|
-السّلام - على المذهب الأمريكي – ( Pax Americana )
الطاهر المعز
الحوار المتمدن-العدد: 8498 - 2025 / 10 / 17 - 20:18
المحور:
القضية الفلسطينية
لم يؤدّ اتفاق وقف إطلاق النار إلى فتح المعابر ودخول الغذاء والأدوية والوقود، غير إن وسائل الإعلام ووكالات الأنباء تتجاهل هذه المسائل لأنها تتبنّى وجهة نظر الكيان الصهيوني، القوة المحتلة التي لا تملك أي شرعية لاعتقال أو محاكمة الفلسطينيين، في حين لا يتوفّر للشعب الفلسطيني في أرضه أي هامش من الحرية أو الحركة، في ظل الإستعمار الإستيطاني الذي ينفي وجوده... لا غرابة أن تقف الإمبريالية وأدواتها الإعلامية والدّعائية إلى جانب الكيان الصهيوني، رغم اتساع رقعة المعارضة داخل الدّول الإمبريالية نفسها، لكن تكمن المفارقة في مُشاركة الأنظمة العربية في المؤامرة والإبادة – مباشرة أو بطرق ملتوية - فلا يمكن للشعب الفلسطيني التعويل على الأنظمة العربية والإعلام العربي السائد، إذْ أظْهَرَ الحُكّام العرب اصطفافهم وراء الإمبريالية وقمع الإحتجاجات في الدّاخل، بل ومشاركة العديد من الأنظمة في إبادة الشعب الفلسطيني، بينما تدعم الشعوب العربية المقاومة المسلحة وتحرير فلسطين من النّهر إلى البحر.
النظام الرسمي العربي شريك في إبادة الشعب الفلسطيني أعلن الرئيس ترامب في الكنيست يوم الاثنين 13 تشرين الأول/اكتوبر 2025: "نحن نصنع أفضل الأسلحة في العالم، وقدمنا الكثير لإسرائيل، التي استخدمت هذه الأسلحة ببراعة، ونتيجة لذلك، أصبحت إسرائيل قوية ومقتدرة، مما أدى في النهاية إلى السلام"، وبذلك تؤكد تصريحات ترامب تواطؤ واشنطن التام في إبادة الشعب الفلسطيني، كما قدمت الولايات المتحدة منذ 7 تشرين الأول/اكتوبر 2023 ما لا يقل عن 21 مليار دولار كمساعدات عسكرية للجيش الصهيوني، وما يقرب من 13 مليار دولار إضافية لمساعدته في تنفيذ عملياته العسكرية في المنطقة، وفقًا لمشروع تكاليف الحرب بجامعة براون، كما تكشف وثائق أمريكية أن عدة دول عربية رفعت سرًا درجة تعاونها العسكري مع الكيان الصّهيوني خلال إبادة سُكّان غزة، برعاية أمريكية، وخلص تحقيق حصري أجرته صحيفة واشنطن بوست (13 تشرين الأول/اكتوبر 2025) إلى زيادة التعاون الأمني والعسكري بين عدة دول عربية والجيش الصهيوني، بدون ضجة، رغم إدانتها العلنية لاضطهاد الشعب الفلسطيني وتدمير غزة، وأفادت الصحيفة إن هذه المعلومات مستمدة من خمس وثائق مسربة حصل عليها الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين (ICIJ)، والتي تُفصّل إنشاء ما يصفه الجيش الأمريكي بـ"الهيكل الأمني الإقليمي"، وفي هذا الإطار، التقى مسؤولون عسكريون صهاينة مع نظرائهم من ست دول عربية - هي البحرين ومصر والأردن وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة - على مدار السنوات الثلاث الماضية، برعاية أمريكية، في البحرين ومصر والأردن وقطر للتخطيط لاجتماعات، وفق نفس الوثائق، وذكرت الصحيفة الكويت وعُمان كـ"شركاء محتملين"، لكن هذه العلاقات العسكرية تعرذضت لاختبارات قاسية بعد الغارة الجوية الصّهيونية على قطر ( أيلول/سبتمبر 2025) ومع ذلك قد تلعب دُوَيْلَة قَطَر دورًا رئيسيًا في الإشراف على وقف إطلاق النار الناشئ في غزة، وتُضيف نفس الوثائق:" كان التهديد الإيراني، المسمى "محور الشر"، هو الدافع وراء هذا التقارب الذي صمّمته ونسّقَتْهُ القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM)، أحد الفروع الأحد عشر للقوة العسكرية الأمريكية المتمركزة في قطر والمسؤولة عن العمليات العسكرية في الشرق الأوسط وجنوب وشرق آسيا"، وشملت هذه الشراكة، التي وصفها الجنرال كينيث ماكنزي، سنة 2022، بأنها امتداد لاتفاقيات إبراهيم، خطة دفاع جوي ضد الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية، وجمع المعلومات ومراقبة الصواريخ فوق غزة واليمن. تم دمج الدول الشريكة السبع في نظام مراسلة آمن مع الجيش الأمريكي، وفق الوثائق التي تكشف أيضًا عن تدريب مشترك: ففي كانون الثاني/يناير 2025، انعقد اجتماع