أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - مُتابعات – العدد الأربعون بعد المائة بتاريخ السّادس من أيلول/سبتمبر 2025















المزيد.....


مُتابعات – العدد الأربعون بعد المائة بتاريخ السّادس من أيلول/سبتمبر 2025


الطاهر المعز

الحوار المتمدن-العدد: 8457 - 2025 / 9 / 6 - 12:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يتضمن العدد الأربعون بعد المائة من نشرة "مُتابعات" الأسبوعية فقرة عن بعض الدّعوات لمقاطعة السفن والطائرات وشحنات الأسلحة المتجهة من مطارات وموانئ أوروبا إلى فلسطين المحتلة، و فقرة عن ارتفاع تحويلات المُغترِبِين المصريين مما عزز احتياطي العملة الأجنبية، فضلا عن بيع أُصُول الدّولة إلى مَشْيَخات الخليج، وخصوصًا الإمارات، وفقرة عن مغالطة البنك العالمي عند احتساب نسبة الفقر المدقع أو نقص التغذية، وفقرة عن ارتفاع مبيعات الأسلحة الصينية في إفريقيا، وملفا عن تمويل الإتحاد الأوروبي للمنظمات "غير الحكومية" ووسائل الإعلام وفقرة عن الصراع التكنولوجي ( أو الحرب التكنولوجية) وفقرة عن تهديد عمال بوينغ بالإضراب وفقرة عن استخدام أوكرانيا كمختبر مفتوح لتجربة الأسلحة

مقدمة
دَوْر الإنفاق العسكري في حلّ أزمات رأس المال
في مواجهة التباطؤ الاقتصادي الذي تفاقم على مدى خمسة عُقُود، ارتفع الإنفاق العسكري العالمي بأكثر من الضعف من ألف مليار دولار ( تريليون دولار) سنة 2000 إلى 2,1 تريليون دولارا سنة 2021، ونما بنسبة 28% منذ سنة 2021 ليصل إلى 2,720 تريليون دولارا سنة 2024، مع هيمنة ساحقة للولايات المتحدة بنسبة 40% من الإنفاق العسكري الإجمالي العالمي، مقارنة بـ 11% للصين و5,5% لروسيا.
"تمثّل إعادة التسلح منفذاً للإفراط في الإنتاج، ومكّنت رأس المال من الحفاظ على وجوده في مواجهة الركود الاقتصادي (...) إن هذه النفقات العسكرية تُسهم في مكافحة فائض الإنتاج، بمجرد الدخول في دورة إنتاج/تدمير سريعة، وينتهج رأس المال سياسة الإنعاش في سياق نزاع مُسلّح (...) إن العسكرة تضمن، من ناحية، الحفاظ على أجهزة السيطرة الرأسمالية، أي الجيش النظامي، ومن ناحية أخرى، تُوَفِّرُ لرأس المال مجالاً متميزاً للتراكم (...) إن غياب النقاش السياسي الجِدِّي بشأن أهمية هذه النفقات يُؤَدِّي إلى تعجيل ظهور هذه الهمجية التيتُؤدِّي بدورها إلى إبادة الحضارة، بشكل متقطع أثناء مدة الحرب الحديثة وبشكل دائم إذا استمرت فترة الحروب العالمية ( الأولى) التي بدأت الآن دون عوائق حتى عواقبها النهائية"
من كتابات روزا لوكسمبورغ في السّجن: "كُرّاس جونيوس" 1915 (وُلِدت روزا لكسمبورغ سنة 1871 في بولندا وتم اغتيالها سنة 1919 في ألمانيا )

