أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن صالح الشنكالي - بين الرموز والعبادة: قراءة في الإنسانية والدين في التراث العربي














المزيد.....

بين الرموز والعبادة: قراءة في الإنسانية والدين في التراث العربي


حسن صالح الشنكالي
كاتب وباحث تربوي واجتماعي

(Hassan Saleh Murad)


الحوار المتمدن-العدد: 8498 - 2025 / 10 / 17 - 18:15
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لطالما أُثيرت جدالات حادة حول العرب قبل الإسلام : هل كانوا يعبدون الأصنام؟ وهل كانت طقوسهم مجرد شركٍ بالله؟ لكن بعد اطلاعٍ واسع على المصادر التاريخية والأدبية، وجدت أن الواقع أعقد وأعمق مما يُصوَّر عادة.

فالعرب لم يعبدوا الحجر بذاته، بل كانوا يقدّسون المعنى الذي يرمز إليه الحجر. فاللات والعزّى ومناة لم تكن مجرد تماثيل جامدة، بل كانت رموزًا لصفات إلهية عليا، تجسيدًا لقوة مطلقة يُدركها الإنسان بعجزه عن إدراك المطلق بلا رمز. حين كان العربي يحلف: “ورب العزّة”، لم يكن يقصد صنماً من حجر، بل كان يقصد الخالق الأعلى، رب القوة والكرامة.

وقد أكدت الدراسات التاريخية أن العرب قبل الإسلام كانوا يعرفون الله هو الإله الأعلى الحقيقي، الواحد الخالق، مالك الكون والمستحق للعبادة وحده. ومع هذا الاسم كان هناك استخدام لألقاب وصفات أخرى مثل “رب العزّة” و”مناة” و”اللات”، للتعبير عن صفات الله العليا أو قدرته في الطبيعة والحياة، وليس كآلهة مستقلة. فهذه الأسماء لم تكن تعددًا للآلهة، بل تنويعًا في اللغة والرموز لتقريب الفهم البشري للعلي الأعلى.
وهذا النمط الإنساني لا يقتصر على العرب وحدهم، بل يمتد إلى طقوس الإيزيديين والمسيحيين والمسلمين - الشيعة والصوفية وكذلك السنة - وسائر الشعوب. فالطقوس ليست شركاً كما يزعم بعض المتطرفين، بل لغة رمزية تعبّر عن الشوق الإنساني إلى الله. ما حاشا الخالق أن يُشرك معه حجرٌ أو رمزٌ جامد؛ فالله أجلّ وأعظم من أن يُحدَّه شكل، وحتى الكعبة التي يطوف المسلم حولها ليست معبودة، بل رمزٌ لاتجاه القلب ووحدة التوحيد.

الأمر الأهم، ما كشفته المصادر الأدبية والتاريخية عن العرب قبل الإسلام، هو أنهم كانوا موحدين بالفطرة، يؤمنون بإله أعلى يسمّونه “رب العزّة”، وكانوا أهل مروءة وشهامة وكرم، يكرمون الضيف ويحفظون الأمانة وينبذون الغدر والخيانة. هذه الصفات تتجلّى في الشعر الجاهلي، وهو إرثٌ صادق يفيض بالكرم والنخوة والعزّة، صفات نفتقدها اليوم في زمنٍ طغت فيه المظاهر على الجوهر، وكثر فيه ادّعاء الإيمان وقل الإخلاص.

إن الطقوس والرموز إذن ليست هي الدين، بل وسائل يسلكها الإنسان ليقترب من الغيب، والتفريط في معناها أو حصرها في الشكل يؤدي إلى سوء الفهم. الإيمان الحقيقي يكمن في القلب والروح والنوايا الصافية، وليس في الحجر أو الطقس وحده.

ولذلك، فإن أهم ما يمكن أن نستخلصه من هذا التراث هو دعوة للتأمل: قبل أن نحكم على طقوس الآخرين أو على رموز أجدادنا، لنسأل أنفسنا: ما الذي تبحث عنه الروح البشرية؟ وكيف نحافظ على الجوهر وسط تنوع المظاهر؟
الرموز، مهما اختلفت، تظل طرقًا صادقة للوصول إلى الله، إذا فهِمت بوعيٍ وإخلاص. وفي النهاية، كل طقس صادق هو طريق إلى الحقيقة، وكل رمز يحمل في طياته دعوة للارتقاء بالإنسان نحو ما هو أسمى.



##حسن_صالح_الشنكالي (هاشتاغ)       Hassan_Saleh_Murad#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق بين صناديق الاقتراع ومأزق الطائفية
- الدرس التاسع : كيف نفهم الدرس بسهولة
- الدرس العاشر: مستقبل التعليم في ظل الذكاء الاصطناعي
- التعليم والاقتصاد… هدر الطاقات في وطنٍ حائر
- دروس في التربية / الدرس الثاني
- دورس في التربية / الدرس الثالث
- دروس في التربية / الدرس الرابع
- دروس في التربية / الدرس الخامس
- دروس في التربية / الدرس السادس
- دروس في التربية / الدرس السابع
- دروس في التربية / الدرس الثامن
- دروس في التربية / الدرس الاول
- بيان استنكار
- الصراع بين ولاء الوطن وولاء الدين
- رسالة إلى المراجع الإسلامية الكرام
- هل يشهد العراق حرب مياه في العقد القادم؟
- رائحة الطين
- حين يُذبح الوطن باسم الدين، وتصمت الإنسانية
- الشرق الأوسط والحروب القادمة: غياب الوعي في زمن التفوق العسك ...
- حيادكم قد يُنقذنا: نداء مفتوح إلى الحكومة والشعب


المزيد.....




- إصابة مزارع جراء اعتداء مستعمرين عليه أثناء قطفه الزيتون جنو ...
- دعوات للتحقيق في نفوذ الإخوان في أيرلندا
- حماس: جثامين الفلسطينيين المسلمة تكشف طبيعة إجرام وفاشية الا ...
- لاريجاني يسلّم رسالة قائد الثورة الإسلامية إلى الرئيس الروسي ...
- اللواء موسوي: الشعب اليمني في طليعة المدافعين عن الأمة الإسل ...
- الاحتلال يفتش كاميرات المحال التجارية غرب سلفيت
- الإخوان المسلمون ما بعد غزة بين عبء التاريخ واستحقاقات المرا ...
- مصدر قياديّ في -فتح-: شعبنا سيتصدّى للشرذمة التكفيريّة ونطال ...
- بزشكيان: على الدول الإسلامية أن تخطو كجسد واحد على طريق السل ...
- الكوتا المسيحية في دوامة صراع .. خلافات وإتهامات بالاختطاف ا ...


المزيد.....

- نشوء الظاهرة الإسلاموية / فارس إيغو
- كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان / تاج السر عثمان
- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن صالح الشنكالي - بين الرموز والعبادة: قراءة في الإنسانية والدين في التراث العربي