أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - الطاهر المعز - فلسطين - فجوة بين الموقف الأوروبي الرسمي والموقف الشعبي















المزيد.....


فلسطين - فجوة بين الموقف الأوروبي الرسمي والموقف الشعبي


الطاهر المعز

الحوار المتمدن-العدد: 8459 - 2025 / 9 / 8 - 12:04
المحور: القضية الفلسطينية
    


حُكّام مُتَصَهْيِنِون وفِئات شعبية مُساندة للشعب الفلسطيني

الموقف الرّسمي الأوروبي
عبّرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين عن الموقف الرّسمي الأوروبي، وهو موقف دول مثل ألمانيا وإيطاليا والمجر، عن "الدّعم الثابت لإسرائيل" رغم كل البراهين والإثبابات بشأن "انتهاك القانون الدّولي" ( بلغة النّفاق الدّبلوماسي)، لكن هذه القوانين وُجِدَت لتهديد المنافسين والخُصوم والأعداء، ويتم إهمالها عندما يتجاهلها أو يخرقها الأصدقاء مثل الكيان الصهيوني، وهو ما يُجسِّدُهُ "تهاون" الاتحاد الأوروبي وتجاهله الإنتهاكات الصهيونية لكافة المواثيق والإتفاقيات، ورفض – بعد حوالي خمسة أشهر من الأخذ والرّدّ - مراجعة اتفاقيات الشراكة المتقدمة بين الإتحاد الأوروبي والكيان الصهيوني، رغم خرق البند المتعلق بحقوق الإنسان ( المادّة الثانية)، وخلق ظروف تمنع استمرار حياة الإنسان والحيوانات والنباتات في غزة وتهجير نحو مليُونَيْ فلسطيني، أو قرابة ثلاثة أضعاف من تم تهجيرهم خلال النّكبة سنة 1948، وتعكس بعض التصريحات القليلة والإستثنائية لبعض المسؤولين الأوروبيين محاولة لتهدئة الرأي العام الأوروبي الرافض للدعم الذي تقدّمه أوروبا للكيان الصهيوني إسرائيل، وعلى أي حال، لم تتجاوز الخطوات الأوروبية بعض التّصريحات التي تُساوي بين المُعْتَدِي والمُعتَدَى عليه، بين المُسْتَعْمِرِ والواقع تحت الإستعمار الإستيطاني، ولم يتخذ لا الإتحاد الأوروبي ولا حكومات الدّول الأعضاء قرارات عَمَلِيّة ملموسة وحازمة، ويُمثّل شعار "التّمسُّك بالقانون الدّولي وبحقوق الإنسان والقيم الأساسية" خدعة للإكتفاء بالتّصريحات الجَوْفاء، والتّهرّب من اتخاذ أي إجراء عملي، وعلى سبيل المثال اكتفت حكومات دول – من الإتحاد الأوروبي ومن خارجه - مثل فرنسا وبريطانيا وبلجيكا وإسبانيا وكندا وغيرها بمعارضة "توسيع نطاق العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة"، دون معارضة الدّمار والقتل والحصار والتجويع الحاصل منذ 22 شهرًا، ورفضت هذه الدّول تطبيق قرارات المحكمة الجنائية ومحكمة العدل الدّوليّتَيْن، ولم تتعهّد أي دولة أوروبية بتنفيذ أوامر القبض الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الصهيوني ووزير الحرب السابق، وتستمر بريطانيا وفرنسا وألمانيا في حصار غزة بواسطة السفن الحربية، منذ 2007، بذريعة منع دخول السلاح في إطار مكافحة الإرهاب، وتستمر ألمانيا وبريطانيا في تزويد الكيان الصهيوني بالأسلحة والمعلومات وفي الدّعم المالي والسياسي والإعلامي والدّبلوماسي، كما أكّد رئيس الحكومة الإسبانية: " نحن لا نتعامل تجاريًا مع دولة ترتكب إبادة جماعية"، لكن أعلن مركز أبحاث في برشلونة وجود أكثر من أربعين عقدًا بين مؤسسات حكومية إسبانية، وشركات أسلحة صهيونية، ولم تتوقف ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا أبدًا عن تزويد الكيان الصهيوني بالأسلحة والعتاد، كنتيجة منطقية لدعمها "دفاع إسرائيل عن النّفس"، خلافًا لقرار محكمة العدل الدّولية ( كانون الثاني/يناير 2024) "حق الفلسطينيين في الحماية، واستخدام جميع الوسائل المعقولة المتاحة لمنع الإبادة "

