أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - الطاهر المعز - الحركة العُمّالية في فيتنام















المزيد.....

الحركة العُمّالية في فيتنام


الطاهر المعز

الحوار المتمدن-العدد: 8357 - 2025 / 5 / 29 - 10:48
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


كانت ظروف العمل في ظل الرأسمالية الاستعمارية الفرنسية في الهند الصينية (فيتنام وكمبوديا ولاوس) فظيعة، وكانت الشركات الفرنسية لصناعة المطّاط ( مثل ميشلان) والنّسيج والنّقل ( السكك الحديدية ) والموانئ مزدهرة بفضل المستعمرات الآسيوية، وفي في بداية القرن العشرين، تطورت الحركة النقابية وانطلقت بعض الإضرابات في هذه القطاعات، واستمر هذا الوضع خلال الاحتلال الياباني لفيتنام خلال الحرب العالمية الثانية وحرب الهند الصينية الأولى التي انتهت بهزيمة فرنسا (1946-1954)، ولم تكن هذه الحركة النقابية والإضرابات غير المُنظّمة، مرتبطة في بداياتها بالشيوعيين، قبل إنشاء الحزب الشيوعي الفيتنامي واهتمامه بالعمل النقابي وإنشاء خلايا ومجموعات نقابية مرتبطة به...
أدّت المفاوضات مع السلطات الإستعمارية الفرنسية إلى اتفاقيات جنيف سنة 1954 إلى تقسيم فيتنام بين الشمال "الشيوعي" والجنوب المناهض للشيوعية، لكن تمكنت الحركة النقابية من فَرْض نفسها في الجنوب وأصبحت قانونية سنة 1956، رغم القمع والإعتقال وخاضت الحركة النقابية في الجنوب عدة نضالات شاقة ( من ضمنها الإضراب العام لمدة يومَيْن سنة 1964) خلال فترة الإحتلال الأمريكي من أوائل الستينيات إلى 1975، وكانت الحركة النقابية غير موحّدة، وتضم العديد من الاتحادات النقابية المتنافسة، كالاتحاد العام للعمل المدعوم من الشمال، والمنظمات المناهضة للشيوعية التي يدعمها اتحاد العمل الأمريكي - مؤتمر المنظمات الصناعية، ووكالة المخابرات المركزية، وأنشأت الوكالات الحكومية الأمريكية اتحادات نقابية أصْغَر حجمًا ( ذات مُيُول مسيحية أو بوذية) في جنوب فيتنام. أما في الشمال ( الشيوعي) فكانت تشريعات العمل تضمن الأمن الوظيفي فيما كان القطاع الخاص يقتصر على شركات صغيرة.
أدّت الأزمة الإقتصادية الناتجة عن الدّمار والحصار والغزو الصيني والحرب المُدمّرة في كمبوديا، بعد انتهاء الحرب في فيتنام بهزيمة الإمبريالية الأمريكية سنة 1975 وإعادة توحيد البلاد، إلى التخلي عن الاقتصاد المخطط وتبني اقتصاد السوق وإقرار الإصلاحات المعروفة باسم "دوي موي"، سنة 1979، تلتها موجة أخرى من "الإصلاحات" ذات الطابع الرأسمالي بعد عشر سنوات (سنة 1986 ) وأقرت الحكومة "الشيوعية" تشريع الإستثمار الأجنبي في قطاعات عديدة، مما أدّى إلى تضخم حجم الطبقة العاملة، وانتشار الإستغلال الفاحش الذي تمارسه الشركات العابرة للقارات في مجالات النسيج وصناعة الجلد والإلكترونيات وما إلى ذلك، وأدّى هذا الإستغلال الفاحش إلى تسجيل حوالي مائة إضراب سنويًّا وفق البيانات الحكومية بداية من سنة 1994، سنة الخصخصة وتسريح العمال بالجملة وسنة إقرار تشريع يسمح بالإضراب بشروط مُجحفة، وبدون تعريف رسمي للإضراب وعدم وجود منهجية موحدة لتسجيل الإضرابات، وارتفع عدد الإضرابات المُسجّلة رسميا ( وهي تقل بكثير عن العدد الحقيقي) منذ منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، إلى ما بين 300 و 500 إضراب سنويا، وفقا للإحصاءات الحكومية الرسمية، وتحدث نسبة 60% أو حتى 80% من الإجمالي السنوي للإضرابات، في العاصمة " هوشي منه " ( سايغون سابقًا) والمقاطعتين الصناعيتين المجاورتين بينه دوينغ ودونغ ناي، وتشكل هذه المناطق الجنوبية الثلاث معًا مراكز الصناعة والإستثمار الأجنبي، حيث تُشكل النساء وفئة الشباب القادمين من المناطق الريفية أغلبية العاملين في المناطق الصناعية التي يُخصّص إنتاجها للتصدير، وليس لتلبية احتياجات السوق المحلية ( كما حصل في الصين) وتتسم هذه المصانع بكثافة العمل المُرهق وضُعْف الرواتب، مما جعل نسبة العازبين والعازبات تصل إلى 80% من الشباب العاملين بمصانع الشركات الأجنبية...
