الطاهر المعز
الحوار المتمدن-العدد: 8408 - 2025 / 7 / 19 - 11:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يتضمن العدد الثالث والثلاثون بعد المائة من نشرة "مُتابعات" الأسبوعية مقدّمة عن هجرة المستوطنين الصهاينة خارج فلسطين حال اقتراب الخطر، وتمسّك الفلسطينيين بأرضهم ووطنهم، وفقرة عن الحكم القضائي الفرنسي الذي يأمر بإطلاق سراح جورج إبراهيم عبد الله بعد 41 سنة من السجن والصمود، بتهمة – أنْكَرها – إعدام ضابط مخابرات أمريكي وضابط مخابرات صهيوني في فرنسا، وفقرة عن مظاهرات ضخمة غير مسبوقة في برلين وعدد من المدن الألمانية دعما للشعب الفلسطيني يوم 21 حزيران/يونيو 2025، وفقرة عن استخدام أموال النفط العربي من قِبَل الولايات المتحدة لتمويل العدوان الصهيوني واحتلال أراضي فلسطين والبلدان العربية المُجاورة، وفقرة عن تقرير لمنظمة العمل الدّولية عن قلة الوظائف الجديدة وانتشار الوظائف الهشة في العالم، وفقرة عن بيع حكومة مصر للأصول وممتلكات الدّولة، وهي ممتلكات الشعب، وفقرة عن مؤتمر التنمية المنعقد بإشبيلية ( إسبانيا) من 30/06 إلى 03/07/ 2025، وفقرة عن قرار رفع الإنفاق العسكري للدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي( فرضه دونالد ترامب والرؤساء الذين سبقوه) وسوف تكون هذه الزيادة من 2% سنة 2024 ( لم تُحققها كل الدّول الأعضاء) إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة عضو في الحلف
هَلَعُ مجتمع الإستعمار الإستيطاني
تسبب العدوان الصهيوني/الأمريكي على إيران في دمار فادح فضلا عن اغتيال العديد من العلماء والعسكريين والمدنيين غير إن ردّ المجتمع الإيراني ( بما في ذلك قوى المُعارضة) اتّسم بالوطنية وُمعارضة العدوان ورفض تغيير النظام – الذي يتسم بالقمع وغياب الدّيمقراطية – بفعل تدخّل خارجي ( كما فعلت الولايات المتحدة وبريطانيا عندما نظّمت الإنقلاب ضد حكومة محمد مصدّق سنة 1953)، خلافًا لمجتمع الإستعمار الإستيطاني الصّهيوني الذي أصابه الفزع جراء ردود المقاومة الفلسطينية واللبنانية واليمنية والصواريخ الإيرانية التي أصابت المراكز العسكرية في وَسَط وشمال وجنوب فلسطين المحتلة، والمراكز الحَضَرِية الكبرى والمتوسطة مثل تل أبيب وحيفا والقدس وبئر السبع وعسقلان، ويعود سبب هَلَع ورُعب المُستوطنين إلى فقدان الأمان والطّمأنينة، منذ النّكبة وتأسيس هذا الكيان الإستعماري الإستيطاني قبل ثمانية عُقُود، وإلى انهيار أُطروحة التّفوّق العسكري المُطلق على الدّول العربية مجتمعة، وأدّى الفزع إلى هجرة مئات الآلاف من المستوطنين الصّهاينة وبعد إغلاق المجال الجوي ارتفع ثمن تأجير القوارب التي تحمل الرّاحلين من موانئ فلسطين إلى قُبرص، وانخفض عدد المستوطنين القادمين الجدد لِتُصبح الهجرة عَكْسِيّة، وانخفض حجم الإستثمارات الأجنبية وعدد السائحين، لأن فلسطين أصبحت أخْطَرَ مكان للمستوطنين والسائحين، رغم القوة العسكرية الأمريكية والصهيونية والدّعم الإمبريالي وتواطؤ الأنظمة العربية...
