أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - ارتباط الفساد بالإستغلال والإضطهاد والتّجسّس – عشيرة -ماكْسْوِيل-















المزيد.....


ارتباط الفساد بالإستغلال والإضطهاد والتّجسّس – عشيرة -ماكْسْوِيل-


الطاهر المعز

الحوار المتمدن-العدد: 8463 - 2025 / 9 / 12 - 09:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مقدّمة

نَشرت وزارة القضاء الأمريكية يوم الجمعة 29 آب/أغسطس 2025 محضر استجواب أجري حديثاً مع غيسلين ماكسويل، الشريكة السابقة لجيفري إبستين – التي تقضي عُقوبة بالسجن عشرين عامًا بسبب استدراجها فتيات قاصرات للسهرات الماجنة التي ينظمها جيفري إبستين - أكدت فيه أنها لم تلحظ "أبداً" سلوكاً غير لائق من جانب ترمب "مع أي كان"، ونشرت إحدى لجان مجلس النواب الأميركي مساء الثلاثاء 02 أيلول/سبتمبر 2025 أكثر من 33 ألف صفحة من الوثائق التي زودتها بها وزارة القضاء، والمتعلقة بقضية رجل الأعمال الراحل جيفري إبستين، المتهم بارتكاب جرائم جنسية وباستغلال قاصرات جنسياً، وتُحقّق اللجنة في الإتهامات المُوَجَّهَة لإدارة دونالد ترامب بشأن "التّعتيم وانعدام الشفافية" في هذه القضية، فضلا عن الشكوك بشأن وفاة جيفري إبستين في السجن انتحارًا، سنة 2019، قبل المحاكمة بتهمة الاتجار الجنسي بقاصرات، واحتمال اغتياله لمنعه من الكشف عن تفاصيل محرجة تعني شخصيات بارزة، خصوصًا بعد نَشْرِ صحيفة "وول ستريت جورنال" خلال شهر تموز/يوليو 2025، تقريراً عن العلاقات الحميمة بين دونالد ترامب وجيفري إبستين، وهدّدَ دونالد ترامب برفع دعوى قضائية ضد صحيفة "وول ستريت جورنال"، مطالباً بتعويضات ضخمة...



شبكة فساد الأثرياء

راجت شائعاتٌ حول إمكانية العفو الرئاسي عن غيسلين ماكسويل التي تمت محاكمتها وإدانتها وسجنها لمدة عشرين عامًا بتهمة الاتجار الجنسي بالقاصرين، ضمن ملفات "جيفري إبستين" التي تورّط فيها كذلك الرئيس دونالد ترامب نفسه، وبعد تسريب أَدِلّة تؤكّد العلاقة بين ترامب وإبستين (والتي أنكرها دونالد ترامب) وشملت الأدلة بطاقة تهنئة أرسلها ترامب لإبستين، تحمل رسمًا يدويًا لامرأة عارية مصحوبًا بعبارة "عيد ميلاد سعيد"، وبعد بضعة أيام من هذا التّسْرِيب، تم نَقْلُ غيسلين ماكسويل إلى سجن ذي إجراءات أمنية مشددة في برايان ( تكساس ) في إجراء نادر للغاية، حيث لا يُسمح عادةً بنقل النساء المُدانات بجرائم جنسية، ولا المحكوم عليهن بالسجن لأكثر من عشر سنوات، إلى مثل هذه المنشآت.

ساعدت غيسلين ماكسويل لسنوات عديدة، شريكَها جيفري إبستين في الاتجار بالفتيات القاصرات والشابات واغتصابهن من قِبَلِ أعيان ومليارديرات وعلماء ومشاهير وسياسيين، بمن فيهم ترامب، خلال سهرات ماجنة، ينظّمها جيفري إبستين، ضمن شبكة ضخمة للجرائم الجنسية، وكانت غيسلين ماكسويل تعتبر دونالد ترامب أقرب صديق لها، وخلال سنة 2021، بعد سنتَيْن من الوفاة الغامضة لجيفري إبستين في سجن مانهاتن، حُكم على ماكسويل بالسجن لمدة عشرين عامًا بتهمة الاتجار الجنسي بالقاصرين، وكان دونالد ترامب – الذي تُحيط به الشّكوك المُبَرَّرَة – قد وَعَد خلال حملته الإنتخابية بنشر ملفات إبستين، إلا أن هناك مؤشراتٍ متزايدة على أن إدارة ترامب تُعدّ عفوًا رئاسيًا عن هذه القَوّادَة من "الطبقة الراقية"، لشراء صمْتِها، بعد تسريب أخبار من الكونغرس ومن إدارة البيت الأبيض تُؤَكّد وجود عملية تَسَتُّرٍ حكوميةٍ، فضلا عن شَطْبِ مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) اسم ترامب من ملفات جيفري إبستين، التي لم تُنشر بعد، رغم وعود ترامب لمّا كان مُرشّحًا للرئاسة...

