|
المغرب – الصحة أهَمّ من كأس العالم
الطاهر المعز
الحوار المتمدن-العدد: 8483 - 2025 / 10 / 2 - 13:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يندرج هذا النّص ضمن متابعة الإحتجاجات التي أطلقتها مجموعات شبابية تُسمِّي نفسها "جيل زد" ( Ceneration Z )، سواء في نيبال أو مدغشقر أو المغرب اندلعت خلال شهر أيلول/سبتمبر 2025 فضيحة في مستشفى الحسن الثاني بمدينة أغادير ( المَوْصُوف ب"مستشفى المَوْت")، حيث فقدَت ثماني نساء حياتهن إثر ولادة قيصرية في غضون أسبوع، مما أثار هذا غضبًا في البلاد واحتجاجات على غياب الحد الأدنى من التجهيزات والخدمات الطبية في قطاع الصحة العمومية، فيما تستثمر الدّولة مبالغ ضخمة في مشاريع متعلقة باستضافة دورة 2032 لكأس العالم لكرة القدم، ومنعت السلطة عدة مظاهرات في مُدُن أغادير وتيزنيت وطاطا وبني ملال، كما صدرت مراسيم تحظر جميع التجمعات أمام المستشفيات... تظاهر آلاف المواطنين المغاربة أيام السبت 27 والأحد 28 والإثنين 29 أيلول/سبتمبر 2025، في عدّة مُدن تحت شعار الحق في الصحة والتعليم والعدالة الإجتماعية ومحاربة الفساد، واستخدمت الشرطة القُوة لتفريق واعتقال المتظاهرين، ومن بينهم عشرات الشّبّان وكذلك بعض المناضلين مثل بعض أعضاء الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وبعض مناضلي اليسار، بذريعة "التجمعات غير المرخصة" أو "الإخلال بالنظام العام "... كما منعت الشرطة المتظاهرين ( يوم السبت 27 أيلول ) من الوصول إلى حديقة جامعة الدول العربية في الدّار البيضاء، واعتقلت العديد من المتظاهرين، كما اعتقلت العديد من المتظاهرين في الرباط والمدن الأخرى، وفق وكالة الصحافة الفرنسية التي أشارت إلى حُضور مُكثّف لشباب "جيل زد" ( حركة GENZ212 ) المولودين بين سنتَيْ 1996 و2010، وهم يمثلون حوالي ثمانية ملايين من أصل حوالي ثمانية وثلاثين مليون نسمة، ويتحركون خارج الأُطُر التنظيمية التقليدية، وظهرت مجموعة ( GenZ 212) على منصات الشبكة الإلكترونية، عبر تطبيق ( Discord)، وتقدم نفسها ك"فضاء للنقاش" حول قضايا الصحة والتعليم وحرية الرأي ومكافحة الفساد، و"الحق في حياة كريمة وتعليم مجاني وعالي الجودة، والحق في الرعاية الصحية والأدوية بأسعار معقولة..." ومما يزعج العائلة المالكة ( المَخْزَن) إن هذه الحركة كثفت نشاطها قبل عام واحد من الانتخابات التشريعية المقبلة، ولا تعارض حركة GENZ212 النظام الملكي، بل تعتبره "ضمانةً للاستقرار والوحدة والاستمرارية في المغرب"، وفق منشور نشرته على منصة فيسبوك يوم الواحد والعشرين من أيلول/سبتمبر 2025، لكنها أعلنت عن تحركات أخرى مُسْتَقْبَلاً... يُعاني نحو 25% من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عامًا من البطالة مما جعل مطلب الحصول على عمل أمرًا بالغ الأهمية لهذه الفئة من سُكّان المغرب، وللتذكير انطلقت سنة 2011، حركة مماثلة ( حركة 20 فبراير) قمعتها السلطة بعنف شديد واعتقلت عددا كبيرًا من المتظاهرين، وعَسّرت الدّولة – من خلال تعديل الدّستور - الحُصُول على ترخيص للتجَمُّع أو التّظاهُر، واستخدمت حكومة الإخوان المسلمين هذه القوانين الزّجْرِية لقمع حراك منطقة الريف ( شمال المغرب) أواخر سنة 2026 ومنطقة جرادة ( شرقي المغرب، قريبًا من حدود الجزائر)، بداية سنة 2017، ويتم استخدامها حاليا لقمع المظاهرات السلمية من أجل الحق في التعليم والرعاية