أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - عيّنات من أحداث صيف 2025 الطاهر المعز















المزيد.....


عيّنات من أحداث صيف 2025 الطاهر المعز


الطاهر المعز

الحوار المتمدن-العدد: 8439 - 2025 / 8 / 19 - 10:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حلف شمال الأطلسي - زيادة الإنفاق الحَرْبِي
قرّرت الدّول الأعضاء بمنظمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) خلال قمة لاهاي ( 24 و 25 حزيران/يونيو 2025) زيادة الإنفاق العسكري من 2% كانت مُسْتَهْدَفة سنة 2024 إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة سنة 2025، بناءً على طلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وأكّد العديد من مُمثِّلي الدّول الأوروبية ( 23 من بين 32 عضو بالحلف) إن روسيا هي العدو الرئيسي وتتهيأ لغزو أوروبا بأكملها لو انتهت حرب أوكرانيا، لتبرير إرسال المزيد من الأسلحة إلى أوكرانيا، وزيادة وتشديد الحصار و"العقوبات" ضدّ روسيا، وبما إن روسيا ليست طرفًا في الحروب العدوانية الدّائرة في "الشرق الأوسط" تُبرّر دول الإتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي دعمها المُطلق بالمال والسّلاح والإعلام للكيان الصّهيوني "بمحاربة الإرهاب" أو "مكافحة العداء للسامية" ( وهي ظاهرة أوروبية بحتة) لأن الإيديولوجية الصهيونية جزء من الفكر الإستعماري الإمبريالي ( الأمريكي والأوروبي ) ويُمثّل الكيان الصّهيوني وكيلاً للإمبريالية في المنطقة، ويُعتبر الكيان الصّهيوني شريكًا استراتيجيا لحف شمال الأطلسي وشريكًا تجاريًّا مُبَجّلاً للإتحاد الأوروبي...
قدّرت صحيفة "نيويورك تايمز" ( 06 تموز/يوليو 2025) قيمة تعزيز موارد المالية لحلف شمال الأطلسي، وزيادة الإستثمارات العسكرية الأوروبية (خلال عشر سنوات) بنحو 16 تريليون دولارا، مما يسمح للشركات الأمريكية وبعض الشركات الأوروبية زيادة الإنفاق على البحث والإبتكار، لأن الولايات المتحدة تفرض منظومات دفاع بمعايير تعجز الدّول الأوروبية عن تحقيقها، مما يجعلها تشتري المعدات الدفاعية الضرورية والمطلوبة التي تُنتجها الشركات الأمريكية، لأن أوروبا تفتقر إلى بدائل عالية الجودة، وتمثل طائرة إف-35 نموذجًا لهذا الإرتهان الأوروبي، فقد سدّد الأعضاء الأوروبيون بحلف شمال الأطلسي الثمن المرتفع جدًّا لتصنيع هذه الطائرة المُقاتلة، كما تستورد أوروبا من الولايات المتحدة أنظمة الدفاع الصاروخي باتريوت وقاذفات الصواريخ والطائرات المسيرة المتطورة والمدفعية بعيدة المدى الموجهة بالأقمار الصناعية وأنظمة القيادة والتحكم المتكاملة، ومُعدّات وقدرات الحرب الإلكترونية والسيبرانية، ومعظم البرمجيات اللازمة لتشغيلها، وما انفكّ استثمار الدول الأوروبية في الأسلحة الأمريكية يرتفع، لتكون أسلحتها متوافقة مع المعايير التي فَرَضَتْها الولايات المتحدة على حلف شمال الأطلسي الذي يُشكّل 34% من إجمالي صادرات الأسلحة الأمريكية سنة 2024، مما يُمكّن شركات صناعة الأسلحة الأمريكية من جَنْيِ عائداتٍ وأرباح كبيرةً.

