أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - مُتابعات – العدد التّاسع والأربعون بعد المائة بتاريخ الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر 2025















المزيد.....


مُتابعات – العدد التّاسع والأربعون بعد المائة بتاريخ الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر 2025


الطاهر المعز

الحوار المتمدن-العدد: 8520 - 2025 / 11 / 8 - 12:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الذكرى السّتّين لاغتيال المهدي بن بركة 1920 - 1965
تم اختطاف المهدي بن بركة في باريس يوم 29 تشرين الأول/اكتوبر 1965 واختفى منذ ذلك اليوم، بتواطؤ من الإستخبارات الأمريكية والصّهيونية والفرنسية والمغربية، وكان مناضلا من أجل الإستقلال ثم زعيمًا للمعارضة ضد الدكتاتورية وغياب الديمقراطية والعدالة الاجتماعية في المغرب، وأسّس “الاتحاد الوطني للقوى الشعبية”، قبل أن يكتسب وزنًا عربيا ودوليا، ويُصبح من رموز مؤتمر القارات الثلاث الذي عُقد في كوبا سنة 1966، في ذروة العدوان الأمريكي على شعب فيتنام وشعوب أمريكا الجنوبية، وساهم المهدي بن بركة في الإعداد له، كامتداد لمؤتمر باندونغ، وامتداد للكفاح ضدّ الإستعمار، بهدف وضع حدّ للإستعمار الجديد وللتّبَعِيّة...

في جبهة الأعداء – هجرة مُضادّة
كشف تقرير صادر عن مركز الأبحاث والمعلومات في الكنيست (M.M.M.)، حول هجرة المُستوطنين من فلسطين المحتلة، ارتفاعًا حادًا في عدد المُستوطنين المُغَادِرِين خلال السنوات الأخيرة، بينما لا يزال عدد العائدين أقل بكثير، ووفقًا لبيانات "المكتب المركزي الإسرائيلي للإحصاء" (CBS)، التي تمت معالجتها في التقرير، غادر دولة الاحتلال ما معدله حوالي 36 ألف مستوطن سنويًا خلال الفترة 2009-2021، وارتفع العدد، بدءًا من عام 2022 ( قبل العدوان والإبادة الجماعية في غزة والضفة الغربية ولبنان) حيث غادر 55300 مستوطن (بزيادة 46% عن العام 2021)، بحسب شبكة قدس برس، وغادر 82700 مستوطن سنة 2023، بزيادة 50% عن سنة 2022، فيما ظل عدد العائدين بعد إقامة طويلة في الخارج أقل بكثير ولا يتجاوز 24 ألف سنويا...
وأشار تقرير MMM، إلى ارتفاع عدد المغادرين، خصوصًا من الشباب، منذ شهر تشرين الأول/اكتوبر 2023، ومن المستوطنين الجدد، الذين هاجروا إلى فلسطين المحتلة خلال السنوات الخمس التي سبقت مغادرتهم، أو في نفس العام الذي هاجروا فيهن ويثشير التقرير إن عدد المُغادرين الفلسطينيين من الأراضي المحتلة سنة 1948، لا يتجاوز 6% وهي نسبة تقل عن نسبتهم من العدد الإجمالي لسكان الأراضي المحتلة سنة 1948، فهم يمثلون حوالي 18% من السكان، وتضمن التقرير بيانات مهمة، منها إن حوالي 59% من المهاجرين سنة 2022 وُلدوا خارج دولة الاحتلال، معظمهم في أوروبا (80% منهم)، و41% فقط وُلدوا في دولة الاحتلال، فضلا عن ظاهرة مغادرة المهاجرين الجدد بعد هجرتهم بفترة وجيزة، وأحيانًا قبل إتمام عملية الاستيعاب. أما جغرافيا، فإن 54% من المغادرين هم من سكان "تل أبيب" ومناطق تتميز بارتفاع مستوى المعيشة بينما كان حوالي 10% فقط من المغادرين من شمال أو جنوب فلسطين، وأظهرت بيانات المكتب المركزي للإحصاء ارتفاع عدد المُغادرين من تل أبيب-يافا وحيفا ونتانيا والقُدس، سنة 2024، وإن معظم المغادرين من ذوي المؤهلات الذين يتقنون اللغة الإنغليزية، ولغات أخرى، مما يمكنهم من شغل وظيفة محترمة في الخارج... عن قُدس برس 20 تشرين الأول/أكتوبر 2025