غيسلين ماكسويل هي ابنة روبرت ماكسويل، القطب الإعلامي والجاسوس لصالح الكيان الصهيوني، وهي بدورها لم ترتكب جرائم أخلاقها (الإتّجار بالقاصرات) فحسْب بل لها صِلات بأجهزة الأمن والتّجَسُّس الأمريكية والصهيونية، من خلال صلات والدها، قطب الإعلام ورائد الأعمال في مجال التكنولوجيا، روبرت ماكسويل ( أصيل تشيكوسلوفاكيا) الذي ساهم في تهريب الأسلحة التشيكية ( بما فيها طائرات حربية) إلى الحركة والمليشيات الصّهيونية، بعد الحرب العالمية الثانية، بتواطؤ من بريطانيا والولايات المتحدة، ومكّنته علاقاته بالمخابرات الصهيونية والأمريكية، خلال عقد الستينيات من القرن العشرين، من الإستحواذ على شركات التكنولوجيا التي استخدم الكيان الصهيوني تطبيقاتها البرمجية لتنفيذ عمليات تجسُّس سِرِّيّة حول العالم، وتمت مُساعدة روبرت ماكسويل على إنشاء إمبراطورية تجارية ضخمة تضم 350 شركة، ويعمل بها 16 ألف موظف، كما امتلك العديد من الصحف، منها صحيفة نيويورك ديلي نيوز، وصحيفة ديلي ميرور البريطانية، وصحيفة معاريف الصهيزمية، بالإضافة إلى بعض دور النشر العلمية الأكثر تأثيرًا في العالم، ممّا ساعده على الجمع بين القوة المالية والتّأثير السياسي، وتم انتخابه – سنة 1964 - عضوا في البرلمان البريطاني وكان من أقرب أصدقائه وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنغر والزعيم السوفييتي المُرتدّ ميخائيل غورباتشوف الذي ساهم في انهيار الإتحاد السّوفييتي، واستغل ماكسويل نفوذه لتعزيز المصالح الصّهيونية، وباع تطبيقات شركاته بفلسطين المحتلة التي مكّنت الإستخبارات الصهيونية من جَمْعِ المعلومات الإستخبارية من روسيا والولايات المتحدة وبريطانيا ودول أخرى عديدة، وتضمنت هذه التطبيقات منفذًا خلفيًا "إسرائيليًا" سريًا سمح للموساد بالاطلاع على معلومات سرية جمعتها حكومات وأجهزة استخبارات حول العالم، وساهمت هذه المعلومات في توسيع شبكات التجسّس للكيان الصهيوني خصوصًا عندما كان خُبَراؤه يُطوّرون برنامجًا سِرِّيًّا للأسلحة النّوَوية بتواطؤ من فرنسا ( التيار الذي أصبح يُسمى "الحزب الإشتراكي" )، وفق ما كشفه مردخاي فعنونو الذي سرّب، سنة 1986، الأدلة إلى الصحافة البريطانية، وأبلغ ماكسويل السفارة الصهيونية في لندن عن مكان اختباء مردخاي فعنونو، مما أدى إلى اعتقاله وسجنه، وتوفِّيَ روبرت ماكسويل سنة 1991، في ظروف غامضة، حيث عُثر على جثته في جزر الكناري فيما وُصف بـ"حادث غريب"، فقد أفادت الرواية الرسمية إنه سقط من يَخْتِهِ وغرق فَمات...

