محفوظ بجاوي
الحوار المتمدن-العدد: 8389 - 2025 / 6 / 30 - 10:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في مثل هذا اليوم، 29 جوان 1992، دوّى الرصاص داخل قاعة المؤتمرات بعنابة، ليسكت صوتًا كان يمكن أن يُغيّر وجه الجزائر، ويغتال رجلًا لم يكن يشبه من سبقوه ولا من جاؤوا بعده.
محمد بوضياف، سي الطيب الوطني، واحد من مجموعة الـ22 التاريخية الذين فجّروا ثورة التحرير، لم يكن رجل شعارات، بل رجل أفعال. قاتل من أجل الاستقلال، ثم غاب طويلًا عن المشهد، لا متسلقًا ولا ساعيًا لكرسي.
وعندما استدعاه الوطن من منفاه الطويل، استجاب.
عاد وفي قلبه مشروع… مشروع جزائر جديدة، عادلة، نظيفة، تضع حدًا للفوضى والفساد، وتُعيد للدولة هيبتها وللمواطن كرامته.
لكنه كان أكثر طُهرًا من أن يتحمله المشهد، وأكثر صدقًا من أن يُترك ليُكمل مسيرته.
فخاف منه أصحاب المصالح، وخشيت أدوات النظام أن تهتز قواعدهم أمام رجل لا يُساوم، ولا يتودّد، ولا يُناور.
لم يقتلوه لأنه فشل، بل قتلوه لأنهم خافوا أن ينجح.
بوضياف لم يكن رئيسًا عاديًا، بل كان مشروع ضمير، ورؤية لدولة تُحكم بالعقل لا بالغريزة، بالنظام لا بالفوضى، بالقانون لا بالولاء.
ورغم أن الرصاصة أنهت حياته، فإن فكر الرجل لم يمت.
بقي حيًا في ذاكرة الأحرار، وفي وجدان كل من حلم بدولة لا تبيع تاريخها ولا تستهين بمستقبلها.
إننا اليوم، بعد أكثر من ثلاثة عقود، ما زلنا بحاجة إلى من يشبه بوضياف…
إلى من يحترم الدولة قبل أن يخاف الناس،
إلى من يأتي ليبني، لا ليملك،
إلى من يقدّم المصلحة العامة على الصفقات والمقاعد.
رحم الله الشهيد محمد بوضياف،
وجعل ذكراه دافعًا دائمًا لنتذكّر أن الوطن لا يُبنى بالكلمات، بل بالمواقف… ولا يُصان بالشعارات، بل بالرجال.
#محفوظ_بجاوي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