الموقف الشعبي
للمرة الثانية ينطلق "أسطول الصمود العالمي" من ميناء أوروبي، كان الأول من إيطاليا والثاني ، المكوّن من 24 سفينة على متنها أكثر من ثلاثمائة من مُناصري الشعب الفلسطيني من أربعين بلد، من ميناء برشلونة، في محاولة لكسر الحصار على غزة وخلق مناسبة للتنديد بالحصار والإبادة الجماعية في غزة، وانطلقت القافلة من برشلونة لترسو في ميناء تونس، حيث تلتحق بها قوارب أنصار الشّعب الفلسطيني من المغرب العربي، يوم السابع من أيلول/سبتمبر 2025، وتتكون القافلة من اتحاد أسطول الحرية وحركة غزة العالمية وقافلة الصمود ومنظمة “صمود نوسانتارا” ( ماليزيا) ضمن ائتلاف قامت بتنسيق عمله لجنة من ثلاث منظمات دولية من أكثر من 44 بلد، إثر لقاء آب/أغسطس 2025 في تونس...
أعلن ناطق باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) "ترحيب الأمم المتحدة – من حيث المبدأ –بالأسطول وبأي مبادرة يمكن أن تسهم في إيصال مزيد من المساعدات التي يحتاج إليها سكان غزة، شريطة أن تُقدَّم وفق المبادئ الإنسانية وبكرامة" ( في إشارة إلى اعتراض الأمم المتحدة على إلقاء المساعدات بالطائرات ). أما حكومة الاحتلال الصهيوني فقد أعدّت – كالعادة - خطة لاعتراض ووقف أسطول الصمود في المياه الدّولية، قبل الوصول إلى غزة، واعتقال واحتجاز جميع المُشاركين في محاولة كَسْر الحصار، واعتبارهم بمثابة "الإرهابيين" لتبرير سجنهم في في ظروف أمنية مُشَدّدة، وسبق أن هاجم الجيش الصّهيوني قافلتَيْن خلال شهريْ أيار/مايو و حزيران/يونيو 2025، في المياه الدّولية، قرب مالطا ثم قرب جزيرة صقلية...
أما الإحتجاجات في الجامعات والشّوارع فقد انطلقت منذ شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2023، وأصبحت بعض الجمعيات الدّاعمة لنضال الشعب الفلسطيني ( وكذلك المنظمات التي تكتفي بالتنديد بالظروف غير الإنسانية للفلسطينيين) تُنظّم المظاهرات الأسبوعية في العديد من العواصم الأوروبية، وآخرها – عند كتابة هذه الفَقَرات - يوم السبت السابع من أيلول/سبتمبر 2025، دعما لفلسطين ومطالبة "بمعاقبة إسرائيل"، وعمدت السلطات في العديد من دول أوروبا ( كما في الولايات المتحدة) حَلّ بعض المنظمات، ومن بينها "فلسطين أكشن" ( Palestine Action ) التي تأسست في بريطانيا سنة 2000، واكتسبت شعبية بفعل العمليات السّلْمية الجريئة التي تُنفّذها، منذ انطلاق العدوان الصهيوني الحالي وارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في غزة، بداية من يوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 واستهدف نشاطها وقف الإنتاج في المصانع التابعة لشركات تتعامل مع الجيش والشركات الحربية الصهيونية، واستهدفت مصنع شركة "ألبيت سيستمز" الصّهيونية للصناعات الحربية في مدينة بريستول البريطانية، فتعطَّلَ إنتاج الطائرات المسيّرة في هذا المصنع، وكانت تلك العملية منطلقًا لإجراءات صمّمتها الحكومة والبرلمان لِحَظْرِ نشاط "فلسطين أكشن"، وأصبحت محظورة في بريطانيا اعتبارا من الخامس من تموز/يوليو 2025، لكن استمرت الإحتجاجات الدّاعمة لنضال الشعب الفلسطيني للأسبوع الثلاثين على التوالي في لندن، وأصبح المتظاهرون يُندّدون بقرار حظر نشاط "فلسطين أكشن"، وانتشر عناصر شرطة لندن قبل وأثناء كل مظاهرة، وتدخلوا ( يوم السبت 06 أيلول/سبتمبر 2025) لتفريق المتظاهرين واعتقال المئات منهم ( أكثر من اربعمائة متظاهر) بدعوى أنهم يدافعون عن مجموعة "محظورة" في البلاد، كما اعتقلت شرطة لندن يوم التاسع من آب/أغسطس أكثر من 500 متظاهر خلال احتجاج على حظر مجموعة "فلسطين أكشن" في البلاد منذ يوم الخامس من تموز/ يوليو 2025 وصنّفتها الحكومة البريطانية "منظمة إرهابية"، بعد اقتحام مجموعة من مؤيديها قاعدة "بريز نورتون" الجوية التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني بأوكسفوردشاير، يوم العشرين من حزيران/يونيو 2025، ورش عناصر المجموعة طلاءً أحمر ( كرمز لِلَوْن الدّم) على محركات طائرتين عسكريتين في القاعدة، رافعين أعلاما فلسطينية، مبررين ذلك "بقيام هاتين الطائرتين بتنفيذ عمليات عسكرية في منطقة الشرق الأوسط"، وقدّمت وزيرة الداخلية عقب هذا الإحتجاج، مشروع قانون إلى البرلمان يسعى إلى تصنيف "فلسطين أكشن" منظمة إرهابية، وأقرّ مجلس العموم (الغرفة الأولى للبرلمان) مشروع القانون، بسرعة عجيبة وغير مُعتادة، يوم الثاني من تموز/يوليو 2025، وبعد يوم واحد صادق مجلس اللوردات (الغرفة الثانية للبرلمان) على القرار الذي أصبح قانونًا، وتقدمت مجموعة "فلسطين أكشن" بطلب إلى المحكمة العليا لوقف تنفيذ الحكم، إلا أن المحكمة رفضت الطلب بسرعة، يوم الرابع من تموز/يوليو 2025، ليتم إدراج مجموعة "فلسطين أكشن" ضمن المنظمات المحظورة في بريطانيا اعتبارا من الخامس من تموز/يوليو 2025، ما جعل الانتساب إلى المجموعة أو دعمها جريمة يُعَاقَبُ عليها بالسجن لمدة تصل إلى 14 سنة، كما يُعرِّض ارتداء قميص أو حمل شارة تحمل اسم المجموعة صاحبها لعقوبة السجن لمدة تصل إلى 6 أشهر، مما سَمَح للشرطة، منذ حظر المجموعة في البلاد، باعتقال مئات المؤيدين لها...