تأكدت شائعات عمل روبرت ماكسويل جاسوسًا صهيونيا لعدّة عقود، بعد إقامة جنازة رسمية فخمة في القدس، ودُفن جثمانه على جبل الزيتون، أحد أقدس المواقع اليهودية، وهو المكان الذي يُقال إن المسيح عرج منه إلى السماء، وحضَر الجنازة وحَفءل التّأبين ممثلون عن الحكومة والمعارضة و ما لا يقلُّ عن ستةٍ من رؤساءِ أجهزةِ الاستخباراتِ وألقى حاييمُ هرتسوغ - رئيس الكيان آنذاك - كلمةً تأبينية، كما تحدّثَ رئيسُ الوزراءِ إسحاقُ شامير مُعلنًا "قدّم ماكسويل لإسرائيلَ أكثرَ مما يُستحقُّ التقدير..."

أما في بريطانيا، فاشتهر روبرت ماكسويل بأنه رجل ثري ذو سُمعة سيئة للغاية، ويتذمر العاملون في شركاته من سوء ظروف العمل، وكتبت الصّحف البريطانية، عند وفاته، إنه كان يُدير مُؤسّساته الإعلامية بقبضةٍ من حديد، على غرار روبرت مردوخ، قطبٌ إعلاميٌّ آخر ذو علاقاتٍ وثيقةٍ بإلكيان الصهيوني، واكتشف العاملون بعد وفاته إنه سرق أكثر من 500 مليون دولار من صندوقٍ تقاعديٍّ ( أي من اشتراكات الأجراء) لإنقاذ شركاتٍ أخرى مُفلسةٍ في شركته القابضة، مُخلّفًا وراءه خططَ معاشاتٍ تقاعديةً للعمال، علّقت صحيفة سكوتسمان سنة 2001: "كان أكبرَ سارقٍ في تاريخ الجريمة البريطانية".

كانت إيزابيل ماكسويل، ابنة روبرت ماكسويل والأُخت الكُبْرى لغيسلين ماكسويل تُسمّى "عَيْن إسرائيل في وادي السيليكون"، ولما حصلت على نسخة من السيرة الذاتية التي كتبها غوردون توماس و مارتن ديلون عن والدهما، قبل نشرها، سافرت على الفور إلى فلسطين المحتلة، حيث عرضتها على ديفيد كمْحِي، صديق العائلة ونائب مدير الموساد، ليأخذ احتياطاته ويُهيء الرّد على الإتهامات الواردة في الكتاب، وتفضل العلاقات الواسعة والمشبوهة للوالد (روبرت ماكسويل) كان المسيرة المهنية لإيزابيل وأختها التّوأم كريستين طويلة وناجحة في قطاع التكنولوجيا، وأسّست الشقيقتان التّوْأمان – سنة 1992 - شركةً طورت مُحرّك ماجلاّن، أحد أوائل محركات البحث على الإنترنت، وبعد فضيحة سرقة والدها أموال صندوق التقاعد، باعت هي وإخوتها محرك البحث لشركة إكسايت، محققين أرباحًا طائلة.

كتبت صحيفة هآرتس الصهيونية، سنة 2001: " كرّست إيزابيل ماكسويل حياتها لتعزيز مصالح إسرائيل في وادي السيليكون، حيث كانت سفيرةً رئيسيةً للإسرائيليين في عالم التكنولوجيا، وقد أنشأت مكانةً مميزةً شكّلت حلقة وصل بين الشركات الإسرائيلية في مراحل تطورها الأولى والمستثمرين الأمريكيين، وفي الوقت نفسه، ساعدت الشركات الأمريكية المهتمة بافتتاح مراكز تطوير في إسرائيل..."

يُعَدُّ الكيان الصّهيوني مصدرًا للعديد من أدوات التجسس والاختراق الأكثر فعالية، والتي تستخدمها العديد من الحكومات حول العالم لمراقبة المعارضين السياسيين ومضايقتهم، بل وحتى قتلهم، ويشمل ذلك تطبيق "بيغاسوس" الذي استخدمتها بعض الأنظمة العربية، مثل السعودية والمغرب لملاحقة المعارضين، واستخدمه المغرب للتجسس لصالحه ولصالح الكيان الصهيوني في أوروبا...

