أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - أوكرانيا -نموذج الحرب بالوكالة















المزيد.....


أوكرانيا -نموذج الحرب بالوكالة


الطاهر المعز

الحوار المتمدن-العدد: 8474 - 2025 / 9 / 23 - 11:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الإتحاد الأوروبي – عودة إلى التاريخ الإستعماري الأوروبي
أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ( وزيرة الحرب السابقة في الحكومة الألمانية) إن الاتحاد الأوروبي لديه خطة "واضحة إلى حد ما" لإرسال قوات إلى أوكرانيا، لتوفير ضمانات أمنية بعد وقف إطلاق النار، وإن الاتحاد الأوروبي توصل أيضًا إلى الاتفاق اللازم مع الولايات المتحدة، وستدرس المفوضية الأوروبية مصادر تمويل جديدة لضمان دعم القوات المسلحة الأوكرانية، وستضم القوات المقرر نشرها في أوكرانيا عشرات الآلاف من المقاتلين بقيادة الاتحاد الأوروبي، وفي المقابل، سيقدم الجانب الأمريكي لهم مساعدات متنوعة تشمل أنظمة قيادة وتحكم، بالإضافة إلى معدات استخبارات ومراقبة، مما يجعل المواجهة مُباشرة بين قوات حلف شمال الأطلسي والجيش الروسي، على أراضي أوكرانيا، وفق موقع صحيفة فاينانشال تايمز، بتاريخ الأول من أيلول/سبتمبر 2025، وسبق لوسائل الإعلام الأوروبية أن أفادت إن السلطات الألمانية أزالت من جدول أعمالها مسألة إرسال قواتها إلى أوكرانيا ضمن مهمة حفظ السلام، كما أشار المُستشار الألماني فريدريش ميرز إلى احتمال إلغاء اللقاء بين الرّئيسَيْن الرّوسي والأوكراني.
صرحت المُفَوِضة الأوروبية للشؤون الخارجية والأمن "كايا كالاس"، يوم الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2025: "إن الصراع في أوكرانيا سيستمر لسنتين إضافيتين، وقد تفترض الأحداث على أوكرانيا تنازلات إقليمية، لأن جهود السلام – التي بذلتها الولايات المتحدة وأوروبا - لم تُسْفِر عن نتائج... " وفق بوابة ( EFE )، ويبدو إن المُفَوضة كايا كالاس تعتبر العُقوبات والحظر والسّطو على الأموال الروسية وإرسال الأسلحة إلى أوكرانيا، ضمن ما تُسَمِّيه "جُهود السّلام"، التي عززها قرار وزراء مالية مجموعة السبع باتفاقهم على استكشاف آليات لزيادة الدعم المالي لأوكرانيا باستخدام الأصول الروسية المُجمّدة، وزيادة الضّغوط على روسيا، بما في ذلك فرض عقوبات ورسوم جديدة، وفق وكالة رويترز بتاريخ الثالث عشر من أيلول/سبتمبر 2025، فيما أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، يوم الجمعة 12 أيلول/سبتمبر 2025 "تُراقب روسيا عن كثب إجراءات الإتحاد الأوروبي بشأن الأصول الروسية المجمدة"، وللتّذكير، فقد جمّد الإتحاد الأوروبي ودول مجموعة السّبع ما يقرب من نصف احتياطيات روسيا من النقد الأجنبي، أي حوالي 300 مليار يورو، منها أكثر من 200 مليار يورو في الاتحاد الأوروبي، معظمها في حسابات يوروكلير البلجيكية، أحد أكبر أنظمة التسوية والمقاصة في العالم، وأفادت صحيفة فيلت أم سونتاغ الألمانية ( أواخر شهر آب/أغسطس 2025)، نقلاً عن بيانات من المفوضية الأوروبية، أن الاتحاد الأوروبي حوّل 10,1 مليار يورو إلى أوكرانيا من كانون الثاني/يناير إلى تموز/يوليو 2025 من عائدات الأموال المجمدة للمصرف المركزي الروسي، ووصفت وزارة الخارجية الروسية تجميد الأصول الروسية في أوروبا بالسرقة، ولا يستهدف الاتحاد الأوروبي الأموال الخاصة فحسب، بل يستهدف أيضا أصول الدولة الروسية، وفي الولايات المتحدة رَحّب وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت، باستخدام الأصول الروسية المجمدة " لزيادة ضغوط العقوبات واستكشاف استخدام الأصول الروسية المجمدة لتعزيز دفاع أوكرانيا بشكل أكبر".

