أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - اقتصاد الحرب - ازدهار زمن التقشف















المزيد.....

اقتصاد الحرب - ازدهار زمن التقشف


الطاهر المعز

الحوار المتمدن-العدد: 8430 - 2025 / 8 / 10 - 09:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نماذج من عَسْكرة الإقتصاد والمحتمع

أوروبا – باسم الدّيمقراطية؟

سرّعت جائحة كوفيد -19 آليات المراقبة الجماعية وشن حَرْب على مجموعات سكانية كبيرة بذريعة حماية الصحة، لكن انتهت الجائحة وبقيت الإجراءات القمعية بل تتزايد بلا هوادة، في دول تريد تلقين دروس في الدّيمقراطية لغيرها، مثل دول الإتحاد الأوروبي.

دعمت العديد من الدّول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي، من بينها فرنسا وألمانيا وبولندا وإسبانيا – يوم السادس من آب/أغسطس 2025 – مشروع (Chat Control ) الذي يسمح بمراقبة وتسجيل جميع الرسائل الخاصة، بما في ذلك تلك المحمية بالتشفير، مما يُمهّد للرقابة الشاملة على حياة المواطنين، تمهيدًا لعملية "التعريف الرقمي" الإلزامي وتتبع تنقلات وحركات المستخدمين بالتفصيل من خلال الخدمات المختلفة للشبكة الإلكترونية، بذرائع واهية مثل حماية الأطفال من الإعتداء الجنسي أو مراقبة تجارة المخدّرات، وستكون خدمات الرسائل المشفرة مثل WhatsApp و Signal و Telegram مراقبة قبل عملية التّشفير، وبدأت بعض شبكات التواصل الاجتماعي، مثل X/Twitter، مطالبة المستخدمين بالتعريف بأنفسهم من أجل الوصول إلى محتوى معين، وتُعْتَبَرُ هذه الإجراءات الأوروبية مراقبة جماعية غير مسبوقة في الاتحاد الأوروبي، وفق قُضَاة مجلس الاتحاد الأوروبي الذين أشاروا إلى عدم تناسب هذا الإجراء، ويجادلون بوجود خطر كبير من التنبيهات الخاطئة التي تستهدف الأبرياء - وانتهاك خطير للحق في الخصوصية و تقويض الأمن الرقمي لمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، لأن شبكات الاتجار الجنسي بالأطفال أو تجارة المخدّرات والدّعارة لا تستخدم خدمات الرسائل التقليدية، ولذلك فإن هذا المشروع يُحوّل مواقع التواصل الاجتماعي إلى آلياتٍ لمراقبة المستخدمين ويُمهّد الطريق لتسجيل الاتصالات الخاصة بشكلٍ منهجي دون الحاجة إلى إذنٍ قضائيٍّ مُسبق، بذريعة حماية القاصرين، وإذا مال تمّ إقرار هذا المشروع وتحويله إلى قانون أوروبي فإنه يمكّن أجهزة الدّولة من حق الوصول إلى رسائل الأفراد الخاصة، بما في ذلك الرسائل المشفرة المتداولة، وهي سابقة قانونية خطيرة...

تستعد ألمانيا لإعداد مشروع قانون مراقبة آخر من شأنه أن يسمح، من بين أمور أخرى، بالتَّطَفُّلِ دون إذن قضائي على الأجهزة الرقمية الشخصية، وتَتَبُّعِ ركاب الطائرات على نطاق واسع، وإلغاء الآليات المستقلة لمراقبة البيانات الشخصية، واستبعاد جهاز القضاء وتعزيز الجهاز القمعي بذريعة "تَحْدِيث قانون الشرطة الفيدرالي" الذي يهدف تزويد الشرطة بتقنيات متطورة، والقدرة على استغلال الأجهزة الشخصية بشكل استباقي ودون الحاجة إلى إذن قضائي، وتثبيت برامج تجسّس على جميع الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر واللّوْحات لمراقبة المواطنين، وجَمْع بيانات الركاب بشكل منهجي على جميع الرحلات الجوية الداخلة والخارجة من منطقة شنغن، ولم يعد من الضروري مصادقة مؤسسات مستقلة قبل إنشاء قواعد بيانات الأفراد، مما يوسّع صلاحيات الشرطة في جمع المعلومات المتعلقة بالأفراد وتخزينها مركزيًا، ولم يعد الأمر يتعلق بملاحقة السلوك الإجرامي، بل باحتمالية السلوك المشبوه، ولو أدّى ذلك إلى انتهاك خصوصية المواطنين باستخدام قائمة من التقنيات المخطط لها في القانون الألماني ومشروع القانون الأوروبي كالطائرات بدون طيار وأجهزة استشعار الهواتف المحمولة (أجهزة التقاط IMSI )، وأنظمة مكافحة الطائرات بدون طيار والتعرف على لوحات الترخيص، وجمع الحمض النووي الموسع، وكاميرات المراقبة بالفيديو، والعمليات السرية، أي ترسانة كاملة من شأنها أن تجعل دَوْر الشرطة مركزياً في السيطرة الرقمية على نطاق واسع...