مُقاطعة
قاطع عمال الموانئ بعدد من دول جنوب أوروبا ( فضلا عن المغرب وتونس) الواقعة على البحر الأبيض المتوسط (إسبانيا وفرنسا وإيطاليا واليونان...) السّفن المُتوجّهة نحو موانئ فلسطين المحتلّة، من بينها سفن تحمل شحنات أسلحة إلى الجيش الصهيوني، كما منعت نقابة عمالية بمطار باريس( رْواسِّي – شارل ديغول) تحميل شحنات الأسلحة والمعدّات العسكرية إلى الكيان الصهيوني يوم 09 تموز/يوليو 2025، على متن رحلة الخطوط الجوية الفرنسية ( AF-966 ) وحثت العمال على عدم المشاركة "بأي شكل من الأشكال في العمليات اللوجستية التي يمكن أن تساهم في الجرائم التي ترتكب حاليا في غزة" الذي تصفه النقابة بأنه "إبادة جماعية"، كما تُدين نقابات عُمال النقل الجوي والبري والحديدي التابعة للإتحاد النقابي "سوليدير" موقف الحكومة الفرنسية المُناصر للكيان الصهيوني، ودعم الإتحاد العام سي جي تي المبادرة، وأعلن "لا ينبغي أبدًا أن يصبح أي عامل من عمال مطار رواسي شريكًا، ضد إرادته، في جريمة حرب أو نقل أسلحة إلى دولة تنتهك القانون الدولي" ( مع الإشارة إن للنقابات الأوروبية علاقات متطورة مع الهستدروت، النقابة الصهيونية التي ابتكرت "العمل اليهودي" ومارست العنف والتفجير ضد أرباب العمل الذين يُشغلون الفلسطينيين قبل عُقُود من نشأة الكيان الصهيوني)، ودعم بعض نواب البرلمان الفرنسي النقابيين الذين "يرفضون التواطؤ في الإبادة الجماعية ويدعون جميع العمال إلى رفض حمل هذه المعدات القاتلة... إن العصيان واجب في مواجهة الإبادة التي تُرْتَكَبُ بحق الشعب الفلسطيني"
في بلجيكا، قاطع عمال المطارات البلجيكية "الرحلات الجوية الإسرائيلية" يوم 16/08/2025 وحث عمال الموانئ في شركة أليزيا، شركة المناولة الأرضية في مطار بروكسل، الإدارة على تعليق الخدمات لشركة الطيران الصّهيونية "العال" وشركات الطيران الأخرى التي تشغل رحلات من وإلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأعلنت النقابات في بيان مشترك: "منذ تشرين الأول/اكتوبر 2023، تُرتكب إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، وتستمر الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي، ورغم ذلك، قررت بعض شركات الطيران استئناف رحلاتها إلى تل أبيب. إن أعضاء نقاباتنا يرفضؤن المشاركة في هذه العمليات، ولن نُشغّل هذه الرحلات"، كما تؤكد النقابات: "من غير المقبول السماح بحرية المرور عبر بروكسل للمسؤولين أو الجنود الإسرائيليين المتهمين بارتكاب جرائم حرب، بحجة أن رفضها يستند إلى مبادئ أخلاقية واحترام لحقوق الإنسان، ويطالب ممثلو النقابات الإدارة "بمنح العمال فرصة رفض مناولة الأمتعة أو البضائع على متن الرحلات الجوية"، لكن خطوط بروكسل الجوية رفضت هذا المطلب يوم الأربعاء 13 آب/أغسطس 2025، واستأنفت رحلاتها إلى تل أبيب، لكن تُصرّ النقابات على ضرورة استمرار عمليات المُقاطعة بمشاركة كاملة وطوعية من العمال، فيما أكدت شركة بروكسل إيرلاينز أن الرحلات الجوية إلى تل أبيب سيتم تشغيلها من قبل أطقم "متطوعين"، إدراكا منها للحساسية العالية لموظفيها وركابها بشكل عام.
يأتي هذا الموقف النقابي في إطار حركة متنامية داخل صناعة الطيران الأوروبية تعارض العدوان والإبادة الجماعية التي يتعرض لها الفلسطينيون في غزة، وتعهدت النقابات في بيان مشترك، بالدفاع عن "القانون الدولي والكرامة الإنسانية وعندما يذرف القادة السياسيون دموع التماسيح على محنة أهل غزة، يتحرك العمال تضامنًا مع الشعب الفلسطيني، ولذا لن تُقلع الرحلات الجوية إلى تل أبيب ما دامت الإبادة الجماعية في غزة مستمرة"، وأعلنت النقابات الفرنسية تضامنها مع حركة الإحتجاج النقابي في بلجيكا...