اتفاقية الشراكة الأوروبية- الصهيونية
قدّم رئيسا حُكومَتَيْ إسبانيا وإيرلندا طلبًا رسميًّا إلى الإتحاد الأوروبي خلال شهر أيار/مايو 2024، طلبًا رسميا لمراجعة اتفاقية الشركة مع الكيان الصهيوني بسبب "انتهاكات حقوق الإنسان في غزة، ولم يتم النّظر في هذا الطلب الرّسمي من عُضْوَيْن بالإتحاد سوى يوم 20 أيار/مايو 2025، أي بعد سنة كاملة من تقديم الطّلب، لأن دولاً عديدة (بزعامة ألمانيا وفرنسا) تُعرقل أي إجراء لإدانة الكيان الصهيوني، و أعلنت كايا كالاس ( التي عبرت مرات عديدة عن مواقف صهيونية متطرفة)، نائبة رئيس المفوضية الأوروبية والممثلة السامية للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية عقب اجتماع المجلس الأوروبي لوزراء الخارجية والحرب ( 20 أيار/مايو 2025) عن مراجعة اتفاقية الشراكة، بعد موافقة سبع عشرة دولة عضو، من بينها فرنسا، على ذلك، وبعد أكثر من شهر، قدّمت دائرة العمل الخارجي الأوروبية، بنهاية شهر حزيران/يونيو 2025، أي بعد عام وتسعة أشهر من الإبادة في غزة والضّفّة الغربية، مذكرةً إلى الدول الأعضاء بشأن "انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها إسرائيل"، بالتزامن مع ارتفاع عدد الأصوات المُطالبة "بتعليق اتفاقية الشراكة بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي"، مما جعل السّلطات الأوروبية تُقرّر إعادة النظر في اتفاقية الشراكة المذكورة والتي تنصّ المادّة الثانية منها على أن "العلاقات بين الطرفين، وكذلك جميع أحكام الاتفاقية نفسها، تقوم على احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية، التي تلهم سياستهما الداخلية والدولية"، وعرضت الهيئة الأوروبية للعمل الخارجي يوم 23 حزيران/يونيو 2025، على وزراء الخارجية والحرب الأوروبيين استنتاجاتها، قبل اجتماع قمة الاتحاد الأوروبي يوم الثلاثاء 15 تموز/يوليو 2025 في بروكسل وأعلنت الهيئة إن استنتاجاتها تعتمد على "حقائق تم التّأكّد منها وتقييمها من قبل مؤسسات دولية مستقلة، من بينها محكمة العدل الدولية ومكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمانة العامة للأمم المتحدة..."، وعَرَضَ التّقرير مجموعة من انتهاكات الكيان الصهيوني "للقانون الدولي وحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة" (قطاع غزة والضفة الغربية) من بينها "القصف المُكثف للمناطق المُكتظّة بالسّكّان و تدمير البنية الأساسية المدنية [...] الضرورية للبقاء على قيد الحياة، والحصار الشامل وعَسْكَرَة المُساعدات الإنسانية..." وورَدَ في خاتمة التّقرير: "هناك مؤشرات على أن إسرائيل تنتهك التزاماتها، وتفاقمت منذ السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2023، ممارسات التمييز والقمع والعنف ومُصادرة الأراضي ضدّ الفلسطينيين في الضفة الغربية والتوسع المستمر للمستوطنات واعتقال الجيش للسكان وتدمير الطرقات، ومنع الفلسطينيين من الوصول إلى الخدمات الأساسية، ويُشكل الحصار الذي تفرضه إسرائيل على غزة عقاباً جماعياً محظوراً بموجب القانون الإنساني الدولي، وقد يشكل أيضاً استخدام التجويع كأسلوب من أساليب الحرب..."، واستشهد تقرير الهيئة الأوروبية للعمل الخارجي ببعض ما ورد في تقارير محكمة العدل الدّولية ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان التي ترى "إن القيود الصارمة التي تفرضها إسرائيل على دخول وتوزيع السلع والخدمات الضرورية لبقاء السكان المدنيين تُشكل انتهاكًا لالتزامات إسرائيل بضمان الحقوق المحمية دوليًا للفلسطينيين في الغذاء والماء والصحة [...] وقد أدى تعليق معظم الأنشطة الاقتصادية وتدمير البنية التحتية إلى حرمان غالبية السكان من فرص العمل الرسمية، مما قوض حق الفلسطينيين في العمل (...) إن توزيع الضحايا في التصعيد الحالي، من جميع الأعمار مجتمعة وبين الرجال والفتيان والنساء والفتيات، لا يعكس التركيبة السكانية المعروفة للمقاتلين، بل يتوافق مع التركيبة العمرية لسكان غزة ككل، وهذا مؤشر على هجمات عشوائية (...) فضلا عن الهجمات على مؤسسات التعليم ودور العبادة والمراكز الصّحّيّة والتّهجير القَسْرِي للسّكّان والعديد من الإنتهاكات والجرائم التي لم تُؤَدِّ إلى مُساءلة أو مُقاضاة مرتكبيها..."