في المقابل، لم يشمل الفزع والرّعب والهجرة خارج فلسطين، السّكّان الأصليين، أي الفلسطينيين من أبناء وأحفاد من بقوا على أرضهم وفي وطنهم خلال النكبة، ويُمثلون بالكاد 20% من سُكّان الأراضي التي تم احتلالها سنة 1948، وتجدر الإشارة إلى قِلّة أو انعدام الملاجئ في مناطق سكنهم في الجليل أو المثلث أو النّقب، مما يرفع عدد حالات الموت والإصابة لديهم بفعل الصواريخ القادمة من لبنان أو غزة أو اليمن أو إيران، ورغم العنصرية التي زادت حدّتها منذ بداية عدون تشرين الأول/اكتوبر 2023 ورغم الإقصاء والفقر، لم يلجأ فلسطينيو 1948 إلى الفرار والهجرة من وطنهم المُحتلّ، واقتصرت الهجرة على المستوطنين الصهاينة الذين يعلمون أن لا علاقة تاريخية أو عائلية لهم بفلسطين، بل هم مُحتلّون لوطن غيرهم، وقادمون من مائة بلد آخر لاستعمار فلسطين...
صمود وانتصار جورج إبراهيم عبد الله
"أينما نرى الأمل والكرامة يزدهران، تلوح في الأفق رحلة المقاومة الطويلة. قاوموا، وقاوموا دائمًا حتى تتغير موازين القوى. (جورج عبد الله – نيسان/أبريل 2009)
أعلنت محكمة الإستئناف ( الدّرجة الثانية) بباريس، يوم السابع عشر من تموز/يوليو 2025، إطلاق سراح جورج إبراهيم عبد الله ( 74 سنة) "بشروط" اعتبارًا من 25 يوليو/تموز، بشرط مغادرة البلاد وعدم عودته إليها، وفقًا للحكم، وبالتالي، يصبح المناضل الشيوعي حرًا طليقًا، مع مغادرة فرنسا يوم الخامس والعشرين من تموز/يوليو 2025.
حُكم على جورج إبراهيم عبد الله بالسجن المؤبد من قِبل محكمة مكافحة الإرهاب الفرنسية سنة 1986 بتهمة التواطؤ في اغتيال دبلوماسيين، أحدهما أمريكي والآخر صهيوني، في باريس سنة 1982 - المقدم تشارلز ر. راي ويعقوب بارسيمانتوف، وأعلنت الكتائب المسلحة الثورية اللبنانية (FARL) التي كان جورج أحد مؤسّسيها، مسؤوليتها عن الإغْتِيالَيْن، وهي منظمة ماركسية سعت للرد على الغزو الصهيوني للبنان بنَقْل الحرب إلى أوروبا والدّول الإمبريالية، واعتقلت الشرطة الفرنسية جورج إبراهيم عبدالله، سنة 1984، بتهمة حيازة وثائق هوية مُزوّرة، وأُدين بحكم "خفيف"، ولكن تم الحكم عليه مرة أخرى سنة 1987 وهو في السجن بتهم أخرى تتعلق بالإرهاب ورغم عدم توفّر أدلة ضغطت الولايات المتحدة والكيان الصهيوني ليكون الحُكم بالسجن المُؤبّد، لأن جورج إبراهيم عبد الله تمسّك ببراءته ورفض إنكار مبادئه وقناعاته الشيوعية والمناصرة لشعب فلسطين والشعوب المُضطَهَدَة، وكان بالإمكان إطلاق سراحه منذ سنة 1999، وقضت المحكمة سابقًا إطلاق سراحه ورفضت وزارتا الدّاخلية والقضاء الفرنسيّتَيْن ( أي الحكومة الفرنسية) إتمام الإجراءات الضرورية لتنفيذ حكم المحكمة وإطلاق سراحه، وأعلنت الولايات المتحدة والكيان الصهيوني اعتراضهما على حُكم أصدره القضاء الفرنسي الذي يُفْتَرَضُ إنه مُستقِلّ...
