أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعمة المهدي - الكرسي الفارغ














المزيد.....

الكرسي الفارغ


نعمة المهدي

الحوار المتمدن-العدد: 8447 - 2025 / 8 / 27 - 08:22
المحور: الادب والفن
    


إلى روح رفيقة عمري الغالية ، التي غابت بجسدها وبقيت حاضرة في قلبي، أهدي هذه الكلمات عربون وفاءٍ لا يذبل، ودمعة حبّ لا تجف.

الحزن ظلّ طويل يلازم القلب، والوفاء مركب يشقّ بحر الفقد. تمضي الأفراح خفيفة كأحلام عابرة، وتبقى المآسي لتقيم فينا إقامة لا تعرف الرحيل. فهل الوفاء للذكرى عزاء يطهّر الروح، أم عجز عن مواجهة الحقيقة؟

في ركن الغرفة الخاصة بقي الكرسي على حاله: صامتًا، مهيبًا، يذكّرني بها كل لحظة. أجلس بجواره كل مساء، أتوهم أن ابتسامتها ما زالت تضيء الزاوية، وأن عبير ثوبها لم يغادر الهواء. فإذا مرّ نسيم الليل حسبته يحمل صوتها، يهمس بما كانت تقول في ليالينا الطويلة.

يسألني الأطفال أحيانًا ببراءة: "لمن هذا المكان الفارغ؟" فأبتسم ابتسامة الموجوع وأجيب: "هو لرفيقة العمر… ولها وحدها." ثم يسكتون كأنهم شعروا أن السؤال جرح لا يُمسّ.

وذات ليلة، وجدت بين أوراقها رسالة قديمة بخطّها. فتحتها فإذا بها تقول:
"إن غبت عنك، فلا تُثقِل قلبك بالانتظار. اجعل كرسيّي ذكرى طيبة أو مأوى لزائر محتاج. فالحب لا يخلّده الجسد، بل تبقيه الرحمة والعمل الصالح."

ارتجفت يدي وأنا أقرأها، وأحسست أن الزمن خانني مرتين: حين أخذها من بين يدي، وحين خبّأ هذه الكلمات عني حتى ذوى من عمري ما ذوى. جلست بين الكرسي والرسالة كمن يحاكم قلبه باسم الحقيقة.

وفي ليلة ماطرة، وضعت على الكرسي وردة ذابلة، وأشعلت شمعة صغيرة، وخاطبتها بصوت متهدّج:
— يا رفيقة العمر، إن لم تعودي بجسدك، فقد عدت بروحك. وإن لم يبقَ لي منك إلا الذكرى، فهي لم تخنني يومًا. وهذا الكرسي سيكون اليوم لكل قلب يتيم، ولكل غريب لم يجد مأوى.

ومنذ ذلك الحين لم أعد أسيرًا للانتظار كما كنت، بل صرت أقصّ على من يجلس معي حكايتها، وأعلّمهم أن الذكرى لا تكون سجنًا للقلب، بل جسرًا إلى عمل طيب وكلمة رحيمة. صار الكرسي الفارغ شاهدًا على حب لم يمت، ووفاء لم يتحوّل إلى وهم، بل عزاءً للقلوب التائهة.

وبقي السؤال قائمًا في الغرفة كما في قلبي: هل الوفاء للذكرى عزاء يطهّر الروح، أم عجز عن مواجهة الحقيقة؟



#نعمة_المهدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حلم التخرج
- النافذة التي لا تُفتح
- بين النخيل
- حين تسقط الاقنعة
- صحوة القلب
- زهرة ذبلت قبل الربيع٤
- الصندوق الأخير
- الحب عبر الجدار
- رسالة بين دفّتي كتاب
- الشمعة والريح
- قصة حب واحدة… وحياة كاملة
- صويحبتي
- حين يغسل المطرُ الوجوه
- مرثيّة نصف عام
- رحيلٌ مؤجَّل
- حين انكسر الجدار
- الحمار الذي زأر
- نعلُ الجدِّ الذي أنقذَ الحفيد
- حُجَّةٌ... وَلَكِنْ إِلَى أَيْنَ؟
- بيت لا يقبل القسمة


المزيد.....




- الشيف الأردنية ناصر تسخّر دراستها لفنون الطهي لمواجهة التجوي ...
- الشيف الأردنية ناصر تسخّر دراستها لفنون الطهي لمواجهة التجوي ...
- حماس تنفي الرواية الإسرائيلية بشأن هجوم مستشفى ناصر
- أفضل فيلم رعب لعام 2025.. -أسلحة- يكشف وجها جديدا للخوف
- رحيل الفنانة سليمة خضير.. وداع أيقونة الدراما العراقية
- كريستيان سنوك هورغرونيه.. المستشرق الذي دخل مكة متخفيا تحت ا ...
- الموت يغيب الفنانة العراقية سليمة خضير
- ألفريد هوبير مع القرآن.. رحلة مستشرق ألماني بين الأكاديميا و ...
- بعد رفضه سفير الاحتلال الجديد.. -إسرائيل- تخفض التمثيل الدبل ...
- بعد رفضه سفير الاحتلال الجديد.. -إسرائيل- تخفض التمثيل الدبل ...


المزيد.....

- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعمة المهدي - الكرسي الفارغ