مصر
بلغت قيمة الإحتياطي النقدي الأجنبي بالمصرف المركزي المصري، بنهاية النصف الأول من سنة 2025، نحو 48,7 مليار دولارا، ويعود الإرتفاع بنحو 18 مليون دولارا مقارنة بشهر أيار 2025 لسبَبَيْن رئيسيّين، الأول بيع أُصول وممتلكات الدولة ( الشعب) في شكل استثمارات خليجية، فقد أبرمت السلطات المصرية خلال شهر آذار/مارس 2024، صفقة استثمارية في منطقة رأس الحكمة مع الإمارات مقابل 35 مليار دولارا، والثاني تحويلات المصريين العاملين بالخارج والذين يفوق عددهم 14 مليون مُهاجر يعمل 60% منهم في الخليج، ويتوزع البقية على في أمريكا الشمالية وأوروبا والذين بلغت تحويلاتهم وفق البيانات الرسمية، خلال أحد عشر شهرًا فقط نحو 33 مليار دولار، ما يمثل نحو 9% من الناتج المحلي الإجمالي لمصر التي يعدّها البنك العالمي في المرتبة السابعة عالميًا بين الدول الأكثر تلقّيًا لتحويلات المغتربين، ويتوقع صندوق النقد الدّولي أن تستمر هذه التحويلات في التصاعد، لتصل إلى 42 مليار دولار سنويًا خلال ثلاث سنوات فقط، ما يعزز دَوْر المغتربين كمصدر رئيسي للنقد الأجنبي، إلى جانب الصادرات وإيرادات قناة السويس والسياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة.

السّلاح الصيني في إفريقيا
ما انْفَكّت صادرات الأسلحة الصينية ترتفع منذ ما لا يقل عن عشر سنوات، ونَظّمت الصّين يوم 28 آي/أغسطس 2023 "المنتدى الصيني الإفريقي للتعاون الإستراتيجي والعسكري"، بالتّزامن مع افتتاح شركة "نورينكو" فرْعًا لها في داكار عاصمة السنغال، وهي أكبر شركة صينية لتصنيع الأسلحة، وسابع أكبر مورد عسكري في العالم، ويُعد افتتاح مكتب لها في داكار، خطوةً أولى ضمن مخطّط تأسيس حضور دائم في مالي وساحل العاج، في إطار مُخَطّط الحكومة الصينية توسيع حضورها الإقتصادي القوي في إفريقيا ليشمل "التعاون الأمني" مع دول المنطقة الذي بدأ قبل عشر سنوات، لتصبح الصين ثالث أكبر مُصدّر للأسلحة في القارة سنة 2024 (بعد روسيا والولايات المتحدة)، وثاني أكبر مُصدّر للأسلحة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، متجاوزةً روسيا.
تميزت سياسة الصين في إفريقيا بالحذر، قبل أن تتعدّى المجال الإقتصادي إلى المجال العسكري، واقتصرت مكاتب نورينكو وشركات صينية أخرى حتى منتصف سنة 2025، على دول ذات علاقات تاريخية أو تجارية قوية، مثل أنغولا ونيجيريا، ويسمح وجود مكتب دائم على أرض الواقع لنورينكو بتقديم خدمات ما بعد البيع التي تُعزز العلاقات التجارية، لا سيما في المناطق التي كانت خاضعة للنفوذ الفرنسي سابقًا، مثل السنغال وساحل العاج ومالي، وأظهرت شركة نورينكو في السنغال، خلال سنتَيْن ( آب/أغسطس 2023 – 2025) قُدْرَةَ الشركات الصينية على سد أي فجوة تجارية، لكن لا تزال فرنسا أكبر مُصدّر للأسلحة في المنطقة، فضلا عن روسيا التي عملت منذ سنة 2014 على إنهاء الوجود العسكري الفرنسي في إفريقيا، والحلول مكانها، رغم الحرب في أوكرانيا ( وهي حرب أطْلَسِيّة) التي تستنزف معظم قدرات روسيا، ولكن الصين استغلت الحرب في أوكرانيا لزيادة حصتها من السوق العسكرية الإفريقية وإزاحة روسيا وفرنسا مَعًا، لكن بحذر، فقد كانت الشركات الصينية تقتصر على بَيْعِ الأسلحة الصغيرة والذخائر بشكل رئيسي، ثم تدرّجت لتنويع صادراتها لتشمل معدات عسكرية أكثر تنوُّعًا وتطورًا، واستغلت الصين انشغال روسيا وتخصيص معظم إنتاجها من الطائرات المُقاتلة للحرب في أوكرانيا، لتبيع الصين المزيد من الطائرات المقاتلة في إفريقيا، وعلى سبيل المثال، وبعد عام واحد من انطلاق الحرب في أوكرانيا، باعت الصين (شباط/فبراير 2023) طائرات مسيّرة إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية، كما ارتفعت صادرات الصين من الأسلحة إلى السودان ونيجيريا، مقابل النّفط...