أخيرًا قبلت محكمة الاستئناف في باريس طلب الإفراج عن الشيوعي اللبناني يوم الخميس تموز/يوليو 2025، بعد سجنه لأربعة عقود، ويُتوقع أن يتم ترحيله إلى لبنان يوم الخامس والعشرين من تموز/يوليو 2025، ويُعتبر هذا الحكم انتصارًا سياسيًّا لجورج إبراهيم عبد الله على الولايات المتحدة، التي راسلت محكمة باريس لمنع إطلاق سراحه، وعلى جميع الرؤساء الفرنسيين، من جاك شيراك إلى ماكرون، وهو انتصار للقُضاة الفرنسيين، وأعلن الكيان الصهيوني عدم رضاه عن هذا القرار القضائي لبلد مُستقل، وروجت الحكومة الصهيونية إنها سوف تغتاله في لبنان، لكن هذا القرار هو انتصار لنا جميعا كمناضلين عرب وتقدّميين من جميع أنحاء العالم...
مظاهرة ضخمة في برلين
تواصل ألمانيا دعم الكيان الصهيوني بالمال والسلاح، رغم تدهور الوضع الإقتصادي الدّاخلي منذ 2022 ( حرب أوكرانيا) حيث ارتفع عدد الشركات التي أعلنت إفلاسها خلال النصف الأول من سنة 2025 إلى مستوى قياسي بنحو 11900 شركة وتسريح نحو 141 ألف من العاملين بها، وارتفعت حالات إفلاس الشركات خلال الأشهر الستة الأولى من سنة 2025، بنسبة فاقت 9,4% مقارنة بالفترة نفسها من العام 2024، بسبب ضعف الطلب وارتفاع التكاليف والبيئة الاقتصادية غير المؤكدة وصعوبة حصول الشركات على القروض التي تحتاجها، وفقا لدراسة نشرتها شركة (Creditreform ) يوم الخميس 26 حزيران/يونيو 2025، وتتوقع الدّراسة أن تظل ألمانيا "غارقة في أزمة اقتصادية وبنيوية عميقة" رغم إقرار حكومة المستشار فريدريش ميرز على إنشاء صندوق الاستثمار بقيمة 500 مليار يورو سنة 2026...
فيما يخصّنا كعرب، تُعدّ ألمانيا ثاني أكبر داعم مالي وعسكري وسياسي للكيان الصهيوني، بعد الولايات المتحدة، ولئن كان الرأي العام مواليا للصهيونية بنسبة كبيرة فإن هذا الدّعم الشعبي بدأ في الأنخفاض بعد عامين من العدوان على فلسطينيِّي غزة، حيث تظاهر خمسون ألف مواطن ومُقيم في برلين، فضلا عن عشرات الآلاف في المدن الكبرى الألمانية الأخرى، يوم السبت 21 حزيران/يونيو 2025، تحت شعار "متحدون من أجل غزة"، واستخدمت الشرطة العنف ضد المتظاهرين في شوارع برلين واعتقلت خمسين متظاهرًا، ونصبت شرطة مكافحة الشّغب الحواجز والعراقيل وكثفت عمليات التفتيش في المناطق القريبة من ساحة انطلاق التّظاهرة، لمَنْع الوُصُول للمكان.
أعلن متحدّث باسم الجالية الفلسطينية – التي دعت إلى المظاهرة في برلين - إن تحالف "متحدون من أجل غزة" يهدف إلى "إنشاء منصة اجتماعية واسعة النطاق لتوجيه رسالة إنسانية قوية ضد الإبادة الجماعية والتهجير وتواطؤ الدولة الألمانية التي تُطارد وتُجرِّمُ التّضامن مع الشعب الفلسطيني... ويُطالب التّحالف بإنهاء الدعم الألماني الفوري للإبادة الجماعية والفصل العنصري والاحتلال، وإلى احترام القانون الدولي والإجراءات القانونية الدولية..."، وصرّحت المتحدثة باسم التحالف: "إن التظاهرة كانت واحدة من أكبر التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين منذ سنة 2023 ( فهي نجحت في ) نَقْلِ المقاومة ضد الإحتلال وسرقة الأراضي والإبادة الجماعية وضد المَيْز والفصل العنصري إلى الشوارع مما أدّى إلى كَسْرِ حاجز الصمت".