ذو صبغة عسكرية في فورت كامبل بولاية كنتاكي وعلى إثره قام الجيش الأمريكي بتدريب شركائه على "كشف وتحييد الأنفاق تحت الأرض التي تستخدمها حماس في غزة"، ويذكر تقرير آخر تدريبًا متعدد الجنسيات لاختراق الأنفاق شاركت فيه ست دول، وفي الوقت نفسه، عقدت القيادة المركزية الأمريكية اجتماعات تخطيطية للعمليات المعلوماتية ( أي التجسس ) والدّعاية لمواجهة الرواية الإيرانية التي تزعم أنها "حامية الفلسطينيين"، ومجابهتها بنشر وثيقة صدرت سنة 2025، " عن الرخاء الذي يجلبه التعاون الإقليمي" مع الولايات المتحدة... انكشفت حدود هذا التقارب بمناسبة الهجوم الصهيوني على الدوحة، عاصمة قطر، يوم التاسع من أيلول/سبتمبر 2025، والذي دمر مبنى يضم مفاوضين من قيادات حماس، حيث لم تَسْلَمْ قطر من الصهاينة، رغم التّزلّف والتطبيع، فهي على من بين الدول التي عززت علاقاتها مع هؤلاء الأعداء، ووفقًا للفريق ديريك فرانس (من القوات الجوية الأمريكية)، الذي نقلته صحيفة واشنطن بوست، فإن أنظمة الرادار الأمريكية لم تحذر السلطات القطرية من هجوم متوقع، وأكدت قطر أن راداراتها لم ترصد الطائرة الصهيونية ( بفعل التشويش أو عدم تفعيلها من قِبَل الجيش الأمريكي) وطلب دونالد ترامب من بنيامين نتن ياهو الاعتذار، وهو ما فعله على مضض يوم 29 أيلول/سبتمبر 2025، ووعد بعدم شن مثل هذه الهجمات مرة أخرى. تمثل قطر الشريك المركزي المتحفظ والمتكتّم في منظومة التعاون الإقليمي مع الكيان الصهيوني، ووفقًا لصحيفة واشنطن بوست، التقى مسؤولون صهاينة وعرب سرًّا ( خلال شهر أيار/مايو 2024) في قاعدة العديد الجوية في قطر، وهي منشأة أمريكية رئيسية، ونصّت مذكرة تنظيمية أمريكية على "منع التصوير، ومنع وصول وسائل الإعلام"، وأُحيطت هذه الاجتماعات، التي "لا تُعتبر رسميًا تحالفًا"، بسِرِّيَّة صارمة.
مُداهنة ونفاق ظاهريا، يتعارض هذا التعاون السري المنتظم مع التصريحات العلنية اللاذعة للقادة العرب، فقد ندد أمير قطر بـ"حرب إبادة جماعية تُشنّ ضد الشعب الفلسطيني" واتهم دولة الكيان الصهيوني بأنها "دولة معادية ومتواطئة في تطبيق نظام الفصل العنصري" في خطاب ألقاه أمام الأمم المتحدة ( أيلول/سبتمبر 2025 ) كما ندّدت السعودية ( آب/أغسطس 2025) بـ"التجويع" و"التطهير العرقي" للفلسطينيين، بينما تحدث قادة مصر والأردن أيضًا عن إبادة جماعية، ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية "كانت واشنطن تأمل أن يُسهّل هذا التعاون العسكري التطبيع السياسي، لكن هذه الاستراتيجية فشلت، إذ يُزعم أنها أخفت حقيقة التوترات، وكشف قصف قطر عن هشاشة النظام: إذ هاجم عضو رئيسي في التحالف الأمريكي عضوًا آخر، بتواطؤ أمريكي..."، إلا أن هذا التعاون الإقليمي لم ينتهِ بعد، فوفقًا لمعلومات أوردتها نفس الصحيفة، نقلا عن الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين: "تخطط القيادة المركزية الأمريكية لإنشاء مركز سيبراني مشترك للشرق الأوسط" بحلول العام 2026، و"مركز دمج معلومات" لتنسيق أنشطة جمع المعلومات الاستخبارية والتجسس، وتلعب السعودية دورًا محوريًا، إذ تشارك المعلومات الاستخبارية التي جمعتها حول سوريا واليمن والعراق مع الولايات المتحدة، وبعد توقيع "السلام الأمريكي" في غزة، تضغط الولايات المتحدة على الأنظمة العربية للتعاون في نزع سلاح المقاومة الفلسطينية والمشاركة في "حكم" بالوكالة، ضمن الخطّة التي صممها وقدّمها جاريد كوشنر، صهر دونالد ترامب (زوج ابنته إيفانكا)، تحت إسم خطة "سلام غزة"، وكن تقديم الخطة مناسبة لعودته بشكل مَسْرَحي ملحوظ إلى المكتب البيضاوي أمام الكاميرات، وقدّم دونالد ترامب خطّةَ صهره يوم الثالث عشر من تشرين الأول/ أكتوبر 2025، إلى الكنيست، مجلس نواب الدولة الصهيونية، وللتذكير: يرتبط جاريد كوشنر بعلاقات أعمال وتجارة مع الملوك العرب ومع عائلة نتن ياهو... تُرَكّز وسائل الإعلام السائد على الأسرى الصهاينة لأنهم جزء من الإمبريالية، بينما تُشير بيانات لجنة حماية الصحفيين (مقرها الولايات