الفقر
أعلن البنك العالمي إن سبعمائة شخص يُعانون من نقص الغذاء في العالم، أي إنهم لا يتمكنون من الحصول على ما يكفي من الغذاء الضروري للإنسان، وأصْدَرَ مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتّنمية بنهاية شهر تموز/يوليو 2025، تقرارًا بعنوان "استكشاف الإجراءات التجارية لمواجهة انعدام الأمن الغذائي الحادّ وخطر المجاعة"، وورد في التقرير "لم يحصل أي تحسّن أو تقدّم، منذ سنة 2020، في مجال نقص التغذية في العالم، بل تباطأت مقاومة الجوع الذي استمر عند مستويات مرتفعة، خصوصًا في إفريقيا، بسبب النزاعات المُسلّحة والأزمات الإقتصادية وتقلّب المناخ وارتفاع أسعار الغذاء..."
يلاحظ المواطنون في معظم البلدان تناقضًا واضحًا بين الإحصاءات الرسمية والواقع بشأن الفقر والبطالة والجوع ولا يمكن القضاء على الفقر في ظل السياسات النيوليبرالية التي تُطبّق الخصخصة ودعم الأثرياء والشركات الكبرى من خلال الحوافز والتخفيضات الضريبية وضُعْف أو انعدام مكافحة الفساد وتهريب الأموال والثروات، مما أدّى إلى انخفاض مستويات عيش الغالبية من مواطني العالم، مع احتداد الفوارق بين الأثرياء والفقراء وبين دول "الشمال" و"الجنوب"، وارتفاع أسعار الغذاء.
زعم البنك العالمي وبعض المنظمات الأخرى التي تعتمد جميعها على نفس المعطيات والبيانات، أنّ «ملايين البشر خرجوا من دائرة الفقر» في بلدان الجنوب العالمي على امتداد الأربعين عاماً الأخيرة، لكن تُظهر بيانات أسعار واستهلاك الغذاء و المستوى الفعلي للإنفاق الذي يكفي لتلبية الحاجات الغذائية المعتمدة، صعوبات متزايدة لشراء السلع الغذائية، خصوصًا في المناطق الريفية والأحياء الشعبية ومُدن الصفيح في المناطق الحَضَرِيّة.
لا يمكن تقليص الفقر سوى بانتهاج سياسات تجعل الدّولة ( أو الهيئات الشعبية) تُشرف على التعليم والرعاية الصحية والسكن والنقل العمومي والخدمات العامة التي تدعمها الميزانية العامة للبلاد، وهو ما تم تطبيقه بعد الحرب العالمية الثانية في معظم بلدان أوروبا الرأسمالية التي دعمت استهلاك مشتقات الحبوب والألبان والإنتاج الحيواني عمومًا والأطعمة المُصَنّعة وغيرها، وبعد انتعاشة أوروبا بفضل القروض الأمريكية أصبح البنك العالمي وصندوق النقد الدّولي يشترطان الخصخصة وعدم تدخّل الدّولة في الشأن الإقتصادي مقابل القروض والدُّيُون التي لم تستطع أي دولة، على افتراض توفُّر العزيمة، الخروج من شباكها...

