أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - العلاقات الهندية الأمريكية ومحاصرة الصين















المزيد.....


العلاقات الهندية الأمريكية ومحاصرة الصين


الطاهر المعز

الحوار المتمدن-العدد: 8515 - 2025 / 11 / 3 - 12:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


السياسات الدّاخلية: تحالف السلطة السياسية والمالية ضد العُمال والأقليات
اقترنت المسيرة السياسية لرئيس الوزراء الهندي بالحملات العنصرية والمجازر، ومن ضمنها مجزرة ولاية كجرات سنة 2002، لما كان رئيسًا لوزرائها، وشملت قتل وإحراق أكثر من ألف من المواطنين والمواطنات واغتصاب النساء والتهجير القَسْرِي للآلاف من المسلمين ومن فُقراء فئة "المنبوذين" وفق منظمات حقوق إنسان التي أشارت إلى تشجيع ناريندرا مودي الحشود الهندوسية القومية، والتي تتألف من أعضاء "منظمة التطوع القومية" (RSS) ومجلس الهندوس العالمي (VHP)، ويتزعم قيادِيِّو وسياسيو حزب الشعب الهندي (بهاراتيا جاناتا) هذه الحشود التي ارتكبت المجازر لعدة أيام متتالية، وليست هذه المرة الأولى، وبعد عام واحد تم إحياء ذكرى هذه المجازر من قِبَل قيادِيِّي حزب بهارتيا جاناتا، بدعم من رؤساء شركات رأسمالية هندية وأجنبية، من بينها "شل" و"جنرال موتورز"، ومنذ ذلك الوقت، تنعقد قمة اقتصادية بعنوان "القمة الإقتصادية العالمية لكُجرات النابضة بالحياة"، كل سنتَيْن، في ذكرى هذه المجازر التي أصبحت مناسبة لعقد صفقات بين حُكّام ولاية كجرات والشركات الرأسمالية العالمية التي تستغل المناطق الاقتصادية الخاصة، ومن ضمنها شركات السيارات "هيونداي" و"فورد" و"بيجو"، وشركات الصناعات الكيماوية مثل "بي إيه إس إف" و"باير" و"لانكسس" الألمانية والشركة الأمريكية "دوبونت"، وشركة بناء الآلات "بوش"، وشركة صناعة الطائرات والقطارات "بومباردييه"، لتصبح الولاية "جَنّة الرأسمالية" التي مكّنت ناريندرا مودي من تجربة الحكم الرأسمالي الدّكتاتوري الممزوج بإيديولوجية ومُمَارسات التّعصّب الدّيني والقومي، وتجاوزت نسبة نمو اقتصاد ولاية كجرات 10% سنويا، بعد مصادرة أراضي صغار المزارعين لصالح إقامة مناطق اقتصادية خاصة في كجرات التي لا مكان فيها للإضرابات ولا حدود فيها للإستغلال والقمع، وأصبح القوميون الهندوس ( حزب بهارتيا داناتا) مدعومين من أكبر التكتلات الاقتصادية ( مثل شركة "تاتا" التي يملكها راتان تاتا) بفضل الامتيازات والدّعم الإقتصادي والسياسي وأعلن راتان تاتا الذي نَقَلَ خطوط إنتاج سيارات "نانو" التي تمتلكها شركته، وهي الأرخص في العالم إلى ولاية كجرات: "أي صاحب شركة سيكون غبياً إذا لم يغير وجهته إلى كجرات"، وذلك منذ سنة 2009، واعتبر تقرير نشره المصرف الأمريكي "غولدمان ساكس" سنة 2012: "إن ولاية كجرات هي جَنّة للمستثمرين التي تشهد نمواً اقتصادياً يتجاوز 