المظاهرات الأسبوعية - تنديد أوروبي شَعْبِي بالإبادة في غزة
شهدت عدة عواصم ومدن أوروبية ( لندن ودبلن وستوكهولم وبرلين وباريس...) يوم السبت 06 أيلول/سبتمبر 2025 مظاهرات – كانت أهَمُّها مظاهرات لندن وباريس - دعما لفلسطين وتنديدا باستمرار الإبادة الجماعية في غزة، وطالب المتظاهرون حكومات بلادهم باتخاذ إجراءات عمَلِيّة لمعاقبة الكيان الصهيوني، ويُعدّ المتظاهرون بعشرات الآلاف في لندن، وكانت الوقفة الإحتجاجية في برلين تحت شعار "أوقفوا الإبادة الجماعية في قطاع غزة"، وتزامنت مظاهرة ألمانيا مع نشْرِ صحيفة "بيلد" الألمانية خَبَرَ تَورُّط رئيس سابق لجهاز التّجسّس الصهيوني (شاباك – من 1988 إلى 1995) والنائب في الكنيست من 2013 إلى 2018، في عملية خطف أطفال في ألمانيا، بتواطؤ الرئيس السابق لجهاز المخابرات الفدرالي الألماني، مما يثبت التعاون الأمني في ميادين تتجاوز العمل السياسي، لتشمل عمليات إجرامية حيث حصل الرئيس السابق لجهاز التجسس الصهيوني على مبلغ سبع ملايين يورو، مقابل اختطاف طفل، ابن ملياردير ألماني، وأسّس شركة أمنية ساعدت السلطات الألمانية في التحقيق سنة 2019 بقضية سرقة مُجوهرات بقيمة 114 مليون يورو من أحد متاحف مدينة درسدن، وفق نفس الصحيفة الألمانية "بيلد"...
تميزت مظاهرة باريس بحضور شعبي وعائلي هام مع الأطفال، تحت شعارات "وقف الإبادة الجماعية والتجويع" و "فرض عقوبات و مقاطعة العلامات التجارية العالمية الداعمة لإسرائيل"