الولايات المتحد اقتصاد "الحرب الشاملة والدّائمة"

أعلنت شركة الأمن الفرنسية العابرة للقارات "تاليس"، يوم 27 شباط/فبراير 2023، أنها تستعد لتوظيف 12 ألف عامل حول العالم، منهم 4 آلاف وظيفة جديدة، في إطار تجديد الكوادر البشرية، ففي ظلّ تقليص النفقات، ترتفع نفقات الأسلحة والحروب، وخصوصًا نفقات الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، كما أعلنت شركة إيرباص الأوروبية عن توظيف 3500 موظف جديد في فرنسا، وأعلنت سافران عن 4500 موظف إضافي، وتخطط شركة داسو، التي توظف شركتها الأم 9200 موظف، لتوظيف أَلْف موظف إضافي، وتوظف شركة داهر، المُصنّعة لمعدات الطيران، 10500 موظف، وأعلنت توظيف 1100 موظف إضافي، لأن الحرب تحتاج إلى وقود على الجبهة، وتحتاج أيضًا إلى القوى العاملة للشركات لتتمكن تلك الشركات من مواكبة معدلات الإنتاج المتزايدة، وفي فرنسا، توظف 400 شركة في قطاع الصناعة العسكرية أكثر من 190 ألف عامل وأعلنت سنة 2023، توظيف 15 ألف شخص آخرين ، بحسب مجموعة الصناعات الجوية والفضائية (غيفاس)، وفي المقابل خفضت الحكومات الأوروبية ميزانيات الرعاية الصحية والتعليم ومعاشات، وتم تقويض العقود الإجتماعية ، وأصبح "الإنفاق العسكري" استثمارا ومُحرّكًا رئيسيًّا للتنمية الاقتصادية، ضمن مخططات الحرب الشاملة والدّائمة التي ابتكرتها الإمبريالية الأمريكية وتسارعت وتيرتها منذ انهيار الإتحاد السوفييتي، وخصوصًا منذ بداية القرن الواحد والعشرين، ليُصبح المجمع الصناعي العسكري الأميركي ظاهرة مميزة للرأسمالية الاحتكارية للدولة في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وتتكمثل في اندماج شركات تصنيع الأسلحة الكبرى مع المؤسسات العامة، ولهذا الإندماج وزن اقتصادي هائل، فهو يولد أرباحاً هائلة في حين يعزز التدخلات العسكرية الخارجية، والتي يتم تبريرها في كثير من الأحيان تحت ذرائع "إنسانية"، رغم ملايين الضحايا المدنيين، كما حدث في العراق وأفغانستان...

بلغت ميزانية الحرب الأمريكية المُعْلَنَة لسنة 2025 حوالي تريسليون دولارا أو ما يعادل 3% من الناتج المحلي الإجمالي وهو رقم يفوق مجموع ميزانيات الحرب للدول العشر التالية في العالم، ويوظف قطاع الطيران الحربي والمدني الأمريكي أكثر من 1,1 مليون عامل بشكل مباشر، فضلا عن قرابة 2,2 مليون وظيفة، بشكل غير مباشر، على امتداد سلسلة التوريد، وتهيمن شركات احتكارية مثل لوكهيد مارتن وبوينغ ورايثيون (RTX) على سوق الأسلحة هذا، بإيرادات سنوية إجمالية تتجاوز 150 مليار دولار، ويعود الفضل في ذلك جزئيًا إلى العقود الحكومية، لكن تأثير احتكارات الحرب يتجاوز التوظيف، إذ يؤثر على الابتكار التكنولوجي، مع آثار غير مباشرة في المجالات المدنية كالذكاء الاصطناعي والاتصالات، كما فاقت تبرعات جماعات الضغط في صناعة الأسلحة 150 مليون دولار للحملات الانتخابية على مدى عِقْدَيْن، كما تقوم شركات صناعة الأسلحة بتمويل مراكز الأبحاث التي تدعو إلى سياسة خارجية عدوانية، الأمر الذي يؤدي إلى إدامة الطلب على الأسلحة.

