محفوظ بجاوي
الحوار المتمدن-العدد: 8348 - 2025 / 5 / 20 - 22:14
المحور:
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
من المثير للتساؤل والاهتمام أن نلاحظ تمسّك بعض النساء بأنظمة اجتماعية أو دينية تُصوَّر فيها المكافآت الأخروية – أو حتى الدنيوية – بما يبدو وكأنه امتياز مخصص للرجال، بينما يُترك للنساء هامش ضيق من التقدير أو الإنصاف. والسؤال الذي يُطرح بإلحاح هنا هو: ما الذي يدفع المرأة إلى الدفاع عن منظومة تضعها في موقع أدنى وتمنح الرجل امتيازات تفوقها وضوحاً وامتداداً؟
الإجابة لا يمكن أن تكون دينية أو عقدية فقط، بل تتداخل فيها عوامل اجتماعية ونفسية وتاريخية شديدة التعقيد. فالمرأة التي نشأت في بيئة تقيّد اختياراتها منذ الطفولة، وتسلبها استقلالها، وتُربّى على أنها تابعة للرجل – أباً كان أو زوجاً – غالباً ما ترى في الطاعة لا خياراً حراً، بل وسيلة للنجاة في مجتمع يُجرّم التمرّد ويُكفّر الاختلاف. إن البنية الثقافية التي تنشأ فيها المرأة تلعب دوراً محورياً في تشكيل وعيها بذاتها وبالعالم من حولها.
ليس من المستغرب، إذاً، أن نرى كثيراً من المدافعات عن هذا الواقع من الطبقات الأقل حظاً في المجتمع، حيث يقلّ التعليم، وتضعف فرص الاستقلال المادي، وتُكرّس مفاهيم الخضوع كجزء من صورة "الأنثى المثالية". أما المرأة التي نالت قدراً من التعليم، وتوفّرت لها سبل الاستقلال، فتُبدي في الغالب مواقف أكثر نقدية تجاه أنظمة تنتقص من كرامتها، وترى في المساواة والحرية قيماً لا تُجزّأ.
إن الدفاع عن أنظمة لا تُنصف المرأة لا ينبع – بالضرورة – من إيمان عميق بمثالية هذه الأنظمة، بل في أحيان كثيرة من الخوف، ومن انسداد الأفق، ومن برمجة طويلة الأمد. الطاعة تُقدَّم في بعض المجتمعات كفضيلة، لكنها في الواقع قد تكون قناعاً يُخفي انعدام الخيارات.
هذه الملاحظات لا تهدف إلى نقد عقيدة دينية أو تقليد ثقافي بحدّ ذاته، بل تسعى إلى فهم الجوانب الاجتماعية والنفسية التي تُسهم في تشكيل القناعات. إن النقاش الحرّ والواعي في هذه المسائل ضروري لبناء مجتمع أكثر عدلاً، يُنصف الإنسان لكونه إنساناً، لا بناءً على جنسه أو خضوعه لمنظومة محددة.
#محفوظ_بجاوي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