اكتشف العاملون صعوبة تنفيذ الإضرابات القانونية لأن الدعوة إلى الإضراب تتطلب تقديم طلب إلى "مجلس التوفيق العمالي" للتوصّل إلى حل بالتّراضي، وانتظار الرد على الطّلب لمدة أسبوع، وإذا كان الرّد سلبيا أو لا يُجاري ما كان يتوقعه العمل وجب استئناف الإجراء وانتظار عشرة أيام، وما إلى ذلك من إجراءات بيروقراطية تُؤَجّل إعلان الإضراب لأسابيع عديدة، فضلا عن ازدواجية وظيفة النقابيين، فهم في معظم الأحيان أعضاء في إدارة الشركة، ولا يُخول لهم القانون إعلان الإضراب قبل إذن الاتحاد العام للعمل في فيتنام (VGCL) ومكتب العمل والنقابة الإقليمية وإرسال مُذكّرة تتضمن تفاصيل الإجراءات وأسباب الإضراب وتوقيته، لتتمكّن المؤسسة أو الشّركة ( التي يستهدفها الإضراب) من اتخاذ الإحيتياطات الضرورية لتخفيف تأثير الإضراب، إن تمكّن العُمّال من الإيفاء بكافة الشروط التي يتطلبها تنفيذ الإضراب، ولذلك فإن معظم إضرابات العُمّال في فيتنام تدخل ضمن "الإضرابات العشوائية"، لأن الطريق القانونية غير مُنْصِفَة، ولم تتمكن الدّولة وأرباب العمل والإتحاد العام لعمال فيتنام من وضع حدّ للإضرابات غير النظامية ولأشكال المقاومة العمالية الأخرى، حيث يُنظّم العُمّال تحركاتهم بشكل جيّد، بعيدًا عن أعين إدارة المؤسسة والنقابة الرسمية ومؤسسات السلطة، ويذهب العمال إلى مكان العمل ويرفضون الحضور، دون إشعار مسبق، ويقوم قادة الإضرابات غير القانونية بتوزيع منشورات تعلن عن بداية الإضراب فيتجمّع العُمال أمام مدخل المصنع أو مكان العمل، ويحملون يافطات ويهتفون بشعارات تطالب بزيادة الأجور وتحسين ظروف العمل، وبارتفاع عدد الإضرابات، تَخلَّى المسؤولون المحليون من وزارة العمل والنقابة الرسمية (VHGL ) عن زيارة أماكن العمل على الفور، في محاولة لوضع حدّ للإضرابات، وأصبحت إدارة المصانع أو الشركات تحاول البحث عن حلول لفض الإضراب.
شهدت فيتنام أكبر عدد من الإضرابات خلال العقد الأخير مقارنة بأي دولة آسيوية أخرى، دون إشراف الهياكل النقابية الرسمية، وما انْفَكّ العدد السّنوي للإضرابات يرتفع، كما تطورت مهارات العمال في تنظيم الإضرابات وتطوير الاستراتيجيات وَقِيَم التضامن الجماعي، وظهرت لَبِنات المنظمات النقابية الموازية لكنها لم تُعمِّرْ كثيرًا، غير إن الإضرابات "العشوائية" ( التي لا يتم تنفيذها عبر الإتحاد النقابي الرسمي) أصبحت "مقبولة" بحكم الأمر الواقع في فيتنام، ما دامت تقتصر على علاقات العمل وعلى الرواتب وظروف العمل ولا تتجاوزها وليست لها تداعيات خارج مكان العمل
تزامنت موجة إضرابات العقد الأخير من القرن العشرين مع استعدادات فيتنام للإنضمام إلى منظمة التجارة العالمية، ولم يحصل ذلك سوى سنة 2007، ونتيجة لذلك، أصبح الصحافيون وغيرهم أكثر حرية في الإشارة إلى هذه القضايا كوسيلة لإثبات انتماء فيتنام إلى الدّول الرأسمالية التي "تحترم حرية التعبير والإحتجاج..." وبعد الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، تم تقليص هذه الحريات، وتقلص هامش الصحافة العمالية في الضغط لصالح العمال، لكن الحكومة أقرّت، منذ سنة 2008، مفاوضات سنوية بشأن نسبة الزيادة السنوية للأجور، بين وزارة العمل، ونقابة عمال فيتنام، وغرفة التجارة والصناعة في فيتنام.
كان عمال فيتنام يستطيعون، قبل 2015، سَحْبَ المبلغ الإجمالي لقيمة معاشاتهم التقاعدية (التي ساهموا فيها خلال سنوات عملهم) عندما يبلغون سن التقاعد أو يتوقفون عن العمل، ويعود معظمهم إلى المناطق الريفية التي جاؤوا منها للعمل في مصانع المُدُن، واعتمد الكثيرون على هذا المبلغ لإنشاء مشاريع صغيرة في مناطقهم، أو لدفع تكاليف تعليم أو تدريب الأبناء، لكن تم إقرار قانون جديد سنة 2015، يجبر العمال على الانتظار حتى سن التقاعد الرسمي - 55 عامًا للنساء و60 عامًا للرجال - قبل أن يتمكنوا من الوصول إلى معاشاتهم التقاعدية، وهو ما رفضه العمال الذين تركوا وظائفهم قبل السن الرسمي، لذا عارض أكثر من 90 ألف عامل في مدينة هوشي منه تغيير قانون الضمان الاجتماعي، واضطرت الدّولة إلى التراجع وتعديل القانون ليتمكّن العُمّال من الإختيار بين الحصول على معاشاتهم التقاعدية عند ترك العمل أو الانتظار حتى سن التقاعد، لكن هذا الإضراب لم يحل بعض القضايا الشائكة الأخرى المتعلقة بالضمان الإجتماعي مثل رفض الشركات دفع الحصة المطلوبة منها، دون أن تتحمل أي عواقب، وتغادر شركات أخرى البلاد دون تسديد حصتها من مساهمات التّأمين الإجتماعي، ما أدّى إلى عجز صندوق الضمان الاجتماعي، ولا تزال العديد من القضايا عالقة مثل الأمن الوظيفي، حيث أصبحت معظم الوظائف هشّة وبعقود محدودة المُدّة، والحق في تكوين النقابات وإرساء قواعد للضغط على أرباب العمل، والسيطرة على عملية الإنتاج الخ



