الطاهر المعز
الحوار المتمدن-العدد: 8344 - 2025 / 5 / 16 - 14:29
المحور:
القضية الفلسطينية
تُوِّجت النكبة بإنشاء الدولة الصهيونية، والتهجير القسري لنحو 850 ألف فلسطيني، وتدمير 531 قرية...
ارتكبت الميليشيات الصهيونية مجازر ضد السكان المدنيين، وتعرض سُكّان قرية دير ياسين يوم التاسع من نيسان/أبريل 1948 للإبادة وتظل العديد من المجازر محفورة في ذاكرة الفلسطينيين والعرب. إن المجازر هي وسيلة لنشر الرعب، بهدف إجبار سكان المناطق والمدن الأخرى على ترك أراضيهم ومنازلهم... إن مشروع التطهير العرقي من خلال طرد السكان يعود إلى سنة 1940 على الأقل، أي قبل مؤتمر بلتمور سنة 1942 بفترة طويلة.
جمع المؤتمر الصهيوني الدولي خلال شهر مايو/أيار 1942 أكثر من 600 مشارك ي فندق بلتمور في نيويورك بهدف الدفع نحو إنشاء "الوطن القومي اليهودي" بمساعدة الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى وفرنسا والدول التي حاربت ألمانيا النازية، "ولكن يتعين علينا أن نقوم بهذا العمل بأنفسنا... ستكون فلسطين يهودية بقدر إيمان اليهود بيهوديتها"، وفق ديفيد بن غوريون آنذاك...
يعيش الشعب الفلسطيني اليوم نكبة ثانية، وَوَجَّهَ توم فليتشر، رئيس العمليات الإنسانية للأمم المتحدة، كلمة إلى ممثلي مجلس الأمن يوم الثلاثاء 13 أيار/مايو 2025، قائلا: "تفرض إسرائيل، عمدًا وبتهور، ظروفًا غير إنسانية على المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة ... هل ستتحركون بشكل حاسم لمنع الإبادة الجماعية في غزة؟ [...] أستطيع أن أقول لكم، بعد أن زرت شخصيًا ما تبقى من النظام الصحي في غزة، إن الموت بهذا الحجم له صوت ورائحة لا تفارقانك أبدًا، وكما وصفت إحدى الممرضات الوضع : أطفال يصرخون بينما يتم تمزيق الأنسجة المحروقة من جلدهم".
أما مرؤوسته فرانشيسكا ألبانيزي فقد ندّدت صراحة ب"الإبادة الجماعية" ( فقرة لاحقة)
لم يسلم أي مستشفى في غزة من القصف والحرق والتدمير، مما أدى إلى ترك المرضى المصابين ومبتوري الأطراف وكل من يعانون من السرطان، دون مكان لتلقي الرعاية الصحية، ولم يسمح الكيان الصهيوني بدخول أي غذاء أو دواء منذ شهر آذار/مارس 2025
"أنا شخصياً مصدوم لأنني صدقت الدول الغربية عندما زعمت أنها تدافع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي... أين هم؟ هل لا يزال القانون الدولي موجوداً ؟ ". مصطفى البرغوثي، المسؤول الفلسطيني "المعتدل" الذي آمن بخرافة اتفاقيات أوسلو، وعضو المجلس الوطني الفلسطيني، وزعيم المبادرة الوطنية الفلسطينية، ورئيس الإغاثة الطبية الفلسطينية...
إن مفهوم "القانون الدولي" هو مجرد خدعة كبيرة تستخدمها الدّول الإمبريالية المهيمنة التي تفرض المقاييس والقواعد وتُغيرها متى شاءت وتُقرّر متى يتم تطبيقها أو تجاهلها...
تميزت فرانشيسكا ألبانيزي، مقررة الأمم المتحدة، بالشجاعة لما ذكرت في تقريرها المعنون "تشريح إبادة جماعية"، الصادر خلال شهر نيسان/ابريل 2024: "... إن الإبادة الجماعية الإسرائيلية ضد فلسطينيي غزة تصعيدٌ يندرج في إطار عملية محوٍ من خلال استعمار المستوطنات، وهي عملية مستمرة منذ زمن طويل، لأكثر من سبعين عامًا، حيث خنقت إسرائيل الشعب الفلسطيني كجماعة - ديموغرافيًا وثقافيًا واقتصاديًا وسياسيًا - من خلال جهودها لتهجيرهم ومصادرة أراضيهم والسيطرة على أراضيهم ومواردهم. يجب وقف النكبة المستمرة وإصلاح الضرر نهائيًا. إنه واجبٌ وضرورةٌ تجاه ضحايا هذه المأساة التي كان من الممكن تجنبها، وكذلك تجاه الأجيال القادمة في هذا البلد... وترى اللجنة، على وجه الخصوص، أن القادة التنفيذيين والعسكريين الإسرائيليين، وكذلك الجنود الإسرائيليين، قد شوهوا عمدًا مبادئ (القانون في زمن الحرب). "إن إسرائيل تستخدم ذريعة الوقاية من الحرب والتخريب من أجل إضفاء الشرعية على الإبادة ضد الشعب الفلسطيني...."