أثارت ممارسات السلطات الألمانية ( في ظل الحكومات السابقة والحالية) استياء مفوض حقوق الإنسان في المجلس الأوروبي، مايكل أوفلاهيرتي، الذي أعلن قبل أسبوع واحد عن قلقه إزاء تصرفات السلطات الألمانية خلال التظاهرات المناهضة لحرب الإبادة في غزة، وانتقد نَشْر الأكاذيب من قِبَل الحكومة لتبرير حَظْر التّظاهرات والقيود المفروضة على حرية التجمع وحرية التعبير، والعنف المفرط من جانب الشرطة ضد الأفراد بناءً على آرائهم السياسية أو دينهم أو جنسيتهم أو وضعهم كمهاجرين، غير إن الحكومة تُصِرّ على استمرار الدّعم غير المشروط وغير المحدود للكيان الصّهيوني، واتّهمت المتظاهرين كالعادة ( بواسطة وسائل الإعلام ) " بمعاداة السامية" رغم حِرْص المُنظِّمِين والمُتحدِّثِين باسم تحالف "مُتّحِدُون من أجل غزة" على التّمْيِيز بين الحركة الصّهيونية ومجمل اليهود...
عائدات نَفْط العرب تقتل الشعب الفلسطيني
قبل حوالي شهر من بداية العدوان على إيران، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه تمكّن من الحُصول على عُقود خليجية بقيمة تريليونَيْ دولار، ويتم إنفاق جزء من هذه المبالغ لإمداد الكيان الصهيوني بالأسلحة والعتاد لإبادة الشعب الفلسطيني وقصف لبنان وسوريا واليمن وإقامة المزيد من المُستعمَرات الإستيطانية في الضّفّة الغربية، وبذلك يَنْضَمُّ صهاينة العرب ( وكذلك صهاينة الإسلام ) إلى الكيان الصهيوني والإمبريالية ضدّ الشعب الفلسطيني وضدّ الشعوب العربية والإيرانية...
وظائف قليلة وهشاشة كثيرة
أصدرت منظمة العمل الدّولية تقريرا بتاريخ الإربعاء 28 أيار/مايو 2025، وخفضت توقعاتها لنمو التوظيف على مستوى العالم في سنة 2025، من ستين مليون إلى 53 مليون وظيفة جديدة، بانخفاض قدره 7 ملايين وظيفة عن التقدير السابق، بفعل الحرب التجارية وتدهور الآفاق الاقتصادية، كما خفضت المنظمة توقعاتها لمعدل نمو الاقتصاد العالمي من 3,2% إلى 2,8% من 3.2%، بفعل "عدم اليقين الاقتصادي الذي سيظل مرتفعاً على مدار العام، نتيجة الصراعات المستمرة، والتحولات الجيو- اقتصادية، والاضطرابات التجارية" التي تُهدّد 84 مليون وظيفة في 71 دولة لأن هذه الوظائف مرتبطة بالطلب الاستهلاكي في الولايات المتحدة، وتتركز معظم هذه الوظائف - 56 مليون وظيفة - في منطقة آسيا والمحيط الهادئ ( حوالي 56 مليون وظيفة) فضلا عن كندا والمكسيك التي تربطها علاقات شراكة مع الولايات المتحدة والتي تفقد أكثر من 17,1% من هذه الوظائف وهي أعلى نسبة، وتتقاطع هذه البيانات مع ما ورد في تقرير صندوق النقد الدّولي الذي صدَرَ خلال شهر نيسان/ابريل 2025 بعنوان "آفاق الإقتصاد العالمي 2025"، كما وردت في نفس التّقرير فقرة عن "اتجاهات توزيع الدخل"، حيث