الصين والهند
زار وزير الخارجية الصِّيني الهند يَوْمَيْ 19 و 20 آب/أغسطس 2025، ولم تُؤَدِّ المباحثات إلى حل النّزاع الحدودي المُستمر منذ أكثر من ستة عُقُود، لكن اتفقت الحكومتان على على استئناف الرحلات الجوية المباشرة بينهما والتي تم تعليقها أثناء انتشار فيروس كورونا سنة 2020، إضافة إلى المناوشات العسكرية على الحدود، بين الجَيْشَيْن، خلال نفس السّنة، واتّفقتا على تعزيز التجارة الثنائية والإستثمار، وفق وكالة الصين الجديدة نقلا عن وزارة الخارجية الصينية ( 20 آب/أغسطس 2025)، وساهمت السياسات العدوانية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تكثيف الزيارات بين مسؤولين في البلدَيْن، قبل زيارة وزير الخارجية الصيني إلى الهند، وقبل رحلة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى الصين – لأول مرة منذ أكثر من سَبْعِ سنوات - للمُشاركة في قمة شنغهاي للتعاون، يَوْمَيْ 31 آب/أغسطس والأول من أيلول/سبتمبر 2025، ولِلِقاء الرئيس الصيني على هامش القِمّة، وربما حل بعض الخلافات المتعلقة بترسيم الحدود أو بمخاوف الهند وبنغلادش بشأن السد الضخم الذي تبنيه الصين على نهر يارلونغ تسانغبو ( أو براهمابوترا كما يُسَمّى في الهند وبنغلادش) في منطقة التبت كجزء من مشاريع الطاقة الكهرومائية الصّينية في إقليم التبت...
تُشكل هذه المحادثات حدثًا هامًّا بين دولتَيْن مُؤسِّسَتَيْن لمجموعة بريكس، وقد يُمكّن التّقارب بينهما من إعادة تشكيل النظام العالمي خلال القرن الحالي، وتغيير بعض المُعادلات السياسية والإقتصادية، من بينها التّعامل بالعملات المحلّيّة مما يُثير تساؤلات بشأن مستقبل الدولار والهيمنة الأمريكية في آسيا، وقد يُؤدّي تحسن العلاقات الإقتصادية والتجارية إلى إلتّوصّل إلى تسْوِيَة قضية الحدود بين البلدَيْن الأكثر كثافة سكانية في العالم، كما تطمح الهند والصين إلى صياغة نظام عالمي متعدد الأقطاب بدل هيمنة القطب الواحد الأمريكي، خصوصًا بعد إصرار دونالد ترامب على رفع الرسوم الجمركية على واردات الهند التي كانت متحالفة مع الولايات المتحدة صدّ الصين، قَبْلَ القرارات الأمريكية أحادية الجانب، مما اضطر حكومة الهند إلى مُراجعة حساباتها وتحالفاتها...
أكد وزير الخارجية الصيني خلال لقائه بنظيره الهندي في نيودلهي على ضرورة "تعزيز الشراكة بين البلدين بدلاً من التنافس (...) يجب على الصين والهند تطوير فهم استراتيجي صحيح والنظر إلى بعضهما كشركاء وفرص متاحة، وليس كخصوم أو تهديدات..." كما أكّدَ على "أهمية التعاون في ظل التحديات الدولية المشتركة"، ويندرج مضمون هذا التّصريح ضمن الرؤية الصينية للعلاقات الدّولية في إطار نظام عالمي متعدد الأقطاب
بلغ حجم التبادل التجاري بين الهند والصين نحو 118,4 مليار دولارا، سنة 2024 لتُصبح الصين أكبر شريك تجاري للهند، وطلبت الصين من الهند تخفيف القيود على الاستثمارات الصينية، وكان ارتفاع حجم التبادل التجاري مُحفِّزًا للتقارب الصيني الهندي – وربما التحالف الروسي الصيني الهندي، بعد قمة شنغهاي - الذي قد يُعزّز المكانة الدّولية لمجموعة بريكس في مواجهة الهيمنة "الغربية"، مما قد يُضعف النّفوذ الأمريكي.
من وجهة نظر العرب والشُّعُوب المُضْطَهَدة، يعكس النظام العالمي مُتعدّد الأقطاب مصالح الهند والصين وروسيا، وقد يُخَفِّفُ من هيمنة الإمبريالية الأمريكية، لكنه لن يُغَيِّرَ الشيء الكثير ما دامت بلداننا لا تُخطط للمستقبل ولا تُصمّم برامج تمكنها من الإستقلال الإقتصادي على مدى بعيد، باعتبار العلاقات المتطورة بين الهند والكيان الصهيوني وباعتبار قُوّة مجموعات الضغط الهندية المُؤيّدة لسياسات الولايات المتحدة، و"براغماتية" السياسات الصينية التي لا تُشكّل بديلا لنا.