اعتمدت إيزابيل ماكسويل على علاقات والدها السياسية لتطوير علاقات وثيقة مع العديد من القادة الصّهاينة، من بينهم رؤساء حكومات ( إيهود باراك وإيهود أولمرت...) كانوا أصدقاء وزبائن سهرات إبستن وغيسلين ماكسويل الماجنة، وكانت إيزابيل ماكسويل، خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين من المُشاركين بانتظام في مؤتمر هرتسليا، وهو اجتماع سنوي مغلق لكبار المسؤولين السياسيين والأمنيين والاستخباراتيين الصّهاينة، كما كانت رائدة في مجال التكنولوجيا في المنتدى الاقتصادي العالمي، وتم تعيينها في مجلس إدارة مركز سيمون بيريز للسلام والابتكار، الذي تموله حكومة الإحتلال الصّهيوني والأصدقاء الأميركيون ل"مركز إسحاق رابين للدراسات الإسرائيلية"، وهما منظمتان مرتبطتان ارتباطًا وثيقًا برئيس الوزراء الصهيوني، وأصبحت إيزابيل ماكسويل، سنة 2001، تُشرف على برنامج (iCognito ) وهي تقنية مصممة للحفاظ على أمان الأطفال عبر الإنترنت، في نفس الوقت الذي كانت فيه أختها غيسلين تتاجر بهم وتسيء معاملتهم...

تم تعيين إيزابيل ماكسويل، سنة 1997، رئيسةً لشركة كومتوتش الصّهيونية لتكنولوجيا الأمن، وبفضل علاقاتها، حصلت الشركة على استثمارات من العديد من أبرز المضاربين في وادي السيليكون، بمن فيهم بيل غيتس، وهو صديق مقرب من عائلة ماكسويل، وإبستاين نفسه.

"أما كريستين، الأُخت التّوأم لإيزابيل فهي خبيرة في قطاعَيْ النشر والتكنولوجيا، وأسست شركة تحليل البيانات "شيلياد". وساهمت في الإشراف على إنتاج قاعدة بيانات ضخمة لمكافحة الإرهاب باعتها الشركة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) خلال ذروة "الحرب على الإرهاب"، وهو التّطبيق الذي ساعد إدارة بوش الإبن على قمع المسلمين الأمريكيين وتقييد الحريات المدنية المحلية، من خلال قانون "باتريوت أكْتْ"، في أعقاب تفجيرات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001، وهي اليوم الرئيسة التنفيذية والمؤسس المشارك لشركة أخرى لقواعد البيانات، "تكتونيك إنسايت"، وهي مرتبطة، مثل أُخْتَيْها ووالدها بعلاقة وثيقة بالكيان الصهيوني، وتُدرّس في "معهد دراسة معاداة السامية العالمية والسياسات" (ISGAP)، ويستخدم المعهد التقنيات الحديثة لمكافحة "معاداة السامية المعاصرة" والحفاظ على وتيرة وابل الإعلام والتحليلات بشأن قمع وسجن وقتل اليهود من قِبَل نظام ألمانيا النّازي ( الهولوكوست ) ومطاردة كل من يتجرّأ على نقد ممارسات الكيان الصهيوني، ناهيك عَمّن يُحاربونه، ويخضع معهد ( ISGAP ) لسيطرة المخابرات الصهيونية ويموله الكيان الصهيوني وتبرعات الأثرياء الصهاينة، وتضم قيادته ناتان شارانسكي، وزير الداخلية ونائب رئيس الوزراء الصهيوني السابق، وآلان ديرشويتز، محامي جيفري إبستين، وكان للمعهد دورٌ رئيسي في قرار الحكومة الأمريكية قمع الاحتجاجات في الجامعات الأمريكية على ممارسات الكيان الصهيوني في جميع أنحاء البلاد سنة 2024، كما لَفّقَ المعهد وفَبْرَكَ أكاذيب تدّعي ارتباط قادة الإحتجاجات الطلابية بـ"منظمات إرهابية أجنبية"، واعتمدت إدارة الجامعات هذه "الحُجَج" الزائفة لطَرْد الطّلبة وإبلاغ الشرطة التي اعتقلتهم، ويُحذّرُ معهد ( ISGAP) بشكل مستمر من "النفوذ الأجنبي" في الجامعات الأمريكية، ويُلفّق التقارير لهذا الغرض، ويعقد الندوات لكشف "الَخَنْق" المزعوم لنظام التعليم العالي الأمريكي من قبل المُحتجّين على الممارسات الصهيونية، ويطالب المعهد مؤسسات التعليم ووسائل الإعلام ب"محاربة المشاعر المناهضة للصهيونية المتزايدة بين الشباب في الولايات المتحدة"