اجتمع وزراء الحرب والخارجية لدول الاتحاد الأوروبي يوم 15 تموز/يوليو 2025 في بروكسل، وتضمن جدول أعمال القمة مناقشات حول "العدوان الروسي على أوكرانيا والوضع في جورجيا، وآخر التطورات في الشرق الأوسط"، وكان من المتوقّع أن تُحدد هذه القمة للدول الأعضاء السبع والعشرين، الرد على "انتهاكات إسرائيل لاتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي"، بناء على التقرير الذي قَدّمَهُ مكتب كايا كالاس، مفوضة الشؤون الخارجية الأوروبية إلى المجلس الأوروبي بشأن "انتهاكات إسرائيل لاتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي"، وكشفت القمة "عدم جدية الاتحاد الأوروبي في الدفاع عن حقوق الإنسان، رغم من إحدى قيمه الأساسية " وفق "أندريا تيتي" (جامعة ساليرنو - إيطاليا)، لأن اتخاذ قرار "التعليق الكامل للاتفاقية، في أبعادها التجارية والسياسية أو التعليق الجزئي، الذي يقتصر على بعض التبادلات الاقتصادية والأكاديمية" يتطلّب إجماع الدول الأعضاء السبع والعشرين أو أغلبية الثُّلُثَيْن ( بحسب أهمية القرار)، غير إن دولا مثل ألمانيا والنمسا والمجر وإيطاليا أعلنت بوضوح رفضها لأي إجراء ضدّ الكيان الصهيوني، مما يُؤَكّد عدم وفاء دول الإتحاد الأوروبي بالإلتزامات التي تفرضها على الدّول الفقيرة، ورفض دول الإتحاد الأوروبي تطبيق ( تنفيذ) قرارات الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدّولية والمحكمة الجنائية الدّولية، وسبق أن استخدم الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة هذه الهيئات ضد قادة دول عديدة، من بينها يوغسلافيا ودول إفريقية وآسيوية عديدة، وأصبح "النقاش الدائر حول اتفاقية الشراكة برمته هو وسيلة للتهرب من اتخاذ أي إجراء" وطالبت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، من سلطات الكيان الصهيوني (يوم العاشر من تموز/يوليو 2025) "تسوية براغماتية تتمثل في زيادة المساعدات الإنسانية لغزة (...) لتجنب العقوبات، ليتمكن الإتحاد الأوروبي من الإعتماد على زيادة المساعدات لإلغاء طرح مسألة مراجعة اتفاق الشراكة..."، وندّدت بعض المنظمات الحقوقية والإنسانية بمماطلة الإتحاد الأوروبي، كما ندّدت "بإشراف مؤسسة غزة الإنسانية ، وهي منظمة خاصة مرتبطة بالحكومة الإسرائيلية، على تقديم المساعدات – التي أصبحت فَخًّا لقتل الأطفال والسكان الجائعين – وتتمثل مهمتها في إحكام سيطرة إسرائيل على حدود القطاع... إن أية صفقة يتم عقدها مع مثل هذا الطرف غير الجدير بالثقة، سواء من جانب الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة، هي في الواقع غير ذات صلة..." وفق بيان نشرته عدّة منظمات إنسانية وحقوقية أوروبية انتقدت "المعايير المزدوجة للإتحاد الأوروبي والقوى الغربية، والتراخي الأوروبي في احترام حقوق الإنسان المُضمنة في جميع الاتفاقيات الدولية للاتحاد الأوروبي (...) لكن دعمت الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي الأنظمة الاستبدادية، باسم محاربة الإرهاب ( وانتقدت ) عدم تطبيق الاتحاد الأوروبي للقانون الدولي، والقانون الإنساني الدولي، والقانون الأوروبي نفسه الذي يحظر معاملة مستوطنات الضفة الغربية كأراضٍ إسرائيلية في التجارة أو البحث أو التبادل الثقافي، ويوجد خلف [خطاب الزعماء الأوروبيين] خيار سياسي يتمثل في تجاهل، بل في دَعْم الجرائم المرتكبة، وخاصة عندما يقترن دعم إسرائيل بقمع المظاهرات السلمية المؤيدة للقضية الفلسطينية، في مجمل دول الإتحاد الأوروبي، مما يُقَوّضُ حقوق الإنسان وسيادة القانون في مناطق عديدة من العالم..."