الإتحاد الأوروبي بين الصين والولايات المتحدة
ارتفعت صادرات الصين إلى بلدان الإتحاد الأوروبي، خلال النّصف الأول من سنة 2025، بنسبة 7% وبلغت 267 مليار دولارا، فيما انخفضت صادرات أوروبا إلى الصين بنسبة 6% لتصل إلى 125 مليار دولارا، بنهاية شهر حزيران/يونيو 2025، وخلال سنة 2024، بلغ الفائض التجاري الصيني مع الإتحاد الأوروبي نحو 350 مليار دولارا، رغم "العقوبات" وزيادة الرّسوم الجمركية وحظر دخول بعض السلع الصينية، وتعمّق العجز الأوروبي بفضل تحسين جودة الإنتاج الصيني مع انخفاض ثمنه، بما في ذلك السيارات الكهربائية الصينية التي رفعت دول الإتحاد الأوروبي الرسوم الجمركية على دخولها أسواق أوروبا بذريعة حصولها على دعم الدّولة الصينية ( وتلوم أوروبا الصين على ما تقوم به كل الدّول الصناعية، من اليابان إلى الولايات المتحدة، مرورا بأوروبا)، وتمكنت منتوجات الصين من فَرْض نفسها في الأسواق الأوروبية، فيما تسعى الصين إلى إنتاج ما تحتاجه بهدف خفْض حجم وقيمة الواردات، من الإتحاد الأوروبي أو من غيره، وكانت قمة بكين ( يوم الخميس 24 تموز/يوليو 2025) بين الصين والإتحاد الأوروبي تهدف التّوصّل إلى اتفاق تجاري يضع حدًّا للتوتر بين الطّرَفَيْن، لكن مُمثلي الإتحاد الأوروبي، وبالأخص رئيسة المُفوّضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، تجاوزوا التّجارة وطلبوا من الصّين عدم دعم روسيا التي يعتبرها الإتحاد الأوروبي عدوًّا رئيسيا، وتعتبر أورسولا فون دير لاين إن الصين أنقذت اقتصاد الحرب في روسيا الذي تُقاطعه دول الإتحاد الأوروبي، رغم الضّرر الكبير الذي لحق اقتصاد أوروبا، وخصوصًا اقتصاد ألمانيا، جراء التوقف عن توريد المحروقات الرّوسية عالية الجودة ورخيصة الثمن، واستفاد الإقتصاد الأمريكي من مقاطعة أوروبا لروسيا، بزيادة صادرات النفط والغاز الصّخْرِي الأمريكي الرّديء ومرتفع الثّمن، وبفضل زيادة ميزانية الحرب لكافة أعضاء حلف شمال الأطلسي الذي يُمثل الإتحاد الأوروبي 23 عضوا داخله من إجمالي 32 عضو، وليس من باب الصدفة أن يكون لقاء بريستويك ( اسكتلندا، ببريطانيا) بين رئيسة المفوضية الأوروبية والرئيس الأمريكي، يوم الأحد 27 تموز/يوليو 2025، مباشرة بعد القمة الصينية الأوروبية الفاشلة، وكان الرئيس الأمريكي قد وصل إلى بريستوك يوم الجمعة 25 تموز/يوليو 2025 وسط استنفار أمني كبير بفعل الإحتجاجات ضد زعيم الإمبريالية العالمية، الذي استهلّ زيارته بلعب الغولف في ملعب تيرنبيري التاريخي، رغم الأمطار، وخلال اجتماع يوم الأحد 27 تموز/يوليو 2025، تم توقيع اتفاق التجارة بين رئيسة مُفَوّضية الإتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لاين والرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، وتُحدّد الإتفاقيةُ الرسومَ الجمركيةَ الأميركية على المنتجات الأوروبية بنسبة 15%، مع "منح استثناءات لبعض القطاعات الاستراتيجية، بما في ذلك قطاع الطيران"، ويلتزم الاتحاد الأوروبي بشراء 750 مليار دولار من الطاقة الأمريكية ــ بهدف استبدال الغاز الروسي على وجه الخصوص ــ و600 مليار دولار من الاستثمارات الإضافية في الولايات المتحدة، وأبدى العديد من السياسيين والصناعيين الأوروبيين تحفظاتهم واعتبره العديد من القادة الأوروبيين في فرنسا وإسبانيا وغيرها "غير متوازن" ولا يُفيد المصانع والمستهلكين الأوروبيين، بل مُخيبا للآمال واستسلاما أوروبيا للولايات المتحدة...
بعد لقاء كل منهما مع الإتحاد الأوروبي يلتقي قادة الصين والولايات المتحدة، يوم الإثنين 28 تموز/يوليو 2025 لإجراء جولة جديدة من المحادثات والمفاوضات التجارية في ستوكهولم، عاصمة السّويد لمدّة يَوْمَيْن، بهدف تمديد فترة تعليق زيادات الرسوم الجمركية التي استمرت تسعين يوما إثر مفاوضات شهر أيار/مايو 2025 بجنيف ويستمر تعليق الرسوم – إذا لم يتم تمديدها – حتى 31 تموز/يوليو 2025، وللتذكير فإن جميع المنتجات الداخلة إلى الولايات المتحدة تخضع لضريبة تتراوح بين 10% و50% ويستهدف أعلى معدل البرازيل، في حين تواجه كندا رسوما إضافية بنسبة 35% والمكسيك بنسبة 30% ونجح دونالد ترامب في إلغاء اتفاقية التجارة، من جانب واحد ودون مفاوضات، خلافًا لما تنص عليه اتفاقية التجارة الحرة بين الجيران الثلاثة، وتؤدي هذه الزيادات في متوسط الرسوم الجمركية المطبقة على المنتجات المستوردة، إلى بلوغ أعلى مستوى لها منذ أوائل ثلاثينيات القرن العشرين، وفقا لبيانات مركز أبحاث Budget Lab في جامعة ييل.
عن وكالة الصحافة الفرنسية + مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن ( من 24 إلى 27 تموز/يوليو 2025)