10% "، وأصدر نفس المصرف تقارير تمتدح السياسة النيوليبرالية لرئيس وزراء الهند ناريندرا مودي الذي جعل من ولاية كجارات ( التي كان حاكمها قبل أن يصبح رئيس وزراء الهند) الولاية الأسرع في مصادرة أراضي صغار المزارعين لصالح بناء المناطق الاقتصادية الخاصة، كما لا يوجد هنالك مكان أسرع في وأد الإضرابات بفعالية في مهدها، وقبل بضعة أشهر من الإنتخابات البرلمانية التي انتصر فيها مودي وأصبح رئيس وزراء الهند، سنة 2013، نشر مصرف "غودلدمان ساكس" تقريرًا كان بمثابة الدّعاية لتطور الاقتصاد في الهند بفضل الإصلاحات الاقتصادية ( التي بدأتها حكومة المؤتمر الوطني)، وتمثلت في خصخصة الممتلكات العامة والشركات الحكومية ومنح المستثمرين الأجانب حق شراء أغلبية من حصص الشركات و"إصلاح قوانين العمل"، لكن المصرف يرى إن هذه "الإصلاحات" تسير ببطء، وسوف يُطبق ناريندرا مودي نفس السياسات والنّسق الذي بدأه في ولاية كجرات التي أصبحت "نموذجًا للتغيير الذي سوف يحول الهند من قُوّة صغيرة أو متوسطة إلى أحد عمالقة السوق العالمية (...) إن حكومة بقيادة حزب الشعب الهندي ( بهارتيا جاناتا) وزعيمه ناريندرا مودي ستؤدي إلى طلب أعلى على الاستثمارات"، وبذلك طمست مثل هذه التّقارير الطبيعة اليمينية المتطرفة لناريندرا مودي وحزبه، ودورهما في مجازر سنة 2002 وما بعدها، فيما تكتّمت المحاكم الهندية سنة 2012 على جزء كبير من الأدلة الموثقة من قبل لجنة التحقيق الخاصة"، بحسب ما كتبت آنذاك صحيفة "تايمز أوف إنديا"، وتعتبر الصحافة البرجوازية "الغربية" الهند "دولة ديمقراطية ودولة قانون"، وتتكتم عن أهم داعمي مودي مثل موكيش أمباني، وعائلته، وهو من أصحاب المليارات وأهم التكتلات الإقتصادية في الهند، مثل "ريلاينس المساهمة المحدودة"، أكبر التكتلات الاقتصادية في الهند وأعلن أمباني، سنة 2014 - بعد فترة قصيرة من تنصيب ناريندرا مودي رئيسًا للوزراء - عن إتمام أكبر الصفقات التي شهدها قطاع الإعلام الهندي: فقد اشترى "الشبكة 18" ( محطات بث تلفزيوني وصحف ومجلات ومواقع إلكترونية...) بنحو 700 مليون دولار، وتولّت هذه المجموعة حملة الدّعاية والترويج لصالح حزب الشعب الهندي ( بهارتيا جاناتا) وزعيمه ناريندرا مودي خلال الحملة الإنتخابية سنة 2019، واستغل موكيش امباني – الذي أصبح يمتلك امبراطورية إعلامية - زواج ابنته سنة 2018، ليُحوّله إلى زواج بين السلطات السياسية والمالية ، وضمّت قائمة الضيوف هيلاري كلينتون، ومغنية البوب الأمريكية بيونسي...
يُعتَبَرُ يوم السادس والعشرين من كانون الثاني/يناير من كل عام أحد أهم الاحتفالات الوطنية في الهند، وكان الرئيس البرازيلي اليميني المتطرف الضابط "جاير بولسونارو" ضيف الشرف سنة 2020 وهو يتزعم، مثل ناريندرا مودي، حكومة يمينية قمعية على حساب الأقليات، وحليفة للشركات الرأسمالية الكُبْرى...