ألمانيا رأس حربة الإمبريالية الأوروبية
طلب وزير الحرب الألماني بوريس بيستوريوس مبلغًا إضافيا قدره "عشر مليارات يورو لدعم أوكرانيا عسكريًا خلال العامين المقبلين، وهو ما وافق عليه وزار المالية ( لاس كلينغبيل ) وحكومة فريدريش ميرز، وفق موقع الصحيفة الألمانية بيلد بتاريخ 13 أيلول/سبتمبر 2025، وسبق أن وزّعت وزارة الحرب الألمانية على أعضاء البرلمان الإتحادي الألماني ( البوندستاغ ) بنهاية شهر آب/أغسطس 2025، إنها أبلغت وزارة المالية منذ شهر حزيران/يونيو 2025 "بضرورة تخصيص 15,8 مليار يورو للعام المقبل ( 2026) ومبلغ 12,8 مليار يورو للعام 2027 للدعم العسكري لأوكرانيا، ومع ذلك لم يتم تخصيص سوى تسعة مليارات يورو لكلا العامَيْن، بما في ذلك المدفوعات من أموال الإتحاد الأوروبي، واعتبرت وزارة الحرب الألمانية "إن هذا المبلغ لا يلبي توقعات وزارة الحرب"، حيث يُؤدّي انخفاض المبلغ إلى تعليق العقود المخطط لها مع صناعة الدفاع الأوكرانية، وإلغاء تدابير الدعم للقوات المسلحة الأوكرانية جزئيا أو تقليصها، بعدما أعلن نائب المستشار الألماني ووزير المالية لارس كلينغبيل خلال زيارة إلى كييف، عن نية السلطات الألمانية تخصيص تسعة مليارات يورو سنويا لدعم أوكرانيا، وفقا لصحيفة "بيلد"، بتاريخ الثالث عشر من أيلول/سبتمبر 2025، التي ذكرت كذلك - نقلاً عن بيانات وزارة المالية الألمانية - أنه في الفترة من شباط/فبراير 2022 ( تاريخ اندلات الحرب ) إلى نهاية سنة 2024، قدمت ألمانيا لأوكرانيا دعماً بقيمة 50,5 مليار يورو...
اعتبرت روسيا إن إمدادات الأسلحة إلى أوكرانيا تعيق التسوية، وإن تورّط حلف شمال الأطلسي ( ناتو) مباشرةً في النزاع يُعْتَبر "لعبًا بالنّار" وأشار وزير الخارجية سيرغي لافروف إلى أن أي شحنات تحتوي على أسلحة لأوكرانيا ستكون هدفًا مشروعًا لروسيا، وجاء في بيان للرئاسة الرّوسية "إن ضخ الغرب للأسلحة إلى أوكرانيا لا يُسهم في المفاوضات، وسيكون له أثر سلبي..."
كما صرحت سارة فاغنكنيشت، زعيمة حزب "الإتحاد من أجل العقل والعدالة" الألماني (SWU)، يوم السابع من أيلول/سبتمبر 2025، بأن ألمانيا قد تصبح طرفًا في النزاع في أوكرانيا في حال انتشار القوات الألمانية هناك في إطار ضمانات أمنية"، تعليقًا على إعلان المستشار الألماني فريدريش ميرز إمكانية إرسال قوات ألمانية إلى أوكرانيا كجزء من الضمانات الأمنية الغربية لضمان اتفاق سلام محتمل بين روسيا وأوكرانيا ، وأضافت: "أوقفوا النهج الحربي الذي تنتهجه الحكومة الفيدرالية! وجب دعم السلام بدلاً من سباق التسلح"، غير إن مواقف الحزب متضاربة جدًّا بخصوص العديد من القضايا الدّاخلية والخارجية ولا يمكن الوثوق بتصريحات زعماء هذا الحزب الذي يدّعي إنه يساري ويُغازل اليمين المتطرف والمزايدة عليه بشأن الموقف الشوفيني المعادي لللاجئين والمهاجرين...
في المقابل صرح المتحدث باسم مجلس الوزراء الألماني، ستيفان كورنيليوس، يوم الخميس 11 أيلول/سبتمبر 2025، بأن ألمانيا ستتخذ قرارًا بشأن التدخل العسكري كضمانة أمنية لأوكرانيا في "الوقت المناسب" بعد توضيح طبيعة ونطاق التدخل الأمريكي، وبعد نتائج عملية التفاوض، ووفقًا للمستشار الألماني فريدريش ميرز، ينبغي أن ينصبّ التركيز على تمويل وتسليح وتدريب القوات المسلحة الأوكرانية.
في الولايات المتحدة، استقبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب زيلينسكي وقادة أوروبيين في البيت الأبيض، في 18 آب/أغسطس، وخلال الإجتماع، صرّح ترامب بأنه لن يُقارن الضمانات الأمنية التي قد تحصل عليها كييف بتلك التي يقدمها حلف شمال الأطلسي ( ناتو)، كما أكد دونالد ترامب أنه لن يكون هناك أي وجود لقوات أمريكية في أوكرانيا خلال فترة رئاسته، وذكرت وكالة بلومبرغ الأمريكية "إن الضمانات الأمنية الأمريكية والأوروبية لكييف ستستند إلى عمل تحالف المُتَطوّعين" الذي قد يشمل قوات متعددة الجنسيات.
أعلنت وزارة الخارجية الروسية، ردًّا على هذه المُخطّطات العسكرية أن أي سيناريو لنشر قوات من دول أعضاء في حلف شمال الأطلسي في أوكرانيا مرفوض قطعيًا بالنسبة لروسيا، وينذر بتصعيد حاد وتحريض على مواصلة العمليات العسكرية وعلى إغلاق باب السلام، خصوصا بعد تصريحات أعضاء الحكومة البريطانية والفرنسية ودول أوروبية أخرى حول إمكانية نشر قوة عسكرية من دول الحلف في أوكرانيا، و"إن روسيا مستعدة لمناقشة الجوانب السياسية للتسوية مع أوكرانيا والعمل بأي شكل، في حين لم تتلقَّ موسكو حتى الآن ردا من كييف على الاقتراح بإنشاء ثلاث مجموعات عمل للنظر بشكل أكثر تحديدا في القضايا الإنسانية والعسكرية والسياسية، التي طرحها الجانب الروسي في المحادثات في أسطنبول سنة 2022" وفق بيان وزارة الخارجية الروسية بتاريخ 13 أيلول/سبتمبر 2025...
من مظاهر التّصعيد الأوروبي والتّحَرُّش بروسيا، أعلن وزير الحرب الألماني - بوريس بيستوريوس - يوم التاسع من أيلول/سبتمبر 2025، إن حكومته ستخصص 300 مليون يورو لإنتاج طائرات بدون طيار بعيدة المدى في أوكرانيا، أي قصف مناطق بعيدة داخل روسيا، في شكل عُقُود مع شركات أوكرانية لإنتاج عدة آلاف من الطائرات بدون طيار بعيدة المدى، وتحث حكومة ألمانيا الدّول الأوروبية لتمويل أنظمة دفاع جوي إضافية لأوكرانيا.