#الطاهر_المعز (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إندونيسيا – احتجاجات وقَمع دَمَوِي
- الصهيونية واليمين المتطرف في أوروبا – نموذج السُّوَيْد
- دَور الإستخبارات و-الذّكاء الإصطناعي- في توجيه الرأي العام
- أوروبا، عَسْكَرَة الحياة المَدَنِيّة
- مُتابعات – العدد التاسع والثلاثون بعد المائة بتاريخ الثّلاثي ...
- من -التّأثيرات الجانبية- لزيادة الرّسوم الجمركية الأمريكية
- خصومات في الصّف المُقابل، بين فرنسا والولايات المتحدة
- هل الفن مُحايد؟ - نموذج فرقة نيكاب الموسيقية الإيرلندية
- عبد العزير المنبهي 15/02/1950 – 23/08/2025
- الصحة بين الوقاية وتحقيق الرّبح
- مُتابعات – العدد الثامن والثلاثون بعد المائة بتاريخ الثّالث ...
- عن اليسار الصهيوني
- الدّيمقراطية الأمريكية المُسلّحة
- الخليج: الولاء المُطْلَق للإمبريالية والإستغلال الفاحش للعما ...
- عيّنات من أحداث صيف 2025 الطاهر المعز
- الفقر في أوروبا: نماذج من فرنسا وألمانيا
- المغرب: حادث عَرَضِي أم محاولة اغتيال سيون أسيدون؟
- مُتابعات - العدد السابع والثلاثون بعد المائة بتاريخ السّادس ...
- صنع الله إبراهيم - شمعة أخرى تنطفئ
- الذّكرى الثلاثون للتطهير العرقي في البَلْقَان


المزيد.....




- ربما كان ترامب يلعب الغولف خلال انتشار إشاعة موته - مقال في ...
- -الجيش غير مستعد-.. الزعيم -البافاري- يستبعد نشر قوات ألماني ...
- قناة ترامب المفضلة تحتل المرتبة الأولى بمشاهدات الأميركيين
- تشييع الشهيد أحمد شحادة في نابلس بعد اغتياله برصاص الاحتلال ...
- رسالة حميمة من جين أوستن لشقيقتها إلى المزاد.. ماذا كتبت فيه ...
- روسيا تشن هجوما ليليا جديدا بعشرات المسيرات على أوكرانيا.. و ...
- ضحك وفرح.. شقيقات يحيين لقطة من الماضي بعد أربعة عقود
- نازحو البدو من السويداء يحتمون بالمدارس: صفوف بلا كتب وأسر ب ...
- هل تنجح أوروبا في فك ارتباطها بالغاز الروسي بحلول عام 2028؟ ...
- إسرائيل تواصل استهداف أبراج مدينة غزة وسط استمرار تدهور الوض ...


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - مُتابعات – العدد الأربعون بعد المائة بتاريخ السّادس من أيلول/سبتمبر 2025