|
عرض كتاب - الصهيونية والإستعمار الإستيطاني من 1917 إلى 1949
الطاهر المعز
الحوار المتمدن-العدد: 8500 - 2025 / 10 / 19 - 14:03
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الصهيونية والإستعمار الإستيطاني من 1917 إلى 1949
Palestine (1917 – 1949) Figures d’un colonialisme de remplacement - Jacques Pous
Edition : L’Harmatan - Août 2023
جاك بوس: فلسطين – صُور لإستعمار الإستبدال- نشر دار لارماتان – آب/أغسطس 2023
وُلِدَ جاك بوس سنة 1935 في مدينة تولوز الفرنسية ويعيش حاليا في سويسرا وهو مناضل مناهض للاستعمار والإمبريالية، ورَفَضَ المُشاركة في الحرب الإستعمارية ضدّ الشعب الجزائري، مما اضطرّه إلى الفرار والعيش في سويسرا، وبقي ملتزمًا طيلة حياته بدعم الشُّعوب التي تناضل ضدّ الإمبريالية من أجل الإستقلال الوطني...
دَرَس الفلسفة واللاّهوت وكتب نقْدًا لاذعا للمجتمع التبشيري التّقليدي المرتبط برؤية رجعية للعالم وللكنيسة الكاثوليكية، قبل أن يتّجه إلى حياة رهبانية وعملية في آن واحد، ليس في دير بل بالإندماج في الحياة اليومية للمجتمع، حيث يمكنه مشاركة حياة عمل وخدمة دينية مع أفقر الناس وأكثرهم تعرُّضًا للإستغلال، وعاش حياة رهبانية وعملية في جافنا (سريلانكا)، حيث درس التأمُّيِلّية وتعرّف على الهندوسية والبوذية، قبل أن تُجْبِره حرب الجزائر سنة 1960 وموقفه المبدئي ورفض المشاركة في الحرب الاستعمارية، على تقسيم وقته بين أنشطته المهنية والأكاديمية والنضال ضد الإستعمار والإمبريالية، ودَرَّسَ الفلسفة والتّاريخ في سويسرا بداية من سنة 1966، وفي الجزائر بين سنتَيْ 1972 و 1974، وشارك بين سنتَيْ 2000 و 2007 في بعثات لمجموعة المُدَرِّسِين المتقاعدين بلا حدود (GREF) في أوكرانيا ومولدوفا وأرمينيا وهايتي والسودان، بالإضافة إلى فترة ثلاثة أشهر في فلسطين سنة 2005، وكتب معظم كُتُبِهِ خلال هذه السنوات الأولى من تقاعده.
يسعى كتاب جاك بوس عن فلسطين إلى تحليل التاريخ والطبيعة العميقة للصهيونية كعناصر ضرورية لفهم الوضع في فلسطين، وخلافًا لمعظم الباحثين والكُتّاب "الغربيين"، تميّز بتحديد طبيعة الصهيونية كإيديولوجية استعمارية استيطانية، وكتب بوضوح إن الحركة الصهيونية صمّمت مُستقبل فلسطين خلال فترة الانتداب البريطاني، وخلقت تقسيمًا بين "اليهود" و " العرب"، وأنشأت مؤسّسات سيادية مُهيْمنة وما تحتاجه الدّولة من البُنَى التحتية السياسية والاقتصادية والعسكرية والأكاديمية للدولة الاستعمارية في فلسطين، وكانت جاهزة لتحُلّ محل الإستعمار البريطاني يوم الخامس عشر من أيار/مايو 1948، لتصبح فلسطين تحت انتداب أسوأ من الأول، ضمن نظام العنف الإستعماري والفصل العنصري الذي يزداد وحشية، وارتكاب هذا المجتمع الإستعماري الإستطاني المذابح التي كان أسلاف ضحايا لها في أوروبا، والتي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في القرى والمخيمات، منذ النّكبة التي ورثها الفلسطينيون، وما نتج عنها من بؤس وشقاء، ولا تزال عمليات الطرد والاستبدال والنّكبة مستمرة، وكذلك المُقاومة، اليوم كما بالأمس، وفق جاك بوس، خلال مُداخلة حديثة ( بداية آب/أغسطس 2025) حيث تميزت تحليلاته بوضوح وجرأة نادرة في أوروبا والغرب، رغم سنة المتقدمة ( تسعين سنة) ويقول بكل وضوح: "يُسلّط هذا العدوان ( منذ تشرين الأول/اكتوبر 2025) الضوء على فكرة استبدال الشعب الفلسطيني بسكان يهود مُستعمِرين، ويبدو ذلك صادمًا، لا سيما أن هذا المصطلح استُخدم في فرنسا خلال الانتخابات الرئاسية من قِبل المرشح اليميني المتطرف إريك زمور للدلالة، حسب قوله، على "غزو فرنسا من قِبل العُمّال والمُهاجرين واللاّجئين من المغرب العربي والشرق الأوسط" إلا أن هذه الفكرة تعكس الواقع العميق للاستعمار الذي لا يُمكنني تعريفه إلّا "بالإستعمار الإستبدالي" ( colonialisme de remplacement ) لأن هدف الحركة الصهيونية هو "إنشاء دولة يهودية في فلسطين بأقل عدد ممكن من الفلسطينيين"، وهو ما تُطبّقُه الحركة الصّهيونية منذ نشأتها إلى اليوم، وما "العرب" ( أي الفلسطينيون) سوى بدو رُحّل يجب إعادتهم إلى الصحراء، وإبادة من يرفضون مغادرة وطنهم لأن احد مبادئ الصهيونية يتمثل في ادّعاء " عدم وجود شيء اسمه فلسطين أو الشعب الفلسطيني" الفلسطينيين.
