جولة من حرب -الشرق الأوسط الكبير-

الطاهر المعز

الحوار المتمدن-العدد: 8381 - 2025 / 6 / 22 - 12:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

أصبح العدوان الصّهيوني على إيران في صدارة الأخبار، مما خفض من اهتمام وسائل الإعلام الإمبريالية بما يجري في أوكرانيا، غير إن التّأثيرات السّلْبِيّة على الاقتصاد العالمي مُؤَكَّدَة، وتتخوّف بعض المنظمات الدولية من عدم تحقيق أهداف التنمية المستدامة، لأن الحروب لا تُضيف قيمة إلى الإقتصاد العالمي، بل تُرْهق الفُقراء والكادحين في البلدان المتحاربة وفي مجمل بلدان العالم، بسبب ارتفاع المحروقات والإنتاج الغذائي وارتفاع تكاليف النّقل...
انعقد اجتماع مجلس الأمن القومي الأمريكي يوم الثلاثاء 17 حزيران/يونيو 2025، برئاسة الرئيس دونالد ترامب في غرفة العمليات بالبيت الأبيض، وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال إن مشاركة واشنطن العسكرية في العدوان على إيران كانت "أحد الخيارات العديدة التي نوقشت خلال الاجتماع، وأجمع القادة الأمريكيون على استمرار الدّعم المُطلق للكيان الصهيوني، لكنهم لم يتمكّنوا من تحديد الخطوات المُوالية" مع إجماعهم على استخدام القُوّة ضد إيران بواسطة الكيان الصهيوني، وأفادت وسائل إعلام أمريكية إن الولايات المتحدة نقلت ثماني طائرات مقاتلة من طراز إف-22 رابتور من قاعدة لاكنهيث الجوية البريطانية إلى قاعدة جوية في الأردن، كجزء من التعزيزات العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط، وهي مدعومة بطائرات تزويد بالوقود من طرازي KC-135 وKC-46"، وفق قناة ( ABC News ) التي كانت تؤكّد قبل اجتماع مجلس الأمن القومي الأمريكي "إن قرارًا بشأن مشاركة واشنطن في العملية العسكرية الإسرائيلية ضد الجمهورية الإسلامية قد يُتخذ خلال الـ 24 إلى 48 ساعة القادمة"، قبل أن تعلن صحيفة وول ستريت جورنال إن الولايات المتحدة اتخذت قرار المشاركة في العدوان واستخدام قاذفات مزودة بقنابل خارقة للتحصينات، لكنها أجّلت تاريخ التّنفيذ، وذكرت شبكة CBS يوم 19 حزيران/يونيو 2025 "إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يدرُسُ ضرب منشأة فوردو النووية الإيرانية باستخدام الأسلحة النووية التكتيكية لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية في المستقبل القريب، كما أفادت مراسلة قناة فوكس نيوز، جاكي هاينريش "لا تسبعد الحكومة الأمريكية استخدام أسلحة نووية تكتيكية لضرب منشأة تخصيب اليورانيوم الإيرانية تحت الأرض في فوردو..." وهو الموقع الذي قصفته أكثر من ستّين طائرة مقاتلة صهيونية ألْقَت أكثر من 120 قنبلة، وردّت إيران بقصف مواقع عسكرية في بئر السّبع، جنوب فلسطين المحتلة، صباح يوم العشرين من حزيران/يونيو 2025، ولم تتمكّن أنظمة الدّفاع الجوي للعدُوّ من اعتراض الصّواريخ الإيرانية وفق موقع صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، كما استهدفت الصواريخ والطائرات الآلية الإيرانية، مساء الجمعة 20 حزيران/يونيو 2025، منشآت عسكرية وصناعية عسكرية وذكر موقع صحيفة جيروزاليم بوست أن صفارات الإنذار سُمعت في مناطق مُختلفة من فلسطين المحتلة بعد ظهر الجمعة 20/06/2025 ، من بينها حيفا وتل أبيب والقُدس...