تحالَفَ ناريندرا مودي وحزبه مع القطاع الصناعي ( تاتا) والإعلامي ( امباني ) وكذلك مع قطب الصناعة العالمي جاوتام آداني وشركته التي تحمل اسمه، والتي تريد استغلال احتياطات الفحم والبوكسيت والقصدير والحديد الخام عال الجودة المتوفرة بكميات كبيرة في عدد من الولايات الهندية الوسطى، ولم يستخرج منها بَعْدُ سوى كميات صغيرة، لأن السكان الذين يعيشون في مناطق الغابات ( حيث توجد هذه الإحتياطيات) يُقاومون ويرفضون تهجيرهم من موطنهم وموطن أجدادهم، ووعد ماريندرا مودي بمساعدة شركة أداني على تنفيذ المشاريع الضّخمة للمناجم، وبناء منطقة اقتصادية خاصة مزودة بميناء للحاويات على مساحة تقدر بـ60 كيلومتراً مربعاً، وأعلنت حكومة ناريندرا مودي "إن أي مقاومة لسكان هذه المناطق – حيث تتواجد احياطيات المعادن – تُعتبر تمرُّدًا يُحرّض عليه الماوِيُّون" لتبرير القمع البوليسي والعسكري بذريعة "محاربة الإرهاب"، وسبق أن قدّرت شركة استشارات بريطانية حجم الاستثمارات في عمليات التنقيب بنحو 80 مليار دولار، في حال نجاح العمليات العسكرية للسطو على البيئة في خدمة رؤوس الأموال.
يُعتبر ميناء الحاويات لشركة أداني هو الأكبر في الهند، وتم بناء أكبر محطة هندية لتوليد الطاقة بالفحم في نفس المنطقة الاقتصادية الخاصة، بعد إزالة مساحات كبيرة من الغابات وتلويث المياه مما أدّى إلى قطع أرزاق صيادي السمك في القرى المجاورة، وألغى ناريندرا مودي الغرامة – بقيمة 25 مليون دولارا - التي فرضتها الحكومة التي سبقت حكومة مودي في دلهي على مجموعة آداني، كما ألغى مودي قرارًا قضائيا بمنع توطين أي شركات أخرى في المنطقة الاقتصادية، ومنحت حكومة ناريندرا مودي وحزب باهارتيا جاناتا – منذ تموز/يوليو 2014 - شهادة براءة الذمة البيئية التي لم تتمكن شركة أداني من الحصول عليها سابقا، وأَلْغَت الغرامات المالية المفروضة عليها، وتجذّرت سياسة الفساد والتحالف مع الشركات الرأسمالية الكبرى بعد إعادة انتخاب رئيس الوزراء وحزبه ( أيار/مايو 2019) فتم إلغاء الحكم الذّاتي لإقليم كشمير الذي تقطنه غالبية مسلمة، وسحب الجنسية من نحو مليونَيْ مواطن في ولاية آسام، أكثرهم من المسلمين، قبل أن تتكرّر نفس العملية الإقصائية للعديد من الأقلّيات في عدد من الولايات الأخرى، بموازاة الإجراءات النيوليبرالية مثل بيع الشركات الحكومية الهندية وإضعاف حقوق العمال، مما أدّى إلى إضرابات تاريخية للعمال ولصغار الفلاحين...

علاقات خارجية متقلّبة
أعلنت حكومة الهند يوم الثامن من آب/أغسطس 2025 تعليق خطط شراء أسلحة وطائرات أميركية جديدة، وإلغاء زيارة وزير الدّفاع الهندي إلى الولايات المتحدة في أول ردّ على الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي على صادراتها، يوم السادس من آب/أغسطس 2025، والتي ارتفعت نسبتها من 25% إلى 50%على السلع المستوردة من الهند ردا على شرائها النفط الروسي، وكانت المفاوضات – التي - توقفت بسبب الرسوم الجمركية - تتعلق بشراء الهند مركبات "سترايكر" القتالية -التي تصنعها شركة "جنرال دايناميكس لاند سيستمز"- وصواريخ "جافلين" المضادة للدبابات -التي تطورها شركتا "رايثيون ولوكهيد مارتن"، وطائرات استطلاع من طراز "بوينغ بي 8 – آي" بقيمة 3,6 مليار دولار، وأنظمة دعم للبحرية الهندية...