تواطؤ حكومي عربي في إبادة الشعب الفلسطيني
نشرت مواقع إعلامية أمريكية، من ضمنها "واشنطن بوست"، تقارير عن تعزيز الروابط العسكرية بين بعض الدّول العربية والكيان الصهيوني، بناء على وثائق أميركية مسرّبة توثق اجتماعات بين مسؤولين عسكريين صهاينة وعرب، وتدريبات مشتركة بإشراف القيادة المركزية الأميركية (CENTCOM)وتضمنت التّدريبات عمليات إنزال جوّي في مصر بمشاركة جيوش قبرص ومصر واليونان والهند وإيطاليا والأردن والسعودية وقرغيزستان وقطر وجنوب أفريقيا وبريطانيا واليمن ( الحكومة الموالية للإمارات والسعودية)، بتاريخ السادس من أيلول/سبتمبر 2025، ويُعتَبَرُ هذا التّدريب جزءًا من مجموعة مناورات واجتماعات بإشراف عسكري أمريكي في البحرين ومصر والأردن وقطر، بمشاركة ضُبّاط من الجيش والإستخبارات الصهيونية، طيلة ثلاث سنوات، مما يُفسّر الصّمت العربي الرّسمي بشأن الإبادة منذ سنتَيْن وقمع الإحتجاجات الشعبية، والتّصفيق لإعلان الولايات المتحدة عن "اتفاق بين إسرائيل وحركة حماس" لا يتضمّن أي التزام أو أي جدول زمني لانسحاب القوات الصهيونية، وأيّدت قَطَر التي قصف الكيان الصهيوني عاصمتها يوم التاسع من أيلول/سبتمبر 2025 هذا الإعلان الأمريكي، بل استمرت في تعزيز علاقاتها العسكرية مع الجيش الصهيوني، واحتضنت قاعدة العديد الأمريكية (قريبا من الدَّوْحة) اجتماعات بين جيش الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وقَطَر، فيما أعلنت الولايات المتحدة "نشر مائتَيْ جندي أميركي لدعم اتفاق وقف إطلاق النار، قبل انضمام جنود من عدّة دول عربية" مُشاركة في التدريبات العسكرية التي يُشرف عليها الجيش الأمريكي
من جهة أخرى، نشر "الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين" (ICIJ) مخططات عسكرية أمريكية عن "مفهوم الأمن الإقليمي" وإنشاء إطار يضم الكيان الصهيوني وقطر والبحرين ومصر والأردن والسعودية والإمارات، وربما الكويت وعُمان، للتّصدّي الإعلامي والعسكري لإيران والمقاومة اليمنية والفلسطينية واللبنانية، ولتدمير الأنفاق التي أرهقت الجيش الصهيوني، بدعم من تحالف "العيون الخمس" الأنغلوفوني (الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وأستراليا ونيوزيلندا )...
أشار الجنرال كينيث "فرانك" ماكنزي، القائد السابق للقيادة المركزية، منذ سنة 2022، أمام الكونغرس الأمريكي، إلى تعزيز التعاون السياسي والعسكري والإقتصادي بين ما لا يقل عن ست أنظمة عربية ( غير المُطَبِّعة علنيا) والكيان الصهيوني، لتعزيز وتوسيع اتفاقات أبراهام، وزيادة حجم التنسيق العسكري ( بإشراف أمريكي) من خلال التدريبات العسكرية وشراء التجهيزات اللازمة... لكن هذه العمالة وهذا الإنبطاح ( وتسهيل عبور الطائرات الحربية الصهيونية نحو إيران) لم يَحْمِ عاصمة قَطَر من القصف الصهيوني بتواطؤ أمريكي يوم التاسع من أيلول/سبتمبر 2025، لأن أمريكا والكيان الصهيوني لا يحترمون العملاء الذين باعوا وطنهم وشعبهم...
عن تقرير نشرته صحيفة " واشنطن بوست " بتاريخ 04 تشرين الأول/اكتوبر 2025

