أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محفوظ بجاوي - الجزائر بين من حرروها... ومن حكموها: الحقيقة التي لاتقال














المزيد.....

الجزائر بين من حرروها... ومن حكموها: الحقيقة التي لاتقال


محفوظ بجاوي

الحوار المتمدن-العدد: 8378 - 2025 / 6 / 19 - 23:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


19 جوان... ذكرى لا أريد الحديث عنها، لكني مضطر للوقوف عندها، ليس من باب الحنين، بل من باب الوعي.
هذا اليوم الذي اعتبره البعض "تصحيحًا ثوريًا"، واعتبره آخرون انكسارًا للمشروع الوطني الحقيقي، ما زال يشكّل منعطفًا غامضًا في تاريخ الجزائر المستقلة، ومع كل مرور له يعود السؤال: ماذا لو لم يحدث ما حدث؟ ماذا لو أن من تولّى الحكم بعد الاستقلال كان من بين مفجّري الثورة الحقيقيين؟ من أولئك الذين عرفوا الجبال، وعاشوا الرصاص، وفهموا الشعب، وتنكّبوا عن الامتيازات، وأخلصوا للوطن إيمانًا لا طمعًا.
ماذا لو أُسند بناء الدولة لشخصيات مثل محمد بوضياف، أو حسين آيت أحمد، أو لخضر بن طوبال، أو كريم بلقاسم؟ هل كنّا سنصل إلى هذا الواقع المأزوم، حيث لا مؤسسات حقيقية، ولا عدالة اجتماعية، ولا تعليم يُعتمد عليه، ولا مشروع وطني جامع؟ هل كان الحلم الذي انطلق من أول رصاصة في أول نوفمبر سيتحوّل إلى هذه السلسلة الطويلة من الخيبات السياسية، والتراجعات الاقتصادية، والارتجال الإداري الذي أهلك خيرات البلاد وأتعب العباد؟
منذ انقلاب 1965، تحوّلت الشرعية الثورية من رمزية نضالية إلى ورقة سياسية، أُقصي بها من أخلصوا فعليًا للثورة، وتقدّم بها من لم يكن لهم وزن حقيقي في لحظة التحرير، لكنهم أتقنوا لعبة السلطة. لا يمكن إنكار أن بعضهم قدّم مشاريع، وتحدّى ظروفًا دولية معقّدة، لكن التاريخ لا يُقاس بالنوايا، بل بالنتائج. وما نراه اليوم من تشوّه في الدولة، ومن أزمة ثقة بين الشعب ومؤسساته، ومن تآكل في معنى الوطن، ليس إلا أثرًا مباشرًا لذلك التحوّل الذي وقع في لحظة حسّاسة، كان يمكن أن تكون البداية لبناء جمهورية حقيقية تستمد قوتها من الإرادة الشعبية لا من مراكز النفوذ.
الذين صنعوا الثورة حُرموا من الحكم، ومن ناضلوا سنوات طويلة من أجل جزائر حرّة أُبعدوا بهدوء أو بالقوة، وعوض أن تكون الدولة امتدادًا للأخلاق الثورية، تحوّلت إلى آلية مغلقة تُدار بالأجهزة وتُراقب المجتمع أكثر مما تخدمه. لم تكن تلك الشخصيات التاريخية مثالية، لكن الفرق الجوهري بينها وبين من حكموا فعليًا، أن أولئك كانوا يرون في الجزائر مشروعًا للأمة، بينما رآها الآخرون فرصة للسلطة.
إنّ فهم الحاضر لا يمكن أن يتحقق دون قراءة متأنّية للماضي، لا من أجل جلد الذات، ولا استدعاء الأحقاد، بل لبناء وعي تاريخي يُنير الطريق. لا مستقبل لأمة تُزيّف تاريخها أو تصمت عن لحظاته المفصلية. ومن المؤلم أن تكون الجزائر التي استشهد من أجلها مليون ونصف مليون، قد أُسند مصيرها، في لحظة حرجة، إلى من لم يحملوا شعلة المشروع الوطني الحقيقي، بل حملوا شعاراته فقط.
ما زال من حقنا أن نحلم بجزائر ترد الاعتبار لمن خدموها، لا لمن امتطوها. جزائر تعترف بأخطائها لتتجاوزها، وتفهم أن بناء الدولة ليس وظيفة أمنية، بل مسؤولية أخلاقية وتاريخية. فالشرعية الحقيقية لا تُكتسب بالبندقية فقط، بل تُثبتها النزاهة، والصدق، والوفاء لوعد الشهداء.



#محفوظ_بجاوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين الجهل بالأرض وادعاء الوصاية على السماء: مأزق من لا يعرف ...
- النقد البناء ليس خيانة بل واجب وطني
- في حضرة الخوف....يولد الصمت وتنطفىء الأحلام
- من إستهلاك السلع إلى احتضار الفكر : حين نقتني كل شيء ونعرض ع ...
- التحرر من أسر الماضي: الطريق نحو نهضة حقيقية
- حين يُقصى العقل،وتُستبدل المعرفة بالوهم... يصبح الصمت جريمة.
- الممنوعات باسم الفضيلة: كيف تصنع القيود مجتمعا خائفًا ومقموع ...
- التعليم في أوطاننا... بين التلقين والجمود
- خراب العقول حين تغيب الفلسفة
- جذور ثابتة وهوية لا تُشترى: الجزائر وطن ضارب في التاريخ لايم ...
- الطاعة و الخضوع بين التنشءة والواقع الإجتماعي: قراءة في مواق ...
- في يوم الطالب:من جيل التحرير إلى جيل البناء... هل مازلنا أوف ...
- السياحة الدينية في الجزائر: كنوز مهدرة وفرص ضائعة
- لماذا أنا متشائم؟
- العقل المتهم... والدجل المحصَّن
- في المرآة لا أحد
- لم أُخلق لأربح بل لأصمد: قصة تشاؤم بلا هزيمة
- غريب بين وطنين
- ركضت طويلا، فوجدت نفسي في النهاية: الحسرات تطاردني، والزمن ل ...
- التعليم الرديء يصنع دولة فاشلة : حين تصعد الرداءة من القسم إ ...


المزيد.....




- ترامب وبوتين يتحدثان عن سلام -قد يكلف أوكرانيا أراضيها-.. شا ...
- كم من الأرواح كان يمكن إنقاذها في غزة لو تحركت برلين وبروكس ...
- توغل إسرائيلي واسع في جنوب سوريا وإقامة حواجز عسكرية قرب خط ...
- فتى يطلق النار قرب -تايمز سكوير- في نيويورك ويصيب ثلاثة أشخا ...
- إيران تعلن القبض على أشخاص بشبهة عمالتهم للموساد الإسرائيلي ...
- انفجار في صور يسفر عن مقتل عدة جنود من الجيش اللبناني
- الولايات المتحدة: فتى يصيب ثلاثة أشخاص في إطلاق نار قرب تايم ...
- مسؤول محلي للجزيرة نت: الاحتلال حوّل بيت لاهيا لمدينة منكوبة ...
- عاجل | الجيش اللبناني: مقتل 6 عسكريين وإصابة آخرين أثناء عمل ...
- ستتألق مدخنتا هذه السفينة الأمريكية الأيقونية في متحف جديد ي ...


المزيد.....

- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محفوظ بجاوي - الجزائر بين من حرروها... ومن حكموها: الحقيقة التي لاتقال