كشف تحقيق نُشِرَ سنة 2018: "إن وزارة الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية (التي كان يرأسها آنذاك الجنرال فاكنين-جيل) حوّلت 445 ألف دولار أمريكي إلى معهد ( ISGAP) أو ما يُعادل 80% من إجمالي الإيرادات المُعْلَنَة للمعهد، ولم يُفصح المعهد عن هذه المعلومات المتعلقة بالتمويل، لا للجمهور أو للحكومة الأمريكية، في ذروة المخاوف بشأن "التدخل الأجنبي في السياسة الأمريكية" الذي يُحذّر منه هذا المعهد الصهيوني، ولم ينتشر الخبر إلا بصعوبة. ومنذ ذلك الحين، واصلت الحكومة الصهيونية تمويل المعهد بملايين الدولارات، ففي سنة 2019، على سبيل المثال، وافقت على منحة تزيد عن 1,3 مليون دولارا لمعهد ( ISGAP ) وبالتالي، فإن كريستين ماكسويل، بصفتها مُدرّسة وباحثة في المعهد، هي المستفيدة المباشرة من أموال الحكومة الصهيونية. ألا يُعتَبَرُ ذلك تدخُّلا أجنبيا في السياسة الأمريكية؟



الجيل الثالث من عائلة ماكسويل داخل حكومة الولايات المتحدة.

بينما كانت بنات روبرت ماكسويل قريبات من مواقع السلطة، شغل بعض أفراد الجيل الثالث من عائلة ماكسويل مناصب في الحكومة الأمريكية نفسها. بعد تخرجه من الجامعة بفترة وجيزة، عيّنت هيلاري كلينتون أليكس جيراسي، نجل إيزابيل ماكسويل، في حملتها الرئاسية 2007-2008. كتب جيراسي إحاطات إعلامية وأوراق سياسات لفريق كلينتون، وساعدها في إعدادها لأكثر من 20 مناظرة.

تربط عائلتا كلينتون وماكسويل علاقة وطيدة. قضت غيسلين إجازة مع تشيلسي، ابنة هيلاري، وحضرت حفل زفافها. دُعيت هي وإبستين إلى البيت الأبيض عدة مرات من قِبل آل كلينتون. بعد فترة طويلة من سجن إبستين، دعا الرئيس بيل كلينتون غيسلين إلى عشاء حميم معه في مطعم فاخر في لوس أنجلوس.

رغم فشل مساعيها للوصول إلى البيت الأبيض، شغلت هيلاري كلينتون منصب وزيرة الخارجية في عهد أوباما، وكان من أوائل قراراتها تعيين جيراسي في فريقها. أصبح أليكس جيراسي رئيسًا لهيئة موظفي مكتب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، وتَخَصَّصَ في تطوير السياسة الأمريكية تجاه الكيان الصهيوني وإيران، كما ساهم في قرار الإحتلال الأمريكي للعراق، ورافق هيلاري كلينتون في زياراتها إلى فلسطين المحتلة والبلدان العربية.

شغل أليكس جرايسي منصب ممثل الحكومة الأمريكية في مؤتمري أصدقاء ليبيا وأصدقاء الشعب السوري- أثناء عمله في وزارة الخارجية الأمريكية - وهما منظمتان تعملان على الإطاحة بالحكومتين واستبدالهما بأنظمة عَمِيلة للولايات المتحدة، وبذلت الولايات المتحدة ( وكذلك دول أوروبا) ما في وسعها للإطاحة، سنة 2011، بالرئيس الليبي الذي قُتِلَ وحل محله أمراء حرب إسلاميون، وفي سوريا تم حصار البلاد في ظل حرب دامت 13 سنة واحتلال أجزاء منها من قِبَل الولايات المتحدة وتركيا ( حلف شمال الأطلسي) والقصف الصهيوني المستمر، إلى أن تمت الإطاحة بالنظام واحتلال الكيان الصهيوني جنوب سوريا وممرات المياه ( كانون الأول/ديسمبر 2024) ونصّبت تركيا تنظيم النّصْرة ( فرع القاعدة في سوريا) لحكم البلاد تحت إشراف تركي أمريكي صهيوني...