فقر
أعلنت الأمم المتحدة منذ 22 كانون الأول/ديسمبر 1992 يوم 17 تشرين الأول/اكتوبر من كل عام، يوما دوليا للقضاء على الفقر، وبعد أكثر من ثلاثة عقود، ووفقا لتقرير البنك العالمي لعام 2024، ولبيانات الأمم المتحدة خلال الربع الثالث من سنة 2025، يعيش ما بين 700 و 800 مليون شخص أو ما بين 8,5% و 9% تقريبا من سكان العالم في فقر مدقع، ويعد مَن يعيشون على أقل من 2,15 دولار أميركي للفرد يوميا فقراء جدا، ويعيش نحو 3,5 مليارات شخص في العالم على أقل من 6,85 دولارات أميركي للفرد يوميا، وهو مستوى معيشي منخفض جدا ويُصنفون ضمن الفقراء في البلدان متوسطة الدخل، وخصوصًا في مناطق جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا، بالنظر إلى نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وكذلك في بعض مناطق شرق وجنوب آسيا والمحيط الهندي، وهي المناطق التي شهدت انخفاضا في معدلات الفقر على مدار ربع القرن الماضي، وتشير التقديرات إلى أن 7,3% من سكان العالم سيعيشون في فقر مدقع بحلول سنة 2030...
يلاحظ وجود بعض الفوارق والإختلافات في الأرقام والنِّسَب بين بيانات البنك العالمي وتقرير آفاق الإقتصاد العالمي الصادر عن صندوق النقد الدّولي ( نيسان/ابريل 2025) وتصريحات الأمين العام للأمم المتحدة ( تموز/يوليو 2025) لكن الإستنتاج واحد: لا يزال معدل الفقر مرتفعًا، وكلما ارتفعت ثروات الأثرياء بشكل خيالي، ارتفع معدّل الفقر، وتشير بيانات منظمة أوكسفام ( 10 تموز/يوليو 2025) إن ثروة أربعة أثرياء من إفريقيا( من نيجيريا وجنوب إفريقيا ومصر) التي تعادل 57,4 مليار دولارا، تفوق "ثروة" 750 مليون إفريقي أو أكثر من نصف سكان قارة إفريقيا التي يعيش أكثر من ثُلُث سكانها ( حوالي 460 مليون شخص) تحت خط الفقر المدقع، وفق بيانات البنك العالمي، وتُشير بيانات أوكسفام إن نسبة تفوق 60% من ثروات مليارديرات العالم تأتي من المحسوبية والفساد وإساءة استخدام السلطة الاحتكارية والميراث...

