أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محفوظ بجاوي - أحمد أويحيى: رجل الدولة الذي خسرته الجزائر














المزيد.....

أحمد أويحيى: رجل الدولة الذي خسرته الجزائر


محفوظ بجاوي

الحوار المتمدن-العدد: 8312 - 2025 / 4 / 14 - 09:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في تاريخ الجزائر السياسي الحديث، قلّما نجد شخصيات حملت عبء الدولة بنفس البرود السياسي والحنكة الإدارية التي ميّزت أحمد أويحيى. لم يكن مجرد اسم عابر في قائمة رؤساء الحكومات، بل كان مهندس التوازنات الهشة، وسياسيًا براغماتيًا عرف كيف يتقدّم خطوة عند كل أزمة ويتراجع اثنتين عند كل مأزق.
منذ أن ظهر في مشهد الحكم في أوائل التسعينات، ارتبط اسمه بالأوقات الصعبة، بمهام الإطفاء لا الاحتفال، وبالقرارات المؤلمة لا الشعبية. لكنّ ذلك، في عُرف رجال الدولة الحقيقيين، لم يكن يُحسب عليه بل له. فقد خاض مهمات سياسية معقدة، وواجه ملفات اجتماعية واقتصادية شائكة، وخرج منها دائمًا بكلفة سياسية عالية، لكنه كان يتحمّلها بوعي ودراية لا تتوفر عند الكثيرين.
دهاء سياسي وأداء إداري صارم
لم يكن أويحيى شخصية كاريزمية تُلهب الجماهير، ولا بطلًا شعبويًا. كان صورة نموذجية لـ "البيروقراطي السياسي" الذي يشتغل بصمت، يتقن الملفات، ويعرف مواطن القوة والضعف في الدولة. رجل عمل، لا رجل خطاب. وفي بلدٍ تتآكل فيه المؤسسات بفعل التسيير العشوائي والتجاذبات، كان حضوره الإداري ضمانة لاستمرار الدولة في حدها الأدنى من الانضباط.

أتقن ثلاث لغات وطنية – العربية، الأمازيغية، والفرنسية – ليس من باب التفاخر، بل من باب الفهم والتواصل مع مختلف مكونات المجتمع الجزائري. وكان هذا الإتقان انعكاسًا لقدرته على جمع الفرقاء، واحتواء الخلافات دون أن يتورّط في نزعة الاستعلاء أو التحيّز الأيديولوجي.
من القمة إلى العتمة
لم يكن سقوط أحمد أويحيى سياسيًا بقدر ما كان نتيجة صراع مراكز القوى داخل النظام. معارضته الواضحة لتغوّل بعض الأجنحة العسكرية والمالية، وتقليصه لميزانية الدفاع، ورفضه للتمكين الاقتصادي الأجنبي دون معاملة بالمثل، جعله هدفًا مشروعًا للإقصاء. كانت التهم جاهزة، والسياق مواتٍ، والإعلام مهيّأ لضربه من كل اتجاه.
دخل السجن كـ"رمز فساد"، لكنه غادر قلوب كثيرين كـ"كبش فداء" لصراعات أكبر من فساده الشخصي. والواقع أن الكثير من الملفات التي وُجهت له، لم يكن فيها الطرف التنفيذي، بل واجهها كرئيس حكومة محكوم بدستور لا يمنحه سلطة الإقالة أو التعيين.
الخسارة التي لا تُعوّض
سواء اختلفت معه أو وافقته، لا يمكنك أن تنكر أن غيابه ترك فراغًا كبيرًا في مشهد سياسي مضطرب، افتقر إلى رجال دولة حقيقيين. رجل بخبرته، ببرود أعصابه، بفهمه لموازين الداخل والخارج، كان يمكن أن يكون جسر عبور هادئًا من الأزمة لا ضحية جديدة لها.

خسرته الجزائر يوم قررت تصفية الحسابات بدل تصفية النظام. يوم اختارت تصدير الغضب الشعبي نحو رموز يمكن التضحية بها، بدل مراجعة البنية الحاكمة العميقة. واليوم، في ظل وضع سياسي ضبابي، لا يسعنا إلا أن نقول: خسارة أحمد أويحيى لم تكن خسارة فرد، بل خسارة دولة لرجل كان يعرف كيف تُدار الدولة.



#محفوظ_بجاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الركود الفكري في الجزائر: تحديات المجتمع في عصر الجمود
- الدولة المؤمنة... واستنزاف الجيوب باسم العقيدة
- كرامة المواطن ليست للبيع!
- غربة في غربة... حين تصبح الغربة مصيرًا لا مفر منه
- خطر الفكر الظلامي في الجزائر : بين الإهمال والسياسة الممنهجة
- 8 مارس-عيد المرأة : ليس مجرد احتفال...بل صرخة للحقوق والكرام ...
- عيد المرأة : بين الاحتفاء والبحث عن العدالة والمساواة
- علم الاجتماع في قبضة التجهيل : هل تخلى عن دوره في كشف الواقع ...
- رمضان : فرصة للتوازن الأخلاقي وتجديد الذات
- التجسس على الناس باسم الدين : أزمة أخلاقية أم انحراف فكري
- قفة رمضان : بين التكافل الإجتماعي وإهانة الكرامة
- عبء التاريخ : كيف نتحرر من الماضي لبناء المستقبل ؟
- المدرسة الجزائرية : كيف شوهت الهوية الوطنية وضلّلت الأجيال؟
- العبودية الاختيارية... لماذا يتأقلم البعض مع القمع؟
- الجزائر بين الماضي والحاضر، ضرورة الإصلاح والنهضة الفكرية
- التربية السليمة للأبناء : بين التوجيه والحرية
- ملحمة ساقية سيدي يوسف : عندما امتزج الدم الجزائري والتونسي ف ...
- الفكر السلفي والوهابي : عانق أمام التقدم الفكري والتحرر في ا ...
- مامعنى أن تكون يساريًا ؟
- حين يصبح الجهل مقدسًا...لابد من التمرد ، لأن الحقيقة لا تخشى ...


المزيد.....




- -قبل وبعد.. نحبك-.. أولاد الأمير ويليام يهنؤونه بعيد الأب
- حقيقة الفيديو المنسوب إلى تساقط صواريخ إيرانية على إسرائيل
- مسؤول أمريكي لـCNN: ترامب رفض خطة إسرائيلية لاغتيال المرشد ا ...
- صراع إيران وإسرائيل.. شاهد فوضى وأعمدة دخان بمناطق مكتظة بال ...
- نتنياهو يعلن تصفية رئيس الاستخبارات الإيرانية ونائبه
- إسرائيل وإيران: هل تتحول المواجهة بينهما إلى حرب مفتوحة؟
- أقارب مقاتلي -داعش- الألمان يطالبون بإعادتهم من سوريا
- أردوغان لترامب: هناك حاجة إلى تحرك عاجل لوقف التصعيد بين إير ...
- إسقاط مسيّرتين إسرائيليتين في سماء محافظة زنجان الإيرانية (ص ...
- وزير الخارجية المصري يبحث مع ويتكوف الحد من التصعيد بين إسرا ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محفوظ بجاوي - أحمد أويحيى: رجل الدولة الذي خسرته الجزائر