انضمّ أليكس جيراسي لاحقًا إلى مؤسسة كارنيغي للسلام، متخصّصًا مجددًا في سياسات "الشرق الأوسط" وموقع وتأثير الكيان الصهيوني، وقضايا الديمقراطية والمجتمع المدني العربي، والانتفاضات العربية، قبل العمل في مجمع التكنولوجيا بوادي السيليكون ( كاليفورنيا)، وانضم أليكس جيراسي إلى جناح كلينتون في الحزب الديمقراطي، منذ سنة 2008، ودعم ابن عمه كزافييه مالينا (ابن كريستين ماكسويلز) وكافأه ثنائي بارك أوباما ونائبه جوزيف بايدن بمنصب في البيت الأبيض، حيث أصبح مساعدًا للموظفين في المكتب التنفيذي للرئيس، كما حصل ابن عمه كزافييه مالينا أيضًا على وظيفة في مؤسسة كارنيغي للسلام قبل أن تنطلق في مسيرته المهنية في مجال التكنولوجيا، في غوغل ثم في ديزني.



من الإفلاس إلى "مكافحة الإرهاب"

يتمتع الأخوان إيان ماكسويل وكيفن ماكسويل ( الذي تجاوزت ديونه خمسمائة مليون دولارا) بنفوذ كبير في بريطانيا العظمى وفي الولايات المتحدة وفي فلسطين المحتلّة، وأدّى هذا النّفُوذ إلى تبرئتهما من تهمة مساعدة والدهما، روبرت ماكسويل، على نهب صندوق معاشات موظفي مُؤسّساته، وتوسع نفوذ عشرية ماكسويل من الإعلام إلى "الأمن"، وأسّس ورثة روبرت ماكسويل سنة 2028 مجموعة متطرفة بهدف "مكافحة الإرهاب والتطرف الجهادي " (CoJiT) والدّعوى إلى تشديد مراقبة المسلمين في بريطانيا والمجتمعات "الغربية" بذريعة "مكافحة الإسلام المتطرف"، وأصبحت هذه المنظمة ( CoJiT ) تتمتع بنفوذ كبير وتضم العديد من المسؤولين في جهاز الدولة، مثل والمفوضة الحكومية الرئيسية لمكافحة التطرف ( سارة خان)، وجوناثان إيفانز، المدير السابق لجهاز الاستخبارات الداخلية البريطاني MI5بين سنتَيْ 2018 و 2022، وشنّ الإخوان إيان وكيفن ماكسويل حملة لتحرير أختهم غيسلين ماكسويل المحكومة بعشرين سنة سجنًا في الولايات المتحدة، بسبب تورّطها فيما سُمِّي "شبكة ماكسويل وإبستاين للإتجار بالجنس"، حيث أشرفت غيسلين ماكسويل مع جيفري إبستاين، لعدّة سنوات، على إدارة شبكةً للاتجار بالجنس التي استغلّت مئات الفتيات والشابات، وكان الثُّنائي المُشرف على الشّبكة مرتبطًا بشبكات واسعة من "النُّخَب " السياسية ( مثل بيل كلينتون ودونالد ترامب ) وكذلك "النُّخَب" الإقتصادية والإعلامية الدّولية، ومليارديرات ورجال أعمال وأفراد من العائلات المالكة في أوروبا ومن الأكاديميين وقادة أجانب من بين أقرب معارفهما، وراجت العديد من الرّوايات عن ظروف لقاء إبستين بعائلة ماكسويل لأول مرة، ومن بينها إن روبرت ماكسويل هو من جنّد إبستين في المخابرات الصّهيونية، ويزعم آخرون أن العلاقة لم تبدأ إلا بعد وفاة روبرت ماكسويل، عندما أنقذ إبستين العائلة من ضائقة مالية، وأثبتت وثائق المحكمة ولجان الكونغرس الأمريكي إن الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون سافر 17 مرة على متن طائرة إبستاين الخاصة وقطار "لوليتا إكسبريس"، واتهمته ضحية إبستاين، فيرجينيا جيوفري، بزيارة منزل إبستاين الخاص في منطقة البحر الكاريبي، حيث وقعت العديد من أسوأ الجرائم الجنسية، كما سافر دونالد ترامب على متن قطار "لوليتا السريع"، وشارك في الحفلات الماجنة...