تونس - ميزانية 2026
قدّمت وزارة المالية مشروع ميزانية 2026، التي وجب إقرارها نهائيا قبل يوم العاشر من كانون الأول/ديسمبر 2025، وارتفعت ميزانية الدّولة من 60,9 مليار دينار سنة 2025 إلى 63,6 مليار دينار مُقْتَرَحَة لسنة 2026، ويتوقع أن يرتفع عجز الميزانية من 9,8 مليار دينار سنة 2025 إلى 11 مليار دينار ( 3,8 مليار دولار) سنة 2026، أو ما يعادل حوالي 6,4% من الناتج المحلي الإجمالي، وتعتزم الدّولة اقتراض نحو أربع مليارات دولار من المصرف المركزي سنة 2026 وفرض ضريبة جديدة على الثروة، في محاولة لتلبية احتياجاتها التمويلية المتزايدة، وتسعى السلطات لجمع نحو 6,8 مليارات دينار من القروض الخارجية، و19,1 مليار دينار من السوق المحلية، فيما انخفض احتياطي النقد الأجنبي، بعد سداد أقساط الدّيون التي حلّ أجل سدادها، رغم تقديم الدّولة أرقاما عن زيادة إيرادات السياحة وصادرات زيت الزيتون والدعم المالي من الخليج، وأورَدَ مشروع ميزانية 2026 "رَفْع الإنفاق بنسبة 6% مع التركيز على خلق فرص العمل"، وفي الواقع يُعاني الإقتصاد من الركود وتباطؤ النّمو فيما بلغت بطالة الشباب نسبة 40% مما دفع الآلاف من المتعلمين وذوي المؤهلات وكذلك العاطلين عن العمل بمختلف مستوياتهم إلى الهجرة النظامية وغير النّظامية، وتقترح الميزانية حلاًّ زائفًا مثل تقديم حوافز للشركات الخاصة التي توظف خِرِّيجين جامعيين عاطلين عن العمل...
تخطط الحكومة لإصدار رقاع خزينة والحصول على قروض من المصارف والمؤسسات المالية لتغطية حاجيات التمويل تحاشيا لشروط الإقراض الصارمة التي يفرضها الدّائنون الخارجيون، وتمكنت الدّولة من خفض الدَّيْن الخارجي من 70% سنة 2019 إلى 50% سنة 2025 كنسبة من الدَّيْن العام، غير إن هذه هي نصف الكأس الممتلِئة، لأن الدّولة تستمر في سداد الدّيون بواسطة قُروض جديدة، من المصرف المركزي ( خصوصًا بالعملة الأجنبية) أو من المصارف المحلية بسعر فائدة مرتفع يزيد عن فائدة القُرُوض للشركات المحلية، مما يُعرقل استثمار هذه الشركات، وسجلت المصارف المحلية ( خلال سنة 2025) ارتفاعا ملحوظا في حجم القروض الممنوحة للدولة بنحو 37,5% خلال الأشهر الثمانية الأولى من سنة 2025، مقارنة بنفس الفترة من سنة 2024، أو ما يُعادل 18% من إجمالي أصول هذه المصارف، وفق بيانات المصرف المركزي التونسي، كما يتضمن نصف الكأس الفارغة زيادة الضرائب على الأجراء ممن تم تصنيفهم "أصحاب الدخل المتوسط والعالي"، مقابل وعد بخفض الضرائب على أصحاب الدخل الضعيف، وفي الواقع يُسدّد أصحاب الدّخل الضعيف ضرائب هامة ( نسبة إلى دخلهم الضعيف) من خلال ضريبة القيمة المضافة ( أو ضريبة استهلاك السلع والخدمات الأساسية الضرورية)
قدَّرَ تقرير صندوق النقد الدّولي بعنوان آفاق الإقتصاد العالمي" ( الثلاثاء 14 تشرين الأول/اكتوبر 2025) نمو الإقتصاد التونسي بنسبة 2,5% سنة 2025 وبنسبة 2,1% سنة 2026 وحجم التضخم بنسبة 5,9% سنة 2025 وبنسبة 6,1% سنة 2026
لم يتضمن قانون المالية لسنة 2026 تغييرات كبيرة مقارنة بميزانيات السنوات السابقة ولا تزال موارد الاقتراض كبيرة ( أكثر من 19 مليار دينار من القروض المحلية واكثر من 6 مليار دينار من القروض الخارجيّة ) ليس للإستثمار وخلق الثروة بل لتغطية النفقات الجارية، كما يتضمن قانون الميزانية لسنة 2026 ضَغْطًا جِبَائِيًّا إضافيًّا على الأجراء الذين ما فتئت ترتفع نسبة تمويلهم لإيرادات الميزانية السنوية للدّولة...
من جهة أخرى، نقلت وكالة تونس إفريقيا للأنباء إن تونس تمكنت من تسديد كامل ديونها الخارجية لسنة 2025 بنسبة 125%، قبل ثلاثة أشهر من نهاية العام 2025، غير إن وثائق المصرف المركزي تُشير إن الإلتزامات المالية للدّولة لا تزال مستمرة ومن المتوقع تسديد قَرْضَيْن خلال الفترة المتبقية من سنة 2025، الأول بقيمة 256 مليون دينار مُستحقة لصندوق النقد الدّولي والثاني بقيمة 258 مليون دينار للمصرف الإفريقي التوريد والتصدير، قبل نهاية سنة 2025، فضلا عن اعتماد الإقتراض والتقشف لتسديد الدُّيُون، وللتذكير فإن قيمة القروض الداخلية والخارجية لسنة 2025 تناهز 24,7 مليار دينار أو ما يُعادل 8,4 مليارات دولار منها 3,6 مليارات دولارا من القروض الخارجية. أما الإعتماد على الذات فلا يزال بعيد المنال، لأن الدّولة تعتزم الإقتراض من المصرف المركزي مبلغا يبلغ أربع مليارات دولارا لتمويل الإحتياجات لسنة 2026 ولا تزال الدّولة تقترض ما بين 20 مليار دينار و25 مليار دينار من الداخل والخارج سنويا لتغطية عجز الموازنة، رغم انخفاض قيمة واردات الطاقة ( بسبب انخفاض أسعار النفط والغاز) وارتفاع إيرادات الصادرات الفلاحية والسياحة وتحويلات المهاجرين التونسيين...
وردت البيانات بوثائق المصرف المركزي التونسي ووكالة تونس إفريقيا للأنباء ورويترز من 15 إلى 18 تشرين الأول/اكتوبر 2025