بريطانيا – حُدُود الدّيمقراطية الإنتقائية
أدّى حَظْرُ حركة "فلسطين أكشن" في بداية شهر تموز/يوليو 2025، بموجب "قانون الإرهاب"، إلى اعتبار العضوية في الحركة أو دعمها جريمة جنائية، يعاقَب عليها بالسجن لمدة تصل إلى 14 عاماً، وتعلّلت الشرطة ( أي وزارة الدّاخلية والحكومة) بهذا القرار لإبعاد العديد من المتظاهرين أثناء التجمع في ساحة البرلمان، يوم السبت 06 أيلول/سبتمبر 2025، واعتقال أكثر من 425 شخصاً، خلال مظاهرة ضد الحظر الذي فرضته الحكومة على حركة "فلسطين أكشن".وتجمع المئات في ساحة البرلمان بوسط لندن لمعارضة حظر الحركة، وحمل بعضهم لافتات كتب عليها: "أنا أعارض الإبادة الجماعية، أنا أؤيد فلسطين أكشن"، وفق موقع شبكة بي بي سي، وادّعت شرطة العاصمة البريطانية "إن غالبية الاعتقالات كانت بسبب دعم منظمة محظورة، فضلا عن الاعتداء على ضباط الشرطة وغيرها من الجرائم المتعلقة بالنظام العام"، كما ادّعت شرطة العاصمة لندن إن ضباطاً تعرضوا "لمستوى استثنائي من الانتهاكات" خلال التظاهرة، بما في ذلك "اللكمات والركلات والبصق وإلقاء أشياء، بالإضافة إلى الإساءة اللفظية (...) وهناك جهود منسقة لمنع الضباط من القيام بواجباتهم، مما يستوجب الإحالة على القضاء بتهمة الإعتداء على ضباط شرطة والحكم بأقصى حد يسمح به القانون"، ورَدَّتْ منظمة الدفاع عن هيئة المُحَلّفين، التي نظمت المسيرة، بالقول إن الضباط "اعتدوا بعنف على المتظاهرين السلميين بما في ذلك كبار السن، لمحاولة اعتقال أكثر من ألف شخص لحملهم لافتات من الورق المُقوّى"، ونشرت المنظمة مقطع فيديو لضابط شرطة يدفع متظاهراً مسناً ويطرحه على الأرض"، وقوبل قَمع المُسنِّين الذين شاركوا بكثافة في هذه التّظاهرة، بهتاف من المتظاهرين ضد رجال الشرطة "عار عليكم".
صرّح أحد قادة منظمة العفو الدولية: "من المثير للصدمة حقاً رؤية الشرطة تقتاد الناس من شوارع لندن بسبب رفعهم لافتات بشكل سلمي... عندما تقوم الحكومة باعتقال الأفراد بموجب قوانين الإرهاب بسبب جلوسهم سلمياً للاحتجاج، فإن هناك خطأً كبيراً"، وأشار إلى اعتقال امرأة مُسنة تبلغ من العمر 79 عامًا، وتأتي هذه الإحتجاجات في أعقاب مظاهرة كبرى خلال شهر آب/أغسطس 2025، اعتقلت الشرطة خلالها أكثر من 532 شخص لرفعهم لافتات تدعم حركة "فلسطين أكشن"، وكان متوسط أعمار المعتقلين في مسيرة أغسطس/آب 54 عاماً، فيما تتراوح أعمار معظم المعتقلين – 147 منهم – بين 60 و69 عاماً، ومن بينهم كفيف يستخدم كرسياً متحركاً، عمره 62 عاما، وفق وكالة الأنباء الفلسطينية، التي نقلت بعض التصريحات التي تتهكم من الشرطة التي تعتقل "هذا الصنف من المتقاعدين بتهمة الإرهاب ".