انخفضت الحصة العالمية لِدَخْل العمل - وهي حصة العمال من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بحصّة رأس المال – خلال عقد واحد من 53% سنة 2014 إلى 52,4% سنة 2024، وشهدت أفريقيا والأمريكتان أكبر انخفاض، وقد يتفاقم انخفاض الوظائف بفعل التقنيات الجديدة التي قد تُؤَثِّرُ بشكل سَلْبِي على العُمّال غير المَهَرة الذين قد يفقد 25% منهم وظائفهم بفعل استخدام "الذّكاء" الإصطناعي، وأشار التقرير كذلك إلى استقرار معدل البطالة العالمي بواقع 5% سنة 2024، فيما ظلّت بطالة الشباب مرتفعة بنحو 12,6% ، مقابل ارتفاع حجم ونسبة العمل غير الرسمي والفقر بين العمال إلى مستويات 2019، وخلافًا لتوصيات البنك العالمي وصندوق النقد الدّولي، توصي منظمة العمل الدّولية "بضرورة تنفيذ سياسات حكومية تضمن توزيعًا عادلًا لمكاسب الإنتاجية، وتعزيز الحماية الاجتماعية، وتطبيق حد أدنى للأجور، ودعم حرية التنظيم والمفاوضة الجماعية، لتحقيق نمو شامل ومستدام..."
مصر للبيع
أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، يوم الثلاثاء 10 حزيران/يونيو 2025، قراراً جمهورياً بتخصيص مساحة 174.399 كيلومتراً مربعاً من المساحات المملوكة للدولة "لتستخدمها وزارة المالية من أجل خفض الدين العام للدولة ( أي بَيْع هذه الأرض)، وإصدار الصكوك السيادية، وفقاً للقوانين والقواعد المعمول بها في هذا الشأن"، ونص قرار مُوَقَّع يوم الرابع من حزيران/يونيو 2025 على احتفاظ القوات المسلحة بملكيتها للأراضي الاستراتيجية ذات الأهمية العسكرية داخل حدود هذه المساحة التي تمتد من منطقة رأس شقير إلى رأس جمسة السياحية جنوبي خليج السويس على ساحل البحر الأحمر، وسوف يتم طرحها للبيع لمستثمرين من مَشْيَخات الخليج، على غرار صفقة مدينة رأس الحكمة الجديدة على ساحل البحر الأبيض المتوسط لصالح الإمارات بقيمة 35 مليار دولار ( آذار/مارس 2024) وجرت – على هامش منتدى دافوس الصحراء بالسعودية سنة 2024- مفاوضات بين المسؤولين المصريين والسعوديين، حول صفقة رأس جميلة على البحر الأحمر، في محاولة لإقناع السعوديين بتسديد قيمة الصفقة بالدولار نقداً، مثلما حدث في رأس الحكمة، وهو ما اعترض عليه السعوديون، بينما تسعى الحكومة المصرية إلى الحصول على دولارات تمكنها من تسديد حصص الدّيون التي يحل أجَل دَفْعها قبل نهاية العام الحالي 2025، وإضافة إلى صفقة بيع مدينة رأس الحكمة إلى صندوق الثروة بدُوَيْلَة الإمارات، طرحت الحكومة المصرية بَيْعَ أراضي للمستثمرين العرب والأجانب بمنطقة رأس بناس على ساحل البحر الأحمر، كما تحرص الحكومة على بَيْع شركات القطاع العام لمواجهة زيادة نفقات الموازنة العامة، وارتفع حجم الدين الداخلي والخارجي...