علاقات إبستين بالتجسس

قبل سنوات من نشْر وثائق عن علاقات جيفري إبستين بالاستخبارات، كتبت وسائل الإعلام عن علاقاته بوكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية والإستخبارات الصهيونية ( موساد)، إلى أن تباهى جيفري إبستاين نفسه بعمله مع وكالات المخابرات، طوال تسعينيات القرن العشرين، والتقى – سنة 2014 - ثلاث مرات بوكيل وزارة الخارجية ويليام بيرنز، الذي عُيّن لاحقًا مديرًا لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وكان من المُقرّبين لإيهود باراك، رئيس الوزراء ووزير الخارجية ووزير الحرب الصهيوني، بين سنتَيْ 2013 و 2017، حيث سافر باراك إلى نيويورك أكثر من ثلاثين مرة للقاء القَوّاد إيبساين، وكان يصل أحيانًا إلى قصره في مانهاتن متخفيًا أو مرتديًا قناعًا لإخفاء هويته، وشهدت صديقة سابقة لإيبستاين أُشير إليها في وثائق المحكمة باسم "جين دو 200" لإخفاء هويتها، عن علاقات إبستين المتطورة بالمخابرات الصّهيونية وكان يتباهى بكونه عميلًا للموساد، وأنها بعد اغتصابها، لم تتمكن من الذهاب إلى الشرطة لأن منصبها كجاسوسة جعلها تخشى على حياتها، وجاء في ملف المحكمة أن "دو كانت تعتقد حقا أن أي إبلاغ عن الاغتصاب من قبل من اعتقدت أنه عميل للموساد له صلات فريدة في جميع أنحاء العالم من شأنه أن يؤدي إلى الإعتداء عليها أو اغتيالها"، واعترف مسؤول سابق في الإستخبارات الصهيونية ( آري بن مناشيه) إن إبستين وغيسلين ماكسويل جاسوسان، ويُجنّدان عُملاء آخرين ، وفق مجلة رولينغ ستون التي أشارت إن عائلة ماكسويل لا تزال تحتفظ بعلاقات واسعة مع سلطات الولايات المتحدة وبريطانيا والكيان الصهيوني، وإن الكشف عن مجمل أنشطتها تؤدّي إلى تجريم عدد كبير من أقوى الأفراد والمنظمات في العالم، وهو السبب الذي دَفَع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى التّنكّر لوعده بفتح ملفات إبستين، ومنحه العفو...



خاتمة:

تدّعي بريطانيا والولايات المتحدة إنهما مَهْد الدّيمقراطية، وتَشُن هذه الدّول حملات وغزوات وحروب لتغيير أنظمة بلدان أخرى بالقوة، بذريعة الدّفاع عن الدّيمقراطية، وتُبَرهن بعض الأمثلة التي تطْفُو رائحتها إلى السّطح على تعفّن الفئات التي تحكم هذه الدّول "الدّيمقراطية" ومدى ارتباط رموز السُّلطة السياسية بشبكات الإستغلال الفاحش – بما فيه الإستغلال الجنسي للأطفال – والإضطهاد والفساد والتّجسّس وجمَعَ دونالد ترامب جميع هذه السَّوْءات في شخصه، ومع ذلك يتمكّن الأثرياء من ذوي النُّفُوذ من الإفلات من العقاب والمُحاسَبة، بل تمت إعادة انتخاب دونالد ترامب لفترة رئاسية ثانية رغم بذاءته وعدم احترامه أُسُس "الدّيمقراطية الأمريكية" بمهاجمة رموزها، خلال عملية اقتحام مبنى "الكابتول" الذي يضم الكونغرس الأمريكي، يوم السادس من كانون الثاني/يناير 2021، من قِبَل مئات المُتطرّفين من أنصار دونالد ترامب الذي لم يعترف بنتاج الإنتخابات الرئاسية لسنة 2020، وأدى الإقتحام إلى نَهْب وتخريب المكاتب وإلى عمليات إخلاء وإغلاق لمبنى الكابيتول، وتعطيل جلسة مشتركة للكونغرس لفرز الأصوات الانتخابية وإضفاء الطابع الرسمي على فوز جوزيف بايدن الانتخابي، وتمكّن دونالد ترامب من الإفلات من المحاسبة والملاحقة والعقاب، لأنه كان "يتمتع، بصفته رئيسا، بالحصانة عن أفعاله"، وفق فريق ترامب القانوني، بما في ذلك تعليقات أدلى بها وطلب فيها من أنصاره القتال بشراسة، بينما كان الكونغرس يستعد للمصادقة على فوز المرشح الديموقراطي جوزيف بايدن بالرئاسة الأميركية متغلبا على الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب...