#الطاهر_المعز (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شركة تشيكيتا – نموذج للرأسمالية المتوحشة العابرة للقارات
- الحرب التكنولوجية - دور شركات التكنولوجيا الأمريكية في إبادة ...
- اقتصاد اليابان في ظل اضطراب الإقتصاد العالمي
- دونالد ترامب يتفقّدُ وُكَلَاءَهُ في الخليج
- مُتابعات - العدد الخامس والعشرون بعد المائة بتاريخ الرّابع و ...
- الإتحاد الأوروبي -يكتشف تجاوزات- الكيان الصهيوني
- غزة - نماذج من التواطؤ مع الكيان الصهيوني
- الإتحاد الأوروبي - -فايزرغيت-
- مُتابعات - العدد الرّابع والعشرون بعد المائة بتاريخ السّابع ...
- في ذكرى النّكبة 1948 – 2025
- الإمبريالية وحقوق الإنسان
- القرارات الحمائية الأمريكية في سياق ارتفاع الدّيون العالمية
- كشمير – خفايا وخلفيات الصّراع
- تونس: ملاحظات بشأن الوضع الحالي
- اليمن: مقاومة غيرت موازين القوى
- مُتابعات - العدد الثالث والعشرون بعد المائة بتاريخ العاشر من ...
- بإيجاز – غزة، خبر وتعليق
- ذكرى مجازر الثامن من أيار 1945 بالجزائر
- -الأضْرار الجانبية- للحرب الإقتصادية الأمريكية – الجزء الثان ...
- -الأضْرار الجانبية- للحرب الإقتصادية الأمريكية – الجزء الأول


المزيد.....




- الغلاء يهدد شعيرة الأضاحي بالضفة الغربية
- بسبب خفض الميزانية.. الأمم المتحدة تمهّد لتسريح آلاف الموظفي ...
- نقل والدة علاء عبد الفتاح للمستشفى بعد 242 يوما من الإضراب ع ...
- الأمم المتحدة تمهّد لتسريح آلاف الموظفين بسبب خفض الميزانية ...
- نقل والدة علاء عبد الفتاح للمستشفى بعد 242 يوما من الإضراب ع ...
- دمشق تبدأ إجراءات إعادة الموظفين المفصولين في عهد الأسد
- الأمم المتحدة تمهّد لتسريح آلاف الموظفين بسبب خفض الميزانية ...
- النسخة الألكترونية من العدد 1851 من جريدة الشعب ليوم الخميس ...
- الاتحاد المغربي للشغل يحتفي بالذكرى77 للنكبة الفلسطينية
- غزة.. الجيش الإسرائيلي يطرد المرضى والموظفين من مشفى العودة ...


المزيد.....

- الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح ... / ماري سيغارا
- التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت ( ... / روسانا توفارو
- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - الطاهر المعز - الحركة العُمّالية في فيتنام