يلوم جاك بوس المؤلفين الأكاديميين الذين وَصَفُوا النّكْبَة وَواقع النزوح الجماعي المفروض على الفلسطينيين، لكنهم لا يتبَنّون مفهوم "الاستعمار الإستيطاني الاستبدالي" ( المُتمثّل في اقتلاع شعب من أرضه ووطنه واستيراد جماعات من كافة أصقاع العالم ليستعمروا أرض الشعب المطرود)،ولا يمكن تفسير ذلك – بحسب رأيه - "بالضغط الذي تمارسه إسرائيل، بدعمٍ من الغرب بأسره، لمنع أي دراسةٍ جادةٍ من تأكيد الطابع الاستعماري الجوهري للصهيونية، واتهام أي مُعارض بمعاداة السامية " ولكن الباحثين لا يتمتعون بالإستقلالية الفكرية وبالنزاهة والشجاعة التي تُؤهِّلُهم للإصداع بالحقيقة، فهم يعتبرون فلسطين "أرض إسرائيل"، لأن "الحقائق والوثائق والشهادات والصُّوَر موجودة، وأنا لم أختلق شيئًا " فالتطهير العرقي جزء من مخطط لطرد الشعب الفلسطيني واستبداله بيهود من مناطق عديدة من العالم. أما بالنسبة للفلسطينيين فإن النكبة مُستمرة، وتًعْتَبَرُ أحداث السنوات الأخيرة استمرارًا مباشرًا لنكبة سنة 1947 - 1949 التي شهدت طرد أكثر من ثمانمائة ألف فلسطيني، أي نصف عدد السكان في ذلك الوقت ( بين فلسطينيين ومستوطنين)، وتدمير مئات القرى وارتكاب عدّة مجازر. أما النكبة الجديدة فهي نكبة لاجئي غزة اليوم (80% من سكان غزة لاجئون) واستبدالهم بالصهاينة، ويحدث هذا أمام أعيننا، وأظهرت التجربة إن الصهاينة يمنعون أي لاجئ من العودة إلى وطنه ودياره...
هذا هي سِمات الاستعمار الاستبدالين فهو استعمارٌ يكمن في جوهره إغراءٌ هيكليٌّ لارتكاب إبادة جماعية، ينتظر فقط الفرصة المواتية التي تحدث غالبًا تحت ستار العمل الإنساني أو الدفاع عن حقوق الإنسان، ووجب التنديد بقصف الجائعين الذين يبحثون عن بعض الغذاء، كوسيلة للتطهير العرقي، ضمن عملية استكمال أحد أهداف الصهيونية: إنشاء دولة يهودية بدون فلسطينيين، وهو الهدف الذي أعلنه ثيودور هرتزل ونفّذه قادة الحركة الصهيونية من خلال شَرْعَنَة الإجراءات التمييزية ضد الفلسطينيين، حقوق المِلْكية الحَصْرِية لليهود على أرض فلسطين، مما يُسهّل تطبيق سياسة الاستبدال التي أصبحت قانونية الآن، في انتظار ظروف سياسية أو عسكرية مواتية لمواصلة عملية التهجير والاستبدال التي لم تتم إدانتها بشكل قوي وفَعّال من قِبَل "المجتمع الدولي ".