الصحية، ويستنكر المتظاهرون إنفاق مليارات الدّولارات وبناء ما قالت السلطات إنه "أكبر ملعب في العالم" في "بن سليمان" بقيمة 470 مليون دولارا، لاستضافة كأس العالم 2030 في المغرب وإسبانيا والبرتغال، وإهمال الدّولة للمتضرّرين من زلزال "الحوز" الذين لا يزالون في الخيام، ولذلك رفع بعض المتظاهرين شعار "الصّحّة أولاً – لا نُريد كأس العالم"... خصوصيات هذه الحركة الإحتجاجية أن أول ما يُثير الإنتباه هو اتساع رقعة الإحتجاجات وامتدادها إلى العديد من المُدُن بسرعة، دون وجود هيكل عمودي أو مركزي، بل كانت الحركة أُفُقِيّة دعت لها مجموعة تُسمي نفسها جيل زد (GenZ 212 )، وتميزت كذلك بوحدة الشعارات والمطالب المتمثلة في التنديد بتدهور خدمات الرعاية الصّحّيّة والتعليم، مع التّأكيد على الطّابع السّلْمي لهذه الإحتجاجات، غير إن أجهزة الأمن ( أي الدّولة) لا تُتْقِن سوى لغة القمع والإعتقال وإغلاق الشوارع واستخدام العنف لمنع المتظاهرين السّلْمِيِّين من الوصول إلى الساحات والشوارع الرئيسية في كافة المدن الكبرى كالدّار البيضاء والعاصمة الرباط ومراكش وطنجة ومكناس وغيرها، وهي ممارسات قارّة لأجهزة القمع التي منعت كذلك التنديد بالعدوان والإبادة الجماعية التي يُمارسها الكيان الصهيوني في غزة، كما قمعت احتجاجات الرابع عشر من أيلول/سبتمبر 2025، بعد وفاة ثماني نساء حوامل جئن لإجراء عملية قيصرية في مستشفى مدينة أغادير، واستفزت "قوات الأمن" المُحتجين المندّدين بنقص المعدّات والأدوية، مما أدّى إلى اشتباكات بين المتظاهرين والشرطة أمام المستشفى، كما تم منع اعتصامَيْن في كل من تزنيت و الصويرة واعتقال عشرات المواطنين، في ظل ركود حركة النضالات الشعبية التي أنهكها القمع وخذلها النّفس القصير للمنظمات والأحزاب التّقدّمية، خصوصًا بعد قَمع حراك الريف وجرادة سنة 2017، وبعد الهجوم المنظم والمتواصل على حرية التعبير وبعد سجن الصحفيين و المدونين و مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، في ظل حومة الإسلام السياسي ثم حكومة رجال الأعمال، وارتفاع الدّيْن الخارجي الذي يُؤدِّي إلى التّطبيق الصّارم لتعليمات صندوق النقد الدولي والبنك العالمي والدّائنين الآخرين، وتمثل برنامج صندوق النقد الدولي في تعميم الوظائف الهشة في قطاعات التعليم والصحة خلاصة خاض الشعب المغربي نضالات متعدّدة خلال العقدَيْن الأخيرَيْن ومن أهمها على مختلف الجبهات، ومن انتفاضة 20 فبراير 2011، وانتفاضة منطقة الريف بنهاية 2016 وبداية 2017 وانتفاضة منطقة جرادة ( منطقة منجمية شرقي المغرب)، بنهاية سنة 2017 وبداية 2018، والنضالات الطويلة للمُدرّسين المتعاقدين التي استمرت قرابة العامَيْن من 2021 إلى 2023، وغيرها من النضالات القطاعية والإقليمية. شنت وسائل الإعلام الموالية للحكومة حملة إعلامية ضدّ المتظاهرين الذين تتهمهم بالعمالة وبخدمة جهات متطرفة او خارجية، رغم عدم انخراط النقابات أو أحزاب اليسار بشكل مباشر، واقتصارها على مشاركة مناضليها بشكل فردي، أو الإكتفاء بالمُساندة بالبيانات والتنديد بالقمع البوليسي، ولذلك يمثل "جيل Z 212 " شكلاً جديدًا من أشكال طَرْح المطالب الاجتماعية، كالشُّغل والصحة والتّعليم، لكنه ليس في مأمن من الإحتواء من قِبَل المنظمات التي تحاول استغلال الإحتجاجات لأغراض انتخابية، أو القوى التي تُصمّم وَتُنْجِزُ "الثورات المُلَوّنة"، كما حصل في بنغلادش، أو