تُعَدُّ منطقة رأس شقير ورأس بناس المطروحة للبيْع من أكبر تجمعات الشعاب المرجانية البكر في العالم، وتمتد بطول خمسين كيلومتراً داخل مياه البحر الأحمر، كما تقع في الجهة المقابلة من مدينة ينبع السعودية، وتريد السعودية التنازل عن ودائعها لدى المصرف المركزي المصري، بقيمة 10,3 مليارات دولار، منها خمس مليارات قصيرة الأجل، مقابل إتمام صفقة رأس جميلة، والاستحواذ على عدد من الشركات الحكومية في مصر، منها شركة سيرا المتخصصة في قطاع الخدمات التعليمية، وخمس شركات أخرى تعمل في مجالات التطوير العقاري والصحة والطاقة والكهرباء والخدمات المالية والأغذية، وتستغل السعودية والإمارات حاجة الحكومة المصرية للمال ( بالعُملة الأجنبية) لسداد ديونها، وسَدّ الفجوة التمويلية في مشروع موازنة العام المالي (2025-2026 الذي يبدأ يوم الأول من تموز/يوليو 2025 وينتهي يوم الثلاثين من حزيران 2026) وتفوق الفجوة 25% من الموازنة لتصل إلى 3,6 تريليونات جنيه، أو نحو 70 مليار دولار وفقاً لتوقعات سعر الدولار في الموازنة الجديدة، وتعتزم وزارة المالية تغطية عجز الموازنة من خلال إصدار أدوات دين محلية جديدة، في صورة أذون خزانة بقيمة 2,2 تريليون جنيه، وسندات خزانة بنحو 928,9 مليار جنيه، في إطار خطة حكومية تستهدف زيادة الإنفاق على الرعاية الاجتماعية، وسد العجز في الموازنة.
ارتفعت ديون مصر الخارجية بنسبة 1,5% على أساس ربع سنوي، إلى 155,2 مليار دولار بنهاية الرُّبع الأول من العام المالي (2024-2025)، مقارنة بـ152,9 مليار دولار في نهاية العام المالي (2023-2024)، وفق بيانات المصرف المركزي، وشكلت الديون متوسطة وطويلة الأجل نحو 82% من إجمالي الدين الخارجي للبلاد، إذ بلغت نحو 127,5 مليار دولار، بينما شكلت الديون قصيرة الأجل الـ27,7 مليار دولار المتبقية، وانخفضَ الدّيْن الخارجي لِمصر على أساس سنوي، بنسبة تقل قليلاً عن 5,7% من الـ164,5 مليار دولار، خلال الربع الأول من العام المالي الماضي، لكن الدّيون الخارجية تضاعفت نحو أربع مرات خلال السنوات العشر الماضية، وتمثل الديون المقومة بالدولار أكثر من ثُلُثَيْ الديون الخارجية للبلاد.
مؤتمر "تمويل التنمية"
هيمنت مواضيع التخفيضات المالية والنزاعات الدولية على النسخة الرابعة من مؤتمر تمويل التنمية في مدينة إشبيليا بإسبانيا من 30حزيران/يونيو إلى 03 تموز/يوليو 2025، بمبادرة من الأمم المتحدة وبمشاركة زعماء سياسيين ( حوالي خمسين رئيس دولة وحكومة ) وخُبَراء ورجال أعمال، إضافةً إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ورئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز وأربعة آلاف ممثل للمجتمع المدني "في ظل تداعيات الأزمات العالمية والتخفيضات الكبرى في ميزانيات الدّول" وفي مقدّمتها الولايات المتحدة التي لن تشارك في الاجتماع، ويهدف المؤتمر في نسخته الرابعة منذ العام 2002، إلى "إيجاد حلول لدول الجنوب التي تواجه فجوة تمويلية تقدّر بحوالى 4 تريليون دولار سنويا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة" وفق الأمم المتحدة، وقررت الولايات المتحدة منذ منتصف حزيران/يونيو 2025، عدم إرسال أي ممثل عنها، بعد مغادرتها المفاوضات بسبب خلاف بشأن النص المقدّم