بيرو ومدغشقر، نموذج الإنتفاضات غير المُوَفّقة – الإنقلاب النّاعم
إن إقالة دينا بولوارتي من منصبها ليست انتصارًا للشعب، بل تمثل انقلابًا ناعما وإعادة ترتيب داخلي للسلطة، فلم يذعن حزب المؤتمر الحاكم لمطالب المُتظاهرين في الشارع، بل لضرورة الحفاظ على نظام يتداعى من الداخل، فتمّ تغيير الوُجُوه والأسماء حتى تتمكن الآلية نفسها من الاستمرار، وفق ميثاق النخبة الثرية والفساد والخوف...
كانت دينا بولوارتي مفيدة طالما حافظت على النظام الذي تم فُرْضُهُ ( بدعم امبريالي أمريكي) بعد الإطاحة بالرئيس المنتخب يدرو كاستيلو، وتُعدّ إقالتها الآن تضحية رمزية لتهدئة الغضب الجماعي، ولتغْيِير اسم الجَلاّد مع الحفاظ على الإطار الذي سمح بالقمع والقتل والإعتقال وإعفائه من العقاب.
لم تولد الحركات الجديدة كمساحات للتداول الشعبي، بل كامتدادات لإقطاعيات شخصية بلا قاعدة أو برنامج، ولم تملأ الفراغ الذي تركته الأحزاب السياسية المُتهالكة، وتمكّنت القوى الاقتصادية والإعلامية من إعادة تنظيم صفوفها، أثناء الإحتجاجات التي كانت شعبية وغاضبة، لكنها بدون برنامج وأهداف واضحة، لأن خوسيه جيري، الرئيس الجديد بالخلافة البرلمانية، يُمثِّلُ استمرارية النظام، ولا يُبشر وصوله بتحول ديمقراطي، بل يُعزز سلطة الكونغرس الذي يعمل كطبقة مُغلقة، بلا شرعية أو أفق أخلاقي، فالمشكلة ليست في من يوجد في الواجهة، بل في الحاكم الفِعْلِي الذي يواصل اتخاذ القرارات خلف الكواليس.
إن التنفيس عن الغضب لا يبني بديلا، ولأن تنسيق التعبئة أسهل من قيادة عملية انتقالية، وتميزت الإحتجاجات بالمقاومة وكذلك بالهشاشة التنظيمية، وافتقدت إلى الإطار السياسي وإلى القيادة القادرة على تحويل الغضب والتّمرّد إلى تأسيس بديل ثوري، ولا تخْتَصُّ بيرو وحدها بهذه المِيزة، بل أفْضَت العديد من الإنتفاضات في مختلف القارّات إلى عودة سريعة للفئات التي تمرّد المواطنون ضدّها، بسبب غياب الهياكل والأُطُر والوسائل القادرة على توجيه طاقات المُنْتَفِضِين لدعْم التّغْيِير الجوهري، السياسي والإقتصادي والإجتماعي، وإرساء العدالة والمُساواة...
في بيرو لا يزال الدّستور الذي أعدّه نظام الدّكتاتور ألبرتو فوجيموري قائمًا ونافذ المفعول، ولم تُؤَدّ الإنتفاضة إلى تفكيك هذا الدّستور والنّظام الذي أنْتَجَهُ، كما لم تُفْضِ الإنتفاضة إلى التغيير الحقيقي وإلى إعادة تأسيس العقد الإجتماعي من القاعدة إلى القمة، بمشاركة شعبية حقيقية...
في مدغشقر: بعد أسابيع من الإحتجاجات الشعبية الحاشدة على نقص الكهرباء والمياه وغياب أو ضُعْف مستوى الخدمات وتدهور الأوضاع المعيشية، اغتنم الجيش الفرصة ونفذ انقلابا ضد الرئيس أندريه راجولينا الذي فَرّ – يوم الثلاثاء 14 تشرين الأول/اكتوبر 2025 - على متن طائرة عسكرية فرنسية، وأصبح العقيد مايكل راندريانييرينا الرئيس الجديد لمدغشقر وتعهد بتحول جذري في البلاد، وذلك خلال مراسم تنصيبه رئيسا للبلاد، من قِبَل المحكمة الدستورية العليا في مدغشقر يوم الجمعة 17 تشرين الأول/اكتوبر 2025، بعد ثلاثة أيام فقط من الإطاحة بالرئيس السابق أندري راجولينا، وفي أول خطاب له بعد التنصيب، وعد الرئيس الجديد بـ"تغيير عميق" في البلاد، وإعادة تأسيس الجمهورية، مؤكدا إن المرحلة المقبلة ستكون انتقالية تمتد من 18 شهرا إلى عامين، تنتهي بإجراء انتخابات وطنية، وإن الجيش سيبقى الضامن الوحيد للاستقرار خلال هذه الفترة، لتبرير حلّ جميع المؤسسات باستثناء الجمعية الوطنية، في خطوة أثارت انتقادات دولية واسعة، فقد دانت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي الإنقلاب، وأعلن الإتحاد الإفريقي تعليق عضوية مدغشقر حتى استعادة النظام الدستوري.
من جهته، رفض الرئيس السابق راجولينا الاعتراف بشرعية الانقلاب، رغم تصويت البرلمان على عزله، واعتبر ما حدث "انتهاكا للديمقراطية" ( التي لم يحترمها راجولينا أبدًا)، حسب تصريحات نقلتها وكالة الصحافة الفرنسية بتاريخ 17 تشرين الأول/اكتوبر 2025، وتأتي هذه التطورات في ظل أزمة سياسية واقتصادية خانقة تعيشها مدغشقر، وسط دعوات دولية لضمان انتقال سلمي للسلطة واحترام حقوق الإنسان والمؤسسات الديمقراطية...