المتحدة)، في تقرير نشرته يوم 14 تشرين الأول/اكتوبر 2025، إلى اغتيال مئات الصحافيين والأطباء والمُسعفين، فضلا عن النساء والأطفال، كما تُشير إلى جثث الفلسطينيين الاثنين والخمسين الذين سلّمهم الكيان الصهيوني والذين أسَرَهُم جيش الاحتلال واحتجزهم دون محاكمة، وماتوا تحت التعذيب وتظهر على أجسادهم علامات واضحة على التعذيب والإعدام الميداني، فضلا عن اختفاء أكثر من 2500 فلسطيني اختطفهم الجيش الصهيوني منذ السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2023، وتم جمع الملعومات عنهم، لكن اختفى مئات الأشخاص دون أن يعلم أحد مصيرهم، إن كانوا أمواتا أم معتقلون... لم يكن الرّدّ الشعبي في مستوى المجازر، لكن جرت احتجاجات – رغم القمع – في معظم البلدان العربية، وشارك مواطنون عرب بكثافة في حملات التضامن بمختلف أشكالها، رغم العراقيل، لأن القضية الفلسطينية لا تعني الشعب الفلسطيني فحسب، بل هي قضية عربية بامتياز، فالعدو الصهيوني يعتبرنا جميعًا أعداءه ( وهو مُحِقٌّ في ذلك) وقضية إنسانية أو عالمية لأن ما يحدث في فلسطين هو تكرار لما حدث قبل خمسة قُرون في أمريكا الشمالية من إبادة الشعوب الأصلية واستبدالها بمُسْتعمِرِين مُستوطِنين...
#الطاهر_المعز (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فلسطين الإبادة الجماعية والتَّرَبُّح الرأسمالي
-
الدّعم الخارجي لاقتصاد الحرب في الكيان الصهيوني
-
هوامش قمة شرم الشيخ 13/10/2025
-
فلسطين - تواطؤ -غربي- وعربي في الإبادة
-
تونس خلال عشرية حكم -النّهضة-
-
مُتابعات – العدد الخامس والأربعون بعد المائة بتاريخ الحادي ع
...
-
لحرب التكنولوجية والنفسية - من هواوي إلى تيك توك
-
صهاينة العرب – نموذج عيال سعود
-
كولومبيا والولايات المتحدة من التحالف إلى العداء
-
الإتحاد الأوروبي عملاق اقتصادي وقِزْم سياسي
-
بيرو – من دكتاتورية ألبرتو فوجيموري إلى فساد دينا بولوارتي
-
بنغلادش - صناعة الملابس الفاخرة وبؤس العاملات والعاملين
-
متابعات – العدد الرّابع والأربعون بعد المائة بتاريخ الرابع م
...
-
ملخص القواسم المُشتركة لانتفاضات الجيل زد
-
المغرب – الصحة أهَمّ من كأس العالم
-
مدغشقر - مظاهرات حاشدة، وثراء فاحش وفساد وفقر مُدْقَع
-
الدّعاية إحدى جَبَهات الحرب
-
غذاء – ارتفاع الأرباح وانخفاض جودة المُنتجات
-
إيطاليا - تضامن مع الشعب الفلسطيني
-
متابعات – العدد الثالث والأربعون بعد المائة بتاريخ السابع وا
...
المزيد.....
-
اتفاق غزة يجتاز أول اختبار رئيسي وسط دفع أمريكي لتنفيذ ثاني
...
-
ساركوزي، من رئيسٍ للجمهورية الفرنسية إلى مدانٍ في السجن
-
واشنطن بوست: بوتين يقترح الاحتفاظ بدونيتسك والتخلي عن خيرسون
...
-
كيت بلانشيت تتحدث عن معاناة الفلسطينيين والسودانيين أثناء تك
...
-
بالصور: مسروقات -لا تقدر بثمن- من متحف اللوفر
-
شاهد.. أفكار أموريم التي قادت مانشستر يوناتيد للفوز على ليفر
...
-
هل يكشف وقف إطلاق النار مصير المفقودين في غزة؟
-
نتنياهو يترأس اجتماعا طارئا ويأمر الجيش بتعليق هجماته بغزة
-
شاهد.. مستوطن يضرب مسنة فلسطينية حتى الإغماء برام الله
-
خبير عسكري: إسرائيل تكرر النموذج اللبناني بغزة وتصعيدها مُعد
...
المزيد.....
-
بصدد دولة إسرائيل الكبرى
/ سعيد مضيه
-
إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2
/ سعيد مضيه
-
إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل
/ سعيد مضيه
-
البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية
/ سعيد مضيه
-
فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع
/ سعيد مضيه
-
جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2].
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2].
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة
/ سعيد مضيه
-
اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة
/ سعيد مضيه
-
رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني
/ سعيد مضيه
المزيد.....
|