجرةً قد تتحول إلى حرب وجود



#حسن_صالح_الشنكالي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رائحة الطين
- حين يُذبح الوطن باسم الدين، وتصمت الإنسانية
- الشرق الأوسط والحروب القادمة: غياب الوعي في زمن التفوق العسك ...
- حيادكم قد يُنقذنا: نداء مفتوح إلى الحكومة والشعب
- اسباب عدم تأهل منتخبنا ( العراقي) المباشر لنهائيات كاس العال ...
- لماذا نخاف من تطبيق الدستور؟ الفدرالية بين النص المعطّل وواق ...
- بين العباءة والعدالة: حين تُنتَهك الكرامة باسم الدين
- المُجرَّب يُجرَّب والفساد يستشري… فابتعدت المرجعية وتمادى ال ...
- بين رفاة الذاكرة وخرائب الحاضر: الإيزيديون بين الألم المنسي ...
- سلام على ارض الرافدين
- من رشيد عالي الكيلاني إلى محمد شياع السوداني: جبهة خارجية مو ...
- الجيش السوري الجديد
- ما فائدة العراق من القمة المزمع عقدها في بغداد؟
- السودان والتطبيع مع اسرائيل
- عن الصراع العربي الاسرائيلي اتحدث
- ماذا فعلت الحكومة في ذكرى ابادة الايزيديين
- الحب الابدي
- عن الصراع العربي اتحدث
- بطل من ورق
- كون فو


المزيد.....




- لعبة لطالما ارتبطت بكبار السن وتلقى رواجًا بين شباب بريطانيا ...
- وصفها بأنها -محرجة-.. استمع لما قاله مذيع CNN عن قمة ترامب و ...
- مصمّمة نيجيرية تخطف الأنظار عالميًا بأزياء هندسية مستوحاة من ...
- -أوهام عدوانية-.. رغد صدام تعلق على تصريحات نتنياهو عن -إسرا ...
- وثيقة سرية على مكتب نتنياهو.. حماس قد توافق على صفقة جزئية ت ...
- ترامب يتنمّر على الحلفاء والرؤساء
- ظروف صعبة يعيشها كبار السن في غزة نتيجة الحصار والتجويع
- كبريات الصحف الأميركية تجمع على انتقاد قمة ترامب وبوتين بألا ...
- هآرتس: سموتريتش محق وخطة الاستيطان الجديدة ستدفن الدولة الفل ...
- تعرف على أبرز المبادرات التي سعت إلى وقف حرب روسيا على أوكرا ...


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - حسن صالح الشنكالي - هل يشهد العراق حرب مياه في العقد القادم؟