بلجيكا، مِرْآة السياسة الأوروبية
تم تشكيل الحكومة الحالية قبل تسعة أشهر، وشهدت العديد من التحركات والإضرابات والمظاهرات منذ تشكيلها، لأن برنامجها يهدف إلى خداع العمال النشطين والمُعَطَّلِين عن العمل والمتقاعدين وطالبي اللجوء وتصفية الخدمات العامة والتعليم والثقافة والرعاية الصحية، ناهيك عن زيادة الإنفاق العسكري بمقدار 34 مليار يورو وشراء المزيد من طائرات إف-35 الأمريكية الضخمة، ذات الجودة المحدودة والثمن المرتفع، فالأموال متوفرة لزيادة الإنفاق العسكرية، وغير متوفرة للبرامج الإجتماعية، ولهذه الأسباب مجتمعة ( وغيرها) فقد اجتاحت حشود المتظاهرين ( أكثر من مائة ألف متظاهر) شوارع بروكسل مجددًا، يوم الثلاثاء 14 تشرين الأول/اكتوبر 2025، وأغلقت المطارت فلم تتمكن الطائرات من الإقلاع أو الهبوط، وأغلقت المدارس، وشلت حركة الأعمال، وتوقفت وسائل النقل العام، باستثناء القطارات لنقل المتظاهرين إلى العاصمة، ودعا وزير الحرب (العائد من زيارة للولايات المتحدة) إلى تزويد الشرطة بأسلحة غير مميتة واستخدام الرصاص المُغلّف بالمطاط ضد المتظاهرين مستقبلاً، وكانت التخفيضات في مساهمات الضمان الاجتماعي لأصحاب الدخل المرتفع قد أشعلت نيران الغضب، لأن الفُقراء وذوي الدّخل الأضعَف يُسدّدون دائمًا ثمنا مرتفعًا من الضرائب غير المباشرة ومن حصة صناديق الحماية الإجتماعية، فيما لم يتوصّل مجلس النواب إلى اتفاق بشأن الميزانية...
تآكل دَخْل ومكتسبات الطبقة العاملة، كما هو الحال في جميع أنحاء أوروبا، منذ حوالي نصف قرن، وليس منذ تشكيل الحكومة الحالية فحسب، فيما تدعو الأغلبية البرلمانية إلى "التكيف مع العصر الجديد"، وتحاول هذه الأغلبية إلغاء التفاوض من أجل العقود الجماعية للعمل ( الإتفاقيات المُشتَرَكَة) لكي تفسح الطّريق لشريعة الغاب، مما أثار غضب النقابيين والعمال، ويُطالب البعض بتغيير الحكومة، لكنه حل مُزيّف أو مغشوش، لأن الحكومات السابقة في بلجيكا وبلدان الإتحاد الأوروبي، أقرت منذ أكثر من نصف قرن تصفية مكتسبات العُمّال والكادحين والفُقراء، في ظل ارتفاع نسْبة البطالة والفقر والحاجة إلى الرعاية الصحية والسكن اللائق، بغض النظر عن البلد والائتلاف الحاكم، فقد اتفق حُكّام الدّول الأوروبية على إعادة التسلح وتخفيض الإنفاق لتوجيه الأموال إلى المصانع العسكرية، ليس فقط ضد روسيا، بل أيضًا ضد الطبقة العاملة نفسها، وطبقت بلدان عديدة مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا قوانين لحظر المنظمات التي تعتبرها "متطرفة" فإن مشروع القانون لا يزال مطروحًا أمام البرلمان في بلجيكا...