أعلنت الحكومة الهندية، خلال نفس يوم إعلان زيادة الرّسوم الجمركية على وارداتها من الهند ( يوم السادس من آب/أغسطس 2025) زيارة " أجيت دوفال " مستشار رئيس الوزراء الهندي للأمن القومي موسكو بالتزامن مع زيارة المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف إلى موسكو، وأعلنت وزارة الخارجية الهندية ( يوم الرابع من آب/أغسطس 2025) إنها حولت إلى أوروبا جزءًا من مشترياتها من النفط الروسي بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا، وكانت حكومة أوكرانيا قد أعلنت يوم الخامس من آب/أغسطس 2025 "العثور على مكونات هندية الصنع في مسيرات روسية"...
زودت روسيا الهند بما يصل إلى 76% من وارداتها العسكرية بين سنتَيْ 2009 و2013، بحسب معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، وتراجعت هذه النسبة بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، بعد تعزيز علاقات الهند بالكيان الصهيوني وبالولايات المتحدة، لكن لا تزال الهند تعتمد على روسيا للتزود بالقطع الأساسية...
أعلن وزير الحرب الأميركي بيت هيغسيث، يوم الجمعة 31 تشرين الأول/اكتوبر 2025، "توقيع الولايات المتحدة اتفاقية إطار دفاعي مع الهند لمدة عشر سنوات" وفق وكالة الصحافة الفرنسية، نقلا عن حساب الوزير الأميركي على منصة إكس بعد اجتماعه مع نظيره الهندي راجنات سينغ وكتب: إن الاتفاق يعد حجر الزاوية للاستقرار الإقليمي والردع ( ... ) ويُعَزّزُ التنسيق وتبادل المعلومات والتعاون التكنولوجي بين البلدين"، دون ذكر تفاصيل أخرى...
نقلت وكالة رويترز عن مسؤولين هنود يوم الثامن من آب/أغسطس 2025، أن الهند علقت خطط شراء أسلحة وطائرات أميركية جديدة، في أول إشارة عملية منها إلى الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على صادراتها حينها، وذكر اثنان من المسؤولين أن الهند كانت تعتزم إرسال وزير الدفاع راجنات سينغ إلى واشنطن في الأسابيع المقبلة للإعلان عن بعض المشتريات، لكنها ألغت الرحلة، بعد فَرْض دونالد ترامب يوم السادس من آب/أغسطس 2025 رسوما جمركية جديدة بنسبة 25% على السلع المستوردة من الهند، ردا على شرائها النفط الروسي، ليرتفع بذلك إجمالي الرسوم الجمركية على الصادرات الهندية إلى 50%، وهي من أعلى الرسوم المفروضة على أي شريك تجاري للولايات المتحدة، وقال أحد المسؤولين إنه من الممكن المضي في المشتريات الدفاعية بمجرد أن تتضح للهند الرؤية بشأن الرسوم الجمركية واتجاه العلاقات الثنائية، لكن "ليس بالسرعة التي كان من المتوقع أن تكون عليها"، فيما صرّح مسؤول آخر أنه لم تصدر أي تعليمات مكتوبة لتجميد المشتريات، لأن ذلك من شأنه تقويض الشراكة الوثيقة التي أقامتها الهند مع الولايات المتحدة خلال العُقُود الأخيرة، وكتبت بعض وسائل الإعلام نقدًا للولايات المتحدة وبلدان الإتحاد الأوروبي التي تُواصل التبادل التجاري مع روسيا عندما يكون ذلك في مصلحتها...
