أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محفوظ بجاوي - الأنتماء اللامشروط وخيانة الوطن : حين يصبح الوطن محطة لا أصلًا














المزيد.....

الأنتماء اللامشروط وخيانة الوطن : حين يصبح الوطن محطة لا أصلًا


محفوظ بجاوي

الحوار المتمدن-العدد: 8329 - 2025 / 5 / 1 - 08:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في عمق المأزق الهوياتي الذي تعيشه الجزائر، تطفو على السطح أزمة مستترة لكنها مدمّرة: أزمة الانتماء المشروط. يتحدث البعض اليوم – دون حياء – عن أصولهم المشرقية، أو عن انتمائهم “الحقيقي” خارج حدود الجزائر، معتبرين هذا الوطن مجرد محطة ظرفية في رحلة طويلة نحو ما يظنونه "موطنًا أصليًا". هذه النظرة لم تأتِ من فراغ، بل هي نتاج خطاب تاريخي طويل، بدأ مع الاستعمار الفرنسي وتواصل بوجوه جديدة بعد الاستقلال.
فرنسا، منذ احتلالها البلاد، لم تكن غافلة عن قوة الانتماء المحلي، لا سيما في المناطق الأمازيغية. ولذلك، استخدمت استراتيجية ذكية: تعميق الشرخ بين "العرب" و"الأمازيغ"، وتقديم العرب كمجموعة دخيلة، لا جذور لها، بل امتداد للاستعمار الشرقي، تمامًا كما كانت فرنسا تمثل استعمارًا غربيًا. هذه النظرة سمحت لها بتحييد جزء من المجتمع، ودفعه للشعور بعدم الانتماء الكامل، مما جعل خيانته لاحقًا أكثر قبولًا في وعيه الذاتي.
الخطورة الأكبر جاءت لاحقًا، حين تبنّت السلطة الوطنية نفس الخطاب، ولكن بعكس الاتجاه: تَبنّت العروبة كهوية وحيدة، واعتبرت كل نقاش هوياتي تهديدًا للوحدة الوطنية. وهكذا، تم طمس الأمازيغية عقودًا، ومنع النقاش الحر حول الأصل والهوية والانتماء. وكان من نتائج ذلك أن نشأ جيل لا يرى الجزائر كوطن أصلي، بل كأرض مؤقتة، يُمكن التخلي عنها بسهولة إذا اشتدت المحن أو لاحت مكاسب في مكان آخر.
في لحظات الأزمات، يظهر هذا الخلل بوضوح: أفراد يُبرّرون الولاء لغير الجزائر بحجة أنهم "ليسوا من هنا أصلًا"، أو أنهم "عرب أولًا، وجزائريون ثانيًا"، أو "مسلمون عالميون قبل أي انتماء ترابي". وكأن الوطن صار مجرد وظيفة، أو وسيلة عبور، لا جذور له في القلب أو العقل.
إن مواجهة هذا الخطر لا تتم بالشعارات، بل باستعادة سردية وطنية حقيقية، تُكرّس الجزائر كوطن أصيل لكل أبنائها، لا كمحطة عابرة. لا يكفي أن نُعلّم الأطفال النشيد الوطني، بل علينا أن نزرع فيهم حب الأرض بوصفها هوية ومصيرًا، لا مجرد موقع على الخريطة.
فالانتماء حين يُصبح مشروطًا، فإن الخيانة لا تعود خيانة، بل "اختيارًا عقلانيًا" في نظر من لا يشعر بالجذر. وهنا مكمن الكارثة.



#محفوظ_بجاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدبلوماسية الجزائرية بين الأمس واليوم : من الاتزان إلى الار ...
- من الذاكرة : قصتي مع أمي وأبي
- العقيدة الموروثة : حين يصبح الإيمان قيدًا بدلًا من أن يكون و ...
- من ذاكرتي : عندما لا تغادرنا الأوجاع
- هواري بومدين وصناعة الرموز : حين يصبح التاريخ أداة للشرعية ا ...
- رغم إنك كبير يا وطني....
- أحمد أويحيى: رجل الدولة الذي خسرته الجزائر
- الركود الفكري في الجزائر: تحديات المجتمع في عصر الجمود
- الدولة المؤمنة... واستنزاف الجيوب باسم العقيدة
- كرامة المواطن ليست للبيع!
- غربة في غربة... حين تصبح الغربة مصيرًا لا مفر منه
- خطر الفكر الظلامي في الجزائر : بين الإهمال والسياسة الممنهجة
- 8 مارس-عيد المرأة : ليس مجرد احتفال...بل صرخة للحقوق والكرام ...
- عيد المرأة : بين الاحتفاء والبحث عن العدالة والمساواة
- علم الاجتماع في قبضة التجهيل : هل تخلى عن دوره في كشف الواقع ...
- رمضان : فرصة للتوازن الأخلاقي وتجديد الذات
- التجسس على الناس باسم الدين : أزمة أخلاقية أم انحراف فكري
- قفة رمضان : بين التكافل الإجتماعي وإهانة الكرامة
- عبء التاريخ : كيف نتحرر من الماضي لبناء المستقبل ؟
- المدرسة الجزائرية : كيف شوهت الهوية الوطنية وضلّلت الأجيال؟


المزيد.....




- ترامب يدعو لاتفاق سلام بين إيران وإسرائيل: -الاتصالات جارية- ...
- ما مدى انخراط أمريكا في العملية الإسرائيلية ضد إيران؟ مراسلة ...
- الجيش الإسرائيلي يواصل تقليص قواته من غزة لدعم الجبهة ضد إير ...
- هل خدع نتنياهو ترامب في الحرب ضد إيران؟
- ماكرون يصل غرينلاند لتعزيز الدعم الأوروبي للدنمارك
- إسرائيل تمدد حالة الطوارئ حتى نهاية يونيو
- مصادر دبلوماسية عربية تتحدث عن تحرك سعودي عاجل لإعادة إيران ...
- ترامب: قد نتدخل لمساعدة إسرائيل في القضاء على البرنامج النوو ...
- الحرس الثوري الإيراني يعلن إلغاء مراسم تشييع قتلى الضربات ال ...
- الدفاع الروسية: استهداف مركز قيادة أوكراني بصاروخ إسكندر قرب ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محفوظ بجاوي - الأنتماء اللامشروط وخيانة الوطن : حين يصبح الوطن محطة لا أصلًا