أسفرت قمة الإتحاد الأوروبي يوم 15 تموز/يوليو 2025 على إعلان تواطؤ الدّول الأعضاء في جرائم الإبادة الجماعية برفضها فرض أي نوع من العقوبات على الكيان الصهيوني الذي أعلن "احتمال السماح بإيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة" ولم يكن هذا التصريح مرفقا بأي ضمانات أو جدول زمني، وتمثلت "المساعدات" في بيْع شحنة من الوقود إلى غزة لا تلبي الإحتياجات، وأعلنت وزيرة الخارجية الأوروبية كايا كالاس "إن ذلك كان ثمرة اتفاق مع الإتحاد الأوروبي يوم العاشر من تموز/يوليو 2023، - أي قبل خمسة أيام من اجتماع قمة الإتحاد الأوروبي – وكان هذا الإتفاق ثمرة أشهر طويلة من المفاوضات، بإيصال مساعدات إنسانيو إلى سكان غزة وزيادة عدد الشاحنات التي تحمل المواد الغذائية وغير الغذائية فضلا عن فتح معابر جديدة" ، بحسب بيان أصدرته كايا كالاس، وأكّد المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوغاريك، يوم الجمعة 11 تموز/يوليو 2025 "إن الكمية المُسلّمة أمس لا تكفي حتى لتغطية احتياجات يوم واحد من الطاقة، بينما يستمرّ الوقود في النفاد، وستتوقّف الخدمات إذا لم تُسلّم كميات أكبر بكثير فورًا"، وصرحت مسؤولة الشؤون الإنسانية في الاتحاد الأوروبي، بعد خمسة أيام من إعلان الاتفاق: "إن إسرائيل لا تزال غير ملتزمة به بالكامل (...) لقد شهدنا بعض التطورات الإيجابية، لكننا لا نعرف بالضبط عدد الشاحنات التي دخلت إلى غزة ... من الواضح أن الاتفاق لا يُنفذ بالكامل..."
تعلل قادة الإتحاد الأوروبي بهذا الاتفاق بشأن المساعدات الإنسانية، لعدم إدانة جرائم لإبادة الجماعية، بل لا تزال حكومات عدة دول أعضاء، وفي مقدّمتها ألمانيا، تُصر على " حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، رغم استخدام الكيان الصهيوني المجاعة والمساعدات الإنسانية كأدوات إبادة، مما يُؤَكّد إن هذا الاتفاق الأوروبي تصديقٌ على التواطؤ الأوروبي، بل المشاركة في الإبادة الجماعية...
يُعد الاتحاد الأوروبي أكبر مستثمر في فلسطين المحتلة وأكبر داعم للإقتصاد الصهيوني بحوالي 72,1 مليار يورو سنة 2023، فيما تبلغ الإستثمارات الأمريكية 39,2 مليار يورو خلال نفس السّنة، ويُشكل الإتحاد الأوروبي أكبر مستورد لسلع الإحتلال، وارتفعت صادرات الإتحاد الأوروبي – سنة 2024، سنة ذروة الإبادة في غزة والضفة الغربية ولبنان – من 25,5 مليار يورو سنة 2023 إلى 26,7 مليار يورو سنة 2024 وفق صندوق النقد الدّولي
كتبت عدة جمعيات ومنظمات غير حكومية، منها رابطة حقوق الإنسان، ومنظمة التضامن مع فلسطين في فرنسا، ومنظمة سيماد رسالة موجهة إلى رئيس الجمهورية الفرنسية بتاريخ الثامن من تموز/يوليو 2025: " يتعين على فرنسا المساهمة في وضع حد لإفلات الحكومة الإسرائيلية من العقاب، ويتعين عليها أن تقدم دعمًا قويًا وعلنيًا لتعليق اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل كليًا أو جزئيًا".

من أشكال التّبعِيّة: ربط العملات المحلية بالدّولار
سعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لخفض قيمة الدولار، منذ ولايته الأولى بهدف تعزيز فرص وصول الصادرات الأمريكية إلى دول العالم، وتخفيض خدمة الدين الأمريكي العام والذي وصل إلى مستويات فلكية، وبدأ دونالد ترامب الحرب التجارية خلال ولايته الأولى، وهو يواصلها في ولايته الحالية التي استهلّها بحرب تجارية على مختلف دول العالم، وعلى رأسها الدّوَل المصدّرة للولايات المتحدة.