الولايات المتحدة – توسّع رقعة المُعارضة
نَظّم تحالف "ضدّ الإستبداد" مظاهرات ضخْمَة بمشاركة خمسة ملايين شخص يوم 14 حزيران/يونيو وسبعة ملايين يوم 18 تشرين الأول/اكتوبر 2025، احتجاجًا على طريقة الحكم ( التّسلّط والإستبداد) التي انتهجها دونالد ترامب، وخصوصًا بعد قرار إرسال القوات المُسلّحة كالجيش والحرس القومي ( فضلا عن الشرطة) بذريعة مقاومة المخدّرات والهجرة غير النظامية، وتنوعت اللافتات والشعارات ومظاهر التّعبير السّاخر، لكنها بلا آفاق أو بدائل، وفق الصورة التي نراها من الخارج، فنحن نتعرّض للهيمنة الأمريكية العسكرية والمالية والسياسية وللإبتزاز والغطرسة ودعم السلطة الدّكتاتورية في العديد من مناطق العالم، والدعم المُطْلَق للعدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني والشّعوب العربية ( لبنان واليمن وسوريا وقطر وتونس...)، ولا نرى معارضة كبيرة لهذه الهيمنة في شعارات المتظاهرين، رغم الإعتراض على شعار "لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى" الذي يريد تأبيد الهيمنة الإمبريالية الأمريكية على العالم، من خلال إجراءات عديدة، من ضمنها الحرب التجارية ورفع الرسوم الجمركية والتضييق على طالبي تأشيرات الدّخول إلى الولايات المتحدة، مما أضر بقطاعات السياحة والبحث العلمي، ونحن نتعرض كذلك للنتائج الكارثية لتوسّع انتشار الجيش الأمريكي وحلفائه المُقرّبين في أنحاء العالم...
تَمَثَّلَ شعار "لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى" في الدّاخل في تغوّل الشركات وازدهار رأس المالي المُضارب وغير المنتج – مع ارتفاع حجم الدّيُون والعجز - وتعميق الفجوة الطّبقية وارتفاع نسبة الفقر والتشرد والجوع وسوء الخدمات الصحية والتعليم، والهيمنة على المؤسّسات من قِبل المليارديرات واليمين الفاشي والدّيني ( الصهيومسيحية)، كما يجسّم هذا الشعار التشكيك في تغيير المناخ ويعارض الإستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، خلافًا للصّين التي تستثمر في تكنولوجيا البطاريات والطاقة الكهروضوئية والاستيلاء على أكبر سوق نمو في التاريخ مع خفض تكاليف الطاقة المحلية، وهو ما يمكن وصفه "الهيمنة الخضراء" من خلال صناعة السيارات الكهربائية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح والبطاريات، وتأمين مستقبل الصناعة الصينية البديلة، وخلافًا للولايات المتحدة، تحاول الصّين تأمين "حزام" سياسي واقتصادي مع حلفائها من مجموعة بريكس التي تحاول وضع حد ل– أو التّخفيف من – هيمنة الدّولار...



