أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعمة المهدي - حين صار الحزن انا














المزيد.....

حين صار الحزن انا


نعمة المهدي

الحوار المتمدن-العدد: 8465 - 2025 / 9 / 14 - 09:33
المحور: الادب والفن
    


الحياةُ بعدكِ يا حبيبتي لم تعُد حياة،
بل صارت صحراءً شاسعة لا ظلّ فيها ولا ماء.
كنتِ الهواء الذي أتنفّسُه،
والنبض الذي يوقظني من غفلةٍ إلى غفلة،
والآن أعيش كأنني بلا رئتين، بلا قلب، بلا معنى.
كم كنتِ قريبةً يا فقيدتي،
أقرب من النبض إلى وريدي،
أقرب من الضوء إلى عيني.
واليوم… أنتِ بعيدةٌ كالمستحيل،
بعيدةٌ كسماءٍ انطفأت نجومها فجأةً وابتلعتني عتمتها.
غرفتي ضاقت بي.
كل جدارٍ يصرخ باسمكِ.
سريري يحكي غيابكِ أكثر مما يحكي نومي.
الوسادة ما زالت تحمل آثار دموعي،
كأنها تحفظ وصيّةً لا يقرؤها أحد سواي.
الليل طويل، يتدلّى فوقي كجنازةٍ لا تنتهي.
والنهار أثقل من أن يُحتمَل،
يجرّني إلى الطرقات حيث الوجوه تتحرّك ولا ترى،
تبتسم ولا تُبصر ما ينهار في داخلي.
صلاتي صارت بكاءً،
وسجودي صار انهيارًا.
كل آيةٍ أقرأها تُعيدني إليكِ،
كل دعاءٍ أرفعه لا ينطق إلا باسمكِ.
حتى أمام الله، أقف منكسرًا،
لا أملك سوى أن أشكو بكِ،
وكأن روحكِ تسبقني إليه شاهدةً على ضعفي،
شاهدةً على أن قلبي لم يعد لي وحدي،
بل صار أسير غيابكِ.
أشتاقكِ يا حبيبتي حتى الجنون.
أشتاق حديثكِ البسيط الذي كان يملأ الليل بالسكينة.
أشتاق ضحكتكِ التي كانت تطرد شياطين الحزن.
أشتاق حتى غضبكِ الصغير الذي كنتِ تُخفيه بابتسامةٍ سريعة.
أشتاق رائحة يدكِ حين تلمس وجهي،
كأنّكِ كنتِ تمسحين عني العالم بأكمله.
الناس من حولي يظنّون أني حيّ.
لكنّي ميت منذ لحظة رحيلكِ.
أعيش بينهم بجسدٍ ثقيل، أمشي، أتكلّم، أتنفّس،
لكن داخلي قبرٌ واسع.
آه… كم هو مرير أن يسكنكِ الموت وأنتَ ما زلتَ على قيد الحياة.
هل تعلمين يا راحلتي؟
أحيانًا أشعر أني أسمعكِ تنادينني في الليل.
أقوم أبحث عنكِ في العتمة،
أمدّ يدي فلا أجد غير الهواء البارد.
فأعود لأبكي… أبكي حتى ينهكني البكاء،
فأغفو دقائق معدودة، ثم يوقظني الوجع من جديد.
يا الله… إن كان الفقد امتحانًا، فأنا عبدك العاجز الذي لم يعد يحتمل.
إن كان الفقد دواءً، فأنا المريض الذي لم يشفَ.
وإن كان الفقد عقابًا، فأنا مذنب لم يعرف عن ذنبه سوى أنّه أحبّ بصدقٍ امرأةً واحدة،
وأخلص لها، ثم خسرها.
رحلتِ… لكنكِ لم ترحلي من قلبي.
لم يخلُ منكِ نهاري ولا ليلي.
أنتِ في كل حرفٍ أنطقه،
في كل صمتٍ أعيشه،
في كل تنهيدةٍ تُثقل صدري.
آه يا فقيدتي…
ليتكِ تأتينني في المنام،
ليتني أراكِ لحظة، أسمع صوتكِ لحظة، ألمس يدكِ لحظة…
ثم أموت بعدها مطمئنًا.
فيا رب، إن لم تكتب لي لقاءها في الدنيا،
فاكتب لي أن أراها عندك، في جنّةٍ لا موت فيها ولا فراق.
فقد أرهقني الانتظار،
وأرهقني الصبر،
وأرهقني الحزن…
حتى صار الحزن هو أنا،
وأنا هو الحزن.



#نعمة_المهدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتظر .... عسى الله يفرجها
- ابتسامة على دفتر الدَّين
- نزف الغياب
- ظلّ البطاقة
- لقاء الأرواح
- أبنة السجان
- السيّار… حين يتوقف الحديد وتتحرك القلوب
- الرصاصة الرابعة
- الجندي المجهول _ حكاية الهوية العراقية
- نور في العتمة
- أشبيدي آنه ؟
- صوت وطن
- الضفة الاخرى
- مدرسة الطين
- عقاب الماء البارد
- ومضات العمر
- دم في نفس الشارع
- السوق _دكة العطار
- حين سلمني ابي
- الكرسي الفارغ


المزيد.....




- فرقة صابرين.. تجربة موسيقية ملتزمة في خدمة الهوية والثقافة ا ...
- بانكسي فنان بريطاني مجهول يناضل بالرسم على جدرن العالم
- الموت يغيّب الفنان والمخرج عباس الحربي في استراليا
- حملة عالمية لمقاطعة سينما إسرائيل تتضاعف 3 مرات خلال أيام
- تعهد دولي بمقاطعة سينما إسرائيل يثير ضجة كبرى في العالم
- فنانون أتراك يدعمون حملة -جسر القلوب من أوسكودار إلى غزة-
- أمل مرقس: -في فلسطين الغناء لا يوقف الحروب، لكنه فعل صمود وم ...
- عُمرٌ مَجرورٌ بالحياةِ
- إشهار كتاب ( النزعة الصوفية والنزعة التأملية في شعر الأديب ا ...
- باراماونت تنتقد تعهد فنانين بمقاطعة شركات سينمائية إسرائيلية ...


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعمة المهدي - حين صار الحزن انا