تشير هذه الحادثة إلى عدم احترام البرجوازية القوانين التي تُقرّها عندما تكون في غير صالحها. أما في الخارج فحدّث ولا حرج، فإن الولايات المتحدة وبريطانيا ودول الإتحاد الأوروبي وغيرها من الدُّوَل التي تتبجّح سُلُطاتها بالدّيمقراطية وحقوق الإنسان، فإنها تتصرف كقُطّع طرق وتتصرف كدُوَل مارقة، تشن الحروب وتحتل بلدان وتدعم الإبادة الجماعية في فلسطين وغيرها، فضلا عن الفساد والأفعل الشائنة التي وَرَدَ ذكر بعضها في هذا المقال، فهل يحق لمثل هؤلاء تلقيننا دروسًا في الشفافية والحَوْكَمَة والدّيمقراطية واحترام حقوق الإنسان؟



#الطاهر_المعز (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العربدة الصهيونية من تونس إلى الدّوْحَة
- فرنسا: أزمة سياسية واقتصادية
- المقاطعة كشكل من المقاومة
- فلسطين - فجوة بين الموقف الأوروبي الرسمي والموقف الشعبي
- قمّة منظمة شنغهاي للتّعاون
- مُتابعات – العدد الأربعون بعد المائة بتاريخ السّادس من أيلول ...
- إندونيسيا – احتجاجات وقَمع دَمَوِي
- الصهيونية واليمين المتطرف في أوروبا – نموذج السُّوَيْد
- دَور الإستخبارات و-الذّكاء الإصطناعي- في توجيه الرأي العام
- أوروبا، عَسْكَرَة الحياة المَدَنِيّة
- مُتابعات – العدد التاسع والثلاثون بعد المائة بتاريخ الثّلاثي ...
- من -التّأثيرات الجانبية- لزيادة الرّسوم الجمركية الأمريكية
- خصومات في الصّف المُقابل، بين فرنسا والولايات المتحدة
- هل الفن مُحايد؟ - نموذج فرقة نيكاب الموسيقية الإيرلندية
- عبد العزير المنبهي 15/02/1950 – 23/08/2025
- الصحة بين الوقاية وتحقيق الرّبح
- مُتابعات – العدد الثامن والثلاثون بعد المائة بتاريخ الثّالث ...
- عن اليسار الصهيوني
- الدّيمقراطية الأمريكية المُسلّحة
- الخليج: الولاء المُطْلَق للإمبريالية والإستغلال الفاحش للعما ...


المزيد.....




- فيديو يظهر نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس يشارك في حمل نعش ...
- مصور إماراتية توثق سحر بلدة في إسبانيا مُعلّقة بين السماء وا ...
- فيديو يظهر استقبال ترامب بصيحات استهجان وهتافات خلال مباراة ...
- بأسبوع.. تشريد 50 ألف فلسطيني بسبب الغارات الإسرائيلية بغزة ...
- بين منتقد وداعم.. رئيس وزراء قطر يشعل تفاعلا بما قاله عن مكت ...
- ماذا نعرف عن غور الأردن؟
- إيران تعلن عن صفقة لتبادل سجناء مع فرنسا بلغت -مرحلتها النها ...
- ترامب: أميركا قوية وهجمات 11 سبتمبر لن تتكرر
- ظهور مسيّرات بعيدة المدى قد تغيّر مسار النزاع في السودان
- -كاميرا مراقبة- ترصد ملامح المشتبه به في اغتيال تشارلي كيرك ...


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - ارتباط الفساد بالإستغلال والإضطهاد والتّجسّس – عشيرة -ماكْسْوِيل-