ارتبطت عملات الدّول النّفطية بالدّولار ( أي إقرار سعر صرف ثابت بين الدّولار وهذه العملات) منذ سنة 1974، بعد حرب تشرين الأول/اكتوبر 1973 وبعد ما أطلق عليها "حرب النّفط" أو "صدْمَة النّفط"، كما ارتبطت عملات بعض الدّول العربية الأخرى بالدّولار، كالأردن، منذ تشرين الأول/اكتوبر سنة 1995، بعد التّطْبيع الرّسمي، ويمثل ربط العُمْلة المَحلّيّة بالدّولار مظهرًا للهيمنة النّقدية الأمريكية، بذريعة المحافظة على "الإستقرار المالي والنّقدي" كعوامل مساعدة على الإستقرار الإقتصادي الذي قد يجتذب الإستثمارات الأجنبية، لكن الربط بين العملات المحلية والدولار يتضمن مخاطر تتمثل في الإضطرار إلى رفع أو خفض سعر الفائدة وفق قرارات يتم اتخاذها في واشنطن من قِبَل مجلس الإحتياطي الإتحادي الأمريكي، كما يؤثّر انخفاض أو ارتفاع سعر الدّولار في الأسواق العالمية في الميزان التجاري وفي أسعار السلع المُصدّرَة والمُسْتَوْرَدة، لأنها مُقوّمة بالدّولار، كما يؤثر في ارتفاع أو انخفاض نسبة التضخم في البلدان التي ربطت قيمة عملتها بالدّولار، غير إن هذه العملات المحلية لا يدعمها قطاع صناعي مزدهر ( إنتاج مادّي أو حقيقي) أو إنتاجية قوية، ولأن اقتصاد العديد من هذه البلدان هش ويعتمد على التحويلات المالية بواسطة الدّيون والسياحة والعُمّال المُغْتَربين، أي إنه لا يعتمد على بُنْيَة صلبة وإنما على التدفقات المالية من الخارج، ويبقى اقتصاد هذه البلدان تابعًا ويُساهم في تعزيز هيمنة الإمبريالية الأمريكية...

الحرب التجارية
لم يسلم جيران الولايات المتحدة – كندا والمكسيك – أو الإتحاد الأوروبي من الزيادة المُشِطّة في الرسوم الجمركية التي فرضها دونالد ترامب على معظم دول العالم، وخصوصًا على الصّين، ومجموعة بريكس التي هدّدها بفرض "رسوم جمركية إضافية بنسبة 10% "، وفرضت الولايات المتحدة رسومًا جمركيةً بنسبة 50% على جميع المنتجات التي تُصدرها البرازيل إلى الولايات المتحدة" لأن رئيس البرازيل ترأس قيمة مجموعة بريكس يوم السادس من تموز/يوليو 2025، ورفض تهديدات الولايات المتحدة التي هدّدت أعضاء مجموعة بريكس بالويل إذا ما قررت التّخلّي عن الدّولار، لأن مجموعة بريكس تدعو إلى عالم رأسمالي متعدد الأقطاب بدل القطب الواحد الذي تتزعمه الولايات المتحدة التي تُمارس الهيمنة اعتمادًا على القوة العسكرية وعلى الدّولار والمؤسسات المالية الدّولية والتحكّم في التحويلات المالية الدّولية...
مجموعة بريكس+ ليست متجانسة ولا تتعدّى مجال التنسيق الإقتصادي والتبادل التجاري الذي لا يزال جنينيا، وهي بعيدة عن طموحات مجموعة باندونغ أو مجموعة السبع والسبعين، وتوسعت مؤخرا لتشمل أنظمة عميلة للولايات المتحدة، لتشمل عشرين دولة، نصفها أعضاء (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا - وهم الأعضاء المؤسسون - ومصر والحبشة وإيران والسعودية والإمارات وإندونيسيا ) ونصفها الآخر شُركاء ( بيلاروسيا وبوليفيا وكوبا وكازاخستان وماليزيا ونيجيريا وتايلاند وأوغندا وأوزبكستان وفيتنام )، غير إن هذا التّجمع يُمَثل 56% من سكان العالم و44% من الناتج الإجمالي العالمي (عند تعادل القوة الشرائية) و25% من التجارة العالمية، وتمتلك دول مجموعة بريكس+ 72% من احتياطيات المعادن الأرضية النادرة في العالم و 43,6% من إنتاج النفط العالمي و36% من إنتاج الغاز الطبيعي العالمي و78,2% من إنتاج الفحم العالمي، وقد تؤدّي زيادة التنسيق بين هذه الدّول إلى "فقدان الغرب بقيادة الولايات المتحدة، التي هيمنته" وفق الرئيس البرازيلي.