تأثيرات جانبية
|تعطّلت حركة الطّيران في مطار اللّد ( بن غوريون) منذ بداية العدوان الصهيوني على إيران التي ردّت بقصف عدد من المنشآت في فلسطين المحتلة، ومن بينها مطار تل أبيب، وأعلنت شركة طيران "العال" الصهيونية يوم الجمعة 20 حزيران/يونيو 2025، إنها حصلت على "إذن من الحكومة لبدء تسيير رحلات لإعادة العالقين في الخارج منذ بداية الحرب مع إيران، والذين أُلْغِيَتْ رحلاتهم إلى فلسطين المحتلة بعد إغلاق المجال الجوّي، وأعلنت عدّة شركات طيران استمرار تعليق رحلاتها إلى فلسطين المحتلة، بعد استهداف مطار اللدّ ( بن غوريون) بالصواريخ الإيرانية، وإغلاقه عدة مرات، وأعلنت شركة الطيران "إيزي جت" البريطانية مُنخفضة التّكلفة تعليق جميع رحلاتها إلى فلسطين المحتلة حتى تشرين الثاني/نوفمبر 2025، بفعل الحرب التي عرقلت حركة الطيران، بعد تعليق رحلاتها من بداية نيسان/ابريل 2024 إلى نهاية حزيران/يونيو 2025، كما ألغت شركة "طيران إيجه" اليونانية من 12 حزيران/يونيو 2025 جميع رحلاتها من تل أبيب وإليها حتى يوم 12 تموز/يونيو 2025، وألغت شركة الطيران الإسبانية رحلاتها من تل أبيب وإليها حتى 31 تموز/يوليو، وأعلنت شركة الخطوط الفرنسية "إير فرانس" تعليق رحلاتها من تل أبيب وإليها حتى إشعار آخر، وأعلنت شركة "طيران كيه إل إم" الهولندية إلغاء جميع رحلاتها من تل أبيب وإليها حتى الأول من تموز/يوليو 2025، على أقل تقدير، ونشر الموقع الإلكتروني لشركة الطيران الأميركية "دلتا إيرلاينز" تحذيرًا تضمّن: "إن السفر من تل أبيب وإليها أو عبرها قد يتأثر في الفترة من 12 حزيران/يونيو إلى 31 آب/أغسطس 2025، كما أعلنت شركة "لوفتهانزا" الألمانية تعليق جميع رحلاتها من تل أبيب وإليها وكذلك إلى طهران حتى 31 تموز/يوليو 2025، بعد تعليق رحلاتها من عمّان وأربيل وبيروت وإليها حتى 20 حزيران/يونيو 2025، في حين أعلنت شركة الطيران التركية أنها ألغت رحلاتها إلى إيران...
أصْدَرت شركة الشحن البحري الدّنماركية "ميرسك" - ثاني أكبر شركة عالمية للشحن البحري - قرارا ب"تعليق مؤقت لرسو السفن في ميناء حيفا" بسبب " المخاطر المحتملة المرتبطة بالتوقف في الموانئ الإسرائيلية والعواقب المترتبة على ذلك على سلامة أطقم سفننا..."، وأكدت الشركة أنه "ما من اضطرابات إضافية" ستطال عملياتها في المنطقة.
من جهة أخرى، تَبيّن للمستوطنين الصهاينة خلال السنتَيْن الأخيرتَيْن، منذ العدوان والإبادة الجماعية في غزة والعدوان على لبنان واليمن وإيران، إن فلسطين المحتلة أصبحت أخْطر مكان يمكنهم اللجوء إليه، مما أدّى إلى مغادرة مئات الآلاف من المستوطنين، بشكل مُؤقّت أو دائم، كما تشير وسائل الإعلام الصهيونية، استنادًا إلى تقديرات رسمية إلى أن نحو 100 ألف مُستوطن يحمل الجنسية "الإسرائيلية" بقوا عالقين في الخارج منذ بداية العدوان، ولم يتم تحديد أي موعد لعودتهم أو ولم يتم تفعيل أي خطة رسمية لإعادتهم، وفق موقع صحيفة "معاريف" التي أشارت (خلال الأسبوع الثالث من حزيران/يونيو 2025) إلى نَقْلِ جميع الطائرات المدنية التابعة لشركات الملاحة الجوية الصهيونية إلى قبرص واليونان والولايات المتحدة، منذ بداية العدوان الصهيوني على إيران، فجر يوم الثالث عشر من حزيران/يونيو 2025، وبدأ العدوان بقصف مبانٍ سكنية ومنشآت نووية وقواعد صواريخ واغتيال قادة عسكريين وعلماء نوويين ومدنيين إيرانيين، ولا تزال الحرب مستمرة فقد أعلن الحرس الثوري يوم الخميس 19 حزيران/يونيو 2025 شن هجمات بالصواريخ والطائرات الآلية على مواقع عسكرية وصناعية مرتبطة بقطاع الدفاع االصهيوني في حيفا وتل أبيب...

خاتمة
يندرج هذا العدوان ضمن محاولات الولايات المتحدة فَرْضَ برنامج "الشرق الأوسط الكبير" الذي بدأ تنفيذه منذ بداية القرن الواحد والعشرين، وهو مشروع أطلقه القادة الصهاينة و"المُحافظون الجُدُد" الأمريكيون، منذ ثمانينيات القرن العشرين، وتم تحويره – خصوصًا بعد انهيار الإتحاد السّوفييتي - بما يتلاءم مع تطورات الوضع الدّولي، وأعلنت غُنْزُولِيسّا رايس وبول وولفوفيتز وجورج بوش الإبن وغيرهم من زعماء المحافظين الجُدُد والنيوليبراليين شن حرب شاملة في المنطقة العربية وما حولها بغرض فَرْض هذا المشروع الذي يتضمّن هيمنةً أمريكية/صهيونية على المنطقة، وبعد تدمير واحتلال أفغانستان والعراق وبعد تفتيت العراق وسوريا وليبيا والسودان وتدمير اليمن ولبنان، جاء دَوْر إيران التي تَرُدُّ الضّربات، لكنها تفتقد إلى حُلفاء موثوقين، فلم تحصل إيران على دعم صريح من الصين أو روسيا أو مجموعة بريكس ( وهي مجموعة غير متجانسة) بينما يحصل الكيان الصهيوني على دعم كافة القوى الإمبريالية بقيادة الولايات المتحدة، ويستفيد من تواطؤ الأنظمة العربية التي نصبت الولايات المتحدة قواعد عسكرية على أراضيها وتواطؤ تركيا عضو حلف شمال الأطلسي وبعض الجيران مثل أذربيجان التي "تستضيف" قواعد عسكرية أمريكية وصهيونية...

#الطاهر_المعز (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل