|
إسبانيا – عودة فرنسيسكو فرنكو؟
الطاهر المعز
الحوار المتمدن-العدد: 8412 - 2025 / 7 / 23 - 08:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تُعدّ "توري باتشيكو"، بمقاطعة موريسيا، جنوب شرقي إسبانيا، منطقة زراعية تُصدّر إنتاجها إلى العديد من مناطق إسبانيا وبلدان الإتحاد الأوروبي، وازدهر قطاع الفلاحة في العديد من مناطق إسبانيا بفضل الإستغلال الفاحش للعمّال المهاجرين، خصوصًا القادمين من المغرب، لكن هذه البلدة لم تكن معروفة لدى معظم سكان إسبانيا والعالم، حتى يوم الحادي عشر من تموز/يوليو، بسبب نشر صُور وأشرطة فيديو تُظْهِر العنف الشّديد والإعتداءات التي أطلقتها مجموعات عنصرية، من اليمين المتطرف على المهاجرين المغاربة الذين يمثلون ثُلُثَيْ عدد السّكّان، ويعمل معظمهم في قطاع الزراعة، ويعيشون في معازل لا تُمكّنهم من الإختلاط بالسّكّان المَحلِّيِّين...
سلطت هذه الأحداث الضوء على تغلغل وشعبية اليمين المتطرف في إسبانيا التي حكمتها الفاشية بزعامة الجنرال فرنسيسكو فرنكو من 1936 إلى 1975، وبعد وفاة فرنكو ( 1975) لم يتم تطهير جهاز الدّولة والمجتمع من الفاشية التي نفذت انقلابًا يوم 23 شباط/فبراير 1981 واحتلت مجلس النواب، وتم التفاوض مع الإنقلابيين الذين أفلتوا من العقاب، وعادت الفاشية لتنتظم في شكل أحزاب وائتلافات من ضمنها حزب “فوكس” الذي ارتفعت شعبيته بعد أزمات 2008 وانتشار وباء كوفيد -19 وخصوصًا خلال الرّكود المرفوق بارتفاع الأسعار بداية من سنة 2022، ونجح هذا الحزب اليميني المتطرف ( كما نجحت أحزاب اليمين المتطرف في إيطاليا وألمانيا وفرنسا والنمسا وهولندا وغيرها) في توجيه الغضب الشعبي ضدّ المهاجرين والعمال والفُقراء بدل محاربة رأس المال، العدو المتسبب في الإستغلال والإضطهاد والأزمات والفقر والبطالة...
انطلقت الأحداث مع نَشْر فيديو مضلل ( يوم التّاسع من تموز/يوليو 2025 ) يُظهر اعتداءً على رجل مسنّ في بلدة "توري باتشيكو" الإسبانية وكان الفيديو مُحفّزًا لإطلاق موجة من العنف وأعمال الشغب العنصرية، وأفاد الرجل المُتقاعد "دومينغو توماس مارتينيز" ( 68 عاما) بأنه تعرّض للضرب على يد مهاجرين، ولم يتضح الدافع من الإعتداء عليه، وأثارت هذه الحادثة توتراً كبيراً بين السكان المحليين والمهاجرين في المنطقة، واستغل حزب فوكس - الذي تأسس سنة 2013، وارتفعت شعبيته الإنتخابية بشكل سريع بداية من 2019 ليحصل على أكبر عدد من النواب خلال انتخابات 2023 - الحادث ليقود حملة مُطاردة لكل من يُعتقَد إنه مغربي...
أظهر مقطع الفيديو الذي نُشر بتاريخ العاشر من تموز/يوليو 2025، على منصات فيسبوك وإكس وإنستغرام رجلاً مسناً يتعرض للاعتداء من قبل أشخاص مجهولين، وادّعى التعليق "إن المُعتدين أشخاص من شمال إفريقيا في توري باتشيكو - مُرسية جنوب شرقي إسبانيا"، وانتحل ناشر الفيديو صفة "جهة رسمية"، وسرعان ما ارتفع عدد من تداولوا على نشر الفيديو مع الإدّعاء إن وتم تداول مقطع الفيديو هذا من قبل حسابات أخرى على نفس المنصة مدعين أن المُعْتَدضى عليه هو دومينغو توماس مارتينيز، غير إن شبكة "دويتشه فيلله" العمومية الألمانية أكّدت ( بعض التّثبّت) إن الحادثة المُسجّلة في الشريط تعود إلى شَهْرَيْن في مدينة ألميريا، التي تبعد أكثر من 200 كيلومتر عن توري باتشيكو، والشخص الذي ظهر في الفيديو يُدعى خوسيه مويا، وأكّد مارتينيز إنه ليس الشخص الذي ظهر في الشريط، ومع ذلك ظهرت منشورات مضللة مماثلة عقب حادثة توري باتشيكو، وادّعت إن المهاجرين المغاربة "المُسلمين" اعتدوا على ضُبّاط الشرطة المحلية، وأن الحرس المدني لم يتدخل، ونُشِرَ فيديو لحادث وقع في "توريفايجا" التي تبعد أربعين كيلومترا عن "توري باتشيكو"، وادعى شريطا آخر "تنظيم احتجاج ضد لحم الخنزير"، كان قد نُشِرَ سابقًا ( تشرين الأول/نوفمبر 2024) على منصة إكس ويُجسّد محاولة لتسجيل رقم قياسي عالمي لأكبر طبق لحم خنزير، ولا علاقة له بالمهاجرين ولا بأي احتجاج، وبذلك ساهم نَشْرُ معلومات ومقاطع فيديو وأخبارًا كاذبة أدّت إلى تأجيج الكراهية والعُنف الذي يُعرّض حياة الناس للخطر، وإلى انقسامات عميقة في المجتمع في توري باتشيكو، بمنطقة مورسيا التي تُعدّ إحدى مراكز تَجَمُّع الطبقة العاملة الزراعية المهاجرة، التي تعمل في ظروف عمل قاسية، وشهدت الأيام التالية لنشر الفيديو المُضلّل مذابح عنصرية، أججتها مجموعات من العصابات الفاشية جاءت من أماكن أخرى، مما شجّع الشرطة ( بفعل تَوَاطُئِها) وأحزاب اليمين بانواعها ( "المُعتدل" والمُتطرّف) كل بطريقته للتحريض ضد المهاجرين أو من يُعتقد أنهم مهاجرون، والإعتداء عليهم، منذ العاشر من تموز/يوليو 2025، ويُعتَبَرُ هذا العنف العنصري، المدعوم سرًا من حزب فوكس اليميني المتطرف ( المتواجد بقوة في البرلمان وفي المجالس الإقليمية)، هو الجانب الظاهر من العنصرية الهيكلية التي تتجلى في إسبانيا كما هو الحال في جميع الدول الأوروبية.
إن ما حدث في توري باتشيكو ليس مجرد حدث معزول، بل هو انعكاس لتصاعد العنصرية وصعود نجم اليمين المتطرف في إسبانيا وأوروبا الذي استغل الأزمة الرأسمالية ليقدّمَ حلولا مغلوطة ومشبوهة مكنته من اجتذاب الفئات الوسطى – التي فقدت الشعور بالأمان الوظيفي - والفئات المهمّشة من الطبقة العاملة التي وعدها اليمين المتطرف ب"استعادة مكانتها الإجتماعية بعد طَرْد المهاجرين"، وتخدم هذه الحلول الزائفة مصالح السلطة والرأسمالية، لأنها تُقسّم الطبقة العاملة والفقراء فتتناحر مختلف مكونات الفئات الشعبية فيما بينها وتكون الطبقة العاملة، وخصوصا المهاجرون المتواجدون في أسلف درجات السُّلَّم الإجتماعي، أول الخاسرين في هذه المعركة، لأنه لا يتمتعون بنفس الحقوق السياسية والإجتماعية، مما يترك المجال لرأس المال لكي يحافظ – دون إزعاج - على سلطته السياسية والإقتصادية
وجب التأكيد على تواطؤ أجهزة أمن الدولة (القضاء والشرطة) ووسائل الإعلام المملوكة للمجموعات الرأسمالية الكُبرى، وهو تواطؤ سياسي وإيديولوجي يُحمّل "أطرافًا خارجية" ( أي العمال المهاجرين) مسؤولية الأزمات و"الإخلال بالنظام" و"الفساد الأخلاقي"، في حين يُلاحظ أي إنسان عاقل إن العمال المهاجرين يشغلون الوظائف التي لا يرغب بها أحد، لأنها شاقّة وغير مُجْزِية ( بأجور مُزْرِية)، ويُساهم المهاجرون في إعادة التوزازن لمؤسسات الحماية الإجتماعية، كالضمان الإجتماعي والتقاعد...
تعتمد الحكومة الحالية سياسة إدماج المهاجرين في الحياة العامة، وتعترض مجموعات اليمين التقليدي ( حزب الشعب) واليمين المتطرف (حزب فوكس) على هذه الخطط فأشاعات خطابات وممارسات مُعادية للمهاجرين ( كجزء من الطبقة العاملة ومن الفُقراء) وتندرج أحداث توري باتشيكو في هذا الإطار المُتميّز بارتفاع شعبية اليمين المتطرّف ( حزب فوكس) وريث الفاشية الأوروبية والإسبانية، واستطاع السيطرة على عدد من المواقع في مؤسّسات الحكم المحلّي بشكل خاص، وسبق أن نَبّه "المرصد الإسباني للعنصرية وكراهية الأجانب" ( مؤسسة حكومية) إلى " قُصُور سياسات الإدماج والهجرة بسبب ارتفاع حدّة التّمْيِيز ضدّ الأجانب والمهاجرين في قطاعَي العمل والتعليم، ويُؤَدِّي عدم إدماج المهاجرين إلى تبعات اجتماعية وثقافية خطيرة..."
يستغل اليمين المتطرف مثل هذه الأحداث ( كما حصل في توري باتشيكو ) لتحويلها إلى فرصةً انتخابيةً، في إسبانيا كما في جل دول الإتحاد الأوروبي، اقتداءً بالولايات المتحدة التي تدعم اليمين المتطرف في أوروبا بواسطة جون بولتون الذي أسّس مكتبا استشاريا في بروكسل للإشراف على تصميم الدّعاية الإنتخابية، وعلى التعبئة والتّحشيد لأحزاب اليمين المتطرف في الإتحاد الأوروبي وبريطانيا، ويستهدف اليمين المتطرف الفئات الأشدّ فقرًا وهشاشة ويتهمها بالكسل والعيش على المنح بهدف توسيع الشرخ بين المُستَغَلِّين والمُضْطَهَدِين، وتحويل الصراع الطّبقي ( وهو ظاهرة موضوعية) إلى صراع أثني وعنصري، ضدّ العُمّال المُهاجرين الذين يستفيد الرّأسماليون من استغلالهم لكي يتمكن المجتمع الرّأسمالي من إعادة إنتاج نفسه ولزيادة أرباح الشركات وأرباب العمل، في ظل ضُعْف أحزاب اليسار والنقابات وهبوط مستوى الوَعْي وغياب التنظيم الطبقي...
إن هذه المؤسسات الرأسمالية التي تُقسم الطبقة العاملة وتدعم اليمين المتطرف، تُساهم في دعم الكيان الصّهيوني الذي يُمارس الحصار والإعتقال والتدمير والإبادة الجماعية ضد شعب مُنهك وأعْزل، ولم يسلم الصحافيون والمُسْعِفُون والأطباء والعاملون بالمنظمات الإنسانية من الإغتيال بواسطة الأسلحة التقليدية أو بواسطة الطائرات المُسيّرة و"الذّكاء" الإصطناعي، ولذا فإن الدفاع عن حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وتحرير وطنه من الإستعمار الإستيطاني، مرتبط شديد الإرتباط بالدّفاع عن الطبقة العاملة والمُضطَهَدين في أي مكان من العالم...
تُعدّ "توري باتشيكو"، بمقاطعة موريسيا، جنوب شرقي إسبانيا، منطقة زراعية تُصدّر إنتاجها إلى العديد من مناطق إسبانيا وبلدان الإتحاد الأوروبي، وازدهر قطاع الفلاحة في العديد من مناطق إسبانيا بفضل الإستغلال الفاحش للعمّال المهاجرين، خصوصًا القادمين من المغرب، لكن هذه البلدة لم تكن معروفة لدى معظم سكان إسبانيا والعالم، حتى يوم الحادي عشر من تموز/يوليو، بسبب نشر صُور وأشرطة فيديو تُظْهِر العنف الشّديد والإعتداءات التي أطلقتها مجموعات عنصرية، من اليمين المتطرف على المهاجرين المغاربة الذين يمثلون ثُلُثَيْ عدد السّكّان، ويعمل معظمهم في قطاع الزراعة، ويعيشون في معازل لا تُمكّنهم من الإختلاط بالسّكّان المَحلِّيِّين...
سلطت هذه الأحداث الضوء على تغلغل وشعبية اليمين المتطرف في إسبانيا التي حكمتها الفاشية بزعامة الجنرال فرنسيسكو فرنكو من 1936 إلى 1975، وبعد وفاة فرنكو ( 1975) لم يتم تطهير جهاز الدّولة والمجتمع من الفاشية التي نفذت انقلابًا يوم 23 شباط/فبراير 1981 واحتلت مجلس النواب، وتم التفاوض مع الإنقلابيين الذين أفلتوا من العقاب، وعادت الفاشية لتنتظم في شكل أحزاب وائتلافات من ضمنها حزب “فوكس” الذي ارتفعت شعبيته بعد أزمات 2008 وانتشار وباء كوفيد -19 وخصوصًا خلال الرّكود المرفوق بارتفاع الأسعار بداية من سنة 2022، ونجح هذا الحزب اليميني المتطرف ( كما نجحت أحزاب اليمين المتطرف في إيطاليا وألمانيا وفرنسا والنمسا وهولندا وغيرها) في توجيه الغضب الشعبي ضدّ المهاجرين والعمال والفُقراء بدل محاربة رأس المال، العدو المتسبب في الإستغلال والإضطهاد والأزمات والفقر والبطالة...
انطلقت الأحداث مع نَشْر فيديو مضلل ( يوم التّاسع من تموز/يوليو 2025 ) يُظهر اعتداءً على رجل مسنّ في بلدة "توري باتشيكو" الإسبانية وكان الفيديو مُحفّزًا لإطلاق موجة من العنف وأعمال الشغب العنصرية، وأفاد الرجل المُتقاعد "دومينغو توماس مارتينيز" ( 68 عاما) بأنه تعرّض للضرب على يد مهاجرين، ولم يتضح الدافع من الإعتداء عليه، وأثارت هذه الحادثة توتراً كبيراً بين السكان المحليين والمهاجرين في المنطقة، واستغل حزب فوكس - الذي تأسس سنة 2013، وارتفعت شعبيته الإنتخابية بشكل سريع بداية من 2019 ليحصل على أكبر عدد من النواب خلال انتخابات 2023 - الحادث ليقود حملة مُطاردة لكل من يُعتقَد إنه مغربي...
أظهر مقطع الفيديو الذي نُشر بتاريخ العاشر من تموز/يوليو 2025، على منصات فيسبوك وإكس وإنستغرام رجلاً مسناً يتعرض للاعتداء من قبل أشخاص مجهولين، وادّعى التعليق "إن المُعتدين أشخاص من شمال إفريقيا في توري باتشيكو - مُرسية جنوب شرقي إسبانيا"، وانتحل ناشر الفيديو صفة "جهة رسمية"، وسرعان ما ارتفع عدد من تداولوا على نشر الفيديو مع الإدّعاء إن وتم تداول مقطع الفيديو هذا من قبل حسابات أخرى على نفس المنصة مدعين أن المُعْتَدضى عليه هو دومينغو توماس مارتينيز، غير إن شبكة "دويتشه فيلله" العمومية الألمانية أكّدت ( بعض التّثبّت) إن الحادثة المُسجّلة في الشريط تعود إلى شَهْرَيْن في مدينة ألميريا، التي تبعد أكثر من 200 كيلومتر عن توري باتشيكو، والشخص الذي ظهر في الفيديو يُدعى خوسيه مويا، وأكّد مارتينيز إنه ليس الشخص الذي ظهر في الشريط، ومع ذلك ظهرت منشورات مضللة مماثلة عقب حادثة توري باتشيكو، وادّعت إن المهاجرين المغاربة "المُسلمين" اعتدوا على ضُبّاط الشرطة المحلية، وأن الحرس المدني لم يتدخل، ونُشِرَ فيديو لحادث وقع في "توريفايجا" التي تبعد أربعين كيلومترا عن "توري باتشيكو"، وادعى شريطا آخر "تنظيم احتجاج ضد لحم الخنزير"، كان قد نُشِرَ سابقًا ( تشرين الأول/نوفمبر 2024) على منصة إكس ويُجسّد محاولة لتسجيل رقم قياسي عالمي لأكبر طبق لحم خنزير، ولا علاقة له بالمهاجرين ولا بأي احتجاج، وبذلك ساهم نَشْرُ معلومات ومقاطع فيديو وأخبارًا كاذبة أدّت إلى تأجيج الكراهية والعُنف الذي يُعرّض حياة الناس للخطر، وإلى انقسامات عميقة في المجتمع في توري باتشيكو، بمنطقة مورسيا التي تُعدّ إحدى مراكز تَجَمُّع الطبقة العاملة الزراعية المهاجرة، التي تعمل في ظروف عمل قاسية، وشهدت الأيام التالية لنشر الفيديو المُضلّل مذابح عنصرية، أججتها مجموعات من العصابات الفاشية جاءت من أماكن أخرى، مما شجّع الشرطة ( بفعل تَوَاطُئِها) وأحزاب اليمين بانواعها ( "المُعتدل" والمُتطرّف) كل بطريقته للتحريض ضد المهاجرين أو من يُعتقد أنهم مهاجرون، والإعتداء عليهم، منذ العاشر من تموز/يوليو 2025، ويُعتَبَرُ هذا العنف العنصري، المدعوم سرًا من حزب فوكس اليميني المتطرف ( المتواجد بقوة في البرلمان وفي المجالس الإقليمية)، هو الجانب الظاهر من العنصرية الهيكلية التي تتجلى في إسبانيا كما هو الحال في جميع الدول الأوروبية.
إن ما حدث في توري باتشيكو ليس مجرد حدث معزول، بل هو انعكاس لتصاعد العنصرية وصعود نجم اليمين المتطرف في إسبانيا وأوروبا الذي استغل الأزمة الرأسمالية ليقدّمَ حلولا مغلوطة ومشبوهة مكنته من اجتذاب الفئات الوسطى – التي فقدت الشعور بالأمان الوظيفي - والفئات المهمّشة من الطبقة العاملة التي وعدها اليمين المتطرف ب"استعادة مكانتها الإجتماعية بعد طَرْد المهاجرين"، وتخدم هذه الحلول الزائفة مصالح السلطة والرأسمالية، لأنها تُقسّم الطبقة العاملة والفقراء فتتناحر مختلف مكونات الفئات الشعبية فيما بينها وتكون الطبقة العاملة، وخصوصا المهاجرون المتواجدون في أسلف درجات السُّلَّم الإجتماعي، أول الخاسرين في هذه المعركة، لأنه لا يتمتعون بنفس الحقوق السياسية والإجتماعية، مما يترك المجال لرأس المال لكي يحافظ – دون إزعاج - على سلطته السياسية والإقتصادية
وجب التأكيد على تواطؤ أجهزة أمن الدولة (القضاء والشرطة) ووسائل الإعلام المملوكة للمجموعات الرأسمالية الكُبرى، وهو تواطؤ سياسي وإيديولوجي يُحمّل "أطرافًا خارجية" ( أي العمال المهاجرين) مسؤولية الأزمات و"الإخلال بالنظام" و"الفساد الأخلاقي"، في حين يُلاحظ أي إنسان عاقل إن العمال المهاجرين يشغلون الوظائف التي لا يرغب بها أحد، لأنها شاقّة وغير مُجْزِية ( بأجور مُزْرِية)، ويُساهم المهاجرون في إعادة التوزازن لمؤسسات الحماية الإجتماعية، كالضمان الإجتماعي والتقاعد...
تعتمد الحكومة الحالية سياسة إدماج المهاجرين في الحياة العامة، وتعترض مجموعات اليمين التقليدي ( حزب الشعب) واليمين المتطرف (حزب فوكس) على هذه الخطط فأشاعات خطابات وممارسات مُعادية للمهاجرين ( كجزء من الطبقة العاملة ومن الفُقراء) وتندرج أحداث توري باتشيكو في هذا الإطار المُتميّز بارتفاع شعبية اليمين المتطرّف ( حزب فوكس) وريث الفاشية الأوروبية والإسبانية، واستطاع السيطرة على عدد من المواقع في مؤسّسات الحكم المحلّي بشكل خاص، وسبق أن نَبّه "المرصد الإسباني للعنصرية وكراهية الأجانب" ( مؤسسة حكومية) إلى " قُصُور سياسات الإدماج والهجرة بسبب ارتفاع حدّة التّمْيِيز ضدّ الأجانب والمهاجرين في قطاعَي العمل والتعليم، ويُؤَدِّي عدم إدماج المهاجرين إلى تبعات اجتماعية وثقافية خطيرة..."