يلوم قادة الولايات المتحدة الصّين على تدخّل الدّولة في الإقتصاد، ويفرضون على حكومات الدول "النامية" في آسيا وأفريقيا وأميركا الجنوبية، بواسطة صندوق النقد الدّولي والبنك العالمي ومنظمة التجارة العالمية وغيرها، عدم التدخل في الأسعار وفي التوجه الإقتصادي، غير إن هؤلاء القادة الليبراليين والنيوليبراليين يُقرّون سياسات حمائية، ويُخالفون هذه "القواعد" في بلدانهم، لأن حكومات الدّول الرأسمالية التقدّمة تتدخل لتوجيه الإنتاج نحو تأمين حاجات المجتمع وتوجيه بعض القطاعات الصناعية نحو إنتاج الأسلحة، وتتفق فيما بينها لتفرض على دول العالم – كما حصل في اجتماع بريتن وودز سنة 1944 أو وفاق واشنطن سنة 1989 - نموذجًا اقتصاديا لا يُلائم درجة تطور الإنتاج ولا يُلبّي حاجة الأسواق المحلية، بل يُلبي حاجة أسواق الدّول الإمبريالية، وإذا ما تمكّنت إحدى الدّول من تطوير الصناعة أو الزراعة أو قطاع الخدمات، وأصبحت قادرة على منافسة الدّول الأوروبية والأمريكية فإن هذه الأخيرة تُعرقل نمو أي دولة منافسة من خلال تطبيق سياسات حِمائية وفرض رُسُوم جمركية مرتفعة على السلع والبضائع، وفي مقدّمتها السلع الصينية، حيث أقر دونالد ترامب خلال ولايته الأولى زيادة الرسوم بقيمة 280 مليار دولارا، وأقرت إدارة الرئيس جوزيف بايدن زيادة هذه الرسوم على السلع والخدمات الصينية بقيمة 18 مليار دولار، وهي رسوم تستهدف أشباه الموصلات والسيارات الكهربائية الصينية، فضلا عن الحصار التكنولوجي والعسكري والإستخباراتي، من خلال تحالف "كواد" (الولايات المتحدة والهند واليابان ) غير إن دونالد ترامب فَرَضَ زيادة الرُّسُوم الجمركية على حلفائه في الاتحاد الأوروبي الذين أجبرهم كذلك على زيادة حصتهم من الإنفاق العسكري ضمن حلف شمال الاطلسي، ودعم علنًا أحزاب أقصى اليمين في أوروبا والبرازيل والأرجنتين وغيرها، ورَضَخ الإتحاد الأوروبي لأوامر الولايات المتحدة – التي لا تلائم مصالحه – فأقر حصارًا اقتصاديا على روسيا و قررت المفوضية الأوروبية زيادات جديدة في الرسوم الجمركية على السيارات الكهربائية الصينية من 10% إلى 45% وتجميد اتفاق الشراكة الاستثمارية الشاملة بين الاتحاد الأوروبي والصين، لأن الصناعات والتكنولوجيا الصينية تنافس المنتجات الغربية في أسواقها الداخلية وفي العالم، وبالتالي فإن دول أمريكا الشمالية واليابان والإتحاد الأوروبي لا تتردّد أبدًا في إقرار مثل هذه الإجراءات التي تناقض قواعد الرأسمالية الليبرالية والتجارة الحرة، ومن المُثير للجدل إن الولايات المتحدة لم تتردّد في تدمير الإقتصاد الأوروبي من خلال فرض قطع العلاقات الإقتصادية مع روسيا وتفجير خطوط أنابيب نقل الغاز الروسي إلى أوروبا الشمالية، وألمانيا التي ازدهر اقتصادها بفضل الغز الروسي الرخيص وعالي الجودة، وبذلك ازدادت الهيمنة السياسية والإقتصادية الأمريكية على أوروبا التي ارتفعت وارداتها من الغاز الصّخري الأميركي المسال من 27% من احتياجاتها سنة 2021 إلى 48% سنة 2023، وتميزت العلاقات بين الحليفيْن الأوروبي والأمريكي بازدراء إدارة دونالد ترامب لحلفائه، وعدم التشاور معهم قبل اتخاذ قرارات مهمة أدّت إلى إنهاك الصناعات الأوروبية، واستمرّت الولايات