عزّزت الولايات المتحدة علاقاتها مع الهند التي أصبح اليمين المتطرف يحكمها منذ بداية القرن الواحد والعشرين، بهدف مُحاصرة الصين، وأعلن وزير الحرب الأمريكي "بيت هيغسيث" يوم الثلاثين من آذار/مارس 2025 "إن الولايات المتحدة ستحافظ على قوة ردع موثوقة ومتينة وجاهزة للتحرك في منطقة آسيا والمحيطيْن الهادئ والهندي ومضيق تايوان، للتصدّي للمناورات العدوانية الصينية" بالتحالف الوثيق مع اليابان وأستراليا والهند والفلبين، مع التذكير بوجود قواعد عسكرية أمريكية ضخمة في كوريا الجنوبية واليابان ( 54 ألف جندي في اليابان)، خصوصا بجزيرة أوكيناوا القريبة من تايوان، وأنشأت الولايات المتحدة "القيادة الهندية الباسيفيكية" الأميركية في هاواي، لتعزيز أسطولها البحري في المناطق المحيطة بالصّين، وتمثل الهند – رغم التّحفُّظات العديدة – جزءً أساسيا من هذه التحالف، خصوصًا منذ إعادة انتخاب رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي وحزبه بهارتيا جاناتا، للمرة الثالثة خلال شهر حزيران/يونيو 2024، بمباركة ودعم قوي من الشركات التجارية والإقتصادية العملاقة...

التنافس بين ممرات النقل كأحد العوامل التي تؤدي إلى تفاقم الوضع في غرب آسيا وآسيا الوُسطى
هناك العديد من مشاريع النقل على المستويين المحلي والإقليمي في الفضاء الأوراسي، والتي تتصادم حولها مصالح متضاربة، ليس فقط ذات طابع اقتصادي، بل وسياسي أيضًا. لكن ثلاثة منها فقط تُعتبر عالمية بحق، وتؤثر على الجغرافيا السياسية للقارة ككل. لا يقتصر الأمر على نقل البضائع عبرها، بل يشمل أيضًا تنظيم أنشطة إنتاجية واسعة النطاق في منطقة جذبها. أما بقية المشاريع، فترتبط بها بشكل رئيسي، بطريقة أو بأخرى، وتعتمد عليها. يُمثل التنافس حول هذه المشاريع الضخمة الثلاثة محور الاستراتيجية الكبرى للقوى العظمى، ويؤثر بشكل خطير على الوضع العالمي. وتتجلى آثار هذا التنافس بوضوح في التفاقم الحالي للوضع في الشرقين الأدنى والأوسط.
أول هذه المشاريع من حيث الحجم والأسرع إطلاقًا هو مشروع الحزام والطريق (طريق الحرير الجديد)، الذي يربط أوروبا بالصين، ومحركه الرئيسي هو الصين، بالإضافة إلى مُتَفَرِّعاته مثل طريق الحرير البحري ( MSR ) "طريق اللؤلؤ" وطريق بحر الشمال - ( NSR ) "طريق الجليد"، الممتد على طول روسيا، ولا يوجد مُشغّل واحد أو مالك مُسيطر على هذا المجمع بأكمله من الاتصالات والمناطق الاقتصادية، واشترت الصين أو استأجرت بعض الموانئ على طريق بحر الشمال وكذلك ميناء بيريوس اليوناني، واستثمرت المصارف الحكومية والصناديق الخاصة، حوالي تريليون دولارا في هذا المشروع الحكومي الصيني الضّخم الذي يَصْعُبُ على المؤسسات المالية الأجنبية السيطرة عليه، رغم المحاولات الأمريكية – ومعها تركيا، عضو حلف شمال الأطلسي – إجهاض الجزء الذي يعبر آسيا الوسطى ومنطقة القوقاز، باعتباره المنطقة الرّخْوة أو نقطة الضّعف في مبادرة الحزام والطّريق، مما عطّل إنجاز ممر الشمال-الجنوب الذي يمتد من الهند مرورًا بإيران والقوقاز وصولًا إلى موانئ البلطيق والقطب الشمالي في روسيا، وساهم العدوان الأمريكي الصّهيوني على إيران ( حزيرانيونيو 2025) في تأجيل استكمال الممر وتشغيل الجزء الأخير من خط السكة الحديدية على الأراضي الإيرانية، قزوين-أستارا، بطول 142 كيلومترًا...
