محفوظ بجاوي
الحوار المتمدن-العدد: 8347 - 2025 / 5 / 19 - 19:02
المحور:
المجتمع المدني
تحلّ علينا ذكرى 19 ماي 1956، وهي ليست مجرد محطة رمزية، بل علامة فارقة في تاريخ الجزائر. في هذا اليوم الخالد، قرر طلبة الجزائر، في مشهد نادر من الوعي والنضج السياسي، تعليق دراستهم والانضمام إلى صفوف الثورة التحريرية، إيمانًا بأنه لا علم في وطن مستعمَر، ولا كرامة في ظل القهر والاستعباد.
أيها الطلبة، أنتم اليوم ورثة هذا المجد، وحاملو رسالة أجيال ضحّت لتكون الجزائر حرّة. أنتم الامتداد الطبيعي لأولئك الذين تركوا قاعات المحاضرات ليلتحقوا بالجبهات، مؤمنين بأن العلم الحقيقي يبدأ بالتحرر، وأن المعرفة سلاح لا يقل أهمية عن البندقية.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه في ذكرى هذا اليوم: هل ما زلنا أوفياء لذلك العهد؟ هل ما زال الحرم الجامعي منارة للفكر، ومشتلًا للروح الوطنية، أم أصبح ساحةً للتشويش على الهوية، ومجالًا للتشكيك في مسلمات الذاكرة الوطنية؟ إن التحديات اليوم لم تعد استعمارًا ماديًا، بل استعمارًا فكريًا وثقافيًا أخطر، يستهدف أساسات الهوية ويمس جوهر الانتماء.
وإلى الدولة، نقول: إن مسؤولية صون الذاكرة الوطنية لا تقع على عاتق الطلبة وحدهم، بل هي مسؤولية مؤسساتية، تبدأ من المدرسة ولا تنتهي عند الجامعة. فلا يمكن الحديث عن جزائر جديدة تُبنى بأفكار مستوردة، أو بمناهج تغفل رموزنا الوطنية، وتهمّش أعمدة تاريخنا العريق.
إننا ندعو الدولة، في هذا اليوم، إلى مصالحة حقيقية مع الذاكرة، وإلى ترسيخ رمزية هذا التاريخ في وجدان الأجيال، وتكريم كل من حمل القلم ذات يوم ليكتب به تاريخًا من الدم والنار.
التحية لكل طالب بقي متمسكًا برسالة 19 ماي. والتحية لكل أستاذ يصون الأمانة العلمية والأخلاقية. والتحية لكل مسؤول يرى في هذا التاريخ منارةً لا تُطفأ.
عاشت الجزائر، المجد والخلود لشهدائنا، والوفاء لطلبة الأمس… والأمل في طلبة اليوم.
#محفوظ_بجاوي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