المتحدة في استعراض القُوّة وفي عَسْكَرَة السياسات الخارجية، سواء في أوروبا أو في آسيا وخصوصًا على حدود الصيني لمراقبة الممرات المائية الحيوية لتجارة الصين التي بدأت منذ سنة 2013 تنفيذ مشروع "الحزام والطريق" أو طريق الحرير الجديدة، وهو عبارة عن شبكة من البنية التحتية والطرقات التجارية البرية والبحرية والحديدية لربط الصين بمجمل دول آسيا وإفريقيا وأوروبا وقُدّرت استثمارات الصين في هذا المشروع بأكثر من تريليون دولار، وتحاول الولايات المتحدة ( منذ ولاية جوزيف بايدن) منافسة المشروع الصيني بمشروع مُوازي هندي خليجي صهيوني، غير إن بعض حلفاء الإمبريالية الأمريكية انخرطوا في اتفاق التجارة الحرة الذي تم توقيعه في فيتنام خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2020، بين كل من الصين وأستراليا ونيوزيلندا واليابان وكوريا الجنوبية إلى جانب دول منظمة آسيان، ويضم ثلث سكان العالم وثلث الإنتاج الإجمالي العالمي، وتمكّنت الصين، رغم العراقيل من قطع أشواط كبيرة في مجالات التكنولوجيا وإنتاج الأسلحة المتطورة وصناعة السيارات والطّائرات...



#الطاهر_المعز (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفقر في أوروبا: نماذج من فرنسا وألمانيا
- المغرب: حادث عَرَضِي أم محاولة اغتيال سيون أسيدون؟
- مُتابعات - العدد السابع والثلاثون بعد المائة بتاريخ السّادس ...
- صنع الله إبراهيم - شمعة أخرى تنطفئ
- الذّكرى الثلاثون للتطهير العرقي في البَلْقَان
- تونس – دفاعًا عن الإتحاد العام التونسي للشغل
- من كواليس التحالف الأمريكي الصهيوني
- اقتصاد الحرب - ازدهار زمن التقشف
- مُتابعات - العدد السادس والثلاثون بعد المائة بتاريخ التاسع م ...
- جوانب من العلاقات الصهيونية – الصّينِيّة
- سوريا وخرائط الغاز
- تحويرات خطيرة لأهداف منظمة الصحة العالمية
- بعض الملاحظات عن فلسطين منتصف سنة 2025
- مراسلون بلا حدود، نموذج من المنظمات غير الحكومية المُرتزقة
- عَسْكَرة الإقتصاد والعلاقات الدّولية
- مُتابعات - العدد الخامس والثلاثون بعد المائة بتاريخ الثاني م ...
- تأثير المُقاومة على اقتصاد العَدُوّ
- الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة – علاقات غير متوازنة
- خطاب مسموم مَطْلِيٌّ بالعسل - نموذج تركيا وقَطر
- التّكنولوجيا في خدمة الإيديولوجيا


المزيد.....




- الكرملين يكشف ما دار في المكالمة الهاتفية بين بوتين وترامب خ ...
- ضجة بسبب سماح شركة ميتا بدردشات -رومانسية- مع الأطفال
- حراك دبلوماسي يُسرّع احتمال قمة بين بوتين وزيلينسكي
- منظمات تنتقد قرار واشنطن وقف التأشيرات لسكان غزة وتحذر من إض ...
- هل يحرك اجتماع زيورخ رياح التسوية في السودان؟
- زعيم كوريا الشمالية يدعو لتعزيز قدرات بلاده النووية سريعا
- الأمين العام لحلف الأطلسي: عضوية أوكرانيا في الناتو ليست قيد ...
- تقديرات بفقدان 300 ألف سوري خلال حكم عائلة الأسد
- ماذا يعني ظهور قوات النخبة القسامية في عمليات شرقي غزة؟
- مستويات قياسية للرطوبة العالمية مع زيادة الاحترار والانبعاثا ...


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - عيّنات من أحداث صيف 2025 الطاهر المعز