للوفود والذي اعتبرته " يتعدّى على سيادتها"، وينعقد هذا اللقاء في ظل شُحّ "المساعدات التنموية" وخصوصًا الأمريكية وفرنسا وبريطانيا حيث ألغى دونالد ترامب تمويل معظم البرامج الخارجية وتمويلات العديد من الوكالات والمنظمات غير الحكومية، وفق منظمة أوكسفام التي أعلنت "إن حكومات الدول الغنية تجري أكبر تخفيضات في مساعدات التنمية منذ العام 1960″، في ظل ارتفاع الدَّيْن العام لدول "الجنوب"، حيث تضاعفت ديون أقل الدول نموا ثلاث مرات خلال 15 عاما، ويعيش 3,3 مليارات شخص في دول تُنفق على سداد ديونها أكثر ممّا تنفق على الصحة أو التعليم، واعتبرت العديد من المنظمات غير الحكومية "إن غياب التضامن من جانب أغنى الدول يُعرقل نُمُوّ البلدان الفقيرة"، وفي ما وَرَدَ في تحليل وكالة الصحافة الفرنسية بتاريخ 30 حزيران/يونيو 2025
حلف شمال الأطلسي – زيادة الإنفاق العسكري
رضخت الدّول الأوروبية خلال قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو – 23 دولة أوروبية من إجمالي 32 دولة عضو)، المنعقدة في لاهاي (هولندا) يومَيْ 24 و 25 حزيران/يونيو 2025 وأعلنت التزامها بزيادة إنفاقها الدفاعي والأمني من 2% ( الهدف السابق حتى سنة 2024 ) إلى مستوى 5% من الناتج المحلي الإجمالي خلال عشر سنوات على أقصى تقدير (بحلول 2035 ) واعتبر دونالد ترامب هذا الرّضوخ انتصارًا أمريكيا كبيرًا وانتصارًا لاستراتيجيته التي تعتمد "دبلوماسية القُوّة والتّهديد" والضّغوط على كندا والدّول الأوروبية "لِتَحَمُّلِ عبء تكاليف الدفاع عن الغرب"، وتضمّن التهديد "انسحاب الولايات المتحدة من الحلف" غير إن لهذه الزيادة في الإنفاق الحربي تداعيات جيوسياسية واقتصادية، وبرّر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "مارك روته"، رئيس وزراء هولندا السابق هذه الزيادة غير المسبوقة في الإنفاق العسكري – التي تُعتَبَرُ رُضُوخًا أوروبيا ذليلا2 - بما أسماه “التهديد طويل الأمد الذي تشكله روسيا على الأمن الأوروبي-الأطلسي”، ويتوقع دونالد ترامب استفادة المُجمّع الصناعي العسكري الأمريكي والإقتصاد الأمريكي من هذه الزيادة كما يتوقّع تعزيز الهيمنة الأمريكية على العالم لأن الشركات الأمريكية تصنع وتبيع معظم المعدات والأسلحة والأنظمة الحربية المُعتَمَدَة في حلف شمال الأطلسي.
تُمثل زيادة الإنفاق العسكري تحديًا كبيرًا أمام للدول الأوروبية الأعضاء التي تعاني من الركود والتضخم وتراجع مستويات النمو، وبالأخص اقتصاد ألمانيا – أكبر اقتصاد أوروبي – إذ أعلنت الحكومة زيادة الإنفاق الحربي من 95 مليار يورو سنة 2025 إلى 162 مليار يورو سنة 2029، وسوف تضطر الحكومة إلى اقتراض تريليون يورو خلال العقد المقبل ما يزيد من ارتفاع العجز المالي للدولة التي لن تتمكن من تحقيق الأهداف المُعْلَنَة للنّموّ، ويتزامن رَفْع الإنفاق العسكري مع زيادة الضريبة على الدّخل وتراجع الإنفاق الإجتماعي مما يُثير معارضة شعبية...
أما بريطانيا ( التي خرجت من الإتحاد الأوروبي) فقد أعلنت حكومتها شراء 12 طائرة مقاتلة من طراز إف – 35 أ الأمريكية، رغم الضغوط المالية ومعاناة المواطنين من ارتفاع تكاليف المعيشة...
#الطاهر_المعز (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