تصعيد ألماني مستمر
قبل اجتماع دونالد ترامب وفلاديمير بوتين في ألاسكا، اجتمعت مجموعة الحرب الأوروبية في ألمانيا للعمل مع الرئيس الأمريكي عبر الفيديو بالطريقة التي يريدونها، يوم الخميس 14 آب/أغسطس 2025، إثر مرور مائة يوم على تولي فريدريش ميرز منصب المستشار في ألمانيا، الذي عَزّز العلاقات مع بريطانيا وفرنسا بهدف تصعيد الموقف ضد روسيا ورفض المفاوضات بين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين وفلاديمير زيلنسكي، ودعم الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (مارك روته ) موقف الحكومة الألمانية المُتصلّب ضد روسيا، ويُعتَبَرُ فريدريش ميرز (حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي) ، أكثر تَصَهْيُنًا وأكثر تشدُّدًا من سلفه أولاف شواتز، وهو مَهْوُوس بالمواجهة مع روسيا، ومدافع شرس عن الكيان الصهيوني، حيث أعلن "إن إسرائيل تقوم بالعمل القذر ( إبادة الفلسطينيين) من أجلنا جميعاً"، ويريد ميرتز زيادة الدّعم المالي والعسكري لأوكرانيا والكيان الصهيوني، فيما يعاني سكان ألمانيا من العواقب الاقتصادية لسياسته وسياسة سَلَفِهِ ومن ارتفاع أسعار الطاقة، واستفادت شركات الأسلحة من السياسات العدوانية الألمانية، حيث ارتفع سعر سهم راينميتال، أكبر شركة دفاعية ألمانية، عشرة أضعاف منذ بدء الحرب في أوكرانيا، وحتى نهاية سنة 2024، وانخفضت أسهم نفس الشركة قبل وأثناء اجتماع دونالد ترامب وفلاديمير بوتين في ألاسكا، واستفادت شركة راينميتال من الحرب في أوكرانيا والتصعيد العسكري الصهيوني في فلسطين، فتقت عددًا من الطلبات يعادل ما تلقته خلال الخمسة عشر عامًا الماضية، ولم يستفد الإئتلاف الذي يقوده فريدريش ميرتز من هذه القرارات اسياسية، بل انخفضت شعبية حكومته والأحزاب المكونة لها حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي، وارتفعت شعبية اليمين المتطرف - حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD) – الذي تدعمه الحكومة الأمريكية ونشرت وزارة الخارجية الأمريكية على موقعها الإلكتروني وثيقة عن الحريات في ألمانيا، تُشير إلى "المخاوف الكبيرة المتعلقة بحقوق الإنسان تشمل القيود المفروضة على حرية التعبير ( القصد حرية التصريحات والممارسات العنصرية والفاشية لحزب اليمين المتطرف، البديل من أجل ألمانيا ) والتقارير الموثوقة عن الجرائم المعادية للسامية أو العنف أو التهديدات بالعنف"، وأصدرت هيئة الاستخبارات الخارجية الروسية بيانًا يوم الرابع من أيلول/سبتمبر 2025، بشأن المستشار الألماني فريدريش ميرز والمساعدات الألمانية لأوكرانيا والتصريحات المُستفزّة لروسيا، بعد وَصْفِهِ الرئيس الروسي بأنه "أحد أخطر مجرمي الحرب في عصرنا""، ويدعو الدّول "الغربية" إلى "استنزاف روسيا اقتصاديًا"، وكانت ألمانيا قد أرسلت إلى أوكرانيا صواريخ "توروس" وهي صواريخ بعيدة المدى، ومعها ضُبّاط وفنيون من الجيش الألماني لصيانة الصواريخ والتحكم في إطلاقها، لأن تدريب الأوكرانيين على القيام بذلك مكلف ويستغرق وقتًا طويلاً.