إن الاستعمار الاستبدالي الذي تمارسه الصهيونية لا يقتصر على التطهير العرقي البسيط الذي يميز معظم الاستعمارات الاستيطانية ( مارست فرنسا سياسة ترحيل وتجميع القبائل بالقوة في الجزائر، لاستحواذ المُستعمِرِين على أفضل الأراضي)، فالاستعمار الاستبدالي سياسة عالمية ووجودية، هدفها الحقيقي والوحيد هو إنشاء دولة يهودية خالية من الفلسطينيين أو بأقل عدد ممكن منهم، وعدم تشغيلهم حتى يضطرّوا إلى الهجرة، كما حصل خلال العملية الإستعمارية الأوروبية في أمريكا...
يقول جاك بوس: "لقد كتبتُ أيضًا، في عملٍ آخر أعتبره أفضل كتبي ( بعنوان الإختراع المسيحي للصهيونية عن ما أسمَيْتُهُ المِرْآة الأمريكية أي الإستعمار الإستيطاني الإقتلاعي في قارّة أمريكا، باسم المسيحية" وهو الموضوع الذي تناوله كذلك "ستبفن سلايتا" المتخصّص في الموضوع والذي كتب (الأرض المقدسة في العبور- الاستعمار والسعي إلى كنعان ) ولم يتردّد في نقد الكيان الصهيوني، مما عَرَّضَهُ لمشاكل عديدة في الأوساط الأكاديمية الأمريكية، أَسْفَرت عن طَرْدِهِ، بسبب كشفه "إن الإبادة الجماعية الأكثر أهمية في تاريخ البشرية، إبادة الأمريكيين الأصليين ، كانت جزءا من قصة توراتية حان الوقت لتجاوزها" (The Holy Land in Transit.Colonialism and the Quest for Canaan - Steven Salaita)
يمكن تلخيص الفكرة الجوهرية للكتاب في المقولة التالية للمؤلف ( آب/أغسطس 2025): "... إن مصطلح الأبارتهايد المُستخدم للإشارة إلى السياسة الصهيونية في فلسطين، والذي حقق بعض النّجاخ الإعلامي يتعلق بالسياسة الاستعمارية المُطبقة في جنوب إفريقيا، ولكنه لا يتعلق إلا جزئيًا بالسياسة المُطبقة في فلسطين، وكثيرًا ما يُستخدم لوصف الوضع الراهن في فلسطين، ولكنه في الواقع لا يتعلق إلا بمرحلة واحدة في تاريخ الاستعمار الصهيوني، والتي بدأت بسياسة الانتداب البريطاني عندما خلق العمل المُخصص لليهود (العمل العبري أو "أفودا إيرفات") شكلًا أوليًا من أشكال الفصل العنصري الذي سيعززه المجتمع السياسي والاقتصادي والاجتماعي المزدوج، الذي يرغب فيه الصهاينة بقدر ما ترغب فيه سلطة الانتداب (فرّق تسد)، لذا، فإن مشروع الاستبدال لا ينبع من مؤامرة، ولكنه مشروع سياسي استعماري له أُسُسُه الأيديولوجية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تُشَكِّلُ نموذجا للسياسة الاستعمارية الإسرائيلية، فقد تم بناؤها خلال الأعوام 1917- 1949، وتُشكّل النّكبة ذروَتها والنموذج المأسوي لعملية تطبيقها..." ولا تزال الدّولة الصهيونية، بعد عُقُود من تأسيسها تمارس الإبادة الجماعية والتّرحيل بدعم قوي من مجتمع المستوطنين، بما إنهم مُستفيدون من عملية الإبادة والطّرد – بل هي أساس لوجودهم ولحصولهم على امتيازات عديدة – وبدعم إيديولوجي وعسكري وسياسي وإعلامي ومالي من كافة القوى الإمبريالية ومعظم الأنظمة العربية... ولذا علينا أن نكون يَقِظِين وألا نَسْتَخِفّ بالتهديدات الأكثر تطرفًا، ووجب مقاومتها بدون هوادة، ونبذل ما في وسعنا لمساعدة الفلسطينيين على التّصدِّي للنكبة، ومنعها.