يندرج إطلاق مشروع الهند - الشرق الأوسط - الاتحاد الأوروبي " (IMEC)، أو "الطريق الذهبي"، بمبادرة ومشاركة الولايات المتحدة التي لا علاقة جغرافية لها مع المنطقة، لمنافسة المَسارات الأخرى، في محاولة لعزْل الصين وإيران وإزعاج روسا، ويدل الإعلان الأمريكي عن المشروع مباشرة بعد منتدى العشرين ( رائد النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة) سنة 2023، إنه مشروع أمريكي يجمع حلفاء الإمبريالية الأمريكية ( الهند) وعُملاءها من صهاينة العرب وشيوخ النفط، وهو مشروع مُكمّل لاتفاقيات إبراهيم التي تُحقق الإندماج المُهَيْمِن للكيان الصهيوني في المشرق العربي أولا ثم في كامل الوطن العربي، وقرّرت الولايات المتحدة أن يعبر هذا الممر فلسطين المحتلة، وفق المسار التالي: الهند و الإمارات والسعودية والأردن وفلسطين واليونان وإيطاليا، وتهدف الولايات المتحدة "توكيل" الهند لتصبح مركز تخزين وإعادة تصدير السلع من دول جنوب شرق آسيا إلى أوروبا، لمنافسة الصين ومشروعها "الحزام والطريق".
تحاول الولايات المتحدة إغراء اليونان وإيطاليا اللّتَيْن وقّعتا سابقًا اتفاقيات تجارية مع الصّين، من خلال مشروع الممر الهندي الأوروبي "إيميك" ( IMEC ) الذي سوف يجعل ميناء ترييستي محطة أوروبية، ونقطة وصل بين بحار البلطيق والبحر الأسود والبحر الأدرياتيكي، "لتعزيز دفاعات أوروبا ( وهذا مَرْبَط الفَرس)، وإنعاش شبكة التجارة الهندية المتوسطية وَرَبْطِ أوروبا الوسطى والشرقية بمنطقة الهند المتوسطية مع إمكانية الوصول إلى القوقاز وآسيا الوسطى وأفريقيا، لكي تتفوق هذه الشبكات على مبادرة "الحزام والطريق" التجارية الصينية، وفق رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ووفق الرئيس الأمريكي السابق جوزيف بايدن والحالي دونالد ترامب الذي أكّد "سيكون مشروع IMEC أحد أعظم طرق التجارة في التاريخ، وسيمتد من الهند إلى إسرائيل وإيطاليا، ثم إلى الولايات المتحدة، مُعزّزًا شراكاتنا".
لكن هل يمكن إقصاء الصين وروسيا وإيران عن المسارات الرئيسية للتجارة العالمية بهذه البساطة؟ إن الصين وروسيا وإيران وغيرها تُتابع المشاريع الأمريكية (التي لا تزال حبرًا على ورق، بعد أكثر من سنتين على إطلاق مشروع الممر الهندي الأوروبي – إيميك ) وتعمل على اتخاذ إجراءات مُضادة، فضلا عن الحذر الذي تبديه الهند وتركيا إزاء هذه المشاريع الأمريكية، ولكل منهما مشاريعها الخاصة وخصوصًا تركيا التي تريد الهيمنة على قسم كبير من آسيا الوسطى، بواسطة "الممر الأوسط" أو "ممر زانجيزور" العابر للحدود الإقليمية بالتعاون مع أذربيجان، بدعم أمريكي لأن تركيا عضو أساسي في حلف شمال الأطلسي، ولأن المشروع ينافس المشروع الروسي طريق "الشمال-الجنوب"، كما تحاول تركيا إحياء مشاريع استعمارية قديمة مثل حلف بغداد وخط سكة حديد الحجاز التاريخي من السعودية عبر سوريا إلى تركيا التي تبحث – بانتهازية ملحوظة – عن الفوائد التي قد تجنيها من كل مشروع، ولذلك فقد تنضم إلى مشروع ممر "شمال-جنوب" الذي يضم الصين وإيران وباكستان والهند عبر أوزبكستان وأفغانستان، كما قد تنضم تركيا – بانتهازية معهودة - إلى الطريق الرئيسي لأوراسيا، وهو مبادرة الحزام والطريق، العابرة للقارات من الشرق إلى الغرب...