كما حصل جُزْئِيًّا في نيبال... تعاملت الحكومة المغربية مع كافة أنواع الإحتجاجات بالعنف الشّديد واعتقال مئات المتظاهرين والمُحتجِّين، خصوصًا خلال السنتَيْن الأخيرتَيْن ( أي منذ العدوان الصهيوني والإبادة الجماعية في غزة)، في ظل تدهور الوضع الاجتماعي وغرق النّظام في وحل التطبيع مع الكيان الصهيوني والإنخراط في الأنشطة الصهيونية مثل”المنتدى النسائي العالمي من أجل السلام” الذي يستخدم القضايا الخُصُوصية للنساء لترسيخ التّطبيع، والحج – باسم الدّيانة اليهودية – إلى مدينة الصويرة والدعاء للجيش الصهيوني، وتنفيذ المخططات الامبريالية الأمريكية في منطقة المغرب العربي وإفريقيا الغربية والمنطقة المُحيطة بالصّحراء الكبرى... طالب المُشاركون في حراك الشباب (جيل زد) بالحق في الشغل والسّكن والصحة والتعليم، وبالحريات الأساسية، فضلا عن التنديد بالفساد وهي مطالب تتجاوز فئة الشباب لتشمل معظم المواطنين الذين يعانون من الفساد واحتكار الثروة من قِبَل أقلّيّة مُقرّبة من الأُسْرة الحاكمة، ومن تدهور الأوضاع الاجتماعية ومن البطالة، فيما ترفع الدّوْلَةُ الإنفاق على البنية التحتية وإنجاز الملاعب التي سوف تحتضن كأس العالم لكرة القدم والذي يستخدمه النّظام القائم كواجهة بَرّاقة خداعة لا تعكس حقيقة الوضع العام بالبلاد المُتّسم بالفقر وارتفاع الأسعار والهشاشة والبطالة وتدهور الخدمات العمومية وبالقمع الوحشي والإعتقالات والتطبيع والصَّهْيَنَة والتّبَعِيّة للإمبريالية وتطبيق تعليمات صندوق النقد الدّولي والبنك العالمي والدّائنين، ومن بينها: خفض النفقات الاجتماعية وإلغاء دعم السلع والخدمات الأساسية وخصخصة المرافق وخفض القيمة الحقيقية للأجور ومعاشات التقاعد وتقييد حق الإضراب... خاتمة: دعت مجموعة "جيل زد 212" (GENZ 212 ) إلى مظاهرات سلمية في عدة مدن مغربية أيام 27 و28 و29 أيلول/سبتمبر 2025، للتنديد بتدهور قطاعي التعليم والصحة، وقمعت الشرطة المتظاهرين بعنف، واعتقلت مئات الشباب، وجاءت هذه المظاهرات في ظل تزايد القيود على الحريات الأساسية، وتهميش مطالب مختلف الفئات الشعبية، وانعدام آفاق الشباب الذين عبروا من خلال هذه التحركات عن رفضهم للسياسات الاقتصادية والاجتماعية التي أدت إلى الفقر والبطالة وتدهور الظروف المعيشية لغالبية السكان، بينما تستولي أقلية على السلطة والثروة. إنها حركة شبابية جريئة تحمل شعلة انتفاضة 20 فبراير ( شباط) 2011، كسرت حاجز الخوف وعبرت عن غضبها ومطالبها المشروعة في الشوارع والأماكن العامة، من أجل تحسين الخدمات الصحية والتعليمية، وضد الاحتقار والظلم الاجتماعي واحتكار الثروات من قِبل أقلية، وتجدر الإشارة إلى بعض الشعارات التي تُطالب بمحاسبة أصحاب السلطة، دون مساءلة النظام ككل والذي يُشكّل أساس التفاوتات الطبقية وعدم المساواة، أو مساءلة النظام الملكي الذي يُعتبر خطًا أحمر في المغرب الذي لم يكن سبّاقًا بل إن مثل هذه الإحتجاجات ( احتجاجات "جيل Z" ) امتدّت دون مساءلة طبيعة النظام السياسي والاقتصادي، من نيبال إلى المغرب، مرورًا بمدغشقر، ودول أخرى، لتتمحور هذه النضالات حول رفض الهشاشة والفساد والظلم الاجتماعي وعدم المساواة الاقتصادية، التي أدّت إلى تَوسيع الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وتنعكس هذه التفاوتات في مجالات الحصول على عمل لائق والسكن والصحة والتعليم والثقافة والترفيه وغيرها.