يُشير المؤلّف جاك بوس "إن الصهيونية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالإيديولوجيات القومية والإستعمارية في القرن التّاسع عشر، في سياق كان الإستعمار يُعْتَبَرُ القاعدة في التّطوّر الرّأسمالي للدّول الغربية"، وسبق أن أشار في كتابه "الإختراع المسيحي للصهيونية "إن الصهيونية المسيحية سبقت الصهيونية الاستعمارية اليهودية... إنها متجذرة في جزء من الفكر البروتستانتي. باختصار، اعتقد جزء من الصهاينة المسيحيين أن المجيء الثاني للمسيح كان مَشْرُوطًا بعودة اليهود إلى فلسطين واعتناقهم المسيحية"، كما كتب هنري دونان وهو من مؤسسي الصليب الأحمر الدّولي ( 1828 - 1910 - Henry Dunant ) الذي كتب: " يجب أن يسبق اعتناق اليهود للمسيح وعودة اليهود إلى فلسطين، العودة الثانية للمسيح نفسه" وهذه عينات من فترة الصهيونية المسيحية، من كالفن ( مؤسس المذهب البروتستنتس) إلى بلفور ووعده، واعتماد الصهيونية اليهودية على السياسات الاستعمارية والإمبريالية لبريطانيا والغرب، فقد فَتَحَ وعد بلفور آفاق "الوطن اليهودي في فلسطين"، الذي تحول بسرعة كبيرة إلى مطلب إقامة دولة يهودية، أولاً في جزء من فلسطين وأخيراً في كل فلسطين، والتي تسمى منذ سنة 1948 "إسرائيل".
هناك تطابق أو توافق بين المصالح الإستعمارية للصهيونية والمصالح الاستعمارية البريطانية، لصياغة الطابع الاستعماري للمشروع الصهيوني - الأوروبي الذي يضمن المصالح الاستعمارية والإستراتيجية للإمبريالية البريطانية والغربية، وكانت بريطانيا مهتمة بالمشروع الصهيوني المسيحي كأداة للمشروع الاستعماري، منذ سنة 1840، وتعزّز مع افتتاح قناة السويس، حيث أصبحت الحاجة ماسّة لحماية قناة السويس كطريق رئيسي للتواصل مع المستعمرات البريطانية في آسيا والهند، وتمثّل جوهر وعد بلفور في ضرورة خلق وصاية استعمارية قادرة على حماية المصالح الحيوية لبريطانيا والإمبريالية، فيما كانت لفرنسا أهداف أخرى، فقد أعلن نابليون بونابرت ( نابليون الثالث ) إنه يريد تأسيس "مملكة عربية كبرى للجزائر والشرق الأوسط، تخدم صالح فرنسا"، وكانت هزيمة الدّولة العثمانية بنهاية الحرب العالمية الأولى فرصةً لتقسيم مُستعمراتها بين بريطانيا وفرنسا، وفق اتفاقية سايكس - بيكو سنة 1916 وكانت سِرِّيّة إلى أن انتصرت الثورة البلشفية في روسيا فنشرها فلاديمير لينين سنة 1917)، وكانت المسيحية البروتستنتية الصهيونية جزءًا من حكومة بريطانيا عند صُدُور "وعد بلفور" ( 1917)، وسمح الإستعمار البريطاني للحركة الصهيونية باكتساب المؤسسات التي تُشكل قوة سيادية جاهزة لتحل محل البريطانيين: البنى التحتية السياسية والاقتصادية والعسكرية لدولة استعمارية، بينما، والأخطر من ذلك بكثير، سمحت بريطانيا بحدوث النكبة...
أما بخصوص ما يحدث حاليا، فقد كتب جاك بوس إن القوى الإمبريالية أوهمت الشعب الفلسطيني ( والشعوب العربية)، من خلال مفاهمات أوسلو ( 1993) "إن النضال السلمي والسياسي والدبلوماسي يمكن أن يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية، وهو خطأ فادح... إن المنطق الطبيعي للاستعمار الاستبدالي نقيض لهذا المنطق السلمي، والدّليل استمرار الإستعمار وارتفاع عدد المُستوطنين في الضفة الغربية... إن الدّفاع عن فكرة الدَّوْلَتَيْن يُعتَبَر استهزاءً واستخفافًا بعقول البشر، من الفلسطينيين وغيرهم، والدّليل إن من أعلنوا احتمال الإعتراف بما سُمِيَ دولة فلسطين ( وهي دولة وهمية ) يتميزون بدعمهم الثابت للمشروع الصهيوني ( مثل إيمانويل ماكرون رئيس فرنسا)، ولا تهدف تصريحاتهم سوى نزع سلاح الشعب الفلسطيني... يجب إدانة هذا النفاق الإجرامي ! ... لن يكون هناك سلام في فلسطين دون تدمير الدولة الاستعمارية التي تمارس الإبادة الجماعية... عَلَّمَتْنِي تجربتي في النّضال المناهض للاستعمار والإمبريالية أن لا شيء سيُوقف نضال الشعب الفلسطيني من أجل التحرير الوطني، والذي سيخرج، كغيره من الشعوب التي استعمرتها القوى العظمى، منتصرًا من حربٍ غير متكافئةٍ مروّعة، قد تدوم أو لا تدوم طويلًا..."