#الطاهر_المعز (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوروبا – بعض مظاهر الدّيمقراطية الزّائفة
- العلاقات الهندية الأمريكية ومحاصرة الصين
- مُتابعات – العدد الثّامن والأربعون بعد المائة بتاريخ الأول م ...
- تَسْلِيع قطاع الصّحّة
- الذّكاء الإصطناعي واستخداماته في الإقتصاد والحياة اليومية
- الأرجنتين – النّهب بواسطة الدُّيُون
- تونس – التلوث واحتجاجات المواطنين في مدينة قابس
- ألمانيا - جوانب من الإِرْث النّازي
- الولايات المتحدة – بين -مبدأ- الرئيس جيمس مونرو وعَرْبَدة دو ...
- مُتابعات – العدد السّابع والأربعون بعد المائة بتاريخ الخامس ...
- الحرب على جبهات متعدّدة
- الولايات المتحدة – الإستبداد في الدّاخل، وعسكَرَة الدّبلوماس ...
- من الحرب التجارية إلى الحرب التكنولوجية
- عرض كتاب - الصهيونية والإستعمار الإستيطاني من 1917 إلى 1949
- مُتابعات – العدد السّادس والأربعون بعد المائة بتاريخ الثامن ...
- -السّلام - على المذهب الأمريكي – ( Pax Americana )
- فلسطين الإبادة الجماعية والتَّرَبُّح الرأسمالي
- الدّعم الخارجي لاقتصاد الحرب في الكيان الصهيوني
- هوامش قمة شرم الشيخ 13/10/2025
- فلسطين - تواطؤ -غربي- وعربي في الإبادة


المزيد.....




- ذعر بحيّ إيرلندي من أسد هارب.. فهل كان أسدًا فعلًا؟
- صور أولى لطائرة -كانتاس- للرحلات المباشرة بين سيدني ولندن ون ...
- بمشاعل مضيئة وألعاب نارية.. متظاهرون يعطلون حفلًا موسيقيًا إ ...
- فيديو متداول بمزاعم وجود -آثار مٌقلدة في المتحف المصري-.. هذ ...
- فشل محادثات اسطنبول بين باكستان وافغانستان.. وكابول تؤكد أن ...
- الدنمارك ستحظر بعض وسائل التواصل للأطفال دون هذا السن!
- هاف بوست.. بايدن تجاهل معلومات بشأن انتهاك إسرائيل القانون ا ...
- نجاة عائلة أحرق مستوطنون منزلها في رام الله والاحتلال يعتدي ...
- استمرار اعتداءات المستوطنين على تجمعات بدوية بالأغوار
- إسرائيل تتحكم في كميات وأسعار وأصناف الغذاء الداخل لغزة


المزيد.....

- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - مُتابعات – العدد التّاسع والأربعون بعد المائة بتاريخ الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر 2025