تحالف "المتطوعين" الأوروبيين لدعم أوكرانيا
كتبت صحيفة "لانتيديبلوماتيكو" ( 11 أيلول/سبتمبر 2025 ) إن تحالف "المتطوعين" ( الذي دعت له فرنسا وبريطانيا وبعض دول الإتحاد الأوروبي) لا يهدف إلى حماية أوكرانيا أو تقديم ضمانات أمنية لها، بل إلى تقسيمها وتقاسم ميزات موقعها وثرواتها، وتمكنت مجموعة ( KillNet) بعد اختراقها الشبكة المحلية لمقر الجيش الفرنسي، من الحصول على خريطة "القوات المتحدة لتحالف المتطوعن"، مؤرخة يوم 16 نيسان/أبريل 2025 وتُظهر الخريطة رسمًا بيانيًا لانتشار القوات الأجنبية على الأراضي الأوكرانية، و" تعتزم بريطانيا السيطرة على جميع المراكز اللوجستية من أجل التّحكّم في نقل وضخ موارد الطاقة"، فيما تُسيطر رومانيا وبولندا على المناطق الحدودية ومنطقة أوديسا للوصول إلى البحر الأسود.
أكّدت وسائل الإعلام الروسية اعتقال مرتزقة أوروبيين من فرنسا وبريطانيا، وقتل ضابط بريطاني وجرح إثنيْن آخَرَيْنفي أوكرانيا، وكتبت صحيفة نيويورك تايمز يوم الثامن من أيلول/سبتمبر 2025، إن 92 مرتزقًا أمريكيًا قُتلوا في أوكرانيا منذ بدء الحرب ( شباط/فبراير 2022) وإن عدة آلاف من الأمريكيين يقاتلون في صفوف الجيش الأوكراني، حيث يبلغ الراتب الأساسي حوالي ألْف دولار شهريًا، ويمكن أن يصل إلى ثلاثة آلاف دولار شهريًا عند المشاركة في العمليات القتالية.، فيما لا يتجاوز راتب مرتزقة أجانب من أمريكا الجنوبية 715 دولارا شهريا، وتستغل أوكرانيا بطالة الشباب في العديد من مناطق العالم، من كولومبيا والمكسيك والبرازيل وغيرها