من المفاجآت أن تكتب منظمة العفو الدولية يوم الخامس من كانون الأول/ديسمبر 2024 ، بعد تحقيق أجرته: "إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة"، وتدين منظمة العفو الدولية "النية المُبَيّتة لإسرائيل لتدمير السكان الفلسطينيين جسدياً، فضلا عن الإبادة الجماعية والتصريحات المهينة التي يصدرها مسؤولون حكوميون وعسكريون إسرائيليون، وخاصة على أعلى المستويات، ونظام الفصل العنصري الذي تفرضه إسرائيل، وحصارها اللاإنساني لقطاع غزة واحتلالها العسكري غير القانوني..."
قال القائد ووزير الحرب الصهيوني موشيه ديان:
"بُنيت قرى يهودية مكان قرى عربية. أنتم لا تعرفون حتى أسماء هذه القرى العربية، ولا ألومكم لأن كتب الجغرافيا لم تعد موجودة. ليس فقط الكتب لم تعد موجودة، بل القرى العربية أيضًا لم تعد موجودة. نشأ كيبوتس نهلال مكان محلول؛ وكيبوتس غفات مكان جبعة؛ وكيبوتس ساريد مكان حنفيس؛ وكفار يهوشوع مكان تل الشومان. لا يوجد مكان واحد بُني في هذه البلاد لم يكن فيه سكان عرب سابقون..."
اقترن تأسيس الدّولة الصّهيونية بالإبادة ( أكثر من ثلاثين مذبحة قُتِلَ خلالها ما لا يقل عن 15 ألف فلسطيني ) والإبعاد القَسْري – تهجير نحو 80% من سكّان الأراضي المحتلة بين تشرين الثاني/نوفمبر 1947 ومنتصف أيار/مايو 1948 - والتّدمير ( تدمير 531 قرية )، ولا تزال النّكبة مُستمرة للسنة السابعة والسّبعين على التّوالي بدعم كبير من الإمبريالية التي تعتَبِر – وهي مُحِقّة – الصّهيونية جُزْءًا منها، ولذا فإن نضال الشعب الفلسطيني لا يقتصر على مقاومة الصهيونية، بل هو نضال ضدّ الإمبريالية ( البريطانية ثم الأمريكية ومن معها ) والسلطات الرجعية العربية...
إن ما يحدث حاليا في غزة والضفة الغربية والقُدس هو استمرار أو مُواصَلَة للنكبة والمجازر والتّشريد والحصار والتّجويع تحت القصف المتواصل الذي يُبرّره زعماء الإمبريالية ب"حق إسرائيل في الدّفاع عن النّفس"...
إن حق العودة للفلسطينيين هو معيار العدالة، وهو من الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني، ومن العبث الحديث عن "حلول" للمسألة اليهودية – وهي قضية أوروبية وليست عالمية – على حساب تشريد الشعب الفلسطيني...
سلاح التّجِويع
يستخدم الكيان الصهيوني الحصار والتّجويع ( إلى جانب القصف المستمر على مدار السّاعة ) كسلاح حرب لحرمان الشعب الفلسطيني، وخصوصًا في غزة والضفة الغربية ( الأراضي التي احتّلّت سنة 1967 ) من الغذاء والماء والدواء، فضلا عن استهداف جيش العدو بشكل منهجي الصحافيين والأطباء والمُسعفين وعمال الإغاثة والأطفال، ويُخالف الكيان الصّهيوني المواثيق التي وقَّعها ( وهي ليست في صالحنا) بشأن أُسُس التّعامل والإلتزامات تجاه المواطنين والأراضي في المناطق المحتلّة ( يفترض هذا "القانون الدّولي" شَرْعِيّة وُجُود كيان الإحتلال منذ سنة 1948 أي إنه لا يعتبر أراضي ال48 "مناطق مُحتلّة")، ولذلك أطلقت محكمة العدل الدّولية في لاهاي (هولندا) التابعة للأمم المتحدة جلسة استماع لفترة أسبوع، "للنظر في طلب الرأي الاستشاري المقدم إليها من الجمعية العامة للأمم المتحدة – منذ التاسع عشر من كانون الأول/ديسمبر 2024 - بشأن مسألة التزامات إسرائيل فيما يتعلق بوجود وأنشطة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى والدول الثالثة في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفيما يتصل بها"، وفق رئيس المحكمة، وتستمر الجلسات حتى الثاني من شهر أيار/مايو2025، وتتضمن التزامات الإحتلال فيما يتصل بالأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967 : توفير السلع الأساسية الضرورية للحياة اليومية للفلسطينيين، وتوفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية والمساعدات التنموية لصالح الفلسطينيين ودعم حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وحظيت الوثيقة الدّولية التي تم إقرارها بشأن فتح تحقيق بشأن خرق الإحتلال ونقض التزاماته، بدعم 137 دولة، من بينها روسيا وبريطانيا والصين وفرنسا، وصوتت اثنتا عشرة دولة ضد القرار، بما في ذلك الكيان الصهيوني وكندا والولايات المتحدة وبعض الجُزُر التي لا يسمع أحد بوجودها سوى أثناء التّصويت لصالح الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، وامتنعت اثنتان وعشرون دولة أخرى عن التصويت.
#الطاهر_المعز (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