تواطؤ عربي هندي مع الولايات المتحدة
أعلن الرئيس الأمريكي جوزبف بايدن في نيو دلهي عن مبادرة “ممر الهند والشرق الأوسط وأوروبا” (IMEC)، خلال قمة مجموعة العشرين (نيو دلهي - الهند 23 أيلول/سبتمبر 2023) وهو مشروع اقتصادي ضخم تدعمه الولايات المتحدة بهدف منافسة المشروع الصيني "مبادرة الحزام والطريق" وبهدف الإدماج المُهَيْمِن للكيان الصهيوني في المشرق العربي، من خلال التجارة والاقتصاد والطاقة والأمن، لتصبح فلسطين المحتلة حلقة وَصْل ومركزًا للعبور بين آسيا وأوروبا، ويعتبر هذا المشروع استمرارًا لاتفاقيات إبراهيم والتّطبيع المجاني للأنظمة العربية الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، فضلا عن مصر والأردن وسلطة أوسلو، مع الكيان الصهيوني الذي لم يتنازول قيد أنملة، بل احتل أراضي عربية إضافية وارتكب المجازر في اكبر عدوان منذ النّكبة، وتتوقع الولايات المتحدة أن يغزو الكيان الصهيوني أسواقًا جديدة في الخليج والهند وأوروبا، مما يُحتّم استثمارات كبيرة ( خليجية) في توسيع موانئ أم الرّشراش وحيفا وإنشاء خطوط تجارية برّية وحديدية وبحرية لنقل البضائع وتحويل فلسطين المحتلة إلى مُلتَقَى تجاري حيوي بين آسيا وأوروبا، وخروج العلاقات الإقتصادية والتجارية بين دُوَيلات الخليج والكيان الصهيوني من السّرّيّة إلى العَلَنِية، فقد كانت البضائع تتدفق من أوروبا إلى السعودية والإمارات وغيرها – طيلة العقد الماضي - عبر ميناء حيفا ثم مَعْبَر الشيخ حسين الأردني، بسرية تامة، وقد يؤدّي هذا المشروع والمشاريع الصهيونية الأمريكية الأخرى، إلى تهميش دَوْر قناة السّويس، وتمت تجربة النقل البري للبضائع بين الخليج وفلسطين المحتلة عبر الأردن، خلال العدوان الصهيوني – منذ السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2023 - على غزة وقرار المقاومة اليمنية محاصرة ميناء أم الرشراش ومنع السفن من التوجه إلى فلسطين المحتلة...