يستغل اليمين المتطرف مثل هذه الأحداث ( كما حصل في توري باتشيكو ) لتحويلها إلى فرصةً انتخابيةً، في إسبانيا كما في جل دول الإتحاد الأوروبي، اقتداءً بالولايات المتحدة التي تدعم اليمين المتطرف في أوروبا بواسطة جون بولتون الذي أسّس مكتبا استشاريا في بروكسل للإشراف على تصميم الدّعاية الإنتخابية، وعلى التعبئة والتّحشيد لأحزاب اليمين المتطرف في الإتحاد الأوروبي وبريطانيا، ويستهدف اليمين المتطرف الفئات الأشدّ فقرًا وهشاشة ويتهمها بالكسل والعيش على المنح بهدف توسيع الشرخ بين المُستَغَلِّين والمُضْطَهَدِين، وتحويل الصراع الطّبقي ( وهو ظاهرة موضوعية) إلى صراع أثني وعنصري، ضدّ العُمّال المُهاجرين الذين يستفيد الرّأسماليون من استغلالهم لكي يتمكن المجتمع الرّأسمالي من إعادة إنتاج نفسه ولزيادة أرباح الشركات وأرباب العمل، في ظل ضُعْف أحزاب اليسار والنقابات وهبوط مستوى الوَعْي وغياب التنظيم الطبقي...
إن هذه المؤسسات الرأسمالية التي تُقسم الطبقة العاملة وتدعم اليمين المتطرف، تُساهم في دعم الكيان الصّهيوني الذي يُمارس الحصار والإعتقال والتدمير والإبادة الجماعية ضد شعب مُنهك وأعْزل، ولم يسلم الصحافيون والمُسْعِفُون والأطباء والعاملون بالمنظمات الإنسانية من الإغتيال بواسطة الأسلحة التقليدية أو بواسطة الطائرات المُسيّرة و"الذّكاء" الإصطناعي، ولذا فإن الدفاع عن حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وتحرير وطنه من الإستعمار الإستيطاني، مرتبط شديد الإرتباط بالدّفاع عن الطبقة العاملة والمُضطَهَدين في أي مكان من العالم...
#الطاهر_المعز (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اتفاقية الشراكة الأوروبية- الصهيونية
-
من مخاطر اقتصاد المعرفة والذكاء الاصطناعي
-
من مخاطر الشركات العابرة للقارات
-
مُتابعات - العدد الثالث والثلاثون بعد المائة بتاريخ التّاسع
...
-
دروس من العدوان ومن الخيانات والمقاومة - الجزء الثاني والأخي
...
-
دروس من العدوان ومن الخيانات والمقاومة - الجزء الأول من جُزْ
...
-
الهند – من إضراب صغار المزارعين سنة 2020 إلى الإضراب العام ل
...
-
إيران – بين العمل الإنساني والأمن القومي
-
مُتابعات - العدد الثاني والثلاثون بعد المائة بتاريخ الثاني ع
...
-
بإيجاز الشراكة بين رأس المال والصّهيونية، بدعم أمريكي
-
تونس – إضراب الأطباء الشّبّان
-
بإيجاز - تأثيرات الرسوم الجمركية على الإقتصاد الأمريكي
-
موقع أوروبا السياسي بين الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي
-
في جبهة الأعداء - المستفيدون من الإبادة الجماعية
-
مُتابعات - العدد الواحد والثلاثون بعد المائة بتاريخ الخامس م
...
-
بريطانيا – ابتزاز الفنانين بتهمة -مُعاداة السّامية-
-
في ذكرى استقلال الجزائر 05 تموز/يوليو 1962 – 2025
-
مُتابعات - العدد الثلاثون بعد المائة بتاريخ الثامن والعشرين
...
-
الثورات الملونة والحرب -النّاعمة-
-
ألمانيا رأس حِرْبة الإمبريالية الأوروبية – 2 / 2
المزيد.....
-
كاميرا توثق لحظات درامية لإنقاذ نزلاء فندق تلتهمه النيران في
...
-
زين قطامي تنشر صورًا برفقة والدها من زفافها على سيليو صعب
-
وفد سعودي يصل دمشق تمهيدًا لصفقات متوقعة بقيمة 4 مليارات دول
...
-
وسط جدل واسع.. الأزهر يرجع حذف بيانه عن غزة لهذا السبب
-
-يوم بدأت مصر رحلة السقوط-.. ساويرس يثير جدلًا بتعليق عن -23
...
-
مهرجان طعام وآخر فني يثيران الجدل في الأردن لتزامنهما مع -ال
...
-
ألمانيا تفرج عن واحدة من أكبر صفقات التسليح لتركيا
-
-أوقفوا الإبادة الجماعية-..محتجون يمنعون نزول سياح إسرائيليي
...
-
هل تسلم قوات سوريا الديمقراطية سلاحها لسلطات دمشق؟
-
دراسة تثير الفزع.. شباب أوروبا يميلون نحو الحكم المستبد
المزيد.....
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
-
زمن العزلة
/ عبدالاله السباهي
-
ذكريات تلاحقني
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|