أصوات نَشاز داخل الإتحاد الأوروبي
ألقت تيريزا ريبيرا ( من إسبانيا) نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية كلمة في معهد الدراسات السياسية بباريس، يوم الخميس الرابع من أيلول/سبتمبر 2025، وندّدت "بحرب الإبادة الإسرائيلية في غزة ( التي ) سلّطت الضّوء على فشل بلدان الإتحاد الأوروبي في التحرّك لوضع حد لها، وعجز أوروبا عن التحرك والتحدث بصوت واحد، في وقت تَعُمُّ الاحتجاجات المدن الأوروبية تنديدًا بالحرب في القطاع المحاصر والمدمر"، وفي الواقع فإنه ليس فَشَل وإنما تواطؤ واعي ومُشاركة في جرائم الإحتلال والإبادة، ويُعتبر هذا التّصريح هو الأوّل من نوعه لمسؤول رفيع في المفوضية الأوروبية بشأن العدوان على أهل غزة حرب غزة، لأن حكومات الدّول الأوروبية مؤيّدة جميعها للكيان الصهيوني لكنها منقسمة بشأن المواقف وردود الفعل ودرجة الإستجابة لاتجاهات الرّأي العام الشعبي الأوروبي، وبينما اسمرت دول مؤثرة مثل ألمانيا وفرنسا في التّأكيد على "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، دعت دول أخرى، بينها إسبانيا وأيرلندا وبلجيكا، إلى وقف ممارسات الإبادة بحق الفلسطينيين، أي استمرار العدوان مع خفض درجات الهَمَجِيّة، واقترح بعض أعضاء الإتحاد الأوروبي، خلال شهر حزيران/يونيو 2025، "مُراجعة اتفاقية الشراكة" بين الإتحاد الأوروبي والكيان الصّهيوني، فيما يُطالب المتظاهرون بإلغاء اتفاقية الشراكة، وتسليط عقوبات على دولة الإحتلال بسبب "انتهاك بنود اتفاقية الشراكة بشأن حقوق الإنسان"...
ندّد الكيان الصهيوني بتصريحات تيريزا ريبيرا، التي اعتبرها المتحدث باسم وزارة الخارجية الصهيونية " ادعاءات لا أساس لها..." واتهم نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية "بترداد تهمة الإبادة التي نشرتها حماس (...) وكان ينبغي لريبيرا أن تدعو إلى إطلاق سراح جميع الرهائن ( الصهاينة) وحض حماس على إلقاء السلاح لوقف الحرب"، وأشار بعض نواب البرلمان الأوروبي ( الذي لا سُلْطة له) إلى "ضرورة فَتْح جميع المعابر المؤدية إلى غزة لإدخال مواد غذائية أو علاجات أو مساعدات إنسانية..."، وذكرت وكالة أسوشيتد برس (05 أيلول/سبتمبر 2025)، إن العدوان الصهيوني خلَّفَ خلال إثنين وعشرين شهرًا نحو 64299 قتيل وحوالي 162 ألف مُصاب من بينهم الكثير من النّساء والأطفال، فضلا عن آلاف المفقودين، والنّازحين والمُصابين بالهُزال والأمراض بسبب المجاعة وشح المياه والعلاج...
من المُفاجآت إعلان مفوضة الشؤون الإنسانية في الإتحاد الأوروبي، من بلجيكا ( وهي المعروفة بنأيِها عادة عن نَقْد الكيان الصهيوني، رغم إسمها العربي) يوم الثاني من أيلول/سبتمبر 2025 "إن المفوضية الأوروبية اقترحت تعليق برنامج الشراكة مع إسرائيل، وعلى ضرورة وقف الإبادة الجماعية في قطاع غزة وإدخال المساعدات الإنسانية، لكن المقترح لم يحصل على نسبة الأغلبية داخل دول الاتحاد الأوروبي، والتي تمكن من اتخاذ مثل هذا القرار"، وفي الواقع فإن الدّوَل الأوروبية التي أعلنت "استنكارها للإبادة والتّجويع ومنع دخول المُساعدات" وقررت "الإعتراف بدولة فلسطين"، اشترطت "نزع سلاح حركة حماس (ومنظمات المقاومة الفلسطينية، لتيْسِير مُهمة الجيش الصهيوني) وانسحاب حركة حماس- كقوة سياسية - من غزة والإفراج عن كل الأسرى الإسرائيليين"، وأشارت إلى أن الاتحاد الأوروبي يواصل العمل من أجل تحويل ودعم شعار "حل الدّولَتَيْن" ( المزعوم والوَهْمِي) شرط "دعم جهود الإصلاح داخل السلطة الوطنية الفلسطينية".
وتجدر الإشارة إلى تقرير صدر عن مجموعة من باحثين أكاديميين من خمسين دولة يُؤكّد " إن كل المؤشرات تدعم وجود إبادة جماعية في غزة" ناتجة عن مخططات مُصمّمة سلفًا، تتضمن القصف والحصار والتّجويع والإزاحة التي يتعرض الشعب الفلسطيني في غزة...