استخلاصات
نُشر هذا الكتاب قبل السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2023، وكتبه مُؤلّف مميّز رفض الإستعمار منذ شبابه لما رفض الخدمة العسكرية في الجزائر وغادر وطنه جراء ذلك، رغم تميّزه وتفوّقه في مجال الدراسات والبحث، ولا يُشتبه في تضارب مصالحه، وأدْرَك مُبَكِّرًا "إن الصهيونية مشروع استعماري مدروس جيدًا، ولا يمكن الدفاع عنه إنسانيًا، وهذا لا يمنع من تحقيقه عَمَليًا"، وأبْدَع المؤلف في توضيح مفهوم الصّهيونية وأهداف الحركة الصهيونية وأساليب عملها والعودة إلى بدايات هذا المشروع الإستعماري الإستيطاني، وتمكّن من تفكيك أسطورة "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، وتمكّن من إظهار وتوضيح "الإطار السياسي الإستعماري دور بريطانيا في تأسيس دولة إسرائيل، كحارس للمصالح البريطانية والغربية ، وشرح مراحل الاستعمار وأهمية تنظيم وتسليح المليشيات الصهيونية، بينما كانت بريطانيا تعتقل وتسجن وتُعدِم المناضلين الفلسطينيين المُقاومين للإستعمار البريطاني والصهيوني... "
يُعتبر الكتاب إدانةٌ صريحة للمشروع الاستعماري الذي صمّمه ونفّذه يهود أوروبيون بالأساس، بدعم من قوى استعمارية أوروبية، لخدمة مصالح الإستعمار الأوروبي ( والإمبريالية الأمريكية لاحقًا) ولا يزال المستوطنون اليهود الصّهاينة يستولون، بدعم من جيشهم، باستمرار على الأراضي الفلسطينية، مما يُجبر الفلسطينيين على الهجرة من وطنهم، وغاب "المُجتمع الدّولي" عن السّاحة لما كان الجيش الصهيوني يُحاصر ويُجَوِّع ويقتل الأطفال الفلسطينيين، بل حظِي الكيان الصّهيوني بالدّعم المُطلق من قِبَل ألمانيا ودول أوروبية أخرى فضلا عن الإمبريالية الأمريكية...
يُعتَبَرُ هذا الكتاب أساسيا لفهم القضية الفلسطينية وعلاقة الحركة الصهيونية بالإستعمار والإمبريالية، فالمشكلة لم تبدأ سنة 1967، بل بدأت بميلاد الحركة الصهيونية وفاقمها الإستعمار البريطاني، ووجب التّكرار إن لزم الأمر: "إن المشروع الصهيوني مشروع استعمار استيطاني يهدف استبدال الشعب الفلسطيني بمُستَعْمِرِين قادمين من كافة نواحي العالم"، وعندما توجد مُقاومة فإن هذا الإستعمار الإستيطاني مُستعدّ لتنفيذ أبْشع المجازر، بدعم من القوى الإمبريالية وتواطؤ الأنظمة العربية، لأن المشروع الصهيوني يقتضي استعمار الأرض وطرد سكانها بكلّ الوسائل، بما في ذلك القتل المُنظّم، أي الإبادة الجماعية.
يجب تبديد وهم "حل الدّوْلَتَيْن" فالكيان الصهيوني يناهض السلام، ولا يريد دولة فلسطينية، والمقاومة الفلسطينية هي الضمانة الوحيدة لتحقيق التحرير الوطني لفلسطين، ولذلك كثر الحديث حاليا عن نزع سلاح المقاومة في فلسطين ولبنان واليمن، وهؤلاء لا يُطالبون بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة ( القرار 194 على سبيل المثال القاضي بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين بالإضافة إلى تعويضهم ) وقرارت محكمة العدل والمحكمة الجنائية الدّولية وبفرض حظْر على الكيان الصهيوني...