إن المجمع الصناعي العسكري ليس مجرد صناعة، بل هو نظام بيئي يشكل الاقتصاد الأمريكي، مما يجعل أي تخفيضات في الميزانية محفوفة بالمخاطر السياسية بسبب احتمال فقدان الوظائف، وتزدهر هذه الصناعة بزيادة الحروب واستدامتها ولذلك في تخترع "المخاطر" و"التهديدات" الوَهْمِيّة في كل مكان، وشنّت الولايات المتحدة، بين سنتي 1991 و 2024، (منذ العدوان على العراق وانهيار الإتحاد السوفييتي وبداية التّحرّش بيوغسلافيا)، ما لا يقل عن 251 تدخلاً عسكرياً، غالباً في مناطق استراتيجية أو غنية بالموارد، وتُولّد هذه الحُروب العدوانية عقوداً ضخمة لشركات الأسلحة، فقد قُدّرت تكاليف العدوان على أفغانستان والعراق بأكثر من ثماني تريليونات دولار، مما عزز تجارة الأسلحة وأعمال مقاولي الدفاع من الباطن، ولهذه الأسباب تمارس الصناعات الحربية تأثيرًا مباشرًا على السياسة الخارجية من خلال جماعات الضغط وتمويل الأبحاث، مما يعزز عسكرة الدّبلوماسية والعلاقات الدّولية وعسكَرَةَ المجتمع، وتُغذي شركات الأسلحة "حروب الاختيار" في أفغانستان والعراق وسوريا وليبيا وأوكرانيا للحفاظ على "حالة حرب دائمة"، ولهذه الأسباب أيضًا، أضاف الكونغرس – بذريعة التوترات السياسية مع روسيا والصين - 150 مليار دولار إلى ميزانية الحرب لسنة 2025، استفادت منها شركات تصنيع الأسلحة بشكل مباشر، وتُنشئ هذه الديناميكية حافزًا اقتصاديًا واضحًا، فالحروب المطولة تضمن استمرار النمو، كما يتضح من زيادة الميزانيات العسكرية لدول حلف شمال الأطلسي لتصل إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول سنة 2035.

تتخفّى التدخلات العسكرية أحيانا – خصوصًا منذ حروب البلقان وتفتيت يوغسلافيا إلى ست كيانات - وراء خطاب الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتسعى "الإمبريالية الإنسانية" إلى تبرير الحروب المدمرة التي تُودي بحياة الملايين، إذ أدى حصار العراق خلال العقد الأخير من القرن العشرين إلى وفاة نصف مليون طفل عراقي دون سن الخامسة، وفقًا لدراسات الأمم المتحدة، بسبب سوء التغذية والأمراض ونقص الأدوية، وأعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية مادلين أولبرايت، خلال مقابلة لها سنة 1996: "إن الحصار والعقوبات ضرورية، ولها ثمن" أي إن الوفاة المبكرة لنصف مليون طفل عراقي هي "أضرار جانبية لا قيمة لها أمام الأهداف الأمريكية"...



#الطاهر_المعز (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مُتابعات - العدد السادس والثلاثون بعد المائة بتاريخ التاسع م ...
- جوانب من العلاقات الصهيونية – الصّينِيّة
- سوريا وخرائط الغاز
- تحويرات خطيرة لأهداف منظمة الصحة العالمية
- بعض الملاحظات عن فلسطين منتصف سنة 2025
- مراسلون بلا حدود، نموذج من المنظمات غير الحكومية المُرتزقة
- عَسْكَرة الإقتصاد والعلاقات الدّولية
- مُتابعات - العدد الخامس والثلاثون بعد المائة بتاريخ الثاني م ...
- تأثير المُقاومة على اقتصاد العَدُوّ
- الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة – علاقات غير متوازنة
- خطاب مسموم مَطْلِيٌّ بالعسل - نموذج تركيا وقَطر
- التّكنولوجيا في خدمة الإيديولوجيا
- مُتابعات - العدد الرّابع والثلاثون بعد المائة بتاريخ السادس ...
- فلسطين – إدانة للكيان الصهيوني في مؤتمر بوغوتا
- بعض تداعيات الحرب التجارية
- إسبانيا – عودة فرنسيسكو فرنكو؟
- اتفاقية الشراكة الأوروبية- الصهيونية
- من مخاطر اقتصاد المعرفة والذكاء الاصطناعي
- من مخاطر الشركات العابرة للقارات
- مُتابعات - العدد الثالث والثلاثون بعد المائة بتاريخ التّاسع ...


المزيد.....




- مصر.. صورة محمد رمضان مع لارا ترامب تشعل تفاعلا وتكهنات
- خلال موجات الحر.. ما كمية الماء التي يجب شربها؟
- بالفيديو.. متظاهرون يقتحمون استديو القناة 13 الإسرائيلية
- المدة والاستعداد.. تفاصيل الخطة الإسرائيلية للسيطرة على غزة ...
- الجيش الإسرائيلي يبدء تمرينا -مفاجئا- لاختبار الجاهزية
- هل تناول النودلز يومياً يؤثر على الصحة؟
- إليكم آخر مستجدات اجتماع ترامب المرتقب مع بوتين في ألاسكا دو ...
- بقيمة آلاف الدولارات.. عملية سطو في لوس أنجلس تستهدف دمى -لا ...
- بين المخاطر والفرص.. ما هي مصالح الهند في سوريا؟
- لماذا نبقى في علاقات بلا عنوان؟ دراسة تكشف خفايا -اللا-علاقا ...


المزيد.....

- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - اقتصاد الحرب - ازدهار زمن التقشف