فَجْوة عميقة بين الحكومات والشُّعُوب
على النقيض من موقف شرائح ما انفكّت تتّسع من الشعوب الأوروبية، رفضت حكومات الإتحاد الأوروبي تعليق أو إلغاء اتفاقيات الشراكة المُتميّزة مع الكيان الصهيوني، وزادت من تجارة للأسلحة ( الواردات والصادرات) رغم بعض التصريحات المحدودة عن وقف تجارة السلاح، وكتبت مجلّة إيكونوميسن، يوم السادس من أيلول/سبتمبر 2025، عن ارتفاع حجم وقيمة صادرات الكيان الصهيوني من الأسلحة نحو أوروبا، مما يُحصّن العدوّ ضد المُقاطعة والعقوبات
ذكرت مجلة إيكونوميست البريطانية "رعم عدم كشف الأرقام الرسمية الإسرائيلية حجم مبيعات الأسلحة لكل دولة، فإن وزارة الدفاع تقول إن 54 % منها نصفها ذهب إلى أوروبا، ما يمكّنها من حماية مصالحها لدى دول الاتحاد الأوروبي (...) وقّعت إسرائيل سنة 2023 عقدا بقيمة 4,3 مليارات دولار لتزويد ألمانيا بمنظومات آرو 3 لاعتراض الصواريخ الباليستية خارج الغلاف الجوين وأعلنت حكومة ألمانيا، خلال شهر أيار/مايو 2025، أنها ستشتري أيضا النسخة الأحدث آرو 4، كما باعت إسرائيل مسيّرات وصواريخ وأنظمة قيادة دفاعية لبريطانيا، وتورد أنظمة تصويب لمقاتلات حربية تستخدمها عدة دول أوروبية وغير أوروبية" وفق مجلة إيكونوميست
أكدت الحكومة الصهيونية تسجيل رقم قياسي لصفقات تصدير الأسلحة، سنة 2024، بفعل "نجاعة هذه الأسلحة في غزة" ( وهي ليست حر وإنما عدوان من قِبل جانب يمتلك جميع الأسلحة المتطورة وجانب لا يمتلك جيشًا أو أسلحة أمريكية وأوروبية ) وبلغت قيمة الصادرات المُعْلَنة للأسلحة الصهيونية قرابة 15 مليار دولارا، ويجني الكيان الصهيوني من صادرات السلاح عوائد مالية بالإضافة إلى حصانة ضد العقوبات أو حظر السلاح...
اضطرت الحكومات الأوروبية إلى إعلان قرارات ( لم تُنَفّذ معظمها) رمزية تتمثل في "فرض قيود على بيع السلاح لإسرائيل"، وأوضت مجلة إيكونوميست إن هذه القرارات الرمزية لا تشمل العقود التي تم توقيعها، ولا تشمل سوى بعض أنواع الأسلحة التي لم تعد متوفرة بسبب إرسالها بكميات كبيرة إلى أوكرانيا، فيما لا تزال ألمانيا – رغم تصريح المستشار ( رئيس الحكومة) فريدريش ميرتس وقف صادرات الاسلحة إلى الكيان الصهيوني - تحتل المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة من حيث حجم صادراتها العسكرية للكيان الصهيوني خلال العقود الأخيرة، ووزوّدت الجيش الصهيوني بأسلحة متطورة، من بينها الغواصات القادرة على حمل صواريخ برؤوس نووية، وسفن الصواريخ التي تحمي منصات الغاز المسروق من شعب فلسطين، لكن – ورغم التّضليل والتّعتيم الإعلامي – شاهد الألمانيون والأوروبيون صُوَر الدّار الشامل واغتيال الصحافيين والمُسْعِفِين والأطفال الجائعين والأُسر المُشرّدة، مما ساهم في تصاعد الضغط الشعبي الذي لم يعد بالإمكان تجاهله في ألمانيا ومجمل دول أوروبا...

