أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محفوظ بجاوي - سليل نوميديا بين المجد والوعي : الجيش والشعب في ميزان التاريخ














المزيد.....

سليل نوميديا بين المجد والوعي : الجيش والشعب في ميزان التاريخ


محفوظ بجاوي

الحوار المتمدن-العدد: 8464 - 2025 / 9 / 13 - 08:10
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


ليس من العبث أن يُلقّب الجيش الوطني الشعبي الجزائري بـ "سليل نوميديا". فهذا الاسم ليس مجرّد زخرف لفظي، بل هو صلة تاريخية عميقة تمتدّ قرونًا في الماضي، لتُذكّرنا بأن الجزائر لم تولد في 1954 ولا في 1962، بل هي وريثة حضارة قديمة ضاربة في الجذور.
لقد أسّس الملك ماسينيسا (202 ق.م – 148 ق.م) مملكة نوميديا الموحّدة بعد أن وحّد قبائلها المتنازعة، فجمع بين الحنكة السياسية والقدرة العسكرية، ليجعل من نوميديا قوّة قائمة بذاتها في شمال إفريقيا. رفع شعارًا ظلّ خالدًا: "إفريقيا للأفارقة". وبفضل إصلاحاته في الزراعة والإدارة وبناء الجيش، وضع الأساس لأول دولة منظّمة على أرض الجزائر.
ثم جاء بعده ميكبسّا، الذي واصل سياسة البناء والتحديث، قبل أن يبرز اسم يوغرطة، حفيده الشهير، الذي دخل التاريخ من بابه الواسع بصلابته في مواجهة روما. قاوم الإمبراطورية بكل ما أوتي من دهاء وقوة، وأثبت للعالم أن نوميديا لم تكن تابعًا ولا ظلًا، بل لاعبًا في موازين القوى. كان يوغرطة رمزًا للمكر الحربي والدهاء السياسي، حتى أن المؤرخين الرومان اعترفوا بشجاعته ومهارته، رغم عداوتهم له.
غير أن هذه الأمجاد لم تتوقف عند حدود العصور القديمة. فقد انتقلت روح نوميديا إلى الأجيال اللاحقة، لتتجسّد في مقاومة الأمير عبد القادر في القرن التاسع عشر، ثم في ثورة نوفمبر المجيدة، حيث حمل جيش التحرير الوطني المشعل نفسه، وورث الجيش الوطني الشعبي بعد الاستقلال هذا الإرث العظيم، فاستحق عن جدارة لقب "سليل نوميديا".
لكن السؤال الحاد الذي ينبغي أن يُطرح اليوم: إذا كان الجيش قد أثبت عبر التاريخ أنه سليل المجد، فهل الشعب هو أيضًا سليل الوعي؟
فالمجد العسكري لا يكتمل إلا بوعي شعبي يُوازيه. لقد عرف ماسينيسا ويوغرطة أن السيادة لا تقوم على السيوف وحدها، بل تحتاج إلى مشروع سياسي، وإلى وعي جماعي يترسّخ في الناس. وكذلك الحال في الجزائر اليوم: جيشها صلب وقوي، لكن الشعب، وهو وريث نفس الأرض والتاريخ، هل يملك وعيًا سياسيًا ومدنيًا يجعل منه جديرًا بهذا الإرث؟
إن الشعب الواعي هو الذي لا يكتفي بالفرجة ولا بالانتظار، بل يصنع مستقبله بيده، ويواكب تضحيات جيشه ببناء مؤسساته، باحترام القانون، بالعمل والإبداع والمعرفة. فالمجد الذي حمله الجيش عبر القرون لا ينبغي أن يبقى حكرًا عليه، بل يجب أن يتحوّل إلى طاقة وعي جماعية، تجعل الجزائر أمة حية تليق باسمها وتاريخها.
وهكذا يبقى السؤال مفتوحًا، يتردّد صداه منذ ماسينيسا ويوغرطة، مرورًا بنوفمبر، وصولًا إلى الحاضر:
كما أنجبنا جيشًا سليل نوميديا وسليل نوفمبر، فهل سننجح نحن أيضًا في أن نكون شعبًا سليل الوعي، ونُكمل الحلقة التي تجعل الجزائر في مصافّ الأمم العظمى؟



#محفوظ_بجاوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقل ثورة... والبقية عبيد الأوهام
- الجزائر... حين يختنق المستقبل في حضن الماضي
- اغتيال الهوية الجزائرية: الغزو الفكري الذي تهمله الدولة
- المثقف العشائري... حين يتحوّل إلى أداة اصطفاف
- لعبة النار...بين النظام والتيارات المتطرفة في الجزائر
- النهضة لا جنس لها...من المانيا إلى الجزائر،الدرس الذي لم نتع ...
- الجزائر بين مطرقة الاستعمار القديم وسندان الوصاية الجديدة: ا ...
- الجزائر: وعي شعب يقطع الطريق على محاولات التلاعب وحكمة تقود ...
- رشيد بوجدرة والثورة الجزائرية: تصويب ضد التدليس الأيديولوجي
- العلمانية والإيمان : دعوا الدولة للناس،والدين لله
- عيد الاستقلال الجزائري : ذكرى المجد والتحدي
- التحرر من سجون الفكر.. دعوة إنسانية على خطى دوركايم
- محمد بوضياف....رجل حلم بدولة، فاغتالوه قبل أن يتم الحلم
- الحجاب: عادة اجتماعية أم فريضة دينية؟
- متى نتوقف عن الأدعاء بأن - الغرب منحل اخلاقيا -؟
- حينما يهدر الوطن ثرواته باسم العظمة
- الجزائر بين من حرروها... ومن حكموها: الحقيقة التي لاتقال
- بين الجهل بالأرض وادعاء الوصاية على السماء: مأزق من لا يعرف ...
- النقد البناء ليس خيانة بل واجب وطني
- في حضرة الخوف....يولد الصمت وتنطفىء الأحلام


المزيد.....




- فيديو يوثق عراكًا بين معلمة وطالبة بسبب هاتف داخل فصل دراسي ...
- لأول مرة منذ أكثر من 6 سنوات.. مراقبو الحيتان يرصدون حوتَي ع ...
- السعودية.. فيديو اقتحام أمني لفيلا مروج مخدرات وما عثر عليه ...
- 3 خيارات أمام دول الخليج للرد على هجوم إسرائيل على قطر
- فرنسا على حافة الانهيار ـ -القنبلة الموقوتة- التي تهدد أوروب ...
- كيف تحمي نفسك من القاتل الصامت المسبب للسكتة الدماغية!
- نيبال: إعلان حل البرلمان وتحديد 5 مارس موعدا للانتخابات بعد ...
- تقرير: الصين تدفع العالم بعيدا عن عصر الوقود الأحفوري
- أميركا تتعهد بالدفاع عن الناتو والحلفاء يطلقون عملية -الحارس ...
- من المكتب إلى الموساد


المزيد.....

- كتّب العقائد فى العصر الأموى / رحيم فرحان صدام
- السيرة النبوية لابن كثير (دراسة نقدية) / رحيم فرحان صدام
- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محفوظ بجاوي - سليل نوميديا بين المجد والوعي : الجيش والشعب في ميزان التاريخ