بالنسبة للشعب الفلسطيني والشعوب العربية، تُعْتَبَرُ الصين "أخفّ الضّرَرَيْن" حاليا، رغم تنفيذ شركات صينية أشغال بناء الأرصفة العميقة في ميناء حيفا في فلسطين المحتلة، بهدف استئجار مينائه لاحقًا، واعترضت الولايات المتحدة على تواجد أي طرف صيني في حيفا، حيث تمر سفن الأسطول السادس الأمريكي، ويُشكّل إطلاق الممر الهندي الأوروبي ( IMEC) نَسْفًا لتواجد الصين بموانئ فلسطين المحتلة التي تُعتَبَر قاعدة ومَحْمِيّة أمريكية في منطقة النفط والممرّات التجارية البحرية، ولا تتردّد الإمبريالية الأمريكية في استخدام تفوقها العسكري والقواعد المنتشرة في الخليج وقواعدها في تركيا وفي ضفاف البحر الأبيض المتوسط (قبرص واليونان وإيطاليا...) لتقويض أي مشروع منافس روسي أو صيني في أي مكان من العالم، وخصوصًا في منطقة القوقاز لمحاصرة روسيا، ومنطقة أسيا والمحيطَيْن الهندي والهادئ، لمحاصرة الصّين، وتندرج "العقوبات" والحَظْر ضمن هذه الإستراتيجية الأمريكية التي اعتبرتها وكالة بلومبرغ ( 17 نيسان/ابريل 2024) خاطئة لأنها حلفاء الولايات المتحدة يبدون اهتمامًا متزايدًا بالمشاريع الروسية والصينية التي لا تقترن بضغوط سياسية، مثل ممر النقل عبر المحيط المتجمد الشمالي أو مبادرة "الحزام والطريق" أو مسار "الشمال-الجنوب" الذي يعبر إيران، غير إن الولايات المتحدة تُعارضه وتعمل على تقويضه لأنه قد يجعل من روسيا مركزًا هامًّا للتجارة الدولية...



#الطاهر_المعز (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مُتابعات – العدد الثّامن والأربعون بعد المائة بتاريخ الأول م ...
- تَسْلِيع قطاع الصّحّة
- الذّكاء الإصطناعي واستخداماته في الإقتصاد والحياة اليومية
- الأرجنتين – النّهب بواسطة الدُّيُون
- تونس – التلوث واحتجاجات المواطنين في مدينة قابس
- ألمانيا - جوانب من الإِرْث النّازي
- الولايات المتحدة – بين -مبدأ- الرئيس جيمس مونرو وعَرْبَدة دو ...
- مُتابعات – العدد السّابع والأربعون بعد المائة بتاريخ الخامس ...
- الحرب على جبهات متعدّدة
- الولايات المتحدة – الإستبداد في الدّاخل، وعسكَرَة الدّبلوماس ...
- من الحرب التجارية إلى الحرب التكنولوجية
- عرض كتاب - الصهيونية والإستعمار الإستيطاني من 1917 إلى 1949
- مُتابعات – العدد السّادس والأربعون بعد المائة بتاريخ الثامن ...
- -السّلام - على المذهب الأمريكي – ( Pax Americana )
- فلسطين الإبادة الجماعية والتَّرَبُّح الرأسمالي
- الدّعم الخارجي لاقتصاد الحرب في الكيان الصهيوني
- هوامش قمة شرم الشيخ 13/10/2025
- فلسطين - تواطؤ -غربي- وعربي في الإبادة
- تونس خلال عشرية حكم -النّهضة-
- مُتابعات – العدد الخامس والأربعون بعد المائة بتاريخ الحادي ع ...


المزيد.....




- السعودية.. مقتل مقيم هندي بإطلاق نار في جدة والأمن يعتقل إثي ...
- إسرائيل تدرس مقترحًا مصريًا للسماح بعبور مسلحين -الخط الأصفر ...
- هل يصبح زهران ممداني الشاب المسلم ذو الأصول الهندية عمدة لني ...
- تنزانيا: سامية صولحو حسن تؤدي اليمين رئيسة للبلاد وسط احتجاج ...
- غزة: وزارة الصحة تتسلم جثامين 45 فلسطينيا من إسرائيل عبر الص ...
- ?نصائح للوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية
- هل تغلق -وول مارت- الأميركية أبوابها أمام الملايين المهددين ...
- ?أجهزة السمع.. هكذا تواجه آلام والتهابات الأذن
- ما ?مخاطر مشروبات الطاقة على صحة المراهقين؟
- بين تصريحات عون وحزب الله.. أزمة لبنان -تتجه إلى المجهول-


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - العلاقات الهندية الأمريكية ومحاصرة الصين