خاتمة:
لفتَ انتباهي ترديد شبّان وصبايا أوروبِّيِّين شعارات مثل "ضرورة تحرير فلسطين" أو "من النّهر إلى البحر" أو "ضرورة الكفاح المُسلّح" وهي شعارات كانت النقابات ترفضها جملة وتفصيلا، دون نقاش وترفضها معظم منظمات اليسار، لأنها تعتبر الأراضي المحتلة سنة 1948 من مكتسبات الحركة الصهيونية ولمتَعُدْ جُزْءًا من فلسطين التي أصبحت تقتصر على الأراضي المحتلة سنة 1967، وكانت هذه المنظمات تعتبر حق العودة للاجئين الفلسطينيين مرفوض – ولو ذَكّرْنا هؤلاء بالقرار 194 – ( الذي نعتبره غير كاف ) لأن حق العودة يُقوّض وُجود الكيان الصهيوني بحسب رأيهم...
هناك إذًا تطور كبير وأرجو أن لا يكون بمثابة ردّ الفِعْل على الصُّوَر القليلة للمجازر وآثار التّجْوِيع وحظر دخول الغذاء والأدوية، وخوفِي أن لا يكون هذا التّحوُّلُ ناتجًا عن وَعْيٍ عميق بالمخطّطات الإمبريالية والصّهيونية التي بدأت منذ القرن التّاسع عشر وتستهدف الوطن العربي ككُلّ، بل وتجاوزته إلى إيران، والسؤال المطروح: كيف يمكن مواصلة وتطوير هذا الزّخم النّضالي وهذه القُدُرات النّضالية لدى شباب أوروبا والولايات المتحدة، لِيَكُون سندًا لنضالات الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والشعوب المُضْطَهَدَة حول العالم...



#الطاهر_المعز (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قمّة منظمة شنغهاي للتّعاون
- مُتابعات – العدد الأربعون بعد المائة بتاريخ السّادس من أيلول ...
- إندونيسيا – احتجاجات وقَمع دَمَوِي
- الصهيونية واليمين المتطرف في أوروبا – نموذج السُّوَيْد
- دَور الإستخبارات و-الذّكاء الإصطناعي- في توجيه الرأي العام
- أوروبا، عَسْكَرَة الحياة المَدَنِيّة
- مُتابعات – العدد التاسع والثلاثون بعد المائة بتاريخ الثّلاثي ...
- من -التّأثيرات الجانبية- لزيادة الرّسوم الجمركية الأمريكية
- خصومات في الصّف المُقابل، بين فرنسا والولايات المتحدة
- هل الفن مُحايد؟ - نموذج فرقة نيكاب الموسيقية الإيرلندية
- عبد العزير المنبهي 15/02/1950 – 23/08/2025
- الصحة بين الوقاية وتحقيق الرّبح
- مُتابعات – العدد الثامن والثلاثون بعد المائة بتاريخ الثّالث ...
- عن اليسار الصهيوني
- الدّيمقراطية الأمريكية المُسلّحة
- الخليج: الولاء المُطْلَق للإمبريالية والإستغلال الفاحش للعما ...
- عيّنات من أحداث صيف 2025 الطاهر المعز
- الفقر في أوروبا: نماذج من فرنسا وألمانيا
- المغرب: حادث عَرَضِي أم محاولة اغتيال سيون أسيدون؟
- مُتابعات - العدد السابع والثلاثون بعد المائة بتاريخ السّادس ...


المزيد.....




- معطف بني وشعر أشقر.. إطلالات لافتة لأنجلينا جولي في تورونتو ...
- ميلا الزهراني تتألق بتصميم سعودي على السجادة الحمراء لمهرجان ...
- عبر ميكروفون مفتوح.. تفاصيل حديث رئيس الصين مع بوتين وكيم جو ...
- مقتل 5 على الأقل بإطلاق نار في القدس.. مراسل CNN يفصّل ما نع ...
- الإمارات تُعلق على إطلاق النار في القدس: نستنكر الحادثة -الإ ...
- اليوم الـ703 للحرب: كاتس يُهدّد بتدمير كل غزة وإطلاق نار في ...
- رحلات الظل الأوروبية.. أي مصير للتونسيين العائدين قسراً؟
- تونس تحتضن -أسطول الصمود العالمي-: استقبال شعبي ورسائل تضامن ...
- قتلى وجرحى في القدس وتنديد ألماني بـ -هجوم إرهابي جبان-
- تحذيرات بوتين.. هل تعيد الحرب في أوكرانيا إلى مربعها الأول؟ ...


المزيد.....

- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه
- تمزيق الأقنعة التنكرية -3 / سعيد مضيه
- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي / سعيد مضيه
- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - الطاهر المعز - فلسطين - فجوة بين الموقف الأوروبي الرسمي والموقف الشعبي