كيف يمكن مجابهة عَدُو لا يتردّد في قتل الأطفال والصحافيين والأطباء والمُسْعؤفين، ويُمارس التجويع وإتلاف المساعدات إذا تم تجريد المُقاومة من السّلاح؟ إن الشعوب المُقاومة للإستعمار هي التي تُقرّر أشكال المُقاومة وفق ظُروفها، وعادة ما يفرض الإحتلال شكل المقاومة، لأنه لا يترك مجالاً للتعبير وللمقاومة السلمية ( وإن كانت تلك المقاومة عَبَثِيّة)، ولذا يتوجّب دعم النضال الوطني الفلسطيني من أجل التحرير...
مراجع أخرى
من مؤلفات الكاتب جاك بوس: "الاختراع المسيحي للصهيونية، من كالفن إلى بلفور"، نشر دار لارماتان 2020
Jacques Pous, L invention chrétienne du sionisme, de Calvin à Balfour- Edition : L harmattan 2020
Steven Salaita, The Holy Land in Transit.Colonialism and the Quest for Canaan, 2006, Ed. Syracuse N.Y. Syracuse University Pres
#الطاهر_المعز (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مُتابعات – العدد السّادس والأربعون بعد المائة بتاريخ الثامن
...
-
-السّلام - على المذهب الأمريكي – ( Pax Americana )
-
فلسطين الإبادة الجماعية والتَّرَبُّح الرأسمالي
-
الدّعم الخارجي لاقتصاد الحرب في الكيان الصهيوني
-
هوامش قمة شرم الشيخ 13/10/2025
-
فلسطين - تواطؤ -غربي- وعربي في الإبادة
-
تونس خلال عشرية حكم -النّهضة-
-
مُتابعات – العدد الخامس والأربعون بعد المائة بتاريخ الحادي ع
...
-
لحرب التكنولوجية والنفسية - من هواوي إلى تيك توك
-
صهاينة العرب – نموذج عيال سعود
-
كولومبيا والولايات المتحدة من التحالف إلى العداء
-
الإتحاد الأوروبي عملاق اقتصادي وقِزْم سياسي
-
بيرو – من دكتاتورية ألبرتو فوجيموري إلى فساد دينا بولوارتي
-
بنغلادش - صناعة الملابس الفاخرة وبؤس العاملات والعاملين
-
متابعات – العدد الرّابع والأربعون بعد المائة بتاريخ الرابع م
...
-
ملخص القواسم المُشتركة لانتفاضات الجيل زد
-
المغرب – الصحة أهَمّ من كأس العالم
-
مدغشقر - مظاهرات حاشدة، وثراء فاحش وفساد وفقر مُدْقَع
-
الدّعاية إحدى جَبَهات الحرب
-
غذاء – ارتفاع الأرباح وانخفاض جودة المُنتجات
المزيد.....
-
رغم نجاح صفقات ترامب الشخصية في الشرق الأوسط.. إلا أنها لن ت
...
-
-شكرًا لإعادتها في تابوت-.. عائلات الرهائن القتلى تنتقد نتني
...
-
ماذا تعرف عن القرية المصرية الصغيرة التي تنتج أكثر من نصف يا
...
-
وزير الداخلية الفرنسي الجديد لوران نونيز ينوي -استئناف الحوا
...
-
هل اتفقت قسد مع الحكومة السورية على طريقة الاندماج؟
-
مرشحة عراقية تثير الجدل بمنشور ضد برشلونة ووعد بتزويج مشجعي
...
-
أشياء لم تكن تعرفها عن تطبيق الملاحظات في -آيفون-
-
إيران تعدم شخصا بتهمة التجسس لصالح إسرائيل
-
باكستان وأفغانستان تؤكدان على دور قطر وتركيا لتثبيت وقف التص
...
-
غارديان: أطفال غزة بحاجة للغذاء والدواء ونوم دون خوف
المزيد.....
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان
...
/ غيفارا معو
-
حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش
/ د. خالد زغريت
-
التاريخ يكتبنا بسبابته
/ د. خالد زغريت
-
التاريخ يكتبنا بسبابته
/ د. خالد زغريت
-
جسد الطوائف
/ رانية مرجية
-
الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025
/ كمال الموسوي
-
الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة
/ د. خالد زغريت
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
المزيد.....
|