#الطاهر_المعز (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مدغشقر - مظاهرات حاشدة، وثراء فاحش وفساد وفقر مُدْقَع
-
الدّعاية إحدى جَبَهات الحرب
-
غذاء – ارتفاع الأرباح وانخفاض جودة المُنتجات
-
إيطاليا - تضامن مع الشعب الفلسطيني
-
متابعات – العدد الثالث والأربعون بعد المائة بتاريخ السابع وا
...
-
فرنسا - الضّغْط يُوَلِّدُ الإنفِجار
-
خرافة الإعتراف بدُوَيْلَة فلسطينية
-
أوكرانيا -نموذج الحرب بالوكالة
-
نيبال - الجزء الثاني والأخير - فشل تجربة سُلْطة اليسار
-
متابعات – العدد الثاني والأربعون بعد المائة بتاريخ العشرين م
...
-
نيبال، خلفيات الإنتفاضة: فجوة طبقية وفساد مُتأصّل
-
انبطاح الحُكّام العرب
-
أوروبا: الهجرة بين الدّعاية الإنتخابية وواقع الأرقام والبيان
...
-
سوريا: الدّوْر الوظيفي للدّين السياسي الإرهابي
-
بإيجاز - حَدَثَ ذات 11 أيلول/سبتمبر
-
مُتابعات – العدد الواحد والأربعون بعد المائة بتاريخ الثّالث
...
-
ارتباط الفساد بالإستغلال والإضطهاد والتّجسّس – عشيرة -ماكْسْ
...
-
العربدة الصهيونية من تونس إلى الدّوْحَة
-
فرنسا: أزمة سياسية واقتصادية
-
المقاطعة كشكل من المقاومة
المزيد.....
-
وزير الخارجية المصري يُعلق على تطورات مناقشات رد -حماس- على
...
-
الدفاع المدني في غزة.. خط الدفاع الأخير بإمكانيات شبه معدومة
...
-
بوتين يحذر من استفزاز روسيا ويتوعد بردٍّ ساحق: مرحلة الإملاء
...
-
زهير الركاني يحرج رئاسة جماعة تطوان بمداخلة قوية حول احتجاجا
...
-
ميرتس يهدد بوتين باستعمال أصول روسية لمساعدة أوكرانيا
-
صلاح يثير جدلا على المنصات بعد -رفضه التوقيع- على قميص منتخب
...
-
كيث أوربان يُغيّر كلمات أغنية مستوحاة من نيكول كيدمان
-
هل سد النهضة هو السبب في فيضانات السودان؟
-
بريطانيا تصنف الاعتداء على كنيس مانشستر بـ -الإرهابي-
-
السجن 174 عاما لـ 7 رجال في بريطانيا بعد إدانتهم في قضية -ال
...
المزيد.....
-
التاريخ يكتبنا بسبابته
/ د. خالد زغريت
-
التاريخ يكتبنا بسبابته
/ د. خالد زغريت
-
جسد الطوائف
/ رانية مرجية
-
الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025
/ كمال الموسوي
-
الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة
/ د. خالد زغريت
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
المزيد.....
|