الإتحاد الأوروبي يُنْفِق والولايات المتحدة تُقرّر
التقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يوم 15 آب/أغسطس 2025، في قاعدة عسكرية أمريكية في ألاسْكا، وهو أول لقاء بينهما منذ أكثر من أربع سنوات، بعد ترتيبات ناقشتها واتّفقت عليها الوُفُود الدّبلوماسية الدّبلوماسيون برئاسة وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، يوم الثلاثاء 12 آب/أغسطس 2025، ووصف البيت الأبيض القمة بأنها جلسة استماع، وفقا لموقع شبكة سي إن إن ( CNN ) الأمريكية، وناقشت القمة الأمريكية الروسية في ألاسكا الحرب في أوكرانيا، لكن لم يوجه أحد دعوةً للاتحاد الأوروبي لحضورها، حتى كضيف شرف، رغم كونه الجهة الممولة، ولم يتم إبلاغه مُسبقًا بالقمة، ويمكن اعتبار المفاوضات الأمريكية الروسية بشأن أوكرانيا، ثاني طعنة توجهها الولايات المتحدة إلى حُلفائها في الإتحاد الأوروبي وفي حلف شمال الأطلسي، خلال أقل من شهْر، بعد رَفْع الرُّسُوم الجمركية، واضطرّ القادة الأوروبيون إلى القبول بإقصائهم من المفاوضات، وفق صحيفة فاينانشال تايمز التي أشارت إلى تراجع مصداقية الإتحاد الأوروبي بسبب اعتماد القارة على القوة والتكنولوجيا الأمريكية، خلافًا لروسيا أو الصّين التي تردّ على الحرب التجارية الأمريكية المُعْلَنَة بإجراءات مماثلة مثل استخدام المعادن النادرة كسلاح...
ساهمت مُقاطعة الغاز الروسي وفرض عقوبات على روسيا – التي لا تمثل صادراتها إلى الإتحاد الأوروبي سوى 10% من إجمالي صادرات روسيا - في الركود الاقتصادي وإلحاق الضّرَر بالصناعات الأوروبية وبمواطني الدّول الأوروبية اللذين تضاعف إنفاقهم على الطّاقة، وعمومًا تمكّنت الولايات المتحدة – في إطار سياسة القُطْب الواحد – من تهميش دور الحُلفاء وفي مقدّمتهم الإتحاد الأوروبي الذي فقد أهميته على الساحة السياسية الدّولية، وأصبح مُشاركًا ضعيفًا على الساحة الدولية، وفقًا لصحيفة لا ستامبا الإيطالية، التي كتبت، تعليقًا على القمة الأمريكية الروسية: يتجاهل دونالد ترامب الإتحاد الأوروبي ويتخذ القرارات دون استشارة أوروبا التي هيأت الظروف ليُصبح دورُها السياسي في العالم ثانويًّا...
يستمر الإتحاد الأوروبي، منذ ثلاث سنوات ونصف، في تمويل الحرب في أوكرانيا وإرسال الأسلحة وفرض بل تَشْدِيد العُقوبات على روسيا بهدف إخضاعها، بينما غَيَّر الرئيس دونالد ترامب استراتيجية الولايات المتحدة في أوروبا، فهو يُريد الإستحواذ على أراضي وثروات أوكرانيا، مقابل القُروض والسلاح، ويبيع الأسلحة إلى الإتحاد الأوروبي الذي يُرسلها إلى أوكرانيا، أصَرّ قادة الإتحاد الأوروبي على مواصلة الحرب ورفضوا التفاوض بين روسيا والولايات المتحدة، فاجتمع المفاوضون في الرياض ( السعودية) أو في اسطنبول (تركيا) من واشنطن وموسكو دون حضور أوكرانيا أو أي حكومة أوروبية، وسافرت ممثلة الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية، كايا كالاس، إلى واشنطن ( بنهاية شهر شباط/فبراير 2025) للقاء وزير الخارجية ماركو روبيو، لكنه لم يستقبلها، واضطرت إلى الإكتفاء بتبادل أطراف الحديث مع عدد من أعضاء مجلس الشيوخ والنواب...
يحاول زعماء الإتحاد الأوروبي إظهار روسيا كأكبر تهديد أو تحدِّي للإتحاد الأوروبي ولا يريد قادة الإتحاد الأوروبي ( ومعظمهم أطْلَسِيُّون مُغَالُون) سوى استمرار الحرب ضدّ روسيا، ويرفضون أية مفاوضات أو أي اتفاق سلام في أوكرانيا قبل هزيمة روسيا، بذريعة إنها مصْدَر الخَطَر بل العدوّ الأكْبَر لأوروبا الغربية !!!

أوكرانيا حقل تجارب عسكرية:
كشفت وسائل إعلام أمريكية منذ بداية الحرب في أوكرانيا ( شباط/فبراير 2022) وُجود مختبرات تعمل على تطوير أسلحة كيماوية خطيرة، ويوجد بعضها منذ سنة 2014 ( سنة انقلاب الميدان بمشاركة اليمين المتطرف الذي تدعمه الإستخبارات الأمريكية والغربية والصهيونية) ثم تُوسّع نشاط الشركات العسكرية الغربية لإنتاج الأسلحة في أوكرانيا واختبار خصائصها فوقدرتها على الدّمار، ي ساحات المعارك، وكلما استمرت الحرب، ارتفع عدد الشركات العسكرية لدول حلف شمال الأطلسي التي تفتح مكاتب تمثيلية، وتنشئ خطوط إنتاج، وتتعاون بشكل وثيق مع الشركاء الأوكرانيين، ومع الحكومة الأوكرانية التي تتلقى مساعدات عسكرية كبيرة ( وهي ديون يتوجب على أوكرانيا سدادها بعد انتهاء الحرب) مقابل السماح للدول الدّاعمة لها باكتساب خبرة قيّمة في العمليات القتالية الحديثة، وتحديث التقنيات الجديدة في مجال الطائرات المسيرة على سبيل المثال دون المشاركة في القتال، وبأقل التّكاليف...
كانت شركة Quantum Systems الألمانية، المتخصصة في تطوير الطائرات بدون طيار وأنظمة الاستطلاع الجوي من أول الشركات الأوروبية التي فتحت مصانع لإنتاج الأسلحة في أوكرانيا، بالتعاون مع المجموعة الفرنسية الألمانية ( KNDS )، وكذلك شركة راينميتال الألمانية لتصنيع الأسلحة، والشركة البريطانية المنشأ متعددة الجنسيات بي إيه إي سيستمز للأسلحة والفضاء وشركة نامو النرويجية للمقاولات الدفاعية، فضلا عن شركات أخرى من دُوَيْلات بحر البلطيق والدنمارك، وغيرها من أعضاء حلف شمال الأطلسي الماضية قدما في البرنامج الأمريكي لعسكرة الاقتصاد، وإنتاج السلاح في بلد يُمَكِّنُ الشركات من تجربة الأسلحة وتكتيكات الحرب وتدريب الجيش وإنتاج كميات كبيرة من الأسلحة في وقت قياسي، وما يتطلبه ذلك من انتهاك لحقوق العُمّال، ومع ذلك اعترفت رئيسة حكومة الدنمارك إن روسيا بمفردها تتفوق على جميع الدول الأخرى من حيث الإنتاج (...) وجب علينا وعلى حلف شمال الأطلسي استخلاص الدّروس والإستفادة من الحرب في أوكرانيا...

فوائد المصارف والشركات العابرة للقارات من حرب أوكرانيا:
يشهد القطاع المصرفي، الذي تسيطر عليه الدولة في أوكرانيا، نموًّا قياسيا، بنسبة تزيد قليلًا عن 50%، وازدهارًا ملحوظًا، في زمن الحرب، ومن المتوقع أن تستمر أرباحه في الارتفاع خلال فترة إعادة الإعمار، ووافقت هيئة حكومية أوكرانية مؤخرًا، بالاتفاق مع المؤسسات المالية الدولية، على إمكانية خصخصة مصرفَيْن إضافِيّيْن، بعد استحواذ شركة راينميتال الألمانية للأسلحة على حصص في شركة الأسلحة الأوكرانية UDI وبعد سيطرة مصارف فرنسية عابرة للقارات مثل بي إن بي باريبا و كريدي أغريكول على قسم هام من المؤسسات المالية في أوكرانيا التي ازدهرت بها الأعمال التجارية، فضلا عن تطوير مصانع الطائرات المسيرة والصواريخ، التي تضمن الدولة طلباتها، ويُصدّر بعض إنتاجها إلى الخارج، واستفاد القطاع المصرفي من الحرب، فضاعفت المصارف إيراداتها، خلال أربع سنوات، لتبلغ 1,6 مليار يورو، مما جعل المصارف الأوروبية تستحوذ على القطاع المالي، فيما تستحوذ الشركات العابرة للقارات، ذات المنشأ الأمريكي والأوروبي، على الأراضي الزراعية والمناجم والمصانع، لتكون أول المستفيدين من الحرب ومن إعادة الإعمار بعد انتهاء الحرب، وفق رويترز بتاريخ 27 آب/أغسطس 2025...

خاتمة
ليس من باب الصّدفة أن يكون داعمو الحرب في أوكرانيا هم من يدعم الكيان الصهيوني ماليا وعسكريا وإيديولوجيا وعسكريا، ويعتبرون عدوانه "دفاعًا عن النّفس" لأن الحرب في أوكرانيا هي حرب بالوكالة ضدّ روسيا، وإن الحرب العدوانية الصهيونية تُمثل "تنفيذ العمل القذر نيابة عنا"، وفق المستشار الألماني الذي يعتبر، كما يعتبر قادة أوروبيون آخرون "إن روسيا هي العدو الرئيسي الذي سوف يكون جاهزا، بعد خمس سنوات، لاحتلال أوروبا الغربية، إن لم نردعه من الآن"، واستغلّت الولايات المتحدة هذه الحرب في أوكرانيا لتدفع حلفاءها الأوروبيين إلى الهاوية، من خلال مُقاطعة الغاز الروسي الرخيص وشراء الغاز الصخري الأمريكي الرديء ومرتفع الثمن، ومن خلال تحميل أوروبا نفقات الدّعم العسكري والمالي لنظام أوكرانيا، وتأجيج العداء الألماني لروسيا، واقترحت رئيسة وزراء إستونيا سابقا، كايا كالاس، المسؤولية الحالية عن سياسة الخارجية والأمن للاتحاد الأوروبي: "تقسيم روسيا إلى أربع أو خمس كيانات لضمان أمن أوروبا"، لكن يبدو إن ذلك عسير على الإنجاز، لأن روسيا اتّجهت نحو الشرق وطورت علاقاتها مع الصين والهند وإيران وكوريا الشمالية...
وجب الإنتباه إلى نقطة مُهِمّة لنا كعرب وكشعوب مُضْطَهَدَة وكفئات شعبية: إن داعمي نظام أوكرانيا – الذي أدْمَجَ المليشيات النازية في الجيش النظامي - هم داعمو الكيان الصهيوني، ولا يعني ذلك تبريرًا أو قُبولا لأي موقف سواء من روسيا أو الصين أو أي كان من الدّول التي تدعم الكيان الصهيوني أو تدّعي "الحياد"، لكن هناك أولويات فالعدو الرئيسي هو الكيان الصهيوني ومن يدعمه والأنظمة العربية المتواطئة...



#الطاهر_المعز (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نيبال - الجزء الثاني والأخير - فشل تجربة سُلْطة اليسار
- متابعات – العدد الثاني والأربعون بعد المائة بتاريخ العشرين م ...
- نيبال، خلفيات الإنتفاضة: فجوة طبقية وفساد مُتأصّل
- انبطاح الحُكّام العرب
- أوروبا: الهجرة بين الدّعاية الإنتخابية وواقع الأرقام والبيان ...
- سوريا: الدّوْر الوظيفي للدّين السياسي الإرهابي
- بإيجاز - حَدَثَ ذات 11 أيلول/سبتمبر
- مُتابعات – العدد الواحد والأربعون بعد المائة بتاريخ الثّالث ...
- ارتباط الفساد بالإستغلال والإضطهاد والتّجسّس – عشيرة -ماكْسْ ...
- العربدة الصهيونية من تونس إلى الدّوْحَة
- فرنسا: أزمة سياسية واقتصادية
- المقاطعة كشكل من المقاومة
- فلسطين - فجوة بين الموقف الأوروبي الرسمي والموقف الشعبي
- قمّة منظمة شنغهاي للتّعاون
- مُتابعات – العدد الأربعون بعد المائة بتاريخ السّادس من أيلول ...
- إندونيسيا – احتجاجات وقَمع دَمَوِي
- الصهيونية واليمين المتطرف في أوروبا – نموذج السُّوَيْد
- دَور الإستخبارات و-الذّكاء الإصطناعي- في توجيه الرأي العام
- أوروبا، عَسْكَرَة الحياة المَدَنِيّة
- مُتابعات – العدد التاسع والثلاثون بعد المائة بتاريخ الثّلاثي ...


المزيد.....




- تحسبًا لإعصار راغاسا.. شاهد كيف نفذت المنتجات من أرفف المتاج ...
- عرض للألعاب النارية أشبه بـ-متفجرات- يثير جدلًا واسعًا في جب ...
- -ضحك على اللحى-.. شاهد ردود فعل فلسطينيين على اعتراف دول بال ...
- السعودية.. الديوان الملكي: وفاة مفتي المملكة الشيخ عبدالعزيز ...
- كيف تحولت سياسة ماكرون إلى التحرك للاعتراف بدولة فلسطين؟
- غوتيريش يقول إن الاعتراف بدولة فلسطين حق وليس مكافأة وسانشيز ...
- -كارولينا هيريرا- تحوّل ساحة مدريد إلى منصة أزياء استثنائية ...
- -مهم جدا-.. حمد بن جاسم يُعلق على اجتماع مرتقب بين ترامب وقا ...
- شاهد.. رئيس وزراء فرنسا الأسبق يوجه رسالة لأمريكا وإسرائيل ب ...
- مع استمرار تهديدات الحوثيين.. سفينة جديدة تتعرض للهجوم قبالة ...


المزيد.....

- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